Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصر تقترب من قرض "النقد الدولي" فهل تتجنب المطبات الصعبة؟

التحول إلى الدعم النقدي والتعويم الكامل للجنيه وتوحيد أسعار الفائدة أبرز المطالب ولا مساس بدعم الخبز

تواجه مصر نقاط خلاف في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض جديد (أ ف ب)

أصبحت القاهرة قاب قوسين أو أدنى من الحصول على تمويل جديد من صندوق النقد الدولي وسط مفاوضات ساخنة بين الحكومة المصرية ومسؤولي المؤسسة المالية الدولية حول الشروط اللازمة لإتمام الاتفاق، والتي تتمحور حول نقاط بالغة الحساسية تمس المجتمع المصري، أبرزها التحول إلى الدعم النقدي بدلاً من التقليدي العيني في السلع الأساس، علاوة على تحقيق مرونة في سعر الصرف بشكل كامل أي التعويم الكامل، وأخيراً توحيد أسعار الفائدة على القروض التي تنفذها البنوك المحلية.

وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن حكومته في المرحلة النهائية من المفاوضات للحصول على تمويل جديد من صندوق النقد الدولي، موضحاً في تصريحات صحافية، الإثنين الـ 22 من أغسطس (آب)، أن "الدولة تقدم دعماً نقدياً لـ 4 ملايين أسرة بواقع ما بين 16 إلى 20 مليون مواطن، من خلال برنامج ’تكافل وكرامة‘".

خيار جديد للقاهرة

في غضون ذلك توقعت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني أن مسؤولي البنك المركزي المصري لديهم خيار جديد لخفض قيمة الجنيه المصري في مقابل الدولار الأميركي بشكل تدريجي، تفادياً للخفض السريع أو الحاد في محاولة لكبح زيادات جديدة في مستويات التضخم.

واشترطت الوكالة الدولية في تقرير حديث لها لتحقيق الخفض التدريجي للعملة المحلية في مقابل العملة الخضراء تضافر عوامل عدة من بينها التدفقات الخارجية المحتملة والتمويل من دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى عوامل أخرى.

وأشارت "موديز" إلى أن "هذه السياسة تنطوي على بعض الأخطار، إذ قد تزيد سياسة سعر الصرف غير المرنة تأخر الاتفاق على برنامج جديد للصندوق وبالتالي الوصول إلى أسواق الدين العالمية"، لكنها لفتت إلى أن "الاتجاه القوي لمصر هو نحو نمو الناتج المحلي الإجمالي الذي يدعم المرونة الاقتصادية واحتمال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة".

وفي مايو (أيار) الماضي أبقت "موديز" على تصنيفها لمصر عند (B2) مع تغيير في النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، مرجعة ذلك إلى "الأخطار الجانبية المتزايدة لقدرة القاهرة على امتصاص الصدمات الخارجية".

الاستثمارات الإماراتية

على صعيد آخر أعلن الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء ارتفاع قيمة الاستثمارات الإماراتية في مصر إلى 1.9 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالي 2021 - 2022 في مقابل 712.6 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي بنسبة ارتفاع قدرها 169 في المئة، وارتفعت قيمة التبادل التجاري بين القاهرة وأبوظبي إلى 1.2 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2022 في مقابل 1.1 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2021، بنسبة ارتفاع قدرها 1.4 في المئة، وبلغت قيمة تحويلات المصريين العاملين بالإمارات 3.5 مليار دولار خلال العام المالي 2020 -2021 في مقابل 3.4 مليار دولار خلال العام المالي 2019 - 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 1.4 في المئة.

تحويلات المصريين بالخارج

وبموازاة ذلك أعلن البنك المركزي المصري، الثلاثاء الـ 23 من أغسطس، أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج سجلت 31.9 مليار دولار خلال العام المالي 2021 - 2022 المنتهي في يونيو (حزيران) الماضي بنسبة نمو 1.6 في المئة، في مقابل 31.4 مليار دولار خلال العام المالي السابق 2020 – 2021، بينما سجلت التحويلات في يونيو 2022 نحو 2.8 مليار دولار في مقابل 2.9 مليار دولار خلال الشهر نفسه من العام 2021.

وحول شروط إتمام الاتفاق بين القاهرة و"صندوق النقد" قال محللون ومتخصصون إن القاهرة اقتربت كثيراً من الحصول على قرض جديد من الصندوق لا يقل عن 5 مليارات دولار، والمرحلة الحالية تشهد إنهاء بعض التفاصيل الصغيرة الغرض منها حماية الطبقات الأكثر حاجة وضمان الاستقرار الاقتصادي.

وقال المتخصص في شؤون الاقتصاد هاني توفيق إن "مفاوضات اللحظات الأخيرة تدور حول طلب مسؤولي الصندوق من الحكومة المصرية إلغاء الدعم العيني غير المباشر المتمثل في دعم السلع الأساس مثل الفول والرز والسكر والسلع التموينية بشكل عام علاوة على دعم المحروقات، إضافة إلى توحيد سعر الفائدة على القروض البنكية في مصر، على أن يخفف الصندوق شرط التحرير الكامل والحاد لسعر صرف الجنيه المصري في مقابل الدولار، ليكون الخفض بشكل تدريجي كما هو خلال الوضع الحالي".

مطالب النقد الدولي

وأضاف أن "مسؤولي الصندوق يرون أن الدعم في مصر يجب أن يكون نقدياً مباشراً ليصل إلى مستحقيه مباشرة من دون حلقات وسيطة"، وأيد توفيق وجهة نظر "النقد الدولي" في تلك النقطة قائلاً إن "أية سلعة أو خدمة تباع بسعرين مختلفين تفتح باباً للفساد"، مستشهداً بأن "هناك أفراداً يحصلون على قرض بنكي بنسبة فائدة منخفضة بقيمة خمسة في المئة لشراء ودائع بسعر فائدة 18 في المئة للتربح من الفارق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في هذه الأثناء أعلن وزير التموين المصري علي مصيلحي، الإثنين، أن "دعم الخبر قائم ومستمر، إذ لا يمكن أن نلمس الدعم العيني بسبب عوامل التضخم المستورد من الخارج نتيجة تداعيات الأزمة الأوكرانية والتضخم العالمي".

وأضاف في تصريحات إعلامية أن "الوقت غير مناسب للمساس بملف دعم الخبز، والصندوق الدولي يتفهم مثل هذه الأمور لأن لديه بعداً آخر في كيفية الحفاظ على الأمن والسلم المجتمعي حتى لا يحدث عدم استقرار بسبب إجراءات معينة"، مؤكداً أنه "تم الاتفاق على الإبقاء على دعم الخبز في هذه المرحلة حتى يتم إعطاء رسالة للمواطن بأن الدولة مستمرة في سياساتها تجاهه"، مضيفاً أن "مصر تكلفت أكثر من 23 مليار جنيه (1.2 مليار دولار) إضافية بالموازنة العامة لدعم الخبز حفاظاً على الكميات المنتجة".

وقال المحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة هاني جنينة إن "تشدد الصندوق حول توحيد أسعار الفائدة البنكية يعود لسببين، الأول أنه عند وضع سعرين للفائدة بخلاف السعر المعلن من البنك المركزي (سعر الكريدور) يتعطل عمل السياسة النقدية لوجود أكثر من سعر، بينما السبب الثاني يتمثل في الدعم العيني من خلال مبادرات (البنك المركزي) على غرار (التمويل العقاري) أو مبادرات تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر"، موضحاً أن "مسؤولي الصندوق يعتبرون هذا النوع من المبادرات دعماً خفياً غير ظاهر في الموازنة العامة للدولة، وهو ما يعتبر تحايلاً من وجهة نظرهم".

الخروج من المأزق

وحول حلول الحكومة المصرية للخروج من هذا المنعطف توقع جنينة أن "يجري الاتفاق بين الطرفين على الإبقاء على هذا النوع من المبادرات حتى نهاية العام المالي الحالي، ليبدأ البنك المركزي المصري في خفض معدلات الفائدة بشكل تدريجي لتصل إلى المعدلات التي تناسب شرائح المجتمع، سواء مبادرات الإسكان والتمويل العقاري أو الإقراض بفائدة مخفضة من البنوك المحلية"، متوقعاً أن لا تقل قيمة القرض المزمع توقيعه بين مصر و"صندوق النقد" عن 5 مليارات دولار.

في المقابل طالب المستشار الأسبق لرئيس هيئة الرقابة المالية مدحت نافع بالإبقاء على أسعار الفائدة الممنوحة بنوع من التمييز لمشاريع بعينها، إذ يجب أن تظل متاحة حتى لو تم دعم الفرق بين الفائدة السائدة وفائدة تلك المشاريع من صناديق متخصصة، وبهذا يتم حل الأزمة.

وأكد أن "تعدد أسعار الفائدة يخلق تشوهات بالفعل، ومن أكبر مظاهرها فوائد الشهادات التي كانت تصدر بـ 20 في المئة في اليوم التالي لخفض أسعار الفائدة بـ 300 نقطة أساس دفعة واحدة".

من جانبه قال رئيس "لجنة الخطة والموازنة" بمجلس النواب فخري الفقي "إن سعر صرف الجنيه المصري كان محل مفاوضات صعبة بين البنك المركزي والحكومة المصرية من ناحية، وصندوق النقد الدولي من ناحية أخرى، في ظل ندرة النقد الأجنبي خلال الفترة الماضية".

وأضاف في تصريحات إعلامية أن "القاهرة تريد أن تتبع نظام التعويم المدار، أي التحكم في سعر العملة صعوداً وهبوطاً بمقدار محدد، مع ترك سعر الصرف يتحرك تدريجياً"، وقال إن "هذا هو الأسلوب الذي ترغبه مصر لكن الصندوق يرى أن تتم هذه الخطوات مرة واحدة".

وأضاف الفقي أن "تصريحات رئيس الوزراء تؤكد اقتراب الحصول على التمويل خلال شهر، وهذا يعني أن الحكومة توصلت مع الصندوق إلى أن الخفض التدريجي للعملة هو القرار الصحيح، خصوصاً أن الأجواء الحالية تختلف كثيراً عن أجواء خفض العملة عند توقيع قرض عام 2016".

واتجهت القاهرة إلى صندوق النقد الدولي للمرة الرابعة خلال أقل من ست سنوات، إذ حصلت على قرض عام 2016 بقيمة إجمالية تصل إلى 12 مليار دولار بعد تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي انتهت منه العام 2019، ومع تفشي الجائحة العالمية حصلت مصر على 2.8 مليار دولار في إطار أداة التمويل السريع عام 2020 والتي أقرها الصندوق لدعم جهود الدول في مكافحة الجائحة، وقبل أن يمر العام حصلت القاهرة على 5.2 مليار دولار بموجب اتفاق استعداد ائتماني، وتعاود في الوقت الحالي العمل مع الصندوق لتجاوز التداعيات السلبية التي خلفتها الأزمة الاقتصادية العالمية التي انعكست على الأوضاع المحلية عقب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي.

اقرأ المزيد