Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفاقم مآسي السيول والأمطار في السودان وإعلان ولايتين منطقتي كوارث

أودت بحياة أكثر من 79 شخصاً وأصابت أكثر من 31 وتضرر 37391 منزلاً وسط انتشار سوء التغذية ومخاوف من انتشار الأمراض

آلاف الأسر السودانية من سكان عشرات القرى ممن شردتهم الأمطار والسيول التي اجتاحت معظم مناطق وسط وشمال وشرق السودان باتت تتوسد العراء في ظروف إنسانية وصحية غاية في الصعوبة والتردي. المحظوظون فقط هم من وجدوا لهم موطئ قدم داخل المؤسسات الحكومية والمدارس والمراكز الصحية كملاذ ومأوى بديل. هكذا أفاق السودانيون على وقع مأساة حقيقية بدأت ببعض تجمعات للسحب، لكنها سرعان ما تصاعدت إلى نكبة تتجه بقوة نحو كارثة تكرر نفسها كل عام، كانت أكثر الولايات تضرراً منها هي نهر النيل والجزيرة وجنوب دارفور وغرب كردفان وسنار.

المقبل أخطر

بينما يتوقع أن تستمر الأمطار على نحو أكثر خلال الفترة المقبلة لا يزال عداد الضحايا والخسائر يضيف يومياً أعداداً جديدة رافعاً أرقام الخسائر البشرية والمادية لتزداد الأوضاع تعقيداً ومأسوية في ظل انعزال المناطق المنكوبة إثر المياه عن المدن الرئيسة ومصادر الغذاء والدواء والكساء وفي ظل تهديدات ومخاوف من تطورات صحية وبيئية خطيرة حقيقية ماثلة.

وتتصاعد كل يوم حصيلة الخسائر البشرية والمادية الضخمة التي تسببت فيها الأمطار والسيول والتي بلغت تضرر 37391 منزلاً، تدمر منها كلياً أكثر من 15184 منزلاً، وجزئياً 22207 منزلاً. فيما أودت بحياة أكثر من 79 شخصاً، وإصابة أكثر من 31 شخصاً، كما تهدمت 103 مرافق ومخازن ومتاجر، وفق إحصائية مجلس الدفاع المدني حتى السبت 20 أغسطس (آب) الحالي، قابلة للزيادة بحسب ما أفاد به لـ "اندبندنت عربية" المتحدث الرسمي للدفاع المدني العميد شرطة عبد الجليل عبد الرحيم.

 

 

إزاء الوضع المتدهور والتفاقم المتصاعد للأوضاع شكل رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لجنة عليا لدعم المتأثرين من السيول والأمطار، ووجه بتسخير إمكانات القوات المسلحة والدعم السريع وجهاز الاستخبارات العامة والشرطة ومنظومة الصناعات الدفاعية لدعم المتضررين بالمناقل وبقية ولايات السودان، وعقد رئيس مجلس السيادة اجتماعاً طارئاً نهاية الأسبوع الماضي بقادة القوات المسلحة والأجهزة النظامية، ووجه اللجنة العليا للمتأثرين بالسيول والأمطار، إضافة إلى اللجان الولائية بدعم المنكوبين بسبب السيول والفيضانات.

من جانبه وجه نائب رئيس مجلس السيادة قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) القوات بتسيير أربع قوافل لولايات الجزيرة، كسلا وسنار وغرب كردفان المنكوبة بالسيول والأمطار.

دعم ومؤازرة عربية

على الصعيد ذاته، واستجابة إلى اتصالات من رئيس مجلس السيادة الانتقالي ينتظر أن يصل البلاد دعم من كل من السعودية، والإمارات، ومصر وقطر تضامناً مع السودان في محنته ومساعدة للمتأثرين في الولايات.

وبحثت وزارة الخارجية الخطوات العملية للتواصل مع الدول الشقيقة ومنظمات العون الإنساني الدولية والإقليمية والمنظمات غير الحكومية لحشد دعمها والاستعانة بإمكاناتها وخبراتها، لا سيما في توفير الاحتياجات العاجلة المتمثلة في معينات الإيواء وتوفير المواد الغذائية والأدوية والأمصال للمتضررين.

واستعرض وكيل وزارة الخارجية بالإنابة دفع الله الحاج في اجتماع عاجل، متابعة تنفيذ خطتها لحشد الدعم الدولي والإقليمي لدرء ومعالجة آثار السيول والفيضانات في البلاد، وتم توجيه سفارات السودان في الخارج بالتواصل مع السلطات المتخصصة والتنسيق مع الجاليات السودانية في منطقة التمثيل لحشد المساعدات الإغاثية والإنسانية والمشاركة في معالجة الأضرار التي خلفتها السيول.

وعقد المجلس القومي للدفاع المدني برئاسة عنان حامد محمد، وزير الداخلية المكلف رئيس المجلس، اجتماعاً طارئاً أوصى فيه بحصر كل الدعم المتوفر خصوصاً مواد الإيواء وغيرها وتوزيعها بعدالة وعاجلاً للولايات الأكثر تأثراً في نهر النيل والجزيرة وكسلا وسنار.

تحذيرات صحية

 حذر وزير الصحة الاتحادي عضو المجلس من جرف السيول والأمطار لمخلفات التعدين واختلاطها بالمياه في ولاية نهر النيل، مما يتسبب في أضرار صحية تتطلب وعياً مجتمعياً كبيراً، فضلاً عن مشكلات المياه وإدارة معالجتها بالكلور، و صحة البيئة ونواقل الأمراض لارتباطها بالحيوان.

في ولاية الجزيرة وسط السودان بمحلية المناقل تتفاقم مأساة إنسانية لأوضاع السكان في عشرات القرى التي أغرقتها تماماً السيول والأمطار التي لم تشهدها في تاريخها الطويل، وعزلتها عن الطرق المؤدية إلى المستشفيات والمراكز الصحية وإمدادات الغذاء، وقامت القوات الجوية وسلاح المهندسين بدفع طائرات عمودية وقوارب إنقاذ وفرق من القوات الخاصة لمعاونة السلطات الولاية في عمليات البحث والإنقاذ والإخلاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بحسب غرفة الطوارئ بمحلية المناقل بولاية الجزيرة فقد تأثرت بالسيول نحو 89 قرية ومجمعاً سكنياً وبلغ عدد المنازل المنهارة كلياً 2591 منزلاً، و4695 منزلاً تضرر جزئياً وهناك 1102 منزلاً آيلاً للسقوط، فضلاً عن تهدم عدد من فصول المدارس وجرف 4770 فداناً.

المناقل منطقة كوارث

من جانبه، أعلن إسماعيل عوض الله العاقب، والي ولاية الجزيرة المكلف محلية المناقل منطقة كوارث مناشداً الحكومة الاتحادية ومنظمات المجتمع المدني الإسهام في تخفيف الأضرار بتوفير معينات لإيواء المتأثرين، واستنفر جميع أجهزة الحكومة للتدخل السريع لتوفير الدعم الطبي وإيواء المتأثرين بالكارثة التي أدت إلى انهيار أكثر من 3 آلاف منزل.

وأشاد العاقب لدى تفقده المناطق المـتأثرة على ظهر مروحية برفقة فريقه الحكومي والقوات الخاصة بالجهود المبذولة لإعادة فتح طريق مدني – المناقل لتسيير قوافل.

وفي ولاية نهر النيل يتضاعف حجم المأساة ويعاني المنكوبون في أكثر من 25 قرية تهدمت بيوتهم ويجابهون مشكلة انسياب تدفق إمدادات مواد الإيواء ومياه الشرب والأدوية المنقذة للحياة، خصوصاً في ظل المشكلات والمعوقات التي تواجه المنظمات الطوعية وهيئات العون الإنساني.

وتساءل ناشطون من أبناء محلية المناقل عن كيفية صعود مياه السيول إلى هضبة المناقل التي يبلغ ارتفاعها نحو 412 متراً فوق سطح البحر، وهو موقع يمنع بقاء أي مياه عليه، فلماذا لم تتصرف المياه إلى الأماكن الأكثر انخفاضاً؟ وتم تداول وسم (من أغرق المناقل؟) بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي مطالبين الحكومة الاتحادية بفتح تحقيق حول تلك التساؤلات التي وصفوها بالبريئة، متسائلين "هل تم إغلاق النيل الأزرق في خزان سنار، وفتح بوابات الري في ترعة المناقل الرئيسة؟".

غير أن مصطفى دفع الله أمين عام حكومة ولاية الجزيرة أرجع السيول والأمطار التي شهدتها الولاية للتغيرات المناخية، فيما أكد قسم الله خلف الله، مدير عمليات الري قفل جميع قنوات الري من الخزان وتفريغ كل القنوات لكن السيول تجاوزت حجم القنوات.

 

في ولاية كسلا شرق السودان، وبخلاف الأمطار والسيول، يواصل نهر القاش المتمرد تهديده لحياة سكان تلك المناطق، ويروي أحد السكان المتضررين اللحظات العصيبة التي دهمتهم فيها المياه المندفعة بغزارة إلى داخل المنازل، ولم تترك لهم خياراً سوى النجاة بأنفسهم وأسرهم تاركين خلفهم كل ممتلكاتهم.

يقول المواطن محمد صالح بشيري، "كان مشهداً مفزعاً ومربكاً، فارتفاع الماء يصل إلى مستوى الركب ولم يعد هناك مفر إلا الهروب والنزوح، كان همي إنقاذ أسرتي وأطفالي وقد نجحت في إخراجهم في الوقت المناسب، لكن الواقع الآخر الذي وجدناه كان هو العراء المفتوح مع عدم توفر الماء والغذاء"، واستنجد بشيري بحكومة المركز بعد أن انتقد حكومة الولاية التي لم توفر لها أي شيء، ونحن الآن بحاجة ماسة للغذاء وأطفالنا جوعى".

جنوب دارفور والكارثة

وفي جنوب دارفور، أعلنت اللجنة العليا للطوارئ الولاية منطقة كوارث بعد ارتفاع الخسائر البشرية والمادية، إذ بلغ عدد ضحايا السيول والفيضانات التي اجتاحت معظم أرجاء الولاية خلال الشهرين الماضيين 22 شخصاً بينهم أطفال.

وتبحث اللجنة العليا في اجتماع طارئ كيفية إغاثة المتضررين وتوفير مواد الإيواء لاحتواء الأوضاع الكارثية في الولاية، مع ضرورة التحوط للمشكلات الصحية التي أفرزتها الكارثة.

وقال الوالي المكلف التجاني حامد هنون، إن الأمطار والسيول اجتاحت 11 محلية في الولاية من جملة 22 محلية، كما اجتاحت سد أم دافوق، وشردت 30225 أسرة بتسببها في انهيار 9229 منزلاً، و110 هكتارات من الأراضي الزراعية جرفتها السيول فضلاً عن تأثر 712 ألفاً من النازحين في المعسكرات، في محليات جنوب كاس وعد الفرسان وكتيلة وتلس برام بليل رهيد البردي.

وكشف هنون عن أوضاع إنسانية حرجة للغاية تعيشها الأسر المشردة ومخاوف صحية جدية من تفاقم الوضع الصحي مناشداً الحكومة المركزية وغرفة الطوارئ تقديم مساعدات إنسانية عاجلة لتلافي مضاعفات أكثر للأوضاع، مشيراً إلى أنه أبلغ مجلس السيادة ممثلاً في عضوه الهادي إدريس بحقيقة الوضع والأضرار والمطلوبات.

غرق معسكرات النازحين

وفي معسكرات النازحين بدارفور عمقت الأمطار والسيول الجراح على سكانها بأكثر مما يعانون وكشف آدم رجال الناطق الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين هناك في تصريح خاص عن ترد مريع للأوضاع الإنسانية في معسكرات النازحين نتيجة الأمطار والسيول التي تسببت في انهيار نحو 7 آلاف منزل بصورة كلية وجزئية، ودمرت عدداً من المدارس والمراكز الصحية، ومراكز المرأة داخل معسكر "كلمة وحدة".

أشار رجال، إلى أن كارثة الأمطار والسيول جاءت في وقت تأخر فيه صرف الحصص الغذائية من برنامج الأغذية العالمي المخصصة للنازحين في دارفور لمدة ثلاثة أشهر، مما زاد من تعقيد الوضع الإنساني والصحي وباتت الأوضاع غير محتملة، مبيناً أن انتشار تراكمات المياه الراكدة تهدد بظهور الكوليرا، والملاريا في معسكر كلمة.

وأشار المتحدث باسم منسقية النازحين، إلى أن تأخر صرف الحصص الغذائية تسبب في سوء تغذية حاد ومتوسط ووقائي وبلغت حالات سوء التغذية الحاد للأطفال دون سن الخامسة الذي يتطلب علاجا خارجياً 767 طفلاً، و35 بالعلاج داخل المعسكر، بينما بلغت حالات سوء التغذية المتوسط للفئة ذاتها من الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات 909 حالات، فضلاً عن 616 حالة سوء تغذية وقائي.

لفت رجال، إلى عدم توفر أي رعاية من أي جهة لفئات الأطفال ما فوق سن الخامسة والمسنين أو الحالات الخاصة بشكل عام، وتركوا ليواجهوا الموت فحسب، وقد شهد أغسطس (آب) الحالي وحده وفاة 7 أطفال جراء سوء التغذية الحاد.

وأضاف متحدث النازحين أن معسكرات كأس البالغة 36 معسكراً، تعيش أيضاً أوضاعاً إنسانية وصحية صعبة، إذ أدت السيول والأمطار إلى انهيار 1072 منزلاً منها 479 بشكل كلي و593 جزئياً.

وطالب رجال، بضرورة تدخلات إنسانية من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية لإنقاذ الضحايا النازحين الذين يواجهون الموت البطيء من الجوع والأمراض وقسوة الظروف.

الخرطوم تتحسس خطواتها

وفي الخرطوم تتواصل التدابير والجهود لتصريف المياه المتراكمة في الشوارع والمنخفضات، حيث كشفت جولة ميدانية لوالي الخرطوم المكلف أحمد عثمان حمزة عن تعديات كبيرة على مصارف مياه الأمطار برمي مخلفات المباني والأنقاض تمنع التصريف وتتسبب في تراكم المياه.

وعقد حمزة، اجتماعا مشتركاً مع المديرين التنفيذيين لمحليات الولاية وآلية الحد من مخاطر السيول والفيضانات في هيئة الطرق والجسور ومصارف المياه، تقرر فيه وجود المسؤولين عن الخريف بالميدان واستنفار كل الآليات للتصريف السريع للمياه في ظل غزارة الأمطار المتوقع هطولها خلال الأيام المقبلة.

كما وقف الوالي المكلف، على ترتيبات توفير احتياجات الإيواء والغذاء ودعوة المنظمات الوطنية والأجنبية لاجتماع عاجل في شأن طوارئ الخريف.

وفي ولاية القضارف، يبدو المشهد أقل مأسوية، حيث تسببت الأمطار الغزيرة في ارتفاع مناسيب نهر الرهد واجتياحه لمناطق دار السلام بمحلية القلابات الشرقية، ما أدى إلى انهيار أكثر من 40 منزلاً وتحاصر المياه عدداً آخر من القرى والمنازل.

مزيد من التحوطات

وحذرت الأمين العام لهيئة الأرصاد الجوية عضوة المجلس من مؤشرات موسم هذا العام بأن الأمطار ستصل إلى أعلى من المعدل في هذه الفترة من الجبهة ذات الأمطار والسيول المفاجئة على أغلب ولايات البلاد، مما يتطلب أخذ الحيطة والحذر بخاصة المناطق المنخفضة التي تتأثر بالأمطار والسيول بكثافة. وتتكرر كوارث السيول والأمطار بصورة شبه سنوية في السودان نتيجة تدهور البنية التحتية، حيث شهد العام الماضي تضرر أكثر من 18 ألف منزل وما يقارب من 90 ألف مواطن في معظم ولايات البلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير