Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موظفو غزة تحت طائلة "التقاعد الإجباري" لخفض فاتورة الرواتب

الخطوة وفرت للموازنة 40 مليون دولار شهرياً ومخاوف من زيادة معدلات البطالة والفقر في القطاع

أحالت السلطة الفلسطينية نحو 26 ألف موظف إلى التقاعد القسري المبكر (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

في خطوة لخفض قيمة الرواتب التي تصرفها السلطة الفلسطينية على موظفيها العموميين، بدأت وزارة المالية تطبيق قانون التقاعد المبكر إجبارياً على العاملين التابعين لها في قطاع غزة، الأمر الذي وصفه الموظفون والحقوقيون بالقرار المجحف والمتجاوز للقانون.

بحسب وزارة المالية الفلسطينية، فإنها تعمل على خطة إصلاح شاملة للأموال الحكومية من أجل استثمار الفائض في النهوض بالاقتصاد المحلي، سواء كان ذلك في الضفة الغربية أو قطاع غزة، ولتطبيق الأمر فإنه يجب تخفيض فاتورة رواتب الموظفين العموميين، إلى جانب خطوات أخرى تستهلك من الموازنة العامة مبالغ طائلة.

أشباه رواتب

تتذرع وزارة المالية بأن فاتورة رواتب الموظفين البالغ عددهم 133 ألفاً في الأراضي الفلسطينية، تبتلع كامل إيرادات الحكومة الفلسطينية التي تقدر بنحو 300 مليون دولار أميركي، ولتخفيض هذه الفاتورة يجب تطبيق قرار فرض التقاعد القسري، لكن الغريب في الأمر أن المتضرر بشكل مباشر من هذا القرار هم الموظفون في غزة التابعون للسلطة الفلسطينية.

حول هذه الخطة، قال وزير المالية الفلسطينية شكري بشارة إن "هناك رواتب وما يسمى أشباه رواتب تصرفها الحكومة على موظفين ليسوا على رأس أعمالهم، وهذه المبالغ التي تذهب إليهم من دون وجه حق باتت تشكل خطراً على النظام المالي وهو ما يجب أن يتوقف"، وأضاف "سنعمل على خفض فاتورة الرواتب من خلال تطبيق سياسة التقاعد الإجباري لكل موظف ليس له عمل أو ليس على رأس عمله، وسيجري تنفيذ ذلك في قطاع غزة والضفة الغربية من أجل إعادة فاتورة الرواتب ضمن القدرات المالية المتاحة للحكومة".

قصة الاستنكاف

في الواقع، كان معظم حديث وزير المالية عن الموظفين في غزة التابعين للسلطة الفلسطينية ويصنف هؤلاء على أنهم ليسوا على رأس أعمالهم. فبعد تولي حركة "حماس" سدة الحكم في القطاع عام 2007 عقب فوزها في الانتخابات التشريعية المبرمة آنذاك، أصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قراراً يأمر فيه موظفيه في غزة بعدم النزول إلى أعمالهم وحثهم على الاستنكاف، كما تعهد وقتها بصرف رواتبهم كاملة من دون أي نقصان، ومنذ ذلك الوقت، بات العاملون الحكوميون في غزة من دون مهمات وظيفية ويتلقون رواتبهم من السلطة.

منذ إصدار وزارة المالية الفلسطينية قرارها بتخفيض فاتورة الرواتب، بات موظفوها في غزة يخشون من أن تشملهم سياسات التقاعد الإجبارية التي ستفرضها الحكومة، بخاصة أنهم لا يواظبون على أعمالهم.

في الواقع، هذه المرة الثانية التي ستفرض فيها الحكومة الفلسطينية التقاعد المبكر الإلزامي على موظفيها في غزة، وكانت المرة الأولى عام 2017 عندما أقر عباس قراراً بقانون رقم 9 و17 ينص فيه على إحالة عدد كبير من موظفيه إلى التقاعد المبكر القسري خلافاً لإرادتهم ومن دون إبلاغهم بالأمر.

قبل عام 2017، كان عدد موظفي السلطة بالقطاع في الشقين المدني والعسكري يقدر بنحو 70 ألفاً، وبعد فرض التقاعد المبكر إجبارياً عليهم تقلص عدد العاملين الحكوميين إلى 33 ألفاً، وحينها كان القرار يهدف إلى معاقبة حركة "حماس" التي شكلت لجنة إدارية لمتابعة العمل الحكومي بدلاً من حكومة الوحدة الوطنية التي كانت بمثابة حكومة تدير غزة والضفة الغربية على حد سواء.

يقر وكيل وزارة المالية الفلسطينية فريد غنام بأن الحكومة أحالت 35 ألف موظف عمومي إلى التقاعد المبكر في إطار معالجة الأزمة المالية التي تعيشها السلطة، مشيراً إلى أن هذه الخطوة وفرت نحو 40 مليون دولار شهرياً من الموازنة.

إعادة تفعيل التقاعد المبكر

يعد القرار الجديد للحكومة الفلسطينية بإعادة تفعيل سياسة التقاعد الإجباري المبكر للموظفين في غزة مخالفاً لقرار سابق اتخذه رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية في فبراير (شباط) الماضي ويقضي ببدء العمل على معالجة قضايا من تمت إحالتهم إلى التقاعد المبكر، فضلاً عن حل قضايا أخرى لها علاقة بالسجلات المالية للموظفين.

وفي محاولة لرفض سياسة التقاعد المبكر الإلزامي، اعتصم موظفو السلطة في غزة أمام "صندوق التأمين والمعاشات" الخاص بالمتقاعدين وطالبوا بإلغاء قانون التقاعد الإجباري والنظر في أحوالهم، ويعود السبب في رفض الموظفين التقاعد المبكر إلى خفض قيمة رواتبهم، فبدلاً من تلقي مستحاقتهم الشهرية كاملة، سيأخذ الواحد منهم ما قيمته 50 في المئة من راتبه الأساسي من دون أية علاوات، وعلى أثر ذلك يتوقع المراقبون الاقتصاديون أن يؤثر ذلك في أوضاع السكان ويؤدي إلى تنامي معدلات الفقر والبطالة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول متحدث "التجمع الوطني لإلغاء التقاعد الموحد القسري" في غزة جهاد ملكة إن التمييز على أساس جغرافي لا يزال مستمراً بين الموظفين في القطاع ونظرائهم في الضفة، والتقاعد الإجباري لا يعد قانونياً ويخالف قانون الخدمة المدنية في الأراضي الفلسطينية الذي يمنع الإجبار على ترك العمل، ويوضح أنه "لم يجر أي تعديل على قانون التقاعد المعمول به من الأساس في الأراضي الفلسطينية، وفي حال إقرار قانون جديد أو تعديله يجب أن يتم من قبل السلطة التشريعية".

واعتبر رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي النائب فرج الغول أن محاولة فرض إجراءات التقاعد المبكر الإجباري عنصرية وغير دستورية لأن المجلس التشريعي صاحب الصلاحية حصراً بالنظر في تعديل القوانين وإصدارها وإقرارها وإلغائها وليس الحكومة.

جائز لمواجهة الأزمات

لكن من ناحية حقوقية، أكد سامي جبارين منسق التحقيقات والشكاوى في "الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان" (مؤسسة حكومية مستقلة وتعد أكبر جسم حقوقي) أن قانون التقاعد العام أجاز إحالة أي موظف إلى التقاعد متى اقتضت الضرورة أو حال وجود مصلحة عامة.

أما من ناحية اقتصادية، فقال الباحث الاقتصادي عمر شعبان إن فكرة التقاعد المبكر والإجباري تعد ضمن السياسات المطلوبة لمواجهة الأزمات بشرط أن تكون بموافقة الموظف مع منح المتقاعد صفقة مالية وحوافز لقبول الأمر، مشيراً إلى أن هذه الخطوة متاحة إذا لم تكن تحمل بعداً سياسياً وإدارياً وألا يتم تطبيقها في منطقة جغرافية واحدة.

وحول تداعيات أي إجراءات جديدة تتعلق بتعاقد موظفي السلطة في غزة، أكد شعبان أن إرسال موظفي السلطة إلى التقاعد يقطع أحد الخيوط المتبقية لها داخل القطاع ويعمق الانقسام ويفاقم الوضع الاقتصادي المتدهور.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي