Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توجهات الأميركيين تعاكس حزب بايدن في الانتخابات النصفية

فرص الجمهوريين تتزايد بسبب الاقتصاد والتضخم ورفض غالبية الناخبين أداء الرئيس

ناشطون جمهوريون في مركز لتسجيل الناخبين في ولاية جورجيا (أ ب)

مع اقتراب موعد الانتخابات النصفية الأميركية إلى أقل من ثلاثة أسابيع فقط، تُظهر تقارير رصد النتائج المتوقعة واستطلاعات الرأي الأخيرة، تحولاً مفاجئاً لمصلحة الجمهوريين، مدفوعاً بالمخاوف الخاصة بالاقتصاد والتضخم، فضلاً عن رفض غالبية الناخبين المحتملين لأداء الرئيس جو بايدن، ما يؤشر إلى احتمال سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ معاً، فهل يمكن أن تتغير التوقعات قبل 8 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل؟

محاذير الانتخابات  

على مدى أشهر عدة، حقق الديمقراطيون مكاسب في استطلاعات الرأي الخاصة بسباقات مجلس الشيوخ وفي الانتخابات الخاصة التي أجريت على مقعدين في مجلس النواب، لكن ذلك كان مصحوباً بمحاذير مهمة، أولها أن الحزب الذي يجلس مرشحه في مقعد الرئاسة، يخسر الغالبية العظمى من المقاعد في الانتخابات النصفية، كما أن تصنيف موافقة الشعب الأميركي على أداء الرئيس بايدن وتصوراته عن الاقتصاد، كانت تشير طوال الوقت إلى أن عام 2022 سيكون صعباً على الحزب الديمقراطي، بخاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن استطلاعات الرأي عادةً ما تبالغ في تقدير الديمقراطيين.

وما يؤشر على ذلك أحدث استطلاعات الرأي العام الذي أجرته جامعة مونماوث وصدر قبل ساعات، مؤكداً أن انتخابات 2022 تتحرك في اتجاه الجمهوريين الذين تقدموا بفارق أربع نقاط عند سؤال الأميركيين عن الحزب الذي يفضلون إدارته للكونغرس، وتقدموا بفارق ست نقاط بين الناخبين المسجلين، الأمر الذي يمثل أفضل نتيجة للحزب الجمهوري منذ مايو (أيار) الماضي، قبل أن تلغي المحكمة العليا حق الإجهاض، وهي القضية التي استغلها الديمقراطيون لتحسين حظوظهم الانتخابية طوال أشهر الصيف.
ولم يكن هذا الاستطلاع هو الوحيد، فقد أظهرت استطلاعات رأي أخرى أجرتها وسائل إعلام رفيعة المستوى تختبر الاقتراع العام، تحولاً ضئيلاً في اتجاه الحزب الجمهوري، ومنها تفضيل موقع "فايف ثرتي إيت" لاستطلاعات الرأي، الجمهوريين للمرة الأولى منذ أوائل أغسطس (آب) الماضي.
وبحسب استطلاع أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" وجامعة "سيينا كوليدج"، فإن 49 في المئة من الناخبين المحتملين قالوا إنهم يعتزمون التصويت لمرشح جمهوري لتمثيلهم في الكونغرس، مقارنة بنحو 45 في المئة ممَن يعتزمون للتصويت لمرشح ديمقراطي، ما يمثل تحسناً ملحوظاً بالنسبة إلى الجمهوريين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما كان الديمقراطيون يتقدمون بنقطة واحدة بين الناخبين المحتملين. ومع استمرار التضخم وانحدار سوق الأسهم بشكل مطرد، قفزت نسبة الناخبين المحتملين الذين قالوا إن المخاوف الاقتصادية هي أهم القضايا التي تواجه أميركا، إلى 44 في المئة مقارنةً بنحو 36 في المئة في يوليو (تموز)، كما فضّل الناخبون الأكثر اهتماماً بالاقتصاد الجمهوريين بغالبية ساحقة بلغت أكثر من 2 إلى 1.

سبب التحول

كما أظهر الاستطلاع أن الجمهوريين أحرزوا تقدماً بنسبة 10 نقاط مئوية بين الناخبين المستقلين المهمين، مقارنةً بفارق ثلاث نقاط تقدم بها الديمقراطيون في سبتمبر، والسبب في ذلك هو تحرك الناخبين المترددين نحو الجمهوريين، وبخاصة بين النساء المستقلات اللواتي دعمن الجمهوريين بنحو 18 نقطة، وهو تحول مذهل بالنظر إلى استقطاب الناخبين الأميركيين ومدى تركيز الديمقراطيين بشدة على تلك المجموعة وعلى التهديد الذي يشكله الجمهوريون على حقوق الإجهاض. لكن الاقتصاد ظل قضية سياسية أكثر فاعلية وإثارة للقلق هذا العام من الإجهاض بالنسبة إلى كثير من النساء المستقلات على رغم اعتراضهن وغضبهن من قرار المحكمة العليا الذي ألغى نصف قرن من حق اعتبره البعض دستورياً.

وعلى رغم رهان الديمقراطيين على أصوات النساء بشكل عام في فوزهم بالسيطرة على مجلس النواب في عام 2018 والفوز بمجلس الشيوخ والبيت الأبيض في عام 2020، إلا أن الاستطلاع الأخير أظهر أن الجمهوريين أزالوا تماماً ما كان يمثل تقدماً بلغ 11 نقطة للديمقراطيين بين النساء الشهر الماضي في سباقات الكونغرس، لتصل النسبة إلى التعادل الإحصائي في تأييد النساء للحزبين في أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.

أداء بايدن السيئ

وعلاوةً على ذلك، فإن أحد أهم أسباب التحول يعود إلى أن الانتخابات النصفية الأولى بعد وصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض، تمثل تحدياً تاريخياً للحزب الحاكم، وهو ما يشير إليه بوضوح استطلاع "نيويورك تايمز" مع نسبة رفض كبيرة بين الأميركيين لأداء الرئيس بايدن تبلغ 58 في المئة، بما في ذلك 63 في المئة من الناخبين المستقلين. ويُعد هذا أحدث دليل على الانقسام الطبقي المتزايد بين الحزبين، من حيث مكانة بايدن الذي تتقلص قاعدة دعمه بشكل متزايد لتقتصر على سكان المدن والمناطق الحضرية المتعلمة جيداً، والحاصلين على درجة البكالوريوس والناخبين السود، والذين يعتقد عدد كبير من الناخبين المحتملين بينهم أن بايدن يعمل بشكل جيد، كما رفضت غالبية ضئيلة من الناخبين اللاتينيين المحتملين بلغت بنسبة 48 في المئة، أداء الرئيس بايدن على رغم أن 60 في المئة منهم قالوا إنهم سيصوتون لمصلحة الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس، بما في ذلك الناخبون الأصغر سناً، الذين يفصلون إحباطهم من أداء البيت الأبيض، عن خطط التصويت الخاصة بهم.

في الاتجاه الخاطئ

وإضافة إلى ذلك، ترى غالبية كبيرة من الناخبين المحتملين (64 في المئة) أن البلاد تتحرك في الاتجاه الخاطئ، مقارنةً بنحو 24 في المئة فقط يرون أن الأمة تسير في المسار الصحيح، حتى أن نسبة الناخبين الديمقراطيين المحتملين الذين يعتقدون أن الأمة تسير في الاتجاه الصحيح انخفضت بعدد ست نقاط مئوية منذ سبتمبر 2022.
وتأتي هذه النظرة من واقع أن نسبة الناخبين الذين يركزون على المسائل الاقتصادية أكبر الآن مما كانت عليه في السابق، على رغم محاولات بايدن مراراً إضفاء لمسة إيجابية على الاقتصاد وإشارته إلى أن الاقتصاد الأميركي "قوي كالجحيم" وأن التضخم يمثل مشكلة عالمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


خريطة مختلفة

ومع وجود غالبية ضئيلة جداً للديمقراطيين في مجلس النواب الحالي فإن فرصهم في الاحتفاظ بالغالبية تكاد تكون محدودة جداً، فمن بين جميع مقاعد مجلس النواب الـ 435 التي يجري التنافس عليها، يحتاج أي من الحزبين لتحقيق الغالبية، الفوز بـ 218 مقعداً، ويبدو أن الجمهوريين أقرب كثيراً من الديمقراطيين لتحقيق هذا الهدف.
وبحسب تقرير كوك السياسي وهو أحد المراكز المهمة في توقع نتائج الانتخابات، هناك 188 مقعداً مضمونة للجمهوريين و23 مقعداً آخر تميل لمصلحة الجمهوريين، ما يعني أنهم يحتاجون إلى الفوز بسبعة مقاعد إضافية من بين 31 مقعداً متأرجحاً يجري التنافس عليها بقوة من كلا الحزبين، في حين أن المقاعد المضمونة للديمقراطيين هي 162 ولديهم 31 مقعداً آخر تميل إليهم، ما يعني أنهم يحتاجون إلى الفوز بـ 25 مقعداً إضافياً من بين 31 مقعداً يجري التنافس عليها بقوة مع الجمهوريين للوصول إلى عتبة الـ 218 مقعداً اللازمة لتحقيق الغالبية في المجلس.
في المقابل، فإن مجلس الشيوخ الحالي منقسم بنسبة 50-50 ويحتاج أي من الحزبين إلى الفوز بمقعد واحد إضافي لتحقيق الغالبية، لكن المهمة هنا صعبة للغاية، فمن بين 35 مقعداً يجري التنافس عليها في هذه الانتخابات هناك 14 مقعداً مضموناً للجمهوريين، وخمسة مقاعد أخرى تميل لمصلحتهم، بينما هناك 8 مقاعد مضمونة للديمقراطيين، و4 مقاعد أخرى تميل لمصلحتهم، ليتبقى الصراع أكثر احتداماً حول أربعة مقاعد متأرجحة وفقاً لتقرير كوك السياسي.

عواقب التحول

وبينما يتشبث الديمقراطيون بالأمل في الحفاظ على غالبيتهم في مجلس الشيوخ من خلال إنفاق المزيد من الأموال في ساحات المنافسة الرئيسة على مقاعد مجلس الشيوخ، إلا أنهم يخشون عواقب تغير مقعد واحد في تلك الغرفة ما يؤدي إلى تحقيق غالبية جمهورية، وهو أمر مثير للقلق، بعدما تعهد الجمهوريون بكبح أجندة بايدن وبدء سلسلة من التحقيقات مع إدارته وعائلته إذا تولوا مسؤولية مجلس النواب أو مجلس الشيوخ.
ووفقاً لموقع "بلومبيرغ"، سيغير مجلس الشيوخ الجمهوري بشكل كبير مسار رئاسة بايدن، محبطاً طموحاته في تقنين حقوق الإجهاض وإنشاء شبكة أمان اجتماعي أقوى، كما أن سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ من شأنها منح الجناح الشعبوي للجمهوريين قدرةً جديدة على التحقيق مع الإدارة، فيما تهدد المعارك حول أولويات الإنفاق بإحداث إغلاق حكومي وتحفيز المواجهة حول سقف الديون الأميركية، بينما سيواجه مرشحو بايدن سواء للمناصب القضائية أو المناصب التنفيذية في الحكومة مقاومة شديدة.

أمل الديمقراطيين

لطالما كان يُنظر إلى الاحتفاظ بالسيطرة على مجلس النواب على أنه المهمة الأعقد والأطول بالنسبة للديمقراطيين ولهذا لم يكن لديهم أمل كبير في استمرار المراهنة عليه، ولهذا يبدو أنهم يركزون الآن بشكل مكثف على مجلس الشيوخ حيث لا تجرى الانتخابات في جميع الولايات، ويراهنون على أن أداء بعض مرشحي الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ كان ضعيفاً وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست" التي اعتبرت أن الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للحزب الجمهوري في الوقت الحالي، هو اتجاه استطلاعات الرأي في بعض السباقات الرئيسة في مجلس الشيوخ.
ومع ذلك تعترف الصحيفة بأن الفوز بأربعة أو حتى ثلاثة من المرشحين الجمهوريين على المقاعد المتأرجحة، يمكن أن يُترجَم إلى غالبية جمهورية في مجلس الشيوخ، وهذا يبدو ممكناً للغاية إذا استمرت الأمور تميل في اتجاه الحزب الجمهوري في الأسبوعين الأخيرين من الحملة، لا سيما إذا لم تنخفض أسعار وقود السيارات، وإذا كان الاهتمام بقضية الإجهاض يتضاءل بالفعل باعتباره مشكلة في الحملة الانتخابية التي راهن عليها الديمقراطيون، وهو ما تقطع بعض المؤشرات إلى أنه قد يكون كذلك.

المزيد من تقارير