Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طالبة لجوء سابقة تشارك مخاوفها بشأن خطة الترحيل البريطانية إلى رواندا

تروي تجربة احتجازها في مركز أسترالي للاجئين في فيلم وثائقي

دولة ناورو الواقعة جنوب المحيط الهادئ تضم مركز احتجاز أسترالي للاجئين (أ ف ب/غيتي)

عندما وصلت إيلي شكيبا إلى جزيرة ناورو، وهي جزيرة في المحيط الهادئ مساحتها 21 كيلومتراً مربعاً، لم تتصور أنها ستبقى هناك لفترة طويلة، وهي وصلتها بعدما نجت من رحلة محفوفة بالأخطار من إيران عبر إندونيسيا، ومن أيدي مهربي البشر عبر المحيط الهندي.

كانت لديها تصورات جميلة عن العالم الغربي، وأملت بأن تؤيها أستراليا كلاجئة، وبدلاً من ذلك نقلت إلى مركز احتجاز على بعد 2800 ميل (4500 كيلومتر).

ولم يكن على تلك الجزيرة التي ستبقى فيها إيلي لمدة ست سنوات سوى مجموعة من الخيم المصنوعة من النايلون مغطاة من الداخل والخارج بغبار من الكادميوم، وهي مادة مسرطنة، وشاهد على إرث تدمير 80 في المئة من الجزيرة بسبب تعدين الفوسفات.

وقالت إيلي شكيبا لصحيفة "اندبندنت"، "لقد بني المخيم لنا ليكون عبرة للغير، وهذا ما سيحدث لطالبي اللجوء الذين يأتون إلى أستراليا بالقوارب".

وعبرت إيلي التي تعيش حالياً في الولايات المتحدة عن مخاوفها من أن تكرر المملكة المتحدة قرارات الحكومة الأسترالية السابقة. وأضافت، "كانوا يعاقبوننا لإخافة العالم ومحاولة منع الناس من القدوم إلى أستراليا، وهذا بالضبط ما تفعله [وزيرة الداخلية البريطانية] بريتي باتل".

وكانت سياسة باتل تعرضت إلى نكسة كبيرة الشهر الماضي عندما نجح سبعة لاجئين كان من المقرر إرسالهم إلى رواندا في الاعتراض على ترحيلهم.

من جهتها، قالت وزيرة الداخلية إن شراكة المملكة المتحدة مع رواندا ما هي إلا "رسالة واضحة مفادها أنه لن يتم التسامح مع الدخول غير الشرعي".

 

وفي خطاب أمام مجلس العموم وصفت السياسة بأنها "طريقة عملية وإنسانية للمضي قدماً لأولئك الذين يصلون إلى المملكة المتحدة عبر طرق غير شرعية"،

ورفضت وزارة الداخلية المقارنة بين سياستها والنموذج الأسترالي، ووصفتها بـ "الخاطئة وغير الدقيقة".

وأكدت الحكومة أن أحد الاختلافات الرئيسة هو أن أي شخص يرسل إلى رواندا لن يتم احتجازه، لكن بالنسبة للآنسة شكيبا التي صنعت فيلماً وثائقياً عن الفترة التي قضتها في ناورو، فإن سياسة المملكة المتحدة مقدر لها الفشل تماماً كما حصل للسياسة الأسترالية.

وقالت، "لم تنجح قط في حل المشكلة، إذ وصل 10 آلاف شخص بالقوارب هذا العام إلى المملكة المتحدة، هل سيرسلون 10 آلاف شخص إلى رواندا؟ بالطبع لا". مضيفة، "إنهم يختارون بعض الإيرانيين وبعض الأفغان ويرسلونهم كمثال. الأمر نفسه يتكرر".

استخدمت أستراليا ناورو إلى جانب بابوا غينيا الجديدة كموقع بعيد "للمعالجة خارج الحدود" للأشخاص الذين يطلبون اللجوء والذين وصلوا إلى البلاد من طريق القوارب. إنها سياسة الحكومة القاضية بمنع أي شخص وصل بهذه الطريقة أن يستقر في أستراليا.

كانت الظروف في ناورو التي لا تزال موطناً لنحو 115 طالب لجوء، مثالاً صارخاً بشكل خاص على تأثير إرسال اللاجئين للعيش في فراغ قانوني حول وضعهم. وقالت شكيبا، "أصبح معظم الناس في ناورو متشككين في إمكان مغادرة الجزيرة"، مضيفة "لن يصدقوا حتى يروا الأمر بأم أعينيهم"، مشيرة "كنا نتلقى ما يكفي من الأخبار الجيدة لنبدأ في الأمل مرة أخرى، إلا أن الآمال كانت تنهار بعد فترة وجيزة".

 

وأضافت بأنه "كان هناك نوع من التعذيب النفسي الذي دفع عدداً من اللاجئين إلى محاولة الانتحار، وبعضهم نجح في محاولته".

بلغ عدد طالبي اللجوء في ناورو ذروته عند 1233 في أغسطس (آب) 2014،

ووفقاً لمجلس اللاجئين الأسترالي يعيش 115 لاجئاً في ناورو وتم إغلاق مراكز المعالجة، ومع ذلك تبلغ كلفة إقامة لاجئ أو طالب لجوء واحد والتي تتكبدها الحكومة أكثر من 4 ملايين دولار أسترالي (2.7 مليون جنيه استرليني) سنوياً.

وبالنسبة إلى الأطفال بشكل خاص على الجزيرة، فإن التأثير خطر.

شهدت بيث أوكونور، وهي طبيبة عملت في الجزيرة مع منظمة أطباء بلا حدود، قبل طردهم من هناك عام 2019، أطفالاً يعانون متلازمة الاستقالة. [اضطراب نفسي يسبب غيبوبة مطولة لبعض الأطفال خصوصاً في مجتمعات اللاجئين].

 

أدّى المرض إلى انطواء الأطفال الذين كانوا مفعمين بالحياة في السابق وانسحابهم بعيداً من أصدقائهم وعائلاتهم، واستفحلت حالهم إلى درجة أنهم أصبحوا صامتين وتوقفوا عن الأكل والشرب.

وقالت الدكتورة أوكونور، "فيما تحاول التعامل معهم فإنهم ينظرون عبرك تماماً وكأنك ليس أمامهم. عندما يصلون إلى تلك المرحلة تصبح حياتهم مهددة ويحتاجون إلى العلاج في المستشفى، بما في ذلك إطعامهم من طريق السوائل الوريدية."

وعلى الرغم من مساعدة الدكتورة أوكونور لم يكن هناك علاج لمتلازمة الاستقالة، فقط إعادة الأمل للعائلة كان له تأثير في ظروف الأطفال، وحتى مع توفر هذه الظروف فإن مسار التعافي طويل جداً.

وصلت شكيبا إلى الجزيرة أوائل العام 2014، وعاد بعض أملها إليها حين توصل الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما إلى اتفاق لتبادل اللاجئين مع حكومة مالكولم تورنبول.

 

لكن الاتفاق ضرب بعرض الحائط عندما أصبح دونالد ترامب رئيساً وفرض "حظراً على دخول المسلمين"، ولكن بعد توقف دام أكثر من عام بدأت الولايات المتحدة في معالجة القضايا مجدداً.

تخطط حكومة المملكة المتحدة لإرسال البالغين فقط إلى رواندا، ومع ذلك ذكرت صحيفة "غارديان" أن أحد النزل في البلاد والذي استأجرته الحكومة الرواندية لإيواء طالبي اللجوء، يقوم بالاستعدادات لقبول الأطفال.

وقال متحدث باسم بوريس جونسون إنهم يقدرون أن "90 في المئة من اللاجئين هم رجال".

وقالوا إن المرافق التي تنتظر الوافدين أكثر متانة بكثير من الخيم المصنوعة من النايلون أو المباني الجاهزة في ناورو.

 

وتوفر الفنادق التي جهزت بحسب الصفقة بين المملكة المتحدة ورواندا أجهزة تلفزيون ووسائل راحة وخدمة انترنت مجانية.

وقالت وزارة الداخلية إنه فيما يقتصر السفر إلى ناورو على طالبي اللجوء فإن اللاجئين في رواندا "يتمتعون بحرية المغادرة إذا رغبوا في ذلك".

وأوضح متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية "بموجب سياستنا لا يتم احتجاز الأشخاص الذين يرسلون إلى رواندا، بل يتم نقلهم إلى رواندا للنظر في طلبات اللجوء الخاصة بهم".

وقال المتحدث باسم الحكومة الرواندية يولاندي ماكولو "سنبذل قصارى جهدنا للتأكد من رعاية المهاجرين وأنهم قادرون على بناء حياتهم هنا"، لكن لا تزال الدكتورة بيث أوكونور قلقة في شأن تأثير تحويل قرارات اللجوء إلى رواندا، لا سيما على الصحة العقلية لأولئك الذين سيسافرون هناك أولاً.

وأشار عدد من طالبي اللجوء الذين حاولت وزارة الداخلية إرسالهم إلى رواندا الشهر الماضي إلى مشكلات صحية عقلية كبيرة كأسباب لوقف ترحيلهم.

وقالت أوكونور، "أشعر أنه بإرسالهم إلى رواندا يكررون خلق الأوضاع نفسها كالتي سادت عند طالبي اللجوء واللاجئين في ناورو"، مضيفة "من مثال ناورو هناك أدلة قوية على وقوع ضرر على اللاجئين الذين أرسلتهم الحكومة الأسترالية إلى هناك. كنت أتمنى ألا يعيد التاريخ نفسه".

وبالنسبة إلى الدكتورة ناتالي هودجسون التي حصلت على درجة الدكتوراه في بحثها حول نظام الاحتجاز الأسترالي خارج الحدود [أوفشور]، كان التشابه الرئيس بين سياستي الهجرة هو "استحداث سياسة معالجة الطلبات في الخارج".

وقالت الدكتورة هودجسون "في حال أستراليا تم ذلك في بابوا غينيا الجديدة وناورو، وفي حال المملكة المتحدة كانت في رواندا، والفكرة هي أنها ستردع الناس عن القيام برحلات خطرة بالقوارب".

وأوضحت الأكاديمية في جامعة نوتنغهام أن هناك مخاوف فعلية في شأن ما إذا كانت ملفات الهجرة الخاصة بالأشخاص الذين يتم نقلهم إلى رواندا سيتم درسها بشكل عادل.

وأردفت، "كان هذا جزءاً من مخاوف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في شأن مخطط المملكة المتحدة، كما أن هناك مخاوف حول النظام القانوني في رواندا، وما إذا كان يمكنه تحمل أعباء القضايا والنظر في قضايا طالبي اللجوء بشكل صحيح."

وأضافت، "لا يوجد دليل على أن سياسة النقل إلى الخارج لها تأثير رادع في السياق الأسترالي، ولذلك فمن المرجح أن سياسة المملكة المتحدة لن تمنع طالبي اللجوء من السفر إلى هنا".

وقال متحدث باسم الحكومة الأسترالية إن مجموعة "سياسات الحدود السيادية" التي كان الاحتجاز خارج الحدود إحداها، "نجحت في وقف تدفق الوافدين غير الشرعيين من البحر إلى أستراليا وتعطيل مشاريع تهريب الأشخاص في المنطقة والحد من خسائر الأرواح في البحر".

وأضاف، "تظل الحكومة الأسترالية ملتزمة بالمعالجة الإقليمية".

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية، "ستعالج رواندا الطلبات وفقاً لقوانين حقوق الإنسان الوطنية والدولية، وتضمن الحماية من المعاملة اللاإنسانية والمهينة، وسيتم وضع نظام مراقبة لضمان نجاح الخطة".

 لمشاهدة الفيديو الترويجي لفيلم إيلي شكيبا الوثائقي "البحث عن أرامسايش غاه" انقر هنا

 نشر في اندبندنت بتاريخ 10 يوليو 2022

© The Independent

المزيد من تقارير