تراجع سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي إلى أقل مستوى له منذ 12 ديسمبر (كانون الأول) 2016، بعدما سجل سعر الصرف مقابل العملة الخضراء في عدد من البنوك المحلية في مصر 19.02 جنيه للبيع و18.96 للشراء، بزيادة 5 قروش عن تعاملات أسواق الصرف المصرية ليوم الإثنين 1 أغسطس (آب) الحالي، ليقترب الدولار الأميركي من أعلى مستوى له على الإطلاق في 21 ديسمبر 2016، عندما سجل سعره 19.51 جنيه في البنك المركزي المصري.
ووفق البيانات التاريخية للبنك المركزي المصري تخطى سعر صرف العملة المصرية مقابل نظيرتها الأميركية حاجز 19 جنيه في الشهر الأخير من عام 2016، عقب قرار تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) منذ 6 سنوات.
كان البنك المركزي المصري قرر تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار (التعويم) في مطلع شهر نوفمبر 2016 بعد إبرام الحكومة المصرية اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة وصلت إلى 12 مليار دولار، عقب الاتفاق على تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي مدة ثلاث سنوات وانتهت منه القاهرة في عام 2019.
الدولار يصل إلى 19.05 جنيه
في بداية التعاملات الصباحية ليوم الثلاثاء 2 أغسطس، سجل سعر الدولار الأميركي في عدد من البنوك المحلية ارتفاعاً بمقدار لا يقل عن 5 قروش مقارنةً بتعاملات الإثنين، بينما استقر السعر في بنكَين آخرين، إذ سجل في البنك الأهلي المصري أحد البنوك المملوكة للدولة 18.96 جنيه للشراء، بينما سجل سعر 19.02 جنيه للبيع، كما ارتفع سعر الصرف في بنك مصر التابع للدولة نحو 18.96 جنيه للشراء و19.02 جنيه للبيع، بزيادة 5 قروش عن سعر الصرف الإثنين، كما ارتفع بالقيمة نفسها في بنك القاهرة، 18.97 جنيه للشراء و19.04 جنيه للبيع، بزيادة 5 قروش أيضاً.
وارتفع الدولار في البنوك المحلية من القطاع الخاص ارتفاعاً بالمقدار نفسه، إذ سجل سعر صرف العملة الخضراء في البنك التجاري الدولي (أكبر ذراع استثماري في المصارف من القطاع الخاص) نحو 18.94 جنيه للشراء بزيادة قرش، و19.04 جنيه للبيع بزيادة 5 قروش، وبالمقدار نفسه ارتفع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل نظيره المصري في بنك الإسكندرية مسجلاً نحو 18.94 جنيه للشراء، و19.04 جنيه، وبالوتيرة ذاتها سجل سعر البيع بالبنك العربي الأفريقي 18.94 جنيه للشراء، و19.04 جنيه للبيع، بزيادة 5 قروش.
في 21 مارس (آذار) الماضي، خفضت الحكومة المصرية قيمة الجنيه بنحو 17 في المئة بعد قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، ما يعادل 1 في المئة ليهبط سعر صرف العملة المحلية إلى 18.30 جنيه نزولاً من 15.65 جنيه للدولار في مطلع مارس 2022.
ترقب لاجتماع البنك المركزي
ويترقب مجتمع المال والأعمال في القاهرة قرار لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي في اجتماعها الرابع على مدار العام الحالي مساء الخميس الموافق 18 أغسطس الحالي، للبت في موقف أسعار الفائدة، بعد رفع أسعار الفائدة بنحو 300 نقطة أساس ما يعادل ثلاثة في المئة منذ بداية 2022 قبل أن يثبّت البنك المركزي الأسعار في آخر اجتماع له في 23 يونيو (حزيران) الماضي.
وطالب صندوق النقد الدولي القاهرة بمزيد من الإصلاحات المالية والهيكلية في أحدث تقرير له الثلاثاء الماضي حول المفاوضات الجارية بين الطرفين للحصول على تمويل جديد، إذ دعا الحكومة إلى اتخاذ خطوات وصفها بـ"الحاسمة" بشأن الإصلاحات المالية والهيكلية.
وبحسب تقرير صندوق النقد، فإن "مصر لا تزال عرضةً للصدمات الخارجية بسبب عبء الديون المرتفع ومتطلبات التمويل الإجمالية الكبيرة. وهناك حاجة إلى إصلاحات هيكلية أعمق لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد وتحسين الحوكمة، وتعزيز قدرته على الصمود في مواجهة الصدمات".
وأكد التقرير أن "هناك تقلبات في سعر الصرف العملة المصرية كان من الممكن ترسيخها لتجنب تراكم الاختلالات الخارجية"، موضحاً "رأينا مرونة أكثر للجنيه المصري هذا العام إذ سمح البنك المركزي للعملة بالتراجع بأكثر من 20 في المئة مقابل العملة الأميركية، في أعقاب الحرب في أوكرانيا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تقديرات غولدمان ساكس
من جهة أخرى، قدّر "غولدمان ساكس" (أكبر بنك استثماري في العالم) في تقرير له الأسبوع الحالي، احتياجات الحكومة المصرية من صندوق النقد الدولي بنحو 15 مليار دولار، الأمر الذي نفاه وزير المالية المصري محمد معيط وقال إن "صندوق النقد الدولي اتخذ إجراءات استثنائية خلال فترة أزمة جائحة كورونا"، لافتاً إلى أن "المفاوضات تدور مع صندوق النقد الدولي على مبلغ أقل من 15 مليار دولار".
وتابع الوزير المصري أن "مصر قطعت شوطاً جيداً في المناقشات مع صندوق النقد الدولي مع اتخاذ إصلاحات هيكلية عدة مثل زيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر وفقاً لمطالب الصندوق"، موضحاً أن "المناقشات مع الصندوق ليس هدفها دائماً الحصول على قرض"، واستشهد بالفترة التي سبقت الجائحة حين تمّ إخطار الصندوق برغبة مصر في الحصول على مشاركته في الإصلاح وأنها لا تحتاج إلى تمويل، مؤكداً أن "الفترة الحالية صعبة وضاغطة على الجميع وليس مصر فقط. كما أن التحدي ضخم، مما يسبب حالة من القلق حول العالم كله". وأضاف "لا أحد يعلم متى تنتهي الأزمة العالمية، وهو ما يسبب حالة من الضغط والقلق للجميع".
وتخطط القاهرة للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي للمرة الرابعة بعد الحصول على نحو 20 مليار دولار لثلاث مرات سابقة كانت الأولى في عام 2016 بعد برنامج إصلاح للاقتصاد المحلي حصلت بمقتضاه على 12 مليار دولار، ثم عادت إلى الصندوق في ذروة الجائحة العالمية لتحصل على 2.8 مليار دولار في إطار برنامج التمويل السريع، وأخيراً 5.2 مليار دولار في إطار برنامج الاستعداد الائتماني.
وتراجع احتياطي مصر من النقد الأجنبي بنحو 7.6 مليارات دولار، بمعدل يصل إلى 18 في المئة خلال النصف الأول من العام الحالي، بعدما تراجع الرصيد من نحو 41 مليار دولار في يناير (كانون الثاني) الماضي، ليسجل نحو 33.38 مليار دولار مع نهاية يونيو (حزيران) الماضي.
من جانبه، رأى الباحث في مجال الاقتصاد الكلي هاني توفيق أن تراجع قيمة الجنيه "لا علاقة له بقوى العرض والطلب على العملة الأجنبية"، موضحاً أن ما يحدث ما هو إلا "تحريك للعملة على استحياء". وأشار إلى أن "صندوق النقد الدولي يطالب دائماً بالإفصاح عن القيمة الحقيقية العادلة للعملة المحلية في الأسواق الدولية، فالصندوق يطلب أن تكون العملة المصرية مقابلة نظيرتها الأميركية في نطاق 21.5 جنيه وحتى 22 جنيهاً حتى يتم اتفاق القرض لمصر"، مؤكداً أن "صندوق النقد يستند في تقييم العملة إلى توقعات المؤسسات المالية الدولية المتخصصة".