Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المخاطر تحاصر اقتصاد العالم مع إفراط البنوك المركزية برفع الفائدة

قوة الدولار تشعل حروب العملات بين صناع السياسة النقدية والديون تتحول إلى قنبلة

سلسلة الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة التي أقرها البنك الاحتياطي الفيدرالي فاقمت الضغوط على البنوك المركزية حول العالم ودفعتها (رويترز)

كشف تقرير حديث عن أن سلسلة الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة التي أقرها البنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة الأميركية، فاقمت الضغوط على البنوك المركزية حول العالم ودفعتها إلى أن تحذو حذوه لمواجهة التضخم المرتفع وارتفاع قيمة الدولار. وكشف عن أن البنوك المركزية تبحث الآن، أكثر من أي وقت آخر، على مدى القرن الحالي، إقرار ارتفاعات كبيرة في أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس أو أكثر، ما يبرز تحديات معالجة ضغوط الأسعار وارتفاع معدلات الفائدة الأميركية.

وذكر أن ارتفاعات الاحتياطي الفيدرالي، بما في ذلك إقرار أول زيادة قدرها 75 نقطة أساس منذ عام 1994، والمخاوف في شأن صحة الاقتصاد العالمي، أدت إلى دعم الدولار الأميركي مقابل جميع العملات تقريباً، وفق ما ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، ونظراً إلى أن عديداً من السلع يتم تسعيرها بالدولار في الأسواق الدولية، فإن الدولار القوي يضيف إلى الضغوط التضخمية عن طريق زيادة كلفة الواردات، ما خلق ما وصفه المحللون بأنه "حرب عملة عكسية" بين صانعي السياسة النقدية.

وحديثاً، رفع بنك كندا سعر الفائدة الرئيس بمقدار نقطة مئوية كاملة، مشيراً إلى أن التضخم في البلاد كان "أعلى وأكثر ثباتاً" مما كان يعتقده البنك المركزي في أوائل الربيع. أيضاً، هناك صانعو سياسات آخرون يعملون في الوقت الحالي، حيث رفعت كوريا الجنوبية ونيوزيلندا أسعار الفائدة، في حين اتخذت السلطة النقدية في سنغافورة والبنك المركزي الفيليبيني قرارات طارئة لتشديد السياسة في وقت سابق، من الخميس الماضي.

الجميع يبحث عن العملة الضعيفة

ويقول جيمس آثي، أحد مديري محفظة السندات بشركة "أبردن"، وهي شركة استثمارية، "أصبحنا نرى ارتفاعاً في أسعار الفائدة بشكل جنوني، وهو عكس ما رأيناه في العقد الماضي، فحالياً، آخر شيء يريده أي شخص هو العملة الضعيفة". وكشف التقرير عن أن صانعي السياسة النقدية في كندا أصبحوا آخر من فاجأ الأسواق بارتفاع أكبر من المتوقع في أسعار الفائدة، وقرروا زيادة بنحو 100 نقطة أساس، الأربعاء الماضي، وهي الأكبر على الإطلاق من قبل اقتصادات مجموعة "السبع" منذ عام 1998، في وقت رفعت فيه الفيليبين أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في اليوم التالي.

وخلال الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو (حزيران) الماضي، تم إجراء 62 زيادة في أسعار الفائدة بما لا يقل عن 50 نقطة أساس من قبل 55 بنكاً مركزياً، وتم إجراء 17 زيادة كبيرة أخرى بمقدار 50 نقطة أساس أو أكثر في يوليو (تموز) حتى الآن، ما يمثل أكبر عدد من التحركات الكبيرة في أسعار الفائدة في أي وقت منذ مطلع الألفية، ويتجاوز أحدث دورة تشديد نقدي عالمية كانت إبان الأزمة المالية العالمية.

وزادت البنوك المركزية في البلدان المعرضة بشدة لضغوط سوق الصرف الأجنبي معدلات الفائدة بمبالغ كبيرة بشكل خاص، وبرزت المجر، حيث ارتفع معدل الفائدة الرئيسة لديها بمقدار 385 نقطة أساس في شهرين فقط، حيث تواجه البلاد التضخم وانخفاض قيمة العملة مقابل الدولار بمعدلات من رقمين.

وترى رئيسة خدمة الاقتصاد العالمي في "كابيتال إيكونوميكس" جينيفر ماكيون أن مكون سعر الصرف مهم في اتخاذ قرارات السياسة النقدية لعديد من الأسواق الناشئة. وأشارت إلى أن الأمر يشمل عديداً من الاقتصادات في أوروبا الناشئة التي تضررت عملاتها بسبب المخاوف الناجمة عن الأزمة الأوكرانية، إضافة إلى بيئة عامة من انعدام الثقة لدى المستثمرين.

مع ذلك، أثر هذا الاتجاه على البنوك المركزية في البلدان الأكثر ثراءً أيضاً، فقد قرر البنك المركزي في كوريا الجنوبية أول زيادة بمقدار 50 نقطة أساس في يوليو الحالي. وأشارت إلى أن البنوك المركزية بحاجة إلى التحرك بسرعة لإخراج المعدلات من المنطقة "التحفيزية"، لا سيما في بيئة يرتفع فيها نمو الأجور وتوقعات التضخم وتزايد المخاطر من أن عدم اتخاذ أي إجراء سيسمح بتطور دوامات أسعار الأجور بشكل سلبي.

ويرى كبير الاقتصاديين الدوليين في بنك "آي إن جي"، جيمس نايتلي، "من الواضح، أنه نظراً إلى إقرار البنوك المركزية الأخرى بالحاجة إلى التعجيل برفع أسعار الفائدة، فإن الاحتياطي الفيدرالي لم يعد بمفرده"، وهذا يعطيها "غطاء أكبر للذهاب بقوة أكبر نحو رفع سعر الفائدة بنسب كبيرة".

ولا يزال نايتلي يتوقع ارتفاعاً بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية في وقت لاحق من هذا الشهر، نظراً إلى المخاوف بين عديد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي في شأن دفع الولايات المتحدة إلى الركود، لكنه أشار إلى أن الزيادة الكاملة بالنقاط "مطروحة بالتأكيد" بسبب الدفعة الأخيرة من بيانات التضخم.

موجات جديدة من التخلف في سداد الديون

وفي إطار مخاطر التضخم والمخاوف المتعلقة بخسائر العملات وظهور موجات جديدة من التخلف عن سداد الديون، يواجه عدد قياسي من الأسواق الناشئة ضغوطاً مع تزايد عمليات بيع الديون، فقد أدى ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة الأميركية إلى هروب المستثمرين من الأسواق الناشئة هذا العام، تاركين خلفهم "عدداً قياسياً من الدول النامية" في مواجهة احتمال التخلف عن السداد.

وفي ظل انخفاض العملات وتضاؤل الاحتياطيات وهوامش السندات البالغة 1000 نقطة أساس، حدد استطلاع حديث أجرته وكالة "رويترز"، عدداً من الدول النامية، بما في ذلك الأرجنتين والإكوادور ومصر وتونس، والتي ترى أنها تقترب من "منطقة الخطر" بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض والتضخم والديون، لكن بحسب محللين، فإنه ليس من الضروري أن تكون هناك سلسلة من التخلف عن السداد في الأفق، وأشاروا إلى أن العوائد المرتفعة للغاية تعد مؤشراً هاماً على الرياح المعاكسة الاقتصادية العالمية أكثر منها مؤشراً على الضغوط المالية في تلك البلدان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال مدير الاستثمار في شركة "أموندي"، "يتعلق هذا بالنفسية أكثر من كونها مخاوف من أن تقع تلك البلدان في التخلف عن السداد". وأضاف، "ولكن إذا ما طال ذلك الأمر، فمن الواضح أنها ستزيد تكاليف الاقتراض لتلك البلدان، وهو ما سيؤثر على قدرتها على السداد".

ركود عميق يطرق الأبواب

وفي وقت تظل فيه مخاطر التضخم قائمة، يتحدث بنك "جي بي مورغان"، عن التوترات الجيوسياسية، والتضخم المرتفع، وتراجع ثقة المستهلك، وعدم اليقين في شأن كيفية ارتفاع المعدلات، والتشديد الكمي الذي لم يسبق له مثيل وتأثيره على السيولة العالمية، جنباً إلى جنب مع الحرب في أوكرانيا وتأثيرها الضار على الطاقة والغذاء العالميين، ومن المحتمل جداً أن تكون للأسعار عواقب سلبية على الاقتصاد العالمي في وقت ما على الطريق.

ورجح "مورغان ستانلي"، اتجاه الاقتصاد العالمي نحو الركود. وقال إنه من غير المرجح أن يكون هناك ركود عميق ودراماتيكي على الأقل في الولايات المتحدة، لكن آسيا متأخرة قليلاً، ومن الواضح أن أوروبا تقاتل بأقسى صورها الآن بسبب الحرب في أوكرانيا، بسبب الضغط على أسعار الغاز وما إلى ذلك.

أما بنك "ريبابليك"، فقد أكد أنه يتعين على بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يلعب دور اللحاق بالركب. وقال، "إنهم متأخرون ويفعلون ذلك، ومن المحتمل أن يفعلوا ذلك بسرعة كبيرة، لذلك من المحتمل أن ترى الركود مقبلاً من نوع ما، وسيؤدي إلى استقرار الكثير من التجاوزات، ليس من المتوقع أن هذا يهددنا بشكل مفرط، ربما نكون في الشوط الثاني أو الثالث مما سيكون مطلوباً للسيطرة على التضخم". وتطرق "بي إن واي ميلون"، إلى الأداء السيئ لمؤشر "ستاندارد أند بورز 500" في النصف الأول والذي يعد الأسوأ خلال نصف قرن، كما شهدت سندات الخزانة لمدة 10 سنوات أسوأ بداية لهذا العام منذ بداية المؤشر في أوائل السبعينيات، وبوجود 150 نقطة أساس في رفع أسعار الفائدة، تعد هذه أسرع دورة تشديد على مدى ستة أشهر منذ عهد فولكر في نهاية السبعينيات.

وتحت هذه العناوين الرئيسة، فإن المستثمرين يعيدون الموازنة بشكل واضح ويتخلصون من المخاطر، ومن المتوقع أن نشهد إعادة تخصيص الأصول من النمو إلى القيمة، وأرصدة نقدية أعلى من المتوقع، وسيولة سوق ضحلة نسبياً، ما يجعل من الصعب على المستثمرين نقل المخاطر.