Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما هي ملامح مشروع قانون الانتخاب الجديد في تونس؟

سيختار الناخبون مرشحيهم على أساس فردي بدلاً من قائمة حزبية واحدة

ينص القانون الانتخابي على أن عدد النواب سيكون 161 عوضاً عن 217 (موقع مجلس النواب)

بعد طول انتظار، وقبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات التشريعية في تونس، صدر المرسوم عدد 55 لعام 2022 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي الخاص بالانتخابات والاستفتاء، وتضمن المشروع تغييرات جذرية على الدوائر الانتخابية وطريقة الاقتراع.

وأكد الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد التليلي المنصري، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن مشروع القانون الجديد ينص على "نظام الاقتراع على الأفراد في دورتين، الذي سيعتمد للمرة الأولى في تونس، بحيث إذا لم يحصل المرشح على 50 في المئة زائد واحد في الدورة الأولى تجرى دورة ثانية".

كما ينص مشروع القانون على تقسيم الدوائر الانتخابية إلى 251 دائرة في الداخل باعتماد عدد المعتمديات مع دمج بعضها بحسب عدد السكان، و10 دوائر في الخارج.

كما اشترط المشروع  إلزامية بطاقة السوابق العدلية والتزكيات للترشح لعضوية مجلس النواب.

وأكد المنصري عدم وجود تزامن بين الانتخابات التشريعية وانتخابات المجالس الجهوية التي ستكون في ما بعد مجلس الأقاليم والجهات،  نظراً لوجود صعوبات لوجيستية وقانونية عدة، مضيفاً أنه "لا وجود لأي إقصاء لأي جهة سياسية والمشاركة مفتوحة للجميع شرط نقاوة السوابق العدلية".

وكشف المتحدث أن هيئة الانتخابات رفعت مقترحاتها إثر صدور هذا المرسوم إلى رئاسة الجمهورية بخصوص بعض نقاطه، مشيراً في هذا السياق إلى أن "الاختلاف الوحيد بين مضمون المرسوم الصادر وما اقترحته الهيئةهو عدد التزكيات، فقد اقترحت الهيئة 200 تزكية فقط، بينما تضمن المرسوم 400 تزكية (200 نساء و200 رجال)".

وأكد المنصري "استعداد هيئة الانتخابات على جميع المستويات للانتخابات التشريعية السابقة لأوانها في ظرف استثنائي، ولا خيار أمام الهيئة سوى تطبيق الرزنامة الانتخابية".

كلفة إضافية

وفي قراءة لتنقيحات القانون الانتخابي، اعتبر رئيس الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات (عتيد)، بسام معطر في تصريح خاص، أن "تخفيض عدد أعضاء البرلمان من 217 إلى 161 نائباً، أمر جيد"، مضيفاً أن "شروط الترشح التي نص عليها التنقيح، بخاصة المتعلقة بنظافة السجل العدلي، كانت من المطالب التي أكد عليها المجتمع المدني، واصفاً إياها بالنقطة المضيئة"، مستدركاً بالقول "إن التنقيح اختيار فردي من رئيس الجمهورية من دون تشاور مع مكونات المجتمع المدني".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبخصوص نظام الاقتراع على الأفراد، لاحظ معطر أنه "سيكرس مزيداً من التشتت في مجلس النواب"، متسائلاً إن كان نظام الاقتراع على الأفراد "سيجعل الناخبين يختارون حسب البرامج أو الأشخاص؟".

وأضاف أن "الاقتراع على الأفراد له بعد سياسي، ويدخل ضمن قناعات رئيس الجمهورية، قيس سعيد، من أجل  تقليص دور الأحزاب السياسية"، متابعاً أن اعتماد نظام اقتراع بالأغلبية على دورتين "ستكون له كلفة مادية إضافية ومشقة على الناخب الذي سيتنقل إلى مكاتب الاقتراع مرتين خلال أسبوعين، نظراً لأن الاقتراع في الدورة الثانية سيكون بالآليات والتحضيرات نفسها".

وحذر معطر من أن "اعتماد هذا النظام قد يعمق حال العزوف على المشاركة السياسية، ويقصي المرأة والشباب، وسيكرس وجود جهات نافذة وقوية في البرلمان المقبل".

وحول سحب الوكالة أضاف أنها "آلية معتمدة في عديد من الدول العريقة في الديمقراطية إلا أنها في تونس قد تصبح عصا غليظة ضد كل نائب يخالف هوى السلطة".

كما انتقد رئيس "جمعية عتيد" تقسيم الدوائر الانتخابية، موضحاً أن "الأسباب الكامنة وراء هذا التقسيم غير معلومة".

برلمان صوري

سياسياً، تباينت المواقف من التنقيحات على القانون الانتخابي بحسب المواقف من المسار الذي بدأه قيس سعيد منذ الـ 25 من يوليو (تموز) 2022، والذي رفضته الأحزاب المعارضة لهذا المسار، بينما رحبت به الأحزاب المساندة لرئيس الجمهورية.

ووصف أمين عام حزب التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، القانون الانتخابي الجديد بأنه "من أتعس القوانين الانتخابية التي يسعى من خلالها رئيس الدولة إلى إرساء برلمان صوري في نظام حكمه الفردي الذي يعمل على فرضه على الشعب التونسي".

وذكر الشواشي في تصريحات صحافية، بموقفهم في تنسيقية الأحزاب الديمقراطية بمقاطعة الانتخابات التشريعية المقبلة لرفضهم للمسار برمته لاعتباره غير شرعي وغير دستوري".

الفاسدون لن يتسللوا إلى البرلمان 

وفي المقابل، اعتبر أمين عام حزب التيار الشعبي، زهير حمدي، أن "مشروع القانون الانتخابي الجديد مقبول في عمومه، لأن نظام الاقتراع على الأفراد في دورتين سيمكن أوسع قاعدة شعبية ممكنة من الوصول إلى مراكز القرار،  وسيفرز كتلاً برلمانية قادرة على الحكم وأخرى على المعارضة"، مشيراً إلى أنه من إيجابيات القانون وجود "شروط صارمة للترشح من خلال اشتراط نقاوة السوابق العدلية وتسوية الوضعية الجبائية، وهو ما يحول دون تسلل الفاسدين والمشبوهين إلى البرلمان".

وكان الرئيس الجمهورية التونسي أكد في اجتماع مجلس الوزراء أن "القانون الانتخابي لا يقل أهمية عن الدستور، وإن كان دونه مرتبة قانونية"، مضيفاً أن "الغاية من هذه الاختيارات التي تم وضعها بعد الاطلاع على عديد التجارب، وما عاشته تونس في السابق، هي تحميل المسؤولية المباشرة للنواب، لأن النائب في المجلس النيابي أو التشريعي سابقاً كان لا يستمد وجوده من إرادة ناخبيه بل من تزكيته من قبل الهيئة المركزية من الحزب الذي ينتمي إليه في حين يجب أن يكون النائب مسؤولاً أمام ناخبيه، لذلك تم التنصيص في الدستور ومشروع المرسوم على إمكان سحب الثقة بطرق محددة".

وأشار إلى أن "الاقتراع على الأفراد ليس فيه إقصاء لأحد كما يدعي المدعون، وهو أمر موجود و معمول به في دول عدة"، مضيفاً أنه لن يكون هناك إقصاء لأي كان إذا توفرت فيه الشروط الموضوعية التي ينص عليها القانون الانتخابي".

تدشن تونس بعد انتخاب برلمان جديد في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مرحلة سياسية جديدة بفاعلين سياسيين جدد وفق ما يقتضيه القانون الانتخابي الجديد، فهل ستحافظ الأحزاب السياسية على مكانتها في هذا المشهد السياسي الجديد؟

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير