Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مبادرة أوروبية تضع العراق على سكة التحول نحو الطاقة المتجددة

تعميق التعاون المالي والمصرفي بعد تبديد القيود على التحويلات المالية ما ينعكس إيجاباً على الأعمال التجارية وغيرها

تشجيع على اعتماد أدوات إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة في العراق (أ ف ب)

أبدى السفير الأوروبي في العراق فيلا فاريولا، رغبته في تعزيز العلاقات العراقية ـ الأوروبية في المجالات الاقتصادية، لافتاً إلى رغبة عدد من المصارف الأوروبية الكبيرة في تمويل المشاريع الاستثمارية، لا سيما في مجال الطاقة المتجددة.

وأشاد باحثون اقتصاديون عراقيون بتلك الخطوة، معتبرين أن البيئة المالية العراقية بعد تنامي احتياطات الذهب والعملات الأجنبية التي تحقق الاستقرار المالي، جاهزة لدعم اعتماد الطاقة المتجددة على نطاق واسع، مشيرين إلى أن الطرق أصبحت ممهدة أمام تعميق التعاون المالي والمصرفي والاستثماري بين العراق والاتحاد الأوروبي، وذلك بعد زوال القيود على التحويلات المالية، ما سينعكس بشكل إيجابي على الأعمال التجارية والمشاريع الاستثمارية وتحويلات المستثمرين.

وكان محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف استقبل سفير الاتحاد الأوروبي في العراق، وجرى خلال اللقاء الذي حضره مدير عام مركز الدراسات المصرفية في البنك المركزي العراقي بحث العلاقات الاقتصادية والمصرفية الثنائية لا سيما في مجال التدريب.

وأكد محافظ البنك المركزي العراقي وجود علاقات جيدة مع دول الاتحاد الأوروبي، وقال "نحن نسعى إلى تطويرها"، وأشار إلى تنامي احتياطات البنك المركزي العراقي من الذهب والعملات الأجنبية خلال السنتين الأخيرتين، وأثرها الإيجابي في تحقيق الاستقرار المالي في العراق.

وعرض مخيف رغبته في تعزيز التعاون بتدريب العاملين في القطاع المصرفي العراقي والاستفادة من الخبرات في المؤسسات المصرفية الأوروبية.

من جانبه، أشاد سفير الاتحاد الأوروبي بجهود البنك المركزي في إخراج العراق من القائمة الأوروبية للدول عالية المخاطر، مبيناً رغبته في تعزيز العلاقات العراقية ـ الأوروبية في المجالات الاقتصادية.

ولفت السفير الأوروبي إلى رغبة عدد من المصارف الأوروبية الكبيرة في تمويل المشاريع الاستثمارية، لا سيما في مجال الطاقة المتجددة بالنظر إلى ما يملكه العراق من فرص في هذا الجانب، مثمناً موقف البنك المركزي العراقي واستقلاليته تجاه الأزمة السياسية، ومنوهاً إلى حكمة الإدارة ومهنيتها العالية.

فرص واعدة

وأشار الباحث الاقتصادي صالح لفتة إلى أن كل دول العالم تسعى أو ترغب في دخول السوق العراقية المليئة بالفرص الواعدة في شتى المجالات، والعراق بحاجة لكل تعاون من أي دولة لتطوير الاقتصاد والاستفادة من قدرات البلاد مثل ملف الطاقة وسعي الدول إلى التحول نحو الطاقة المتجددة للحصول على مصادر طاقة نظيفة تسهم في تقليل التلوث، وما تمتلكة منطقة الشرق الأوسط من هبات طبيعية تسهم في تطوير مصادر الطاقة المتجددة للتخفيف من الاعتماد على مصادر الطاقة الأحفورية الحالية، إضافة إلى موقعه الاستراتيجي ووفرة الأيدي العاملة وامتلاكه ما تحتاجه صناعة الطاقة النظيفة في الدول التي يمكنها الحصول على موقع متميز على خريطة الدول المنتجة والمصدرة للطاقة النظيفة.

ونوه صالح إلى أن القطاع المصرفي العراقي يعاني من قلة الخبرة بعد أن عانى من عقوبات طيلة عقود، ومن صغر حجم رؤوس الأموال قياساً بالمصارف الأوروبية، وهو يحتاج لخبرات عالمية لإصلاحه والإسهام في تحريك الاقتصاد العراقي، والتنمية وتوفير خدمات مصرفية واستثمارية متنوعة بتقنيات متطورة، والدول الأوروبية بحسب صالح، هي "خير من يمتلك ما نحتاجه في هذا المجال، وتبقى الرغبات غير كافية إذ نحتاج إلى عمل حقيقي يعكس تلك الرغبات على أرض الواقع ويحولها إلى مشاريع تدر الأموال وتولد فرص العمل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المصادر المتجددة

في المقابل، قال أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي إنه تماشياً مع الالتزامات الدولية نحو خفض الانبعاث الحراري واتفاقية باريس للمناخ وخفض استخدامات الوقود، فقد أصدر البنك المركزي العراقي بتاريخ 3/1/2022 ضوابط تمويل منظومات توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، من خلال التوجه بالعمل إلى تشجيع اعتماد أدوات إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة، والعمل مع اللجنة العليا للإقراض لضمان تجهيز نسبة من الطاقة الكهربائية المتولدة من مصادر الطاقة المتجددة (الألواح الشمسية) في المجمعات السكنية الاستثمارية المستفيدة من المبادرة.

 هذا القرار دفع بأن تبدي دول الاتحاد الأوروبي رغبتها في تعزيز العلاقات الاقتصادية والمصرفية مع العراق، لا سيما وأن أوروبا هي الداعم الأساس لاتفاقية باريس.

ورأى سفير الاتحاد الأوروبي فيلا فاريولا، أن المبادرة إيجابية جداً ويجب العمل عليها بشكل جدي، خصوصاً وأن العراق يعاني اليوم من نقص كبير في توفير الطاقة الكهربائية التي ألقت بظلالها على القطاعات الاقتصادية كافة في البلد مثل الصناعة والزراعة، وأدت إلى شلها، وعلى الرغم من البيئة الملائمة في العراق لتوليد الطاقات المتجددة واستخدامها، إلا أنها لا تزال غير مستغلة إلى حد كبير، حيث يمثل توليد الطاقة المتجددة فقط 0,85 في المئة في مزيج الكهرباء.

ولفت السعدي إلى أنه أصبح تخفيض تكلفة توليد الطاقة واستهلاكها في العراق مسألة ضرورية لكل من الأسر والشركات، وتشكل تكلفة إمدادات الطاقة في الوقت الحالي عبئاً كبيراً على المؤسسات العراقية التي تعتمد إلى حد كبير على المولدات الخاصة كمصدر للكهرباء، وتمثل تكلفة الطاقة ما يصل إلى 30 في المئة من الإنفاق السنوي للمؤسسات العراقية.

ومع ذلك، هناك عديد من العقبات من جانب الطلب والعرض، إضافة إلى عدم الثقة بين الجانبين، ما يعرقل مثل هذا التبني على نطاق واسع، بحسب السعدي، الذي أشار إلى أنه يرجع الطلب المتدني إلى الوعي المحدود حول حلول الطاقة المتجددة ومزاياها الاقتصادية، إضافة إلى ضعف القدرة الاستثمارية.

 من ناحية أخرى، يعود ضعف العرض إلى الوجود المحدود لنماذج التمويل البديلة، مثل تلك التي تعتمد على شركات خدمات الطاقة، ويضيف نه في هذا السيناريو المعقد يحتاج القطاع إلى التقوية وتعزيز البيئة الداعمة، إضافة إلى النقطة الأساسية لجهة بناء الثقة بين القطاع الخاص (المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم).

وطالب السعدي بضرورة أن يتم التنسيق الآن مع الاتحاد الأوروبي بدعم اعتماد الطاقات المتجددة في العراق، كبديل لمصادر الطاقة التقليدية والمكلفة والملوثة، من خلال الأنشطة الموجهة نحو تجريب التكنولوجيات المبتكرة، ودعم التوجه إلى تمويل الطاقة المستدامة المتاحة، وتهيئة بيئة مؤسساتية داعمة لشركات خدمات الطاقة، وتابع "لكن ما نحتاجه أيضاً من هذه المبادرة الأوروبية، هو تعزيز التعاون في مجال التدريب للعاملين في القطاع المصرفي العراقي".

طرق ممهدة

إلى ذلك، كشف الباحث الاقتصادي بسام رعد أنه بعد خروج العراق   بشكل رسمي من قائمة الدول الخاضعة لعملية الرصد والمتابعة من قبل مجموعة العمل المالي الدولي، أصبحت الطرق ممهدة أمام تعميق التعاون،  ما سيسهل حصول العراق على قروض من مؤسسات أوروبية مانحة   بشروط ميسرة.

كما أن التغيرات المناخية التي يمر بها العالم، تستلزم تعاوناً دولياً من أجل  مكافحة هذه التغيرات، وبحكم  انضمام  العراق إلى اتفاقية باريس لمكافحة  المناخ عام  2015. وبما أن العراق خامس أكثر الدول المتضررة عالمياً من أزمة المناخ فعليه خفض نسبة الكاربون، وذلك من خلال إنشاء مشاريع تعنى بالطاقة المتجددة، وهو بذلك يمثل سوقاً واعدة بالنسبة إلى الشركات الأوروبية العاملة في هذا المجال، إذ سبق للعراق أن وقع عقد  اتفاق مبدئي مع شركة "توتال" الفرنسية، لإنشاء محطة توليد للطاقة الكهربائية تعتمد على الطاقة الشمسية بقدرة إنتاج إجمالية تصل إلى ألف ميغاواط، وفقاً للباحث الاقتصادي.