Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوروبا تواجه ارتفاع كلفة المعيشة وسط اشتعال الاحتجاجات

تظاهرات في فرنسا وألمانيا والتشيك ومطالبات بتحسين الأوضاع ووقف دعم أوكرانيا

الاحتجاجات والتظاهرات تعود إلى فرنسا بسبب غلاء الأسعار وتطالب ماكرون بإصلاحات اقتصادية  (أ ف ب)

ألقت الشرطة الفرنسية القبض على أكثر من 100 متظاهر من جماعة "السترات الصفراء" في العاصمة باريس مع عودة الاحتجاجات والتظاهرات بفرنسا بسبب غلاء الأسعار والمطالبة بإصلاحات اقتصادية لحكومة الرئيس إيمانويل ماكرون.

وسارعت شرطة مكافحة الشغب خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى تفريق تظاهرات عفوية شارك فيها المئات في ساحة الجمهورية وقرب الشانزلزيه، واعتبرت السلطات الفرنسية التظاهرات التي لم يعلن عنها مسبقاً "غير قانونية".

وكان المئات قد تجمعوا في تلك الاحتجاجات استجابة لدعوات على مواقع التواصل تدعو إلى "احتلال شوارع باريس" وبهدف جعل هذا الشهر "أيلول الأسود" وذلك "ثورة على الذين يحكموننا".

وشهدت مدن تولوز وليون وغيرها من المدن الفرنسية احتجاجات ممثالة. واحتجزت الشرطة بعض المحتجين وفرضت غرامات على آخرين بتهمة "التجمع بهدف ممارسة العنف والإضرار بالممتلكات".

وعلى رغم أن حجم التظاهرات والاحتجاجات لم يكن كبيراً جداً فإنها زادت من قلق السلطات الفرنسية من احتمالات عودة الاحتجاجات الواسعة والعنيفة التي اندلعت عام 2018 اعتراضاً على فرض الحكومة الفرنسية رسوماً إضافية على الديزل والبنزين وتحولت إلى أعمال عنف واسعة في البلاد.

ونقلت صحيفة "ميدي ليبر" الفرنسية عن أحد وزراء الحكومة قوله "علينا أن نكون أشد حذراً، بخاصة فيما يتعلق بأصحاب الدخول المتدنية الذين لا يحصلون على أي إعانات. هؤلاء هم من قد يبدأون إشعال الحريق (الاجتماعي)".

توترات على رغم الدعم

وتأتي الاحتجاجات في فرنسا على رغم اتخاذ حكومة الرئيس ماكرون عدة إجراءات لتخفيف أعباء ارتفاع كلفة المعيشة على الفرنسيين في ظل ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء التي تفاقمت مع الحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا. وأنفقت الحكومة بالفعل عدة مليارات في شكل حزم دعم للمواطنين إما في شكل دعم نقدي مباشر واما عبر الدعم غير المباشر. وشملت حزم الدعم دفع الحكومة إعانات الدولة مباشرة للأسر منخفضة الدخل، وتجميد أسعار الغاز للمستهلكين وتحديد سقف لارتفاع أسعار الكهرباء عن نسبة أربعة في المئة فقط ها العام. كما أقرت الحكومة دعماً استهدف خفض سعر ليتر الوقود في محطات البنزين بمعدل 30 سنتاً من سعر البيع للمستهلك، كما ضغطت الحكومة على شركة النفط والغاز الوطنية "توتال إنرجي" لتخفض سعر ليتر الوقود للمستهلك بنحو 20 سنتاً أخرى هذا الشهر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إلا أن قطاعات واسعة من الشعب الفرنسي ترى أن تلك الإجراءات غير كافية لمساعدة الأسر على مواجهة ارتفاع كلفة المعيشة. ودعت أغلب نقابات العمال إلى إضرابات واحتجاجات للمطالبة بزيادة الأجور كي يستطيع أعضاؤها تحمل ارتفاع الأسعار.

وفيما يقلل بعض المعلقين في الصحف الفرنسية من خطر الاحتجاجات والتظاهرات يرى آخرون أن الحكومة الفرنسية ربما تواجه اضطرابات أوسع، بخاصة مع خططها الرامية إلى التقشف وتقنين استهلاك الطاقة وأيضاً إصلاح نظام معاشات التقاعد بما يقلل من ميزات ما يحصل عليه المتقاعدون.

احتجاجات ألمانيا

وقبل أسبوع اندلعت احتجاجات وتظاهرات في ألمانيا تطالب الحكومة بالعمل على الحد من ارتفاع معدلات التضخم وغلاء أسعار الطاقة للمستهلكين. واشترك آلاف من أعضاء الجماعات المناهضة للحرب والاتحادات الطلابية في احتجاجات في أنحاء مختلفة من ألمانيا أنذرت باتساع رقعة الاضطرابات الاجتماعية بسبب ارتفاع كلفة المعيشة.

وتعد ألمانيا الأكثر تضرراً من العقوبات المفروضة على روسيا التي تتضمن إنهاء اعتماد أوروبا على واردات الغاز الطبيعي والنفط من روسيا كما أنها تأثرت أكثر من غيرها بوقف روسيا إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب الرئيس "نورد ستريم 1".

كانت الشرطة الألمانية استخدمت الهراوات وغيرها لتفريق المتظاهرين في مدينة كاسل الألمانية مطلع هذا الشهر بعد أن قام المحتجون بغلق الطريق المؤدي إلى واحد من أكبر مصانع السلاح في المدينة مطالبين بوقف إنتاج الأسلحة ووقف الدعم لأوكرانيا في الحرب.

وتعد ألمانيا خامس أكبر دولة مصدرة للسلاح في العالم وزاد حجم صناعة السلاح الأملانية ليصل العام الماضي إلى ما يقارب 10 مليار دولار (9.35 مليار يورو). وبعد تردد في بداية الحرب بدأت في الآونة الأخيرة زيادة الدعم العسكري للقوات الأوكرانية في الحرب الدائرة هناك منذ نهاية فبراير (شباط) هذا العام.

احتجاجات التشيك وإيطاليا وبولندا

لم تقتصر الاحتجاجات والتظاهرات على فرنسا وألمانيا أكبر اقتصادين في أوروبا، بل كانت أوسع وأشد في بلد مثل جمهورية التشيك التي شهدت الأسبوع الماضي أيضاً خروج عشرات الآلاف في العاصمة براغ احتجاجاً على غلاء المعيشة وللمطالبة بوقف دعم أوكرانيا.

واحتشد ما بين 70 و100 ألف من التشيك في ميدان "وينسيسلاوس" وسط العاصمة براغ بعد يوم واحد من إفلات الحكومة التشيكية من تصويت بسحب الثقة في البرلمان. وكانت المعارضة قد دعت إلى التصويت متهمة الحكومة بالتراخي في اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار الطاقة.

وشارك في تظاهرات الأسبوع الماضي طيف واسع من أنصار تيارات سياسية مختلفة تمتد من أقصى اليمين إلى الحزب الشيوعي التشيكي. ورفع المتظاهرون شعارات منددة بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) وكذلك شعارات مطالبة بوقف دعم أوكرانيا وضرورة الحوار مع موردي الطاقة بما في ذلك روسيا.

وفي إيطاليا دعا عدد من النقابات واتحادات العاملين إلى إضرابات في البلاد احتجاجاً على ارتفاع كلفة المعيشة وغلاء أسعار الطاقة والغذاء. وفي نابولي مزق المتظاهرون والمحتجون فواتير الاستهلاك المنزلي المرتفعة احتجاجاً رافضين الدفع لشركات التوزيع. وفي المجر تظاهر آلاف في شوارع العاصمة بودابست الأسبوع الماضي أيضاً تضامناً مع إضراب المدرسين المطالبين بزيادة الأجور لمواجهة ارتفاع كلفة المعيشة. وتواجه بولندا أيضاً لسلسلة من الإضرابات والاحتجاجات أهمها إضراب المدرسين، بخاصة بعد أن ارتفعت معدلات التضخم في بولندا إلى نسبة 16 في المئة بسبب الزيادة في أسعار الطاقة والغذاء.

مزيد من الاضطرابات

ومع استمرار الحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا تتحسب الحكومات الأوروبية لمزيد من الاضطرابات والتظاهرات والاحتجاجات في الفترة القادمة. وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "يو غف" في كل من فرنسا وألمانيا وبولندا وبريطانيا أن استمرار ارتفاع معدلات التضخم وزيادة أسعار الطاقة الغذاء ستؤدي إلى مزيد من الاضطرابات الاجتماعية في الفترة القادمة. ففي فرنسا رد من شملهم الاستطلاع بنسبة 40 في المئة يتوقعون اضطرابات اجتماعية وعودة الاحتجاجات الواسعة لـ"السترات الصفراء". وتوقعت أغلبية كبيرة ممن شملهم الاستطلاع في ألمانيا وبولندا أن يضطروا لخفض استهلاكهم من الغذاء لمواجهة ارتفاع كلفة المعيشة. كما أظهرت نتائج الاستطلاع تدني ثقة معظم الدول الأربع في حكوماتهم وقدرتها على مواجهة الأزمة. ففي بريطانيا كانت نسبة ثقة المستطلعة آراؤهم في قدرة حزب العمال المعارض على مواجهة أزمة كلفة أعلى من نسبة ثقتهم في حزب المحافظين الحاكم بنسبة 20 في المئة. أما في فرنسا فحاز اليمين المتطرف النسبة الأكبر من الثقة في القدرة على مواجهة الأزمة.