Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف عطلت راجمات الصواريخ "هيمارس" التقدم الروسي العنيف؟

يعود الفضل لنظام الراجمات الصاروخية العالية الحركة في شل التقدم الروسي ولكن هل يمكنه أن يقلب الموازين؟

راجمة الصواريخ "هيمارس" تطلق النار (أ ب)

تستخدم القوات الأوكرانية في حربها ضد الغزو الروسي راجمات الصواريخ الأميركية الصنع خالفةً تأثير مدمر [لإلحاق الخسائر الكبيرة في القوات الروسية]، لدرجة أن أوكرانيا طلبت العشرات من هذه الأنظمة في محاولة منها لقلب مجرى الأمور.

وبحسب المسؤولين العسكريين الأميركيين والأوكرانيين، فإن نظام الراجمات الصاروخي عالي الحركة المعروف باسم "هيمارس" (HIMARS)، وهو عبارة عن قاذفة صواريخ مثبتة على شاحنة، عاث خراباً في المواقع الروسية بعيداً من خطوط المواجهة الأمامية، مما أدى إلى تدمير مراكز قيادة ومستودعات ذخيرة.

وفي تصريح تلفزيوني الإثنين، قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف إن قوات بلاده استخدمت هذا النظام الصاروخي لتدمير أكثر من 50 مستودع ذخيرة روسي منذ أن حصلت عليه أوكرانيا من الولايات المتحدة الشهر الماضي، وأشارت تقارير صادرة عن قادة موجودين على أرض المعركة إلى أن هذا النظام لعب دوراً أساسياً في شل التقدم الروسي في منطقة دونباس.

وفي هذا السياق تم تسليم أول نظام هيمارس إلى أوكرانيا خلال شهر يونيو (حزيران)، في وقت كانت القوات الأوكرانية تعاني خسائر فادحة تكبدتها في دونباس، وأعلنت الـ "بنتاغون" تسليم أربعة أنظمة إضافية يوم الجمعة، مما يرفع العدد الإجمالي إلى 16، كما قامت الولايات المتحدة بتدريب 200 جندي أوكراني على تشغيل هذا النظام.

ويمنح نظام "هيمارس" القوات الأوكرانية القدرة على إطلاق الصواريخ في شكل أسرع وبدقة أكبر من أي وقت مضى. وتقوم القاذفات المثبتة على شاحنة بإطلاق صواريخ موجهة بواسطة نظام تحديد المواقع (GPS) بوسعها أن تصيب أهدافاً على بعد 50 ميلاً (80 كيلومتراً)، أما الشاحنات التي تطلق منها هذه الصواريخ فهي خفيفة وصعبة الرصد مما يصعب على روسيا مهمة تدميرها.

وأثنى القادة العسكريون الأوكرانيون والأميركيون على نجاح هذا النظام، ففي إحاطة صحافية موجزة في الـ "بنتاغون" الأسبوع الماضي، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى في وزارة الدفاع إن الأوكرانيين كانوا "يحققون استهدافاً بغاية الدقة للمواقع الروسية الحاسمة بواسطة نظام ’هيمارس‘".

وخلال الإحاطة الإعلامية نفسها وصف أحد كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين نظام "هيمارس" بأنه "أكثر الأمور التي عليها طلب في أوكرانيا" بسبب فعاليته في تعطيل العمليات الروسية.

وصرح المسؤول لـ "اندبندنت" أن "الأوكرانيين في وضع جيد، ويملكون حالياً تأثيراً فعالاً على قدرة روسيا في تنفيذ العمليات. لقد صب الأوكرانيون كامل تركيزهم وجهدهم على استهداف مواقع القيادة والإشراف الروسية ومواقع الإمدادات اللوجستية لتشمل أنواع الإمدادات كافة وخصوصاً الذخائر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف المسؤول أن الهجمات على مراكز القيادة كان لها أثر كبير في الهجوم الروسي الحالي في جنوب شرقي أوكرانيا.

ومضى في القول، "نعرف من خلال الطريقة التي يحارب فيها الروس بأنهم يحتاجون إلى من يملي عليهم ما يتوجب فعله [قيادة عمودية]، وعندما تكون قادراً على تصفية الأشخاص الذين يملون عليهم ما يجب فعله، تكون بالتالي قادراً على منع هؤلاء الأشخاص من المضي قدماً، ونحن نرى أن هذا بالضبط ما يحدث، ونرى مؤشرات إلى أن الروس يحاولون التكيف مع التأثير الذي يتركه نظام ’هيمارس‘ عليهم".

ومنذ أن بدأ الاجتياح الروسي للجارة الأوكرانية في الـ 24 من فبراير (شباط) من العام الحالي كان الإمداد بالأسلحة الغربية أمراً حاسماً ومصيرياً للدفاع الأوكراني، وخلال معركة الاستحواذ على العاصمة كييف، عندما قامت القوات البرية الروسية بعدد من المحاولات لتطويق المدينة والإطاحة بالحكومة الأوكرانية، كانت صواريخ "جافلين" الأميركية الصنع و"نلاو" (NLAW) ("الجيل القادم من الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات") الموجهة والمضادة للمدرعات التي صنعت في المملكة المتحدة هي التي أسهمت في قلب مجرى الأحداث.

وعندما تخلت روسيا عن الدفع باتجاه كييف وركزت كل قواتها في جنوب شرقي البلاد في محاولة للاستحواذ على منطقة دونباس عوضاً عن ذلك، امتلكت موارد تفوق من جديد [غلبت كفتها]، إذ هيمنت على المعركة الأسلحة المدفعية التي تملك منها روسيا أنظمة وذخائر أكثر تطوراً.

وسرعان ما تزايدت الخسائر الأوكرانية، ففي أوائل شهر يونيو قال ميخايلو بودولياك أحد كبار مساعدي الرئيس الأوكراني، لقناة "بي بي سي"، إن بين 100 و200 جندي أوكراني يقتلون يومياً في الجبهة الأمامية لدونباس، ولكن مع وصول أول شحنة من نظام "هيمارس" إلى أوكرانيا تبدل كل هذا.

ووصف روب لي، وهو زميل باحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية (FPRI) وجندي سابق في البحرية الاميركية يتتبع الخسائر في الآليات الروسية، نظام "هيمارس" بأنه "نظام أسلحة عالي الدقة" ولعب دوراً أساسياً في الحد من أفضلية المدفعية الروسية.

وفي تصريح إلى "اندبندنت" قال إن "نسبة خطر استهداف المدفعية الروسية لهذا النظام أقل، لأنه يمكن تشغيله في الليل وليس بالضرورة أن تملك طائرات من دون طيار لمراقبة الهدف، كما أنه بوسعك إجراء تقويم في وقت لاحق".

وأضاف بأنه تم نشر أول فيديو لنظام "هيمارس" أثناء تشغيله في أوكرانيا في الـ 24 من يونيو، ومنذ ذلك الحين أصبحت مقاطع الفيديو التي تظهر مخازن ذخيرة تتعرض للقصف بواسطة نظام "هيمارس" أمراً يتكرر في شكل يومي.

وتابع، "قال الأوكرانيون إن الروس يطلقون عدداً أصغر من الذخائر المدفعية نتيجة لذلك، وهذا الانخفاض يمنح القوات البرية الأوكرانية فرصة أفضل للدفاع عن مواقعها"، مشيراً أنه نتيجة لذلك "لم يحقق الجانب الروسي مكاسب كبيرة" خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.

والسؤال الذي يطرح هو إن كان نظام "هيمارس" سيكون فعالاً لأوكرانيا كي تطلق هجوماً مضاداً، وقال ريزنيكوف في إطلالة مصورة في المجلس الأطلسي في أوائل الشهر الحالي إن قواته ستحتاج إلى عشرات الأنظمة الإضافية لتحقيق هذا الهدف.

وقال بحسب ما نقلت عنه صحيفة "واشنطن بوست"، "للقيام بهجوم مضاد نحتاج على الأقل إلى 100 ’هيمارس‘ وسيقلب هذا الأمر موازين اللعبة".

وأرسلت الولايات المتحدة حتى الآن أسلحة ودعماً لأوكرانيا بقيمة 8.2 مليار دولار (6.8 مليار جنيه استرليني) في عهد الرئيس جو بايدن، وأعلنت الـ "بنتاغون" الجمعة بأن آخر شحنة تضمنت معدات بقيمة 175 مليون دولار (146 مليون جنيه استرليني) سحبت من المخزون العسكري الأميركي الموجود.

وفيما يطالب المسؤولون الأوكرانيون بالحصول على نظام "هيمارس" وأنظمة مشابهة أخرى، قال لي إنهم قد يجدون أنفسهم يتأقلمون مع تحول آخر في الوضع إذا أرادت أوكرانيا المضي في الهجوم. وأضاف، "من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار أنه لا وجود لأسلحة عجيبة. كانت أنظمة ’هيمارس‘ فعالة للغاية خلال الشهر الماضي، ولكن روسيا ستتأقلم مع مرور الوقت".

وأضاف موضحاُ أنه في سبيل الاستحواذ على الأراضي ستحتاج أوكرانيا إلى مجموعة جديدة من المهارات والعتاد، "يحتاجون إلى دبابات وطائرات من دون طيار وذخائر مدفعية، وهم بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على القضاء على الأهداف وإلى وحدات مدربة في شكل جيد بما يكفي للقيام بعمليات عسكرية مشتركة. نظام ’هيمارس‘ بحد ذاته ليس كافياً، فهم يحتاجون إلى مكونات أخرى لشن عملية هجومية فعالة".

 نشر في اندبندنت بتاريخ 27 يوليو 2022

© The Independent

المزيد من دوليات