Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العالم يحترق- دقت ساعة ثورة الطاقة المتجددة

إن الطريق الصحيح الوحيد لضمان أمن الطاقة وثبات أسعار الطاقة والازدهار والعيش على كوكب قابل للحياة يكمن في التخلي عن الوقود الأحفوري الملوث وتسريع الانتقال إلى استخدام الطاقة الناتجة عن مصادر متجددة

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (الثاني إلى يسار الصورة) يرحب بالرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوسا قبيل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة حول المحيط في لشبونة (رويترز)

لطالما لام العالم نيرون لأنه كان يعزف على قيثارته فيما كانت ألسنة النار تلتهم روما، لكن ما يفعله قادة اليوم هو أسوأ بعد. فهم يصبون الزيت على النار. حرفياً، فيما تمتد تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا إلى العالم أجمع، استجابت بعض البلدان لأزمة الطاقة المتفاقمة عبر مضاعفة استخدام الوقود الأحفوري- عن طريق إنفاق مليارات الدولارات الإضافية على الفحم الحجري والنفط والغاز، أي الأمور التي تفاقم أزمتنا المناخية الطارئة.

وفي هذه الأثناء، تستمر جميع المؤشرات المناخية بتحطيم الأرقام القياسية مما ينذر بمستقبل مليء بالعواصف الضارية والفيضانات وموجات الجفاف وحرائق البراري ودرجات الحرارة التي لا يمكن للحياة أن تستمر في ظلها، في مناطق شاسعة من الكوكب. يقف عالمنا في مواجهة فوضى مناخية. أما توفير التمويل الجديد للتنقيب عن الوقود الأحفوري وإنشاء البنى التحتية لإنتاجه، فهو غير مصيب [في غير محله]. إن الوقود الأحفوري ليس الحل، ولن يكون الحل أبداً. يمكننا أن نرى بأم العين الضرر الذي نلحقه بالكوكب وبمجتمعاتنا. فهو في نشرات الأخبار كل يوم ولا أحد محصن تجاهه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن سبب أزمة المناخ هو الوقود الأحفوري، فيما الطاقة المتجددة هي الحل لها- عبر الحد من اختلالات المناخ وتعزيز أمن الطاقة. لو كنا استثمرنا في وقت سابق، بشكل ضخم، في مصادر الطاقة المتجددة، لما وجدنا أنفسنا اليوم مرة جديدة تحت رحمة تقلبات أسواق الوقود الأحفوري.

تعتبر مصادر الطاقة المتجددة في مصاف خطة السلام للقرن الحادي والعشرين، لكن المعركة من أجل تأمين فترة انتقالية سريعة وعادلة بين مصادر الطاقة لا تخاض على قدم المساواة بين الجميع. فما زال المستثمرون يدعمون الوقود الأحفوري وما زالت الحكومات تقدم دعماً بقيمة مليارات للفحم الحجري والنفط والغاز- ما يعادل 11 مليون دولار كل دقيقة تقريباً.

هناك مصطلح يصف تفضيل الراحة على المدى القصير على السلامة والعافية على المدى البعيد، وهو: الإدمان. لا نزال مدمنين على الوقود الأحفوري، لكن من أجل صحة مجتمعاتنا وكوكبنا، علينا التوقف. وحالاً. فالسبيل الوحيد نحو تحقيق أمن الطاقة وتثبيت أسعار الطاقة والازدهار والعيش على كوكب قابل للحياة يكمن في التخلي عن الوقود الأحفوري الملوث وتسريع الانتقال نحو الطاقة القائمة على مصادر متجددة.

ولهذه الغاية، دعوت حكومات الدول العشرين إلى تفكيك البنى التحتية للفحم الحجري، بحيث تختفي كلياً من دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بحلول عام 2030 ومن جميع الدول الأخرى بحلول عام 2040. وناشدت الجهات المالية الفاعلة أن تتخلى عن تمويل الوقود الأحفوري وأن تستثمر في الطاقة المتجددة، وطرحت خطة من خمس نقاط لتعزيز الطاقة المتجددة حول العالم.

أولاً، علينا جعل تكنولوجيا الطاقة المتجددة منفعة عالمية عامة بما في ذلك رفع قيود الملكية الفكرية عن نقل التكنولوجيا. وثانياً، علينا تحسين قدرة الوصول إلى سلاسل الإمداد لمكونات تكنولوجيا الطاقة المتجددة كما المواد الخام في كل أرجاء العالم.

في عام 2020، ركب العالم بطاريات بسعة تخزين 5 غيغاواط. نحتاج إلى سعة تخزين تبلغ 600 غيغاواط بحلول عام 2030. ولا شك في أننا نحتاج إلى تحالف دولي لبلوغ هذه المرحلة. وفي المقابل، تضر العقبات الإدارية في الشحن والقيود المفروضة على سلاسل الإمداد كما ارتفاع أسعار الليثيوم وغيره من معادن البطاريات، بعملية نشر هذه التكنولوجيات والمواد في وقت نحن بأمس الحاجة فيه إليها.

وثالثاً، يجب التخفيف من التعقيدات البيروقراطية التي تؤخر تنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. نحن بحاجة إلى موافقات سريعة وإلى تكثيف الجهود من أجل تحديث شبكات الطاقة الكهربائية. في الاتحاد الأوروبي، يتطلب الحصول على موافقة لإنشاء مزرعة واحدة لطاقة الرياح ثمانية أعوام، مقابل عشرة أعوام في الولايات المتحدة. وفي كوريا الجنوبية، تحتاج مشاريع توليد الرياح الساحلية إلى 22 رخصة من ثماني وزارات مختلفة.  

ورابعاً، على العالم أن يحول دعم الطاقة من الوقود الأحفوري نحو حماية الأشخاص الأضعف من صدمات الطاقة وأن يستثمر في انتقال عادل نحو مستقبل مستدام.

وخامساً، علينا زيادة الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة ثلاثة أضعاف. وهذا يشمل مصارف التنمية المتعددة الأطراف ومؤسسات التنمية المالية كما المصارف التجارية. جميعها ملزمة بتكثيف جهودها وزيادة الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة بشكل جذري.

نحتاج إلى أن يتصرف كل قادة العالم بشكل طارئ وفوري أكثر. اقتربنا إلى حد خطير بالفعل من بلوغ درجة حرارة 1.5، وهي الحد الأقصى الذي حذرنا العلماء من عدم تخطيه إن أردنا تفادي أسوأ آثار المناخ. لكي نظل تحت سقف درجة حرارة 1.5، علينا التقليص من الانبعاثات بحدود 45 في المئة قبل عام 2030، وبلوغ صفر انبعاثات مع حلول منتصف القرن، ولكن الالتزامات الوطنية الحالية ستؤدي إلى زيادة تقارب الـ14 في المئة هذا القرن. وهذا ينذر بكارثة.

إن الحل هو مصادر الطاقة المتجددة- من أجل العمل على إدارة أزمة المناخ، ومن أجل ضمان أمن الطاقة، ومن أجل تأمين طاقة كهربائية نظيفة لمئات ملايين الأشخاص الذين يفتقرون إليها في الوقت الحالي. تمثل مصادر الطاقة المتجددة فوزاً ثلاث مرات.

لا عذر يمكن أن يبرر رفض أي شخص ثورة الطاقة المتجددة، فيما سجلت أسعار النفط والغاز مستويات قياسية، تدنى أسعار مصادر الطاقة المتجددة وتصبح أرخص باستمرار. هبطت تكلفة الطاقة الشمسية والبطاريات بنسبة 85 في المئة خلال العقد الأخير، بينما تراجع سعر طاقة الرياح بما يعادل 55 في المئة. وفي المقابل، يخلق الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة ثلاثة أضعاف الوظائف التي يوفرها الوقود الأحفوري.

ليست مصادر الطاقة البديلة الحل الوحيد لأزمة المناخ طبعاً. فالحلول القائمة على الطبيعة، مثل عكس مسار اقتلاع الأشجار وتدهور التربة، ضرورية كذلك. وهذا هو الحال أيضاً بالنسبة إلى جهود تعزيز فاعلية الطاقة، ولكن يجب أن يكون طموحنا توفير مصادر متجددة للطاقة بسرعة.

فيما نتخلى عن الوقود الأحفوري، ستكون المنافع هائلة وليس على المناخ فحسب. ستنخفض أسعار الطاقة ويصبح بالإمكان التنبؤ بها أكثر، وهو ما سيخلف تأثيرات إيجابية على الأمن الغذائي والاقتصادي. فحين ترتفع أسعار الطاقة، ترتفع معها أسعار السلع الغذائية وكل المنتجات التي نعتمد عليها. لذلك، دعونا نتفق جميعاً على أن ثورة مصادر الطاقة المتجددة ضرورية، ولنوقف العزف بينما مستقبلنا يحترق.

يشغل أنطونيو غوتيريش منصب الأمين العام للأمم المتحدة منذ عام 2017.    

نشرت اندبندنت هذا المقال في 29 يونيو (حزيران) 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء