Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قمة في غياب "النظام العربي"

المشهد بعد ما سمي بـ "الربيع" يعيد تذكيرنا بأن الأخطار على الدولة الوطنية والتنمية والاعتدال أكبر مما تصورنا ورأينا

تكرس قمة الجزائر معاودة الانعقاد الدوري السنوي للقمم العربية (رويترز)

العرب على موعد تأخر سنوات بسبب كورونا ولأسباب أخرى، قمة في الجزائر تكرس معاودة الانعقاد الدوري السنوي للقمم العربية، وليس أكثر من الآمال على الطريق إلى القمة سوى المخاوف من خيبة أمل على الطريق منها، فالتجارب في عدد من القمم الماضية كانت صادمة، والمشهد بعد ما سمي "الربيع العربي" في بداية العقد الثاني من القرن الـ 21 يعيد تذكيرنا بأن الأخطار على الدولة الوطنية والتنمية والاعتدال والتطلع إلى المستقبل أكبر مما تصورنا ورأينا في البلدان التي ضربها "ربيع" التطرف وسياسات القتل والعودة لأسوأ ما حدث في الماضي، وكل شيء بات مكشوفاً، فالعالم العربي باستثناء دول قليلة في أزمة بنيوية، والقمم على صورة الواقع ومثاله، فنحن مسرح لصراع وتنافس بين إيران وتركيا وإسرائيل على "نظام إقليمي" بملامح إمبرياليات تستعيد تاريخاً أو تخترع تاريخاً، والصراع على القمة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا على نظام عالمي جديد ليس في حرب أوكرانيا وحسب بل في الشرق الأوسط وكل مناطق العالم أيضاً.

أما "النظام العربي" الذي كان لدينا في مرحلة ماضية فإنه لم يعد قائماً باستثناء بقايا منه، وأما الحل الجذري فليس في قمة الجزائر ولا في مثيلاتها، ذلك أن من الأولويات في القمة "إنقاذ الدول العربية المعرضة للتدخلات الخارجية" كما يقول الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وهذه مهمة مستحيلة أو أقله بالغة الصعوبة، فما الذي يستطيع القادة العرب فعله لإنقاذ اليمن من انقلاب الحوثيين والمشروع الإيراني، وسوريا من خمسة جيوش أجنبية تتقاسم أرضها والنفوذ فيها، والعراق من الهيمنة الإيرانية وأغلاط الغزو الأميركي، وليبيا من الميليشيات والصراعات القبلية والجهوية والجيوش الخارجية وانقسام الحكومات والمجالس؟ وما الذي يعيد العسكر في السودان إلى الثكنات بعد التخلي للمدنيين عن الثورة التي صنعوها؟

أليس من الأمور المعبرة جداً في الواقع أن الذين يتولون الوساطات في اليمن وسوريا والعراق وليبيا والسودان هم موفدون دوليون يقيمون هناك، وإذا صدف وجود موفد عربي فإنه زائر موقت؟

أليست التسويات التي تحصل لوقف الحروب والصراعات في هذه البلدان من دون حل الأزمات تحمل أسماء مدن أوروبية وأميركية؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا أحد يجهل كيف تدار القمم العربية خلافاً لما تدار به قمم حلف الـ "ناتو" وقمم الاتحاد الأوروبي، ففي تلك القمم يكون على جدول الأعمال مشروع يدور النقاش فيه حتى التوافق على القرار، أو يتم تأجيل النقاش عند تعذر الاتفاق إلى قمة مقبلة، وفي الحالين يكشف القادة للناس طبيعة الاتفاقات ونوع الخلافات. أما في القمم العربية بعامة فإن جدول الأعمال واسع يشمل العناوين المدورة منذ نصف قرن والعناوين المستجدة، والبيان الختامي يتضمن دعم كل مطلب لكل بلد عربي وتكرار الدعوة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في قمم سابقة وبقي حبراً على ورق، وأكبر إنجاز في أية قمة هو عادة ترتيب "المصالحة" بين قادة على خصام، فضلاً عن تفاهمات ثنائية في الكواليس خارج نقاش القمة.

ما يتمناه كثيرون هو أن تكون قمة الجزائر مختلفة، وما يردده بعضهم هو أن مكانة الجزائر لدى العرب يمكن أن تلعب دوراً في التوصل إلى نتيجة جيدة للقمة، لكن العالم العربي اليوم ليس العالم العربي خلال النصف الثاني من القرن الـ 20 أيام المد القومي والتقدمي، والجزائر اليوم ليست جزائر "المليون شهيد" وجميلة بو حيرد، والسؤال التحدي هو هل يمكن أن تتوصل القمة إلى حل الخلاف بين الجزائر والمغرب حول الصحراء الكبرى؟ وهل تستطيع إقناع الفصائل الفلسطينية التي تعيش تحت الاحتلال بالمسارعة إلى تطبيق ما التزمته في "إعلان الجزائر" عشية القمة؟

الأساس هو ترتيب النظام العربي بحيث لا نذهب إلى القمم من دون نظام عربي يحفظ المصالح في مواجهة النظام الإقليمي والنظام الدولي، والجامعة العربية التي شاخت هي مجرد رمز لنظام غائب.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل