Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خريطة للوطن العربي تكاد تفجر اجتماع وزراء الخارجية

الأمانة العامة للجامعة تؤكد أنها لا تعتمد حدوداً بين أعضائها وتنفي وجود شركاء إعلاميين لها

يجتمع القادة العرب الثلاثاء في قمة تستضيفها الجزائر هي الأولى منذ ثلاث سنوات، مع استمرار الانقسامات حول الصراعات التي تشهدها المنطقة.

ووضعت الجزائر هذه القمة الحادية والثلاثين للمنظمة العربية تحت شعار "لم الشمل" لكن عدة دول، لن تكون ممثلة بقادة دولها.

وتطغى على القمة العديد من الملفات أبرزها الملف الإيراني في ظل الاحتجاجات التي تشهدها البلاد ضد النظام، والملف الفلسطيني والقضايا العربية الأخرى.

ولم يمر اجتماع وزراء الخارجية العرب في الجزائر على خير وإن جرت معالجة المشكلة التي تفجرت خلاله بين المغرب والبلد المضيف، كي لا تتجدد في القمة العربية على مستوى الرؤساء والملوك المقررة في الأول والثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وقد بدأت المشكلة مع نشر قناة "الجزائر الدولية" "خريطة للوطن العربي غير تلك المعتمدة من الجامعة العربية". الأمر الذي تحفظ عليه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة خلال الاجتماع مطالباً بتوضيحات في شأنه وبخصوص إعلان وجود شريك إعلامي جزائري للقمة العربية.

وجاء ذلك بعدما نشرت وسائل الإعلام الرسمية في الجزائر صور استقبال وزير الخارجية رمطان لعمامرة نظراءه العرب، الذين وصلوا تباعاً، بينما لم تشر إلى وصول الوزير المغربي.

وبعد ما أحدثه ذلك بين الوفود العربية، في قاعة الاجتماع وخارجها، نفت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في بيان رسمي أن يكون لها أي "شركاء إعلاميين" في تغطية أعمال القمة العربية الـ31 التي تُعقد بالجزائر، وأكدت عدم وجود صلة لها بأي مؤسسة إعلامية تدعي هذه الصفة.

وأكدت الأمانة العامة أن الجامعة العربية لا تعتمد خريطة رسمية مبين عليها الحدود السياسية للدول العربية، وأنها تتبنى خريطة للوطن العربي من دون إظهار للحدود بين الدول تعزيزاً لمفهوم الوحدة العربية. وأهابت الأمانة العامة بجميع وسائل الإعلام توخي الحرص الشديد في نسب المعلومات المنشورة على مواقعها إلى الجامعة العربية أو مؤسساتها.

من جهتها، اعتذرت القناة عن استخدام الخريطة مؤكدة أن ذلك مجرد "خطأ فني من قسم الغرافيكس".

ادعاءات

وفي وقت ترددت فيه معلومات عن مغادرة الوزير المغربي مكان الاجتماع إثر خلاف مع نظيره الجزائري، نفى مصدر دبلوماسي مغربي رفيع هذا "الخبر الذي لا أساس له من الصحة"، ووصفه بأنه "ادعاءات بعض المواقع ووسائل الإعلام الجزائرية".

ونقلت وكالة الأنباء المغربية عن المصدر نفسه القول، إن الوفد المغربي بقي داخل القاعة واحتج على عدم احترام خريطة المغرب، كما هو متعارف عليها، من قبل قناة جزائرية، مما اضطر الجامعة العربية إلى إصدار بيان توضيحي ورئاسة الجلسة إلى تقديم اعتذار.

وشدد المصدر على أنه ليس من قواعد العمل الدبلوماسي المغربي وأعرافه، وفق التوجيهات الملكية، أن يغادر قاعة الاجتماعات بل أن يدافع من داخل أروقة الاجتماعات على حقوق المغرب المشروعة ومصالحه الحيوية.

وخلص المصدر، وفقاً لوكالة الأنباء المغربية، إلى أن كل الأخبار الرائجة عن مغادرة الوفد المغربي لقاعة الاجتماعات لا أساس لها من الصحة.

جو هادئ

باستثناء ذلك، جرت الجلسة الافتتاحية في جو هادئ بحضور جميع وزراء الخارجية العرب، من دون تسجيل ملاحظات على الرغم من أنها لم تتعد دقائق معدودة، وقد أدارها وزير خارجية البلد المنظم رمطان لعمامرة والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط.

وتمحورت المداخلات حول الأزمات والمشاكل العربية والدولية والحرب الروسية- الأوكرانية وانعكاساتها على العالم، وحديث الحرب الباردة "العنيفة" التي يرتقب أن تؤثر على دول عدة بما فيها تلك التي لا علاقة مباشرة لها بالصراع.

وأثار لعمامرة وأبو الغيظ مسألة معاناة بعض الدول العربية مثل الصومال من الفقر والمجاعة، وليبيا من غياب الأمن، وكذلك ما يشهده السودان والعراق واليمن ولبنان وسوريا، غير أن القضية الفلسطينية أخذت حيزاً كبيراً مقارنة بباقي المواضيع التي شملت دعم الجامعة العربية.

توتر سبق القمة

وقبل وصول الوزير المغربي بوريطة إلى الجزائر شهدت أروقة الأمم المتحدة، أخيراً، تبادل اتهامات بين مسؤولي البلدين، إذ تحدث السفير المغربي لدى الأمم المتحدة عمر هلال، عن امتلاك جبهة "بوليساريو" مسيرات إيرانية الصنع، وتدريب عناصرها على يد قوات إيرانية وعناصر من "حزب الله".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعرض هلال في مؤتمر صحافي صوراً قال إنها لطائرات مسيرة، مؤكداً أن طهران سلمتها إلى جبهة "البوليساريو"، وأشار إلى أن سعرها يتراوح بين 20 و22 ألف دولار، مضيفاً أنه يتم "إعادة توجيه الأموال المخصصة للدعم الإنساني في مخيمات تندوف بجنوب الجزائر، لشراء الطائرات المسيرة"، مبرزاً أن "سعر طائرة واحدة كفيل بإطعام 300 شخص في المخيمات وتقديم العلاج لـ500 شخص وتعليم 120 طفلاً". وهدد باتخاذ المغرب "رداً قوياً ومناسباً في حال استعمال الجبهة للطائرات المسيرة الإيرانية"، متهماً طهران بـ"زعزعة استقرار المنطقة".

في المقابل، وصف "السفير الصحراوي" لدى الجزائر، عبدالقادر طالب عمر، اتهامات السفير المغربي بأنها "أكاذيب ودعاية مضللة وباطلة ولا أساس لها من الصحة"، نافياً امتلاك جبهة "البوليساريو" طائرات مسيرة إيرانية، أو تدريب قواتها على يد عناصر إيرانية أو قوات تابعة لـ"حزب الله"، وقال إن "الاتهامات المغربية جاءت من دون تقديم دليل واحد".

وسبق لوزير الخارجية المغربي بوريطة أن اتهم "إيران بتسليح الجماعات المتطرفة والكيانات الانفصالية في المنطقة، وتسليمها طائرات مسيرة".

وقال إن "طهران، بتبنيها لفاعلين غير حكوميين مسلحين، أصبحت تهدد السلم الإقليمي والدولي، عن طريق حصول هؤلاء الفاعلين على أسلحة وتقنيات متطورة، على غرار الطائرات المسيرة"، محملاً "المجتمع الدولي مسؤولية تطور الأوضاع في حال عدم تصديه للجانب الإيراني". وشدد على أن إيران "هي الممول والداعم الرسمي للانفصال والجماعات الإرهابية عبر تسهيل حصولهم على أسلحة متطورة".

خطوة جريئة

ويرى الباحث في الشؤون المغاربية المغربي عبدالمجيد بن شاوية أن "وصول الوزير بوريطة إلى الجزائر يشكل خطوة دبلوماسية جريئة تأتي في وقتها، في ظل شكوك كانت قد ساورت عديداً من المحللين والمراقبين حول حضور المغرب من عدمه في القمة العربية في الجزائر، على خلفية التوترات والأجواء المشحونة بين البلدين، دبلوماسياً وسياسياً، وبعد القطيعة الدبلوماسية القائمة".

وقال إنه "يمكن فهم الخطوة في سياق أعم وليس في بعده القطري أو في إطار العلاقات الثنائية، ما دام أن الأمر يتعلق بمجموعة دول يجمعها المشترك الواقعي والتاريخي والحضاري، في كل أبعاده ودلالاته السياسية والجيوسياسية والاستراتيجية"، مضيفاً أنه "كان متوقعاً أن يعتزم المغرب المشاركة في هذه القمة المتزامنة مع قضايا شائكة وحارقة على جميع الأصعدة"، مذكراً بأن "المغرب وعلى لسان الوزير بوريطة، اشترط مقابل المشاركة نوعاً من المسؤولية وضرورة الالتزام بها من دون الإخلال بها من قبل أي طرف كان".

خلق دبلوماسي

من جانبه، اعتبر الحقوقي الجزائري عابد نعمان أن "الجزائر قطعت علاقاتها كدولة مع المغرب ولا تفكر أبداً في زرع هذا الخلاف في النشاط العربي"، موضحاً أن "توجيه الدعوة في حد ذاته وضع المغرب في مأزق، إذ إن أي محاولة للمناورة بآلية الكرسي الشاغر هو إعدام دبلوماسي محقق للمغرب، وعليه فإن وجودها هو مسألة الحفاظ على الحد الأدنى من حضورها الدولي".

من ناحية ثانية، عبر الباحث التونسي في الدراسات الأفريقية محمد آدم مقراني عن اعتقاده بأن "زيارة وزير الخارجية المغربي كانت منتظرة في إطار فعاليات القمة العربية، لكنها شكلت سابقة بعد قطع العلاقات بين البلدين".

وقال إن "المسألة تجاوزت قضية الصحراء الغربية في بعدها التقليدي بل صار احتدام التنافس المغربي- الجزائري مرآة للصراع الإيراني– الإسرائيلي"، مستبعداً إثارة هذه القضية الشائكة ضمن فعاليات القمة العربية تجنباً للفشل، على اعتبار أن الجزائر تبحث عن وضع أسس جديدة للعمل العربي المشترك بعيداً من الخلافات الآخذة في التفاقم بين الدول العربية.

وأبرز مقراني أن "حضور بوريطة يمثل رغبة مغربية في المشاركة بفعالية في المنتظم العربي بقطع النظر عن الخلافات مع الدولة المستضيفة، بل هو تأكيد على تمسك المغرب بالدفاع عن مصالحه الحيوية مهما كانت الظروف".

المزيد من العالم العربي