Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متى تخرج البورصة المصرية من نفق الخسائر المظلم؟

محللون يطالبون بإلغاء فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على التعاملات وتذليل العقبات أمام المستثمرين

واصلت البورصة المصرية وتيرة التراجع والأداء السلبي خلال النصف الأول من 2022 (أ ف ب)

واصلت البورصة المصرية وتيرة التراجع والأداء السلبي خلال النصف الأول من العام الحالي 2022، بعد أن فقد مؤشرها الرئيس نحو 25 في المئة من قيمته خلال الأشهر الستة الماضية، إذ تراجع رأسمال الشركات المقيدة في البورصة بأكثر من 119 مليار جنيه (نحو 6.3 مليار دولار أميركي)، وهبطت قيمة المؤشر الرئيس "إيجي إكس 30" بمقدار يتخطى الـ 2700 نقطة بعدما هوي من 11909 نقاط في أولى جلسات العام إلى 9179 في آخر الجلسات اليوم الأربعاء.

وفي مايو (أيار) الماضي أعلنت الحكومة المصرية خطة رسمية لمواجهة التداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية التي تجتاح العالم منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، ترتكز على خمسة محاور رئيسة، تبدأ بتعزيز قيمة المنتج والصناعة المحلية وتوطين الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتخارج الدولة من الشركات العامة لإتاحة الفرص أمام القطاع الخاص، وإعادة هيكلة الدين العام وخطة للنهوض بسوق المال المصرية، وأخيراً استمرار الحفاظ على البعد الاجتماعي.

ولم ينجح الدعم المعنوي والتصريحات الجاذبة ولم تشفع حزمة القرارات والمحفزات والتسهيلات والتكليفات الرئاسية التي أعلنتها الحكومة في انتشال السوق المصرية من العثرة التي دفعتها إليها أسباب محلية وتحاصرها أزمات عالمية، وسط مخاوف اندفاع السوق إلى نفق مظلم يلقي بتداعياته على الاقتصاد المصري بشكل عام.

وختم رأس المال السوقي لأسهم الشركات المقيدة في البورصة العام الماضي عند مستوى 740 مليار جنيه (39.2 مليار دولار أميركي) في نهاية جلسة تداولات الخميس، الـ 29 من ديسمبر (كانون الأول) آخر جلسات 2021.

مكاسب 1.6 مليار دولار مع خفض الجنيه في مارس

واستبشر مجتمع الأعمال خيراً مع ارتفاع المؤشرات الرئيسة لبورصة القاهرة بعد أن قفز رأس المال السوقي بمقدار 31 مليار جنيه (1.6 مليار دولار)، ليعوض خسائره في مطلع العام، وارتفع مؤشرها الرئيس بمقدار خمسة في المئة دفعة واحدة، تزامناً مع محاولات البنك المركزي المصري لتصحيح مسار الجنيه المصري في مقابل الدولار الأميركي وخفضه بقيمة تصل إلى 15 في المئة عقب قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك صباح الإثنين الـ 21 من مارس (آذار)، عندما رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس بما يعادل الواحد في المئة.

وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، إذ انزلقت السوق إلى مستنقع الخسائر يوماً بعد يوم حتى تراجع مؤشرها الرئيس بأكثر من 2730 نقطة، ليتراجع من 11750 نقطة يوم الـ 21 من مارس إلى المستويات الحالية قرب مستويات التسعة آلاف نقطة، ليفقد ما يقرب من ربع قيمته بتراجع 25 في المئة، ويتراجع رأسمالها السوقي بأكثر من 16 في المئة منذ بداية العام.

ورفع البنك المركزي المصري منذ بداية العام الحالي أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس بما يعادل ثلاثة في المئة خلال اجتماعين متتاليين في مارس ثم مايو، قبل أن يثبت الأسعار في آخر اجتماع له في الـ 23 من يونيو الحالي.

2.3 مليار دولار خسائر يونيو

وتكبدت سوق المال أكبر خسائرها خلال الشهر الحالي بعد تراجع مؤشرها الرئيس "إيجي إكس 30" بنحو بمقدار يقترب من الـ 10 في المئة، إذ هبط من 10150 نقطة ليسقط في ختام جلسة تعاملات اليوم الأربعاء آخر جلسات الشهر عند 9225 نقطة، وتراجع رأسمالها السوقي بنحو 45 مليار جنيه (2.3 مليار دولار) بعدما هبط من 666 مليار جنيه (35.36 مليار دولار) في آخر جلسات مايو الماضي إلى أقل من 621 مليار جنيه (33 مليار دولار) اليوم الأربعاء، آخر جلسات يونيو الحالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتواصلت "اندبندنت عربية" مع محللين ومتخصصين للوقوف على الأسباب الحقيقية التي دفعت سوق المال المصرية إلى نفق مظلم، ويقول المستشار الأسبق لرئيس هيئة الرقابة المالية مدحت نافع إن "البورصة المصرية تعيش أسوأ فتراتها"، مشيراً إلى أن ذلك "انعكس باهتزاز الثقة في إدارة المنظومة على قيمة وحجم التعاملات وقيمة رأس المال السوقي ونسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي ونسبة تعاملات الأجانب والمؤسسات وبالتأكيد إيرادات الأسهم بنوعيها الرأسمالية وتوزيعات الأرباح".

خطة الطروحات العامة نقطة ضعف

وأضاف نافع، "تلك الأوضاع جعلت من خطة الطروحات العامة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي منذ العام 2016 نقطة الضعف الأبرز في البرنامج بشهادة المؤسسات الدولية، إذ لم ينفذ منها شيء يذكر"، موضحاً أن "إصلاح سوق المال ضروري لإنفاذ سياسة ملكية الدولة المطروحة حالياً للحوار الوطني المتخصص، وكذلك إصلاح سوقي التأمين والتمويل العقاري بعد أن تعرضا لأسوأ ظروف".

وتمثل بورصة القاهرة نحو 11.75 في المئة من إجمالي الناتج الإجمالي الذي يصل إلى 6.4 تريليون جنيه (347 مليار دولار) خلال العام الحالي، وهو ما يعد تراجعاً مقارنة بالنسبة نفسها في عام 2016، عندما وصلت إلى نحو 22 في المئة، عندما كان الناتج المحلي المصري يسجل 3.4 تريليون جنيه (185 مليار دولار) في العام المالي 2016 - 2017.

من جانبها، قالت عضو مجلس إدارة البورصة المصرية رانيا يعقوب إن "البورصة المصرية تعاني منذ فترة طويلة غياب دور المؤسسات والأجانب، ومع بداية العام الحالي زادت المعاناة مما قلص إمكانات السوق وزاد مبيعات الأجانب للتخارج منها بصورة مباشرة".

وأرجعت يعقوب ذلك إلى "ارتفاع معدلات التضخم والأزمة الاقتصادية العالمية، أو تبني البنك الفيدرالي الأميركي سياسة التشديد النقدي والمالي، ورفع أسعار الفائدة مع تلميحاته باستمرار تلك السياسة وهرب الأموال الساخنة إلى أسواق أكثر أمناً مع ارتفاع الفائدة الأميركية".

البورصة تعاني أسباباً داخلية

وقالت، "يجب ألا ننسى أنه إذ كانت هناك عوامل خارجية ليس لنا دخل فيها فإن السوق المحلية تعاني الأساس قبل الأزمة العالمية"، موضحة أنها "تعاني تخبط السياسات والقرارات وفرض الحكومة ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة بنسبة 10 في المئة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد أن حذر معظم المحللين من تطبيقها نتيجة تداعياتها السلبية".

وأكدت "أن الأسواق المالية في الدول المحيطة لا تفرض أي نوع من الضرائب، وبالتالي نزح المستثمرون الأجانب من السوق المحلية إلى الأسواق الإقليمية بالجوار".

وفي مطلع العام الحالي 2022 طبقت القاهرة ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة بنسبة 10 في المئة مع إعفاء المستثمرين المحليين من ضريبة الدمغة بعد تأجيل لمدة ست سنوات، إذ إنها طبقت للمرة الأولى في عام 2014، مما تسبب وقتها في اضطراب سوق المال المصرية حول طريقة احتسابها، لتقرر الحكومة في مايو عام 2015 تأجيلها للمرة الأولى لعامين، ومع قرب انتهاء فترة التأجيل عادت لتأجيلها للمرة الثانية، لكن هذه المرة لمدة ثلاث سنوات مع فرض ضريبة دمغة عوضاً عنها، وضغطت جائحة كورونا لتأجيل الضريبة للمرة الثالثة حتى نهاية عام 2021.

التدخل في آليات السوق

من جانبها، قالت المتخصصة في أسواق المال حنان رمسيس إن "غياب المحفزات وأدوات الجذب اللازمة عن طرح الشركات الجديدة في البورصة، إضافة إلى المعوقات والعراقيل أمام المستثمر المصري دفعت السوق إلى التراجع".

وتابعت رمسيس، "أبرز أزمات السوق هو التدخل في آلياته إلى جانب غياب الدعم للبورصة المصرية على الرغم من أنها أفضل مصدر لتوفير السيولة، إذ تعد البديل الاستراتيجي لتمويلات البنوك والمصارف".

وأكدت "أن الوقت الحالي حرج للغاية بعد تراجع الوزن النسبي للبورصة المصرية وفقاً لتقويم مؤشر (مورغان ستانلي) للأسواق الناشئة لأكثر من مرة"، مستدركة "أخشى من تقويمات أخرى سلبية تتخطى البورصة لتتقرب من الاقتصاد المصري ككل في الوقت الذي تصر جميع دول العالم على الحفاظ على ما لديها من استثمارات قائمة في ظل الأزمة العالمية الخانقة".

ووفقاً لأحدث تقويمات مؤشر "مورغان ستانلي" عن مصر خلال العام الحالي، أكدت تراجع الوزن النسبي للسوق المصرية بأكثر من 33 في المئة منذ بداية 2022 وحتى الـ 31 من مايو الماضي، بينما ارتفع الوزن النسبي للسوق في نهاية 2021 بنحو سبعة في المئة، في وقت تراجعت فيه النسبة مع نهاية 2020 بنحو 22 في المئة.

اقرأ المزيد