Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسعار اللحوم تحرق شهية التونسيين لأطباقهم المفضلة

 التهريب المعضلة الكبرى ولوبيات الاستيراد في قفص الاتهام ومراقبون: "الشركة الوطنية تتهالك والرقابة غائبة"

ارتفعت كلفة إنتاج اللحوم المحلية من 10 إلى 15 في المئة مع غلاء أسعار الأعلاف (أ ف ب)

ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق التونسية مما تسبب في تراجع كبير بمعدلات استهلاكها مقارنة باللحوم البيضاء التي تشهد بدورها زيادات مستمرة في الأسعار. وبالنظر إلى تدهور القدرة الشرائية للتونسيين بفعل التضخم الذي بلغ 8.6 في المئة في أغسطس (آب) الماضي، وفق المعهد الوطني للإحصاء (حكومي)، أضحى الإقبال على اللحوم الحمراء مرتهناً بفئة اجتماعية معينة، مما ينذر بانقراض عدد من الأطباق التقليدية المعتمدة على اللحوم الحمراء.

وتباينت آراء عدد من ممثلي المنظمات التونسية حول الظاهرة، ففي حين ربطها بعضهم بتطورات السوق ومشكلات المربين، انتقد آخرون منظومة إنتاج اللحوم الحمراء بأكملها، متهمين طيفاً من الفاعلين فيها بالسيطرة على القطاع والتحكم في الأسعار لغايات ربحية بحتة من دون مراعاة توازنات القطاع واستمراريته والمقدرة الشرائية للتونسيين وصحتهم.


تدني الاستهلاك

كشف المدير العام لشركة اللحوم (حكومية) طارق بن جازية عن أن تونس تنتج نحو 120 ألف طن من اللحوم الحمراء سنوياً وتستورد بقية حاجاتها، معتبراً أن معدل استهلاك التونسي للحوم الحمراء ضعيف للغاية لا يتجاوز تسعة كيلوغرامات فقط سنوياً للفرد الواحد، مقارنة ببلدان أوروبية يبلغ معدل استهلاك الفرد فيها من اللحوم 100 كيلوغرام.

وأكد أن قطاع اللحوم الحمراء يعاني عدم توفر الشفافية في المعاملات، كما لم تقم الشركة بعمليات استيراد في السنة الراهنة والماضية على حد السواء، فقد ألغت جملة من هذه العمليات بسبب ارتفاع الأسعار ونقص الكميات بالسوق العالمية، إذ ارتفعت كلفة الكيلوغرام لتصل إلى 32 ديناراً (10 دولارات) بدلاً من 18 (5.6 دولار) و19 ديناراً (5.9 دولار) في سنوات سابقة.

وأضاف ابن جازية أن كلفة إنتاج اللحوم المحلية ارتفعت أيضاً من 10 إلى 15 في المئة هذه السنة، وتواصل النسق التصاعدي للأسعار بسبب الضغوط الكبيرة التي تشهدها منظومة إنتاج اللحوم في تونس، كما فشل مربو الأبقار والخرفان في مسايرة ارتفاع الكلفة على مستوى الإنتاج مع غلاء أسعار الأعلاف.


لوبيات ومهربون

واعتبر رئيس الغرفة الوطنية للقصابين المنضوية تحت اتحاد الأعراف (هيئة نقابية مستقلة) أحمد العميري في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن عزوف التونسيين عن استهلاك اللحوم الحمراء مرده إلى تصاعد الأسعار التي شهدت ارتفاعاً في السنوات الـ10 الأخيرة، إضافة إلى اختلال منظومة اللحوم الحمراء بدءاً من تربية الماشية إلى التوريد والتسعير وطرحها في السوق.

وتتراوح أسعار لحم الضأن، بحسب العميري، بين 32 ديناراً (10 دولارات) و34 ديناراً (10.6 دولار)، ولحوم البقر بين 32 ديناراً (10 دولارات) و36 ديناراً (11.2 دولار) في الوقت الراهن، لكنها تبقى متفاوتة بالنظر إلى محافظات ومدن وأحياء بعينها دون أخرى، وتزيد أسعارها عن 40 ديناراً (12.5 دولار) في بعضها. وهي مرجحة للارتفاع في المجمل لتبلغ 40 ديناراً (12.5 دولار) في الأشهر القليلة المقبلة في حال عدم تدخل الدولة لإصلاح الخلل في المنظومة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرجع رئيس غرفة القصابين شطط الأسعار وعدم استقرارها وتفاوتها إلى عوامل عدة أهمها التخلي عن آلية تعديل السوق التي طالما اعتمدت في السابق وآتت أكلها، حيث عمدت شركة اللحوم (حكومية) في الفترات الماضية إلى استيراد دوري لكميات من اللحوم الحمراء المبردة بمعدل 20 طناً في الأسبوع بهدف الحيلولة دون ارتفاع أسعار اللحوم المحلية. وقد تم التخلي عن هذا الحل الناجع بعد رفع شكاوى من قبل الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري (منظمة نقابية مستقلة) بهدف توفير مظلة حمائية للمربين.

لكن ما حدث، وفق العميري، هو تنامي قائمة المستوردين المتحصلين على رخص استيراد العجول وبيعها للمربين، إذ احتكروا تسعير العجول مما أدى إلى تشكل لوبيات متحكمة في المنظومة بكاملها، وكبد المربين من الفلاحين الصغار خسائر جمة بسبب ارتفاع الأسعار وغياب الرقابة. وكان للصعوبات المالية التي تمر بها شركة اللحوم الدور الرئيس في هذا الاختلال، فقد احتلت اللوبيات المساحة الشاغرة التي نتجت عن تهالك الشركة الوطنية بسبب مديونيتها البالغة 30 مليون دينار (9.37 مليون دولار).

ويظل التهريب المعضلة الأساسية التي أنهكت قطاع اللحوم الحمراء بحسب العميري الذي أكد أن مئات رؤوس الأبقار يتم تهريبها أسبوعياً إلى الجزائري، منتقداً التراخي في التعامل مع شبكات التهريب التي خربت القطاع، وتسببت في ارتفاع أسعار اللحوم، علاوة على تعرض المربين لضغوط المستوردين الذين تحكموا في السوق، وجميعها عوامل أسفرت عن ندرة اللحوم وعزوف التونسيين عنها مع تهالك القدرة الشرائية لديهم.

اقرأ المزيد