Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طقوس الأعراس في الصحراء المغربية طحين و"تكاليع البنود" وخطف

حفلات غنية بالتقاليد المتوارثة عن الأجيال السابقة تجمع شمل العائلات بين الوطن والاغتراب

رقصة الكدرة حاضرة في الأعراس الصحراوية (مواقع التواصل)

بحلول فصل الصيف ينطلق موسم تنظيم حفلات الأعراس في عديد من مناطق المغرب، حيث تجتمع الأسر مغتنمة العطل السنوية للأبناء خصوصاً وقدوم الأسر المغتربة في الخارج، ما يجعل الصيف المغربي مليئاً بحفلات الزفاف على وجه الخصوص.
وبقدر ما تختلف كل جهة ومنطقة جغرافية عن الأخرى في ما يتعلق بعادات حفلات الأعراس غير أن منطقة الصحراء المغربية تظل لوحدها منفردة بعادات وتقاليد جميلة وطقوس اجتماعية مثيرة، بعضها بدأ يسير نحو الاندثار وبعضها الآخر لا يزال يحافظ على راهنيته.
وقد لا يمكن حصر العادات والطقوس الضاربة في تاريخ منطقة الصحراء لكثرتها وتنوعها، غير أن أكثرها جمالية وإثارة، وفق باحثين في التراث الحساني الصحراوي، تتمثل في عادة "الطحين" وطقس "تكاليع البنود" وطقس "الترواغ" الذي يعني اختطاف العروس، وغيرها من الطقوس التي تؤثث حفلات الزفاف الصحراوية.

تحضيرات عام كامل

وتكاد تتوقف "الحياة العادية" في مدن وبوادي الصحراء بحلول شهري يوليوز وغشت يوليو(تموز) وأغسطس(آب) ذروة فصل الصيف عندما يكثر تنظيم حفلات الزفاف بالنظر إلى اجتماع الأسر والتئام الأهل والأحباب.
وتغتنم العائلات ذات الأصل الصحراوي أو التي تقطن في مناطق الصحراء شهرَي الصيف بالخصوص لتنظيم حفلات الأعراس، إذ تقضي الأُسر التي تعيش في بلدان أجنبية في الغالب عطلها السنوية وتعود إلى البلاد لتمضية الإجازات الصيفية.
وتخص العائلات الصحراوية حفلات الزفاف بكثير من الاهتمام والعناية كونها مناسبات عائلية لا تتكرر كثيراً، كما أن "اللمة الأسرية" لا تنعقد سوى مرة واحدة في الصيف، وهو ما يجعل الزفاف حدثاً سعيداً بارزاً يُقام له ولا يُقعد في المجتمع الصحراوي.

وتقول زهرا ميماتي وهي سيدة ستينية من مدينة طانطان، إن حفل الزفاف إذا كان يمتد يوماً أو ثلاثة أيام فإن تدبير هذه المناسبة يكون طيلة أشهر من التحضيرات والتجهيزات للحفلات.
وتكمل المتحدثة ذاتها بأن حفلات الزفاف في مناطق الصحراء تكون غنية بالتقاليد المتوارثة عن الأجيال السابقة، مضيفةً أن هذه العادات والطقوس تزيد في توطيد علاقات الأسر والمصاهرة بشكل كبير.
ووفق السيدة ميماتي فإن طقوس وعادات وتقاليد حفل العرس الصحراوي تتسم في مجملها بالمحافظة على الأصالة والأخلاق والفرجة البريئة بعيداً من مظاهر التكلف والبذخ المفرط الذي يوقع العروسين في مشكلات عدة في بداية حياتهما الزوجية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الطحين

هذه العادات والطقوس في حفلات الأعراس الصحراوية يتحدث عنها الدكتور بوزيد الغلى الباحث في التراث الصحراوي بالقول إن الزفاف تسبقه الخطوبة التي لها بدورها طقوس معينة، منها وضع علامة على يد الفتاة أو على شعرها دلالة على أنها "معكودة"، أي إنها معقودة من طرف زوج المستقبل.
والفتاة المخطوبة، وفق الباحث في التراث الحساني، تخضب يديها بالحناء استعداداً لحفل الزفاف، لكن يُمنع أن تضع الحناء على رجليها إلا بعد أن يتم الزفاف، وهي عادة اجتماعية في الصحراء انحسرت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.
وينتقل الغلى إلى شرح طقس "الطحين" وملخصه أن والدة العريس تستدعي جاراتها وقريباتها في اليوم الذي يسبق حفل الزفاف وتمسك بمعية سيدة متزوجة لم يسبق لها الزواج مرتين، برحى حجرية، وكميات شعير غير منقى يتم تشذيبه وتنقيته.
وتأمر أم العريس شاباً شرط أن يكون عازباً أو طفلاً بأن يضع باكورة الطحين المنقى في الرحى قبل أن يتم تحريكها مرفقة بأهازيج وأشعار حسانية خاصة في منطقة الصحراء.


"تكاليع البنود"

وأما طقس "تكاليع البنود"، وفق التسمية الصحراوية فمداره حول قماش أبيض متين يتجاذبه أهل العريس وأهل العروسة في ما بينهم، في ما يشبه لعبة شد الحبل التي تعتمد على قوة الجذب بين الطرفين لتنتهي العملية بفوز أحدهما على الآخر في أجواء مرحة وسعيدة.
وفي قراءة لهذا الطقس الذي يرافق حفل الزفاف الصحراوي يقول الخبير ذاته، إن القماش الأبيض رمز للخير والسلام والمودة، وأما الشد والجذب فهو عبارة عن إقرار ضمني وغير مباشر بوجود مقاومة وتقاطب بين طرفَي العرس، فكل طرف يجر إلى جهته لكسب الرهان و"اللعبة".

وتتنوع طقوس العرس الصحراوي من خلال عادة إشهار الهدايا التي قدمها العريس للعروس من طرف "امرأة صانعة" أمام الحضور وعلى رؤوس الأشهاد، تفاخراً بما جلبه الرجل لزوجته.
وتبعاً للمصدر ذاته فإن "النكافة" وهي السيدة التي تقوم بتجهيز العروس وتلبيسها أزياء الحفل وتتكفل بأدق تفاصيل الزفاف، لا يتم الاعتماد عليها في حفلات الزفاف الصحراوي، بل تقوم بالمهمة سيدات العائلة بخاصة كبيرات السن منهن.
وتتردد في حفلات العرس الصحراوي عبارات من قبيل "مولاي"، ويقصد بها العريس و"مولاتي" ويقصد بها العروسة، حيث يتم الاعتناء بهما من طرف أقرب الأقربين لهما وسط رقصة "الكدرة" الشهيرة قبل أن ينزوي العروسان في "خيمة الرك" من أجل ليلة الدخلة.

"الترواغ"... اختطاف العروس

وبخصوص عادة "الترواغ"، فتُعد أكثر الطقوس والعادات إثارةً و"غرابة" في الأعراس الصحراوية، وملخصها هو "اختطاف" العروس بإرادتها من طرف صديقاتها وأهلها ليتم إخفاؤها عن الأنظار في مكان ما بهدف "إرغام" العريس للبحث عن عروسته.
وقد يصل الأمر في عادة الترواغ إلى حد طلب "فريق العروس" فدية معينة من العريس حتى يقبل الكشف عن مكان العروس، وتكون الفدية عبارة عن حلويات وشاي وسكر، وقد يكون كبشاً أملح أقرن، وذلك حسب القدرة المالية للعريس.

وهذه العادة تبقى وفق المهتمين بالعادات الصحراوية فرجةً شعبية تبث شيئاً من الحماسة في نفس العريس وإظهار مدى رغبته في العثور على زوجته، كما أنه إذا مر يوم ولم يجد العريس عروسته "المختفية"، فإنه يشكو الأمر إلى "حكيمات القبيلة" وهن السيدات المجربات والمسنات، حتى يتم الكشف عن مكان العروس.

المزيد من منوعات