Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوكسبريدج ليست معيارا لخريجين أَكفاء, على أرباب العمل البحث في جامعات أخرى 

يبدو أن جامعتي أكسفورد وكامبردج تجذبان بكثافة مثيرة للإنتباه تلاميذ مجموعة صغيرة من المدارس الخاصة

يكمن التحدي الأكبر في تقليص الإحترام الشديد لهاتين المؤسستين في أعين أرباب العمل (بي إي)

أوكسبريدج ليس معيارا لخريجين كفوء, على أرباب العمل البحث في جامعات أخرى 

لماذا يهيمن خريجو جامعتي أكسفورد وكامبردج (المعروفتان سوياً بأوكسبردج) على المناصب العليا في بعض المهن؟ قد يقول كثيرون إن السبب هو اختيار كثير من الأطفال الأذكياء لهما، لكن هذه ليست القصة الكاملة

وفقاً لتحليل حديث صادر عن مؤسسة ساتن تراست، الجديرة بالإحترام، يبدو أن جامعتي أكسفورد وكامبردج تجذبان بكثافة مثيرة للإنتباه تلاميذ مجموعة صغيرة من المدارس الخاصة في الجنوب (يفترض أنها تتضمن إيتون وويستمينستر).

وماذا في ذلك؟ لماذا نهتم؟

الاجابات تبدو واضحة في أغلب الأحيان. فالدراسة في جامعتي أكسفورد وكامبردج تفتح الأبواب إلى المناصب العليا داخل المؤسسة البريطانية.

وقد أظهرت أعمال ساتن تراست سابقاً أن نسبة مرتفعة، بشكل مدهش، من القضاة وكبار موظفي الحكومة، مدراء الأعمال، أعضاء مجلس الوزراء والصحافيين (لقد تخرجت أنا نفسي من جامعة أوكسفورد) قد تلقوا تعليمهم في مؤسستي التعليم العالي هاتين، اللتين تعجان بالباحات المزينة.

وإذا كانت أكسفورد وكامبردج تستقطبان التلاميذ من المدارس الخاصة ذات الرسوم المرتفعة، فإن هؤلاء هم في الأغلب أبناء العائلات الغنية نسبياً (إن لم يكونوا من فاحشي الثراء).

ويبدو أن أبناء الأغنياء هؤلاء يحصلون على ميزة إضافية مهمة في حياتهم كبالغين (على الأقل إذا فكر أحدهم في دخول البرلمان أو مجال القانون أو الوظائف الحكومية أو كانت المستويات العليا في مجال الإعلام هي الوجهة المفضلة).

وهذا ما يعتبر ضاراً بالحراك الاجتماعي البريطاني، وإهانة شنيعة لأي مفهوم منطقي للعدل. لذلك، يجب أن نهتم.

لنرجع خطوةً إلى الخلف ونتخيّل أننا نقوم بتصميم نظام لاختيار الخريجين الذين يتمتعون بالكفاءة والطموح للتقدم في مثل هذه المهن.
 

كيف سيكون هذا النظام؟

بمجرد طرحك هذا السؤال، فإن الأهمية المركزية لجامعتي أوكسفورد وكامبردج كمجمع للتوظيف تبدو سخيفة، بغض النظر عمن يدرس فيهما.

لقد ارتفعت أعداد الطلاب الذين يدرسون في جامعتي أكسفورد وكامبردج بعد فتح أبواب التعليم العالي بشكل مطرد أمام الجماهير بعد الحرب العالمية الثانية. لكن الزيادة في أعداد المقاعد الدراسية لم تواكب إنفجار العدد الاجمالي للطلاب على مدى نصف قرن.

ربما يجب عليهم أن يضاعفوا عدد كليات جامعتي أكسفورد وكامبردج، أو أن يقوموا بالبناء على الحزام الأخضر الذي يحيط بالمدينتين الخلابتين، لاستيعاب الزيادة طويلة المدى في الطلب. ولكن في عالم الواقع، فإن قبول جامعتي أكسفورد وكامبردج الطلاب الجامعيين سيظل محدوداً بشكل محكم بسبب القيود الجغرافية.

فالجامعتان تقبلان في الوقت الحالي نحو سبعة آلاف طالب جامعي جديد كل عام، أي أقل من واحد ونصف في المئة من الاجمالي القومي لقبول الطلاب الجامعيين في العام 2017 (533,890).

وبما أن جامعتي أكسفورد وكامبردج تحصلان على نحو ست إستمارات إلتحاق لكي تقبل طالباً واحداً، فإن القبول هنا هو لعبة محصلتها صفر: فمكان شخص واحد هو مكان لم يستطع خمسة آخرون الحصول عليه.

لماذا يهيمن خريجو جامعتي أكسفورد وكامبردج على المناصب العليا في بعض المهن؟ سيقول كثيرون إن السبب هو اختيار كثير من الأطفال الأذكياء لهاتين الجامعتين. وهذا ما قد يكون صحيحاً إلى درجة معينة، لكن هذه ليست بالتأكيد القصة الكاملة. فهذا المنطق يغفل آلية اقتصادية مهمة، وهي الإشارة أو التنبيه.

فجامعتا أكسفورد وكامبردج ترسلان "إشارة" إلى أرباب العمل أو الباحثين عن الكفاءات من مرشح إلى مثابرة وكفاءة استثنائيتين. (بالنسبة إلى البعض ستكون إشارة إلى طبقة اجتماعية أيضاً، لكن لنتخطى ذلك لمصلحة هذا النقاش).

العديد من أرباب العمل عندما يواجهون اختياراً بين مرشحين إثنين متساويين في القوة، خلال عملية توظيف لتدريب سريع المسار أو أي فرصة أخرى، يقررون اختيار مرشح من جامعتي أكسفورد وكامبردج بسبب هذه الإشارة.

لكن قد لا تكون هذه الإشارة دقيقة، وهي بالفعل أصبحت أقل دقة مع الوقت بسبب ارتفاع أعداد طلاب التعليم العالي. بمعنى آخر، ما السبب الذي يدفعنا إلى الاعتقاد أن التلاميذ الخمسة الطموحين الآخرين، الذين لم يُقبلوا في جامعتي أكسفورد أو كامبردج، لديهم إمكانيات أقل ممن تم قبولهم لكي يصبحوا من كبار المحامين أو المحاسبين أو الصحافيين أو مديري الأعمال أو أعضاء في البرلمان؟

لكن يجب أن نلاحظ المحفزات التي تخلقها هذه الإشارة. فهي تعطي الأطفال الأذكياء والطموحين سبباً إضافياً لدخول جامعتي أكسفورد وكامبردج، لأنهم يدركون بشكلٍ صحيح أن ذلك سيزيد من فرص تقدمهم في المستقبل. هذه المعركة على الأماكن بين الأطفال الأذكياء تعزز من إشارة الجودة، مما يخلق حلقة مفرغة.

ليس الغرض من هذا الجدال القول إن الجهود المبذولة لإصلاح عملية القبول في جامعتي أكسفورد وكامبردج ليست ذات صلة أو غير مهمة. فهي بالطبع ليست كذلك. لكن، ربما، يكمن التحدي الأكبر في تقليص الإحترام الشديد لهاتين المؤسستين في أعين أرباب العمل، كوسيلة للتداخل مع هذه الإشارة.

نحتاج إلى تشجيع وجود ثقافة لا ينظر فيها أرباب العمل، في القطاعين العام والخاص، إلى هاتين الجامعتين ذاتي الحجم المتوسط على أنهما نوع من المقياس الذهبي. نحتاج أن يدرك أرباب العمل (بشكل أكبر- فللإنصاف لقد أدرك ذلك الكثير منهم بالفعل) حقيقة أن هناك أعداداً كبيرةً جداً من الأشخاص الموهوبين وذوي الكفاءة العظيمة في أماكن أخرى أيضاً.

بمعنى آخر، لا تركزوا ببساطة على جعل الوصول إلى مجمع توظيف النخبة أكثر عدلاً، بل جربوا أن تجعلوا هذا المجمع أكبر بكثير.

كما يجب أن تأخذوا في الإعتبار أنه في مثل هذه البيئة المتحولة لن تكون هناك محفزات كبيرة للطلاب النوابغ للتقدم للدراسة في جامعتي أكسفورد وكامبردج والإنخراط في هذه المنافسة ذات المحصلة صفر، من أجل الحصول على أماكن لهم. الحلقة المفرغة ستتحول إلى حلقة مثمرة.

المشكلة في النخبوية ليست في تمييزها القدرات فحسب) إذا نحينا جانباً المخاوف المتعلقة بالآثار الاجتماعية المترتبة على نظام حكم الجدارة الحقيقي)، بل في كونها تقوم بالإقصاء التعسفي أيضاً.

ومن المفارقات المحزنة أن التركيز الإعلامي المكثف على عمليات القبول في جامعتي أكسفورد وكامبردج قد يساهم في تعزيز قدرة الجامعة على إرسال تلك الإشارات. إذا اعتقد الجميع أن طريقة اختيار هاتين الجامعتين لطلابهما مهمة للغاية، ألا يعني ذلك أن هاتين المؤسستين شديدتا الأهمية أيضاً، وأن "أفضل الطلاب" يوجدون فيهما؟

عمليات قبول موظفين من دون النظر إلى الجامعة التي تخرجوا منها، مثل تلك التي اعتمدتها شركة ديلويت منذ عدة سنوات، هي أمثلة مرحب بها ونتمنى أن نرى الأكثر منها في المستقبل. إذا لم نعر الكثير من الإهتمام للجامعة التي تخرج منها الآخرون، فإن العالم سيكون مكاناً أقل مللاً. وقد يكون مكاناً أكثر عدلاً أيضاً.

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات