Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صندوق النقد يلقي لتونس بـ"طوق النجاة وثقة المانحين"

اتفاق للحصول على قرض جديد بـ1.9 مليار دولار على مدى 48 شهراً لدعم "برنامج الإصلاح"

يهدف البرنامج الإصلاحي التونسي الجديد إلى استعادة الاستقرار الشامل للاقتصاد، وتعزيز الأمان الاجتماعي والعدالة الضريبية (أ ف ب)

توصلت تونس إلى موافقة على توقيع اتفاقية جديدة مع صندوق النقد الدولي تتحصل بمقتضاها على تمويل قدره 1.9 مليار دولار.

والتقى فريق من صندوق النقد الدولي بقيادة كريس جيريغات وبريت راينر بوفد تونسي يضم محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي ووزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد ووزيرة المالية سهام البوغديري نمصية في واشنطن في الفترة الممتدة بين 10 و15 أكتوبر (تشرين الأول)، للاتفاق على دعم صندوق النقد الدولي لتونس وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي تتجه إليه، وتوجت النقاشات بموافقة الجهة المانحة على اتفاق تقني بين الفريقين ينتظر أن يتوج بعرضه على مجلس إدارة الصندوق في ديسمبر (كانون الأول).

تسهيل ممتد

توصل ممثلو صندوق النقد الدولي والوفد التونسي إلى اتفاق لدعم السياسات الاقتصادية التونسية يمتد على مدى 48 شهراً في إطار تسهيلات القرض الممدد وحجمه 1.9 مليار دولار أميركي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويهدف البرنامج الإصلاحي التونسي الجديد الذي قدمه المسؤولون والمدعوم من صندوق النقد الدولي إلى استعادة الاستقرار الشامل للاقتصاد، وتعزيز الأمان الاجتماعي والعدالة الضريبية، وتكثيف الإصلاحات التي تدعم بيئة مواتية للنمو الشامل وخلق فرص عمل مستدامة.

وقال صندوق النقد الدولي في بيان، السبت 15 من أكتوبر، إن هذا التمويل سيمكن المجتمع الدولي من المساهمة بشكل كبير في نجاح برنامج الإصلاح التونسي من خلال منح تمويلات إضافية.

وأفاد كل من كريس جيريغات وبريت راينر في البيان بأن تونس توصلت إلى اتفاق على مستوى الموظفين في شأن السياسات والإصلاحات الاقتصادية التي سيتم دعمها من خلال قرض الصندوق الممدد الجديد ويساوي 1.472 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (الوحدة الخاصة بالصندوق)، ما يعادل نحو 1.9 مليار دولار أميركي.

وكما هي الحال دائماً فإن الاتفاق النهائي في شأن الترتيبات يخضع لموافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، الذي من المقرر أن يناقش طلب برنامج تونس في ديسمبر.

العدالة الضريبية

وألقت البيئة العالمية المتدهورة وأسعار السلع في السوق الدولية بثقلها على الاقتصاد التونسي، مما زاد من نقاط الضعف الهيكلية الكامنة وسط الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة. ورجح الصندوق أن يتباطأ النمو في المدى القريب، بينما سيؤدي ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالمياً إلى الضغط على التضخم البالغ حالياً 9.2 في المئة، وكذلك على الميزان التجاري.

وستدعم ترتيبات القرض الممتد الجديد برنامج السلطات التونسية للإصلاح الاقتصادي لاستعادة الاستقرار المالي لتونس، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وتعزيز نمو أعلى وخلق فرص عمل بقيادة القطاع الخاص.

وارتكز برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي التزمته تونس وفق صندوق النقد الدولي على تحسين العدالة الضريبية من خلال اتخاذ خطوات لإدخال القطاع غير الرسمي في شبكة الضرائب وتوسيع القاعدة الضريبية لضمان مساهمات عادلة من جميع المهن، إضافة إلى احتواء النفقات العامة وخلق حيز مالي للدعم الاجتماعي.

واتخذت السلطات بالفعل خطوات لاحتواء حجم أجور الوظيفة العمومية والقطاع العام، وبدأت بالتدريج في التخلص من دعم الأسعار المهدر للمال العام عن طريق ترشيده عبر تعديلات الأسعار للوصول إلى حقيقة الأسعار المحلية والدولية، مع توفير حماية للشرائح الضعيفة من خلال التحويلات الاجتماعية في شكل منح مالية، حيث يتم تعزيز الأمان الاجتماعي من خلال زيادة التحويلات النقدية وتعويض الأسر الضعيفة المتأثرة بارتفاع الأسعار.

الأجور والدعم

كما يتضمن البرنامج الإصلاحي الشروع في أجندة شاملة لإصلاح الشركات المملوكة للدولة، بدءاً من سن قانون جديد خاص بالمؤسسات العمومية. وتكثيف الإصلاحات الهيكلية لتعزيز المنافسة وخلق مجال شفاف ومتكافئ للمستثمرين من خلال تبسيط القوانين وتوفير حوافز الاستثمار. علاوة على تعزيز الحوكمة والشفافية في القطاع العام ووضع خريطة طريق للإصلاحات.

كما وعدت تونس بدفع التكيف وبناء القدرة على الصمود بمواجهة تغير المناخ من خلال تشجيع الاستثمارات في الطاقة المتجددة، وكذلك إدارة النفايات، واتخاذ تدابير للحفاظ على الخطوط الساحلية في تونس والزراعة والصحة والسياحة، مع الالتزام بحماية المقدرة الشرائية للتونسيين في مواجهة التضخم المرتفع والمتسارع لتحقيق الاستقرار، وقد انطلق البنك المركزي التونسي في تشديد السياسة النقدية.

وقال كريس جيريغات وبريت راينر إن للمجتمع الدولي دوراً مهماً يلعبه في تسهيل تنفيذ برنامج تونس الإصلاحي من خلال الإفراج السريع عن التمويلات اللازمة لدفع جهود الإصلاح.

يذكر أن تونس انطلقت منذ أشهر في مفاوضات تقنية مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على تمويل قدره أربعة مليارات دولار في حين استبعد الخبراء الحصول على هذا المبلغ بحكم السقف الذي تحدده المساهمات بالصندوق.

ووقعت تونس في العقد الأخير اتفاقين مع صندوق النقد كان الأول للحصول على قرض قوامه مليار و800 مليون دولار عام 2013، لكنها حصلت على مليار و500 مليون دولار منه ولم يصرف القسط الأخير، بينما بلغ القرض "الممتد" لسنة 2016 مليارين و800 مليون دولار، تحصلت تونس على مليار و800 مليون دولار منه ولم تصرف بقية الأقساط لاعتبارات عدة، أهمها عدم تنفيذ الإصلاحات التي وعدت تونس بتنفيذها بسبب انعدام الاستقرار الحكومي، ولم تستكمل تونس سداد أقساط من هذه القروض.

حبل نجاة

وتخطط تونس للوصول إلى نسبة نمو تساوي ثلاثة في المئة في أفق عامي 2025 و2026، من خلال دعم الاستثمار والتحكم في نفقات الرواتب لتتراجع نسبة الأجور من إجمالي الناتج المحلي من 16.4 في المئة عام 2020 إلى 14.4 في المئة عام 2024، إضافة إلى التحكم في نفقات التسيير ونفقات الدعم للنزول بها من 6.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020 إلى 3.8 في المئة عام 2024.

وتأتي هذه التوجهات للفترة بين 2022-2024 بهدف حصر عجز الميزانية في 5.3 في المئة عام 2024 مقابل 8.3 في المئة عام 2021، علماً أن ميزانية الدولة سترتفع إلى 61.6 مليار دينار (19.25 مليار دولار) لعام 2024، بينما بلغت 57.3 مليار دينار (17.9 مليار دولار) في 2022. بزيادة 2.3 في المئة عن السنة المنقضية، ويبلغ العجز فيها 9.3 مليار دينار (ثلاثة مليارات دولار)، أي 6.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتوقعت الحكومة نسبة نمو قدرها 2.6 في المئة بعد التداعيات العميقة لجائحة كورونا والتطورات السياسية إثر اعتماد الرئيس قيس سعيد للأحكام الاستثنائية بعد حله للبرلمان منذ أكثر من سنة. وبلغت نسبة النمو 2.8 في المئة في الربع الثاني من عام 2022 بحسب الانزلاق السنوي.

وبلغ حجم عجز الميزانية في نهاية السدس الأول من السنة الراهنة 471 مليون دينار (147.1 مليون دولار)، ما يساوي 0.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لكامل عام 2022، بينما توقع البنك الدولي أن يرتفع عجز الميزانية إلى 9.1 في المئة.

ويمثل هذا الاتفاق مع الجهة المانحة حبل نجاة لتونس لمواجهة الضائقة المالية، بسبب تفاقم المديونية وبلوغ قائمة الدين 106.7 مليار دينار (33.34 مليار دولار)، ما يعادل 77.7 في المئة من الناتج القومي الخام.

وقد عجزت تونس عن الخروج للسوق المالية الخارجية للاقتراض بسبب انحدار التصنيف الائتماني لديها بدرجة caa1 لدى وكالة "موديز" وccc لدى وكالة "فيتش". وينتظر أن يمكن التمويل الجديد مهما كان حجمه تونس من المصداقية التي تحتاج إليها للخروج إلى السوق المالية الدولية للاقتراض بفوائد معقولة.

اقرأ المزيد