أبلغت الحكومة البريطانية مزيداً من طالبي اللجوء في المملكة المتحدة بأنه قد يرحلون إلى رواندا، وذلك من خلال تسليمهم إشعارات قانونية صدرت خلال فترة الحداد الوطني على وفاة الملكة إليزابيث الثانية.
وفي رسالة تلقاها أحد المهاجرين، مؤرخة بتاريخ الـ 13 من سبتمبر (أيلول) الجاري، اطلعت عليها "اندبندنت"، تذكر السلطات المعنية أنه "لم يعد يحظى" بحماية في المملكة المتحدة، لأنه كان موجوداً على الأراضي الفرنسية قبل أن يعبر القنال الإنجليزي إلى الأراضي البريطانية.
وتضيف الرسالة: "قد تترتب عن ذلك عواقب لجهة قبول طلبك في نظام اللجوء في المملكة المتحدة. لذا سنقوم بمراجعة ظروفك الخاصة والأدلة ذات الصلة بقضيتك، وننظر في ما إذا كانت هناك إمكانية لتقدمك بطلب الحصول على الحماية المطلوبة قبل عبورك للحدود في إيطاليا أو فرنسا ... كما يحق لنا أيضاً أن نشارك بياناتك الشخصية مع السلطات في رواندا - وهي دولة أخرى تعد آمنة - من أجل التحقق مما إذا كانت ستقبل بدخولك أراضيها بموجب شروط اتفاقية "شراكة الهجرة والتنمية الاقتصادية" Migration and Economic Development Partnership الموقعة بين رواندا والمملكة المتحدة".
وعُلم أن الرسالة هي أحد "إشعارات النوايا" المتشابهة من حيث الصياغة، التي أرسلت إلى طالبي لجوء في الفترة الأخيرة، لكن وزارة الداخلية البريطانية آثرت عدم الكشف عن عدد الأشخاص الذين ينظر في إدراجهم ضمن خطة الإبعاد إلى رواندا.
اللافت في تلك الرسائل أنها صدرت بعد خمسة أيام من وفاة الملكة إليزابيث الثانية، خلال فترة حداد وطني في البلاد، أوقفت خلالها وزارة الداخلية الإعلانات العامة، وامتنعت عن الإدلاء بتصريحات عن قضايا عدة، بما فيها الأرقام القياسية لعبور اللاجئين في قوارب صغيرة لمياه القنال الإنجليزي إلى البر البريطاني.
كلير موزلي مؤسسة منظمة "كير فور كاليه" Care4Calais الخيرية (تعنى بتسهيل أوضاع طالبي اللجوء في شمال فرنسا وبلجيكا)، قالت لـ "اندبندنت" إنه "في الوقت الذي كانت البلاد غارقةً في حال حداد، كانت وزارة الداخلية منشغلةً بتهديد ضحايا الحروب والتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان، بإبعادهم من المملكة المتحدة بموجب سياسة الترحيل الوحشية، إلى رواندا".
"تلك الإشعارات تثير الذعر والحزن لدى الأفراد الذين يتلقونها. فقد عانى هؤلاء الأشخاص حتى الآن من أسوأ الأوضاع التي يمكن تخيلها في الحياة".
وأضافت موزلي قائلةً إن "عدداً من الأشخاص الذين نعمل معهم لتسوية أوضاعهم، كانوا يقومون بواجب تقديم العزاء إلى المملكة المتحدة بوفاة الملكة، ومن غير المعقول أن يتلقى بعضهم إشعارات الترحيل إلى رواندا خلال فترة الحداد".
ولقد رصد أكثر من 30,500 مهاجر عبروا مياه القنال الإنجليزي في زوارق حتى الآن، خلال السنة 2022، مع مواصلة عدد العابرين اتجاهه التصاعدي، على الرغم من مزاعم حكومية متكررة بأن سياسة الإبعاد إلى رواندا ستكون بمثابة "رادع" للذين ينوون المجيء إلى بريطانيا.
وتخضع هذه السياسة في الوقت الراهن لطعنين قانونيين تنظر فيهما "المحكمة العليا"، بعدما أوقفت رحلة طيران في دقائقها الأخيرة في شهر يونيو (حزيران)، على أثر صدور أوامر قضائية في اللحظة الأخيرة من جانب "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" European Court of Human Rights.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل، كشفت شهادات قدمها حراس أمنيون كيف أن طالبي اللجوء أقدموا على تعريض أنفسهم للأذى، وهدد بعضهم بالانتحار بعدما توسلوا الحراس عدم وضعهم على متن الطائرة المتوجهة إلى رواندا، وقد لجأت العناصر الأمنية إلى ربطهم بمقاعدهم لتقييد حركتهم.
ومن غير المتوقع تحديد مواعيد لرحلات إبعاد جوية أخرى، إلى حين اتخاذ "المحكمة العليا" قرارها في الطعن القانوني الأول الذي تم الاستماع إليه في وقت سابق من هذا الشهر، وفي قضية منفصلة سترفعها منظمة مساعدة اللاجئين Asylum Aid في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت.
سويلا برافرمان وزيرة الداخلية البريطانية الجديدة، لم تعط أي إشارة عن نيتها التخلي عن الخطة التي كانت قد وضعتها وقادتها الوزيرة السابقة للداخلية بريتي باتيل، على الرغم من طرح تساؤلات حول مدى شرعيتها، وكلفتها المادية، وفاعليتها في الحد من محاولات العبور إلى المملكة المتحدة.
برافرمان قالت في كلمة وجهتها إلى الموظفين الحكوميين على أثر تعيينها في المنصب من جانب رئيسة الوزراء ليز تراس، إن منع المهاجرين من عبور القنال الإنجليزي على متن قوارب سيكون الموضوع الأبرز في قائمة أولوياتها الرئيسة. ولم تعط تفاصيل عن أي خطط مستقبلية جديدة، بعد المحاولة الفاشلة من جانب الحكومة في إرغام عدد من القوارب على العودة إلى فرنسا، والإخفاق في وضع "إجراءات رادعة" فاعلة، كتسيير دوريات بحرية، وتطبيق قوانين هجرة أشد صرامة.
معلوم أن الحكومة غيرت قواعدها للهجرة إلى بريطانيا في يناير (كانون الثاني) عام 2021، موجهةً رسالةً مفادها أنها تستطيع رفض النظر في ملفات طلب اللجوء إذا كان أصحابها قد مروا عبر دول آمنة ترى أنه كان في وسعهم طلب الحماية على أراضيها.
وتنص التوجيهات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية على أن أي طالب لجوء كان قد "مكث لمدة أسبوعين في بروكسل مع أصدقاء له أثناء محاولته العثور على عميل لإحضاره بصورة غير قانونية إلى المملكة المتحدة"، يمكن اعتباره غير مقبول.
وتشير التوجيهات أيضاً إلى أنه ينبغي النظر في الحالات التي يقتضي ترحيل أصحابها إلى رواندا، إذا كانت "لديهم فرصةٌ أكبر" هناك، من الترحيل إلى البلد الذي يعتقد أن لهم صلةً به.
وكانت الحكومة قد وضعت قبل عملية الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست) خطةً سابقة، تسمح بنقل طالبي اللجوء إلى بلدان أقاموا فيها سابقا، غير أنها لم تبصر النور ولم تُستبدل بها أخرى، ما يعني أنه لم يعد يجوز للمملكة المتحدة إرسال لاجئين إلى بلدان العبور المشتركة في الاتحاد الأوروبي مثل فرنسا وإيطاليا.
متحدث باسم وزارة الداخلية علق على ما تقدم قائلاً إن "شراكة الهجرة الرائدة عالمياً مع رواندا، تعني أنه قد ينقل أولئك الذين يقومون برحلات محفوفة بالخطر وغير ضرورية وغير قانونية إلى المملكة المتحدة، إلى رواندا، لبت طلباتهم الحصول على اللجوء، وإعادة بناء حياتهم هناك".
وختم الناطق الحكومي بالقول: "لم تصدر أي محكمة قراراً يطعن في قانونية هذه السياسة. وقد كنا دائماً واضحين في أننا سنواصل تعزيز هذه الشراكة والقيام بإبلاغ الأشخاص الذين يفدون إلى المملكة المتحدة من خلال هذه الطرق، بأنهم في وضع قد يصار فيه إلى نقلهم إلى رواندا".
© The Independent