تتميز أعراس الجزائر بتنوع الألبسة التقليدية التي ترتديها العروس، الأمر الذي يجعل من الاحتفال مناسبة لعرض الأزياء، لكن على الرغم من تشابه المراسيم يبقى خروج العروس من بيت عائلتها يختلف من منطقة لأخرى، لباساً وليس طريقة.
ويبدو أن مناسبات الأعراس لم تسلم من عواصف العولمة، التي مست كل مناحي الحياة، وقد غيرت العديد من الطباع والممارسات بلغت حد إدخال أعراف جديدة، مثل الاستعانة بـ"دي جي" بدل الفرق الموسيقية، وباستقدام "طهاة" بدل تولي العائلات المهمة، وكراء الألبسة والمجوهرات بدلاً من اقتنائها والاحتفاظ بها للذكرى والتباهي، وغيرها من الأمور التي باتت تزاحم التقاليد والعادات.
غير أن الذي بقي ثابتاً هو تمسك العروس بارتداء لباس منطقتها الذي يعبر عن انتمائها حين الخروج من بيت أهلها وهي تزف إلى زوجها.
اللباس التقليدي والعولمة
مصممة الأزياء جميلة بوعلي، قالت إن اللباس التقليدي، وعلى الرغم مما يمثله بتنوعه وثرائه من خصوصيات سوسيوثقافية وتاريخية جعلت منه قيمة مقدسة، فإن رياح العولمة عصفت به، وأضافت بوعلي أن الحرفيين يكافحون من أجل الحفاظ على خصائص ومميزات اللباس الجزائري، وهو ما رفع من كلفته ولم يعد في متناول الجميع، وأشارت إلى أن هناك عوامل عدة أسهمت في تجاوز الألبسة التقليدية في أعراس الجزائريين بعد أن كانت النقطة الفارقة، غير أن خروج العروس من بيت زوجها لا يزال يحافظ على تقاليده من خلال ارتداء لباس المنطقة، في شكل افتخار بالانتماء.
تنوع لافت
يعتبر اللباس التقليدي من المقومات الثقافية التي تبرز مدى تمسك الفرد بهويته وتراثه، وفي الجزائر التنوع الحضاري فرض تنوعاً في الأزياء التقليدية لكل شبر من مناطقها، فـ"القفطان" صار الزي الشعبي في محافظتي "الجزائر" العاصمة، و"البليدة"، وسط البلاد، في حين يعد لباس "الشدة" الأكثر تمثيلاً لمنطقة تلمسان.
وترمز "البلوزة" لمحافظة "وهران"، غرب الجزائر، وهو فستان مرصع بالأرابيسك المذهب والأحجار اللامعة، كما تخص "قندورة القطيفة" المطرزة بالخيوط الذهبية جهة "قسنطينة"، شرق الجزائر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتميز "النايلي" بأنه زي ملكي تشتهر به المرأة بمنطقة "الجلفة" شبه الصحراوية، التي تعتبر عاصمة "أولاد نايل" أكبر قبيلة في الجزائر، وهو اللباس الذي لا تكتمل فرحة العروس إلا بارتدائه، كما تتزين العروسة الصحراوية بمنطقة "وادي سوف" بـ"الباخمار".
بينما تشتهر منطقة "الأوراس"، شرق البلاد بـ "الملحفة الشاوية"، التي تتكون من لحاف عريض مموج يكسو جسد المرأة، به نقوش تعبر عن أصالة الثقافة الأمازيغية ورموزها التي تعني الحرية ونبذ القيود، وما يزيده تفرداً وفخامة هو الحلي الفضية، في حين تعد "الجبة القبائلية" من أهم الألبسة التقليدية في الجزائر، وهي ترمز إلى منطقة القبائل، وعلى الرغم من أنها باتت تلبس بصفة يومية، فإن خروج العروس القبائلية من بيت أهلها لا يمر من دون ارتدائها.
هوية الذات و"التصديرة"
وفي السياق ذاته، قال الناشط السياحي المهتم بالتراث العمري قابش إن اللباس التقليدي الأصيل من المقومات الثقافية المعبرة عن انتماء الحضارة لأعرافها التراثية التي تبرز قيم صمودها وارتقائها في التمسك بهوية الذات، والتعريف بتقاليد المنطقة التي تنبع على تشريفها لتتميز بتنوعها التراثي الذي يروي المبادئ المحافظة لتعاقب الأجيال.
وبالعودة إلى تقاليد حفلات الزواج في الجزائر في جانبها النسائي، فإن "التصديرة" التي تعني عرض أزياء تقدمه العروس أمام الحضور بوصلات موسيقية، أهم مرحلة تسعى النسوة وعلى رأسهن العروس لإنجاحها، لما لها من قدسية ثم تباه، حيث يختلف عدد الألبسة نوعاً وتطريزاً وثمناً من عائلة إلى أخرى، لكن تنتهي كلها بارتداء لباس المنطقة أو القبيلة أو العشيرة، عند الخروج من بيت العائلة باتجاه بيت زوجها في موكب من السيارات، حيث تدخل برجلها اليمنى عند وصولها بيتها العائلي الثاني، وتتناول حبات التمر وكأساً من الحليب، ليبدأ الجزء الثاني من حفلة الزفاف أو "العرس".