Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتخابات الكويت البرلمانية: احتقان مستمر بين النواب والحكومة

مجلس الـ 2020 وصل إلى طريق مغلق لانعدام التعاون ورُفع شعار رحيل الرئيسين (رئيس مجلس الأمة ورئيس مجلس الوزراء)

المتابع للمشهد السياسي الكويتي يجد حال الاحتقان المستمرة داخل قبة "عبدالله السالم" بين النواب والحكومة (رويترز)

تعيش الكويت هذه الأيام ظروفاً استثنائية وتترقب موعد الانتخابات البرلمانية في 29 سبتمبر (أيلول) الجاري بعد تجربة نيابية امتدت نحو 60 عاماً، وهي المرة الـ 19 التي يتجه فيها الناخبون إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يمثلهم في التشريع والرقابة على عمل الحكومة وطرح أو تجديد الثقة بأعضائها بعد تقديم الاستجواب.

حال الاحتقان

والمتابع للمشهد السياسي الكويتي يجد حال الاحتقان المستمرة داخل قبة "عبدالله السالم" بين النواب والحكومة، وما يتخللها من استجوابات عصف بعضها بأعمال المجلس ما أرجأ مناقشات بقية الملفات العالقة حتى معرفة مصير هذه الاستجوابات.

ومجلس الـ 2020 الأخير وصل إلى طريق مغلق لانعدام التعاون بين النواب والوزراء، ورُفع شعار رحيل الرئيسين (رئيس مجلس الأمة ورئيس مجلس الوزراء). وبعد تعطل الجلسات على مدى أشهر بسبب جلوس النواب المحتجين على كراسي الوزراء، كما ارتفعت وتيرة الاستجوابات لا سيّما بحق الوزارات السيادية (وزير الدفاع السابق الشيخ حمد الجابر الصباح، ووزير الخارجية الحالي الشيخ أحمد الناصر الصباح، وآخرها استجواب بحق رئيس الوزراء السابق الشيخ صباح الخالد الصباح)، وتأجيل الاستجوابات باستمرار، ومن ثم اعتصام نواب داخل مكاتبهم في مبنى مجلس الأمة في يونيو (حزيران) الماضي لمدة تجاوزت 10 أيام رافعين شعار "الدفاع عن الدستور" بعد انتهاكه وعدم الاحتكام لنصوصه بحسب ما قال النواب المعتصمون، ليأتي بعدها تدخل القيادة السياسية الكويتية عبر خطاب سامٍ تم على إثره حل المجلس والدعوة لإجراء الانتخابات.

وستشهد هذه الانتخابات عودة المقاطعين احتجاجاً على مرسوم الصوت الواحد عام 2012 الذي غير النظام الانتخابي من أربعة أصوات إلى صوت واحد "لمعالجة عيوب العملية الانتخابية والقضاء على مظاهر الطائفية والقبلية"، مثلما جاء في المذكرة الايضاحية للمرسوم.

أولى دعوات المقاطعة

ومنذ ذلك الوقت، انطلقت أولى دعوات المقاطعة من قبل "كتلة الغالبية النيابية"، ومن قبل شخصيات سياسية لعدم المشاركة في انتخابات ديسمبر (كانون الأول) 2012، وهو ما تمّ فعلاً حيث كانت المشاركة في هذه الانتخابات فقط 40‎ في المئة. وجاء قرار المحكمة الدستورية بحكمها التاريخي بعدم دستورية مرسوم إنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات ما يعني إبطال هذا المجلس مع الإبقاء على نظام الصوت الواحد.

واستمر بعدها جدل حول جدوى عدم المشاركة في الانتخابات بين أوساط المقاطعين، وكان من بينهم رئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون صاحب التصريح الشهير "المقاطعة أوجب وبحاجة لنفس طويل".

ولكن في انتخابات يوليو (تموز) 2013 عاد كثيرون من أنصار "مقاطعون"، ونادوا بالتصويت لهم حاملين معهم "مفاتيح الفرج"، وحتى لا يتركوا الفرصة لنواب آخرين يختلفون معهم في الرؤية والأجندة السياسية بمن فيهم المستقلون والمقربون من الحكومة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما أنصار "مشاركون" فرددوا ما قاله السياسي المخضرم الراحل الدكتور أحمد الخطيب "المقاطعة لن تجدي نفعاً، ولا بد من إدخال ممثلين لنا ليكون لنا صوت وقدرة على التدخل ولو كان محدوداً. من خلال التمثيل البسيط في المجلس يمكن تجنيد الرأي العام في القضايا المستحقة".

وحول الإقبال على الانتخابات الحالية ومدى التفاؤل الشعبي، أكد الأكاديمي والباحث السياسي عايد المناع أن هناك اقبالاً شعبياً لهذه الانتخابات من حيث عدد المرشحين وكذلك الناخبين، ما يمثل حال ارتياح كبير خلاف ما كان عليه الوضع في الانتخابات السابقة عام 2020 حيث كانت الساحة السياسية وقتها تشهد احتقاناً سياسياً لوجود مهجرين ومحكومين بقضايا رأي.

التدخل السامي

وأشار المناع إلى خطاب الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الذي ألقاه ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد في 22 يونيو (حزيران)، وأكد الالتزام الحرفي بالدستور وأنه لن يطرأ عليه أي تغيير مع حلّ مجلس الأمة وفقاً للصلاحيات الدستورية المنصوص عليها بالماده 107 "للأمير أن يحلّ مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، وإجراء الانتخابات في موعد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل". ودعا الخطاب السامي الناخبين إلى ضرورة حسن الاختيار على أسس وطنية وليست قبلية أو طائفية أو فئوية، لتكون كأمانة تاريخية للناخبين الكويتيين حملها لهم الخطاب السامي.

حكومة مؤهلة

وتوقع المناع وصول نواب يعكسون الإرادة الشعبية، "لكن في الوقت ذاته، مطلوب، على الجانب الآخر، تواجد حكومة مؤهلة للمرحلة المقبلة تضع في الاعتبار عينه مصلحة البلاد وإنهاء ظواهر الفساد في مواقع بعد صدور أحكام قضائية ضد متهمين بالفساد، وإلى حاجة البلاد للتنمية والتطوير، وتنويع مصادر الدخل غير إيرادات النفط في ظل أوضاع إقليمية غير مريحة أمنياً"، وطالب بالاهتمام بالحريات الإعلامية لوجود شعور بأن المساحة الإعلامية في الكويت تقلّصت نتيجة إصدار قوانين سابقة متشددة، والمشكلة لا تزال تراوح في مكانها والمتمثلة في قضية البدون لإيجاد حلول تعطي كل ذي حق حقه. وخارجياً، أكد المناع أهمية تعزيز العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وفي الوقت نفسه احترام خصوصيات هذه الدول وعدم التدخل في أوضاعها السياسية الداخلية.

وأبدى تفاؤله في أن تأتي حكومة ببرنامج واضح كما نصت المادة 98 من الدستور "تتقدم كل وزارة فور تشكيلها ببرنامجها إلى مجلس الأمة، وللمجلس أن يبدي ما يراه من ملاحظات بصدد هذا البرنامج"، والأمل في تعاون السلطتين التنفيذية والتشريعية وألا يتنازل أي منهما عن صلاحيته الدستورية للآخر. كما نصت المادة 50 من الدستور على مبدأ الفصل بين السلطات، وقدوم نواب يستحقون تمثيل الشعب الكويتي لا التمثيل عليه بحسب وصف المناع.

عهد جديد

وقال الباحث السياسي والكاتب صالح السعيدي، "هي أول انتخابات في ظل العهد الجديد من ناحية ظروفها وإجراءاتها، فالانتخابات السابقة كانت بعد شهرين فقط من هذا العهد، والآن الخريطة السياسية تتغير"، وتحدث عن التغير السياسي الكبير واختلاف هذه الانتخابات بعد ابتعاد عدد من النواب السابقين، وعزوف رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم عن الترشح وهو الذي كان رئيساً لمجلس الأمة تسع سنوات، وكذلك بعد مشاركة كل القوى السياسية في هذه الانتخابات ككتلة العمل الشعبي "حشد" بمرشحين صريحين، وكتلة المنبر الديمقراطي.

نقاط على الحروف

والأمر الآخر في هذه الانتخابات، كما بيّن السعيدي، هو خطاب ولي العهد الذي ألقاه بالنيابة عن أمير البلاد الذي وضع كثيراً من النقاط على الحروف وقدم تعهدات صريحة ومباشرة لرعاية العملية الانتخابية حتى تكون انتخابات نزيهة وشفافة، وأزال كل الالتباسات التي كانت تُحيط بالانتخابات سابقاً، مثل مسألة نقل الأصوات لمناطق سكنية أخرى مخالفة لمقر السكن الانتخابي، ما يعني أن أمير البلاد قدم للمعارضة أحد المطالب القديمة التي كانت تطالب بها وهي أن تتم صيانة عملية السجل الانتخابي بشكل نزية، وتعهد كذلك بحياد الحكومة في انتخاب اللجان والرئاسة والمناصب العليا في مجلس الأمة.

الحياد الكامل

وهي المرة الأولى، كما يرى السعيدي، التي تعلن فيها الحكومة عن تعهدها (بالحياد الكامل) لتضع الكرة في مرمى النواب، ما أربك المشهد السياسي الحالي، فالحكومة حققت كل مطالب القوى السياسية التي كانت تطالب بها، وهذه القوى مع المعارضة أمام اختبار وتحدّ في نوعية الخطاب السياسي الذي سترفعه في المرحلة المقبلة بعدما سبقتها الحكومة في خطوات إصلاحية سواء من ناحية الإدارة أو من ناحية مكافحة الفساد.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي