Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"فتاة المنصورة" في مصر... ومن الحب ما ذبح

الشارع المصري يعيش على وقع الصدمة وانتحار شاب من برج القاهرة يعمق الأحزان

جرائم القتل تزايدت بمصر في الفترة الأخيرة (أ ف ب)

لا يزال الشارع المصري يعيش وقائع صدمة أثارتها جريمة قتل بشعة في وضح النهار، إذ أقدم طالب جامعي على ذبح زميلته أمام المارة ظهر أمس، الإثنين، أمام أبواب جامعة المنصورة بمحافظة الدقهلية شمال القاهرة، بسبب ما تكشف لاحقاً من رفض المجني عليها الارتباط بالجاني، وفق ما روى الشاب وأقارب الفتاة.

وأثارت الجريمة الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وتصدرت أكثر المواضيع انتشاراً تحت وسم #حق_نيرة_أشرف، وأعاد المغردون التذكير بعدد الجرائم المماثلة التي شهدها المجتمع خلال الأشهر الأخيرة.

تفاصيل الواقعة

بحسب ما روى شهود عيان لـ "اندبندنت عربية" أمس، بدأت القصة عندما فوجئ المارة ظهر الإثنين باعتداء شاب على فتاة بسلاح أبيض أمام بوابة توشكى الخاصة بالجامعة حين كانت الفتاة في طريقها إلى كليتها.

وقال شهود العيان إن "المتهم طالب بالفرقة الثالثة في كلية الآداب بجامعة المنصورة انهال على الضحية طعناً بالسكين أمام البوابة الجامعية، وحين سقطت على الأرض ذبحها"، مشيرين إلى أن "الضحية تنتمي إلى الكلية نفسها وأنها والجاني من مدينة المحلة الكبرى في محافظة الغربية".

وذكرت تقارير محلية أن بعض المارة حاولوا منع المتهم من ارتكاب جريمته لكنهم فشلوا بسبب تهديده لهم بالسكين، وواصل طعن الضحية حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، وبعدها تجمهر المارة والأهالي وتمكنوا من السيطرة على المتهم وانهالوا عليه ضرباً حتى حضرت الشرطة، وجرى نقل جثمان الضحية إلى المشرحة.

من جهتها، قالت جامعة المنصورة في بيان لها تعليقاً على الحادثة إنه "بالإشارة إلى ما تداولته بعض صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي في شأن قيام أحد طلاب جامعة المنصورة بالتعدي على زميلته بآلة حادة، تؤكد الجامعة أن الحادثة وقعت خارج أسوار الجامعة بالقرب من إحدى البوابات، وتم القبض فـوراً على المعتدي من قبل قوات الشرطة".

"دوافع عاطفية"

في الأثناء، نقلت تقارير محلية اعترافات الجاني ويدعى محمد. ع أمام جهات التحقيق عن الدوافع التي قادته إلى جريمته، وقال إنه ارتكب فعلته بسبب "خلافات عاطفية"، إذ حاول الارتباط بزميلته (المجني عليها) إلا أنها رفضته وحظرته من على مواقع التواصل، فيما كان هو في المقابل يصر على الارتباط بها.

الرواية نفسها ذكرها أفراد من أسرة الضحية، إذ قالت جدتها إن الجاني حاول "الارتباط عاطفياً" بنيرة إلا أنها رفضته، وتقدم للأسرة أكثر من مرة لطلب يدها والزواج منها، غير أن الأسرة رفضت كذلك لصغر سنها ورغبتها في استكمال تعليمها، مضيفة في تصريحات نقلتها عنها تقارير محلية أن والد نيرة رفض فكرة زاوجها من الأساس في هذا الوقت، وليس رفضاً للطالب القاتل نفسه، لكن الأخير هددها أكثر من مرة وقتلها في النهاية "بلا رحمة وبدم بارد".

كذلك قال عم المجني عليها إنه "لا يعرف القاتل ولم يشاهده من قبل وسمع من الأسرة أنه تقدم إليها أكثر من مرة إلا أنه لم يتوقع أن يدفعه ذلك لقتلها".

ووفق التحقيقات الأولية مع المتهم فإن الأخير ذبح زميلته بعد أن نشب خلاف بينهما داخل سيارة أجرة أثناء ذهابهما للجامعة، فحدثت مشادة كلامية وقرر الانتقام منها لإهانته أمام الركاب، وفور نزولهما أسرع خلفها وسدد لها طعنات عدة قبل أن يقدم على الإمساك برقبتها وذبحها، مما أحدث فيها نزفاً أدى إلى مصرعها على الفور.

إلى ذلك، قالت النيابة العامة المصرية إنها تباشر التحقيق العاجل في الواقعة متعهدة بسرعة إنجازه، وجاء في بيانها "إنه بعد مناظرة جثمان المجني عليها تبين ما بها من إصابات بالعنق والصدر ومناطق أخرى بجسدها، واستمعت لشهادة اثنين من أفراد الأمن الإداري بالجامعة من شهود الواقعة واللذين أكدا تعدي المتهم على المجني عليها بالسكين".

وناشدت النيابة العامة المواطنين تقديم أية أدلة إلى جهات التحقيق المتخصصة إذا ما كانت تفيد في كشف الحقيقة من دون تداولها بمواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية المختلفة، لأسباب لا علاقة لها بالصالح العام أو التوعية العامة.

انتحار يعمق الصدمة

ولم يفق المجتمع المصري بعد من صدمة "ذبح فتاة المنصورة" حتى أثارت حادثة أخرى الجدل، بعد أن أقدم شاب في اليوم نفسه على الانتحار بإلقاء نفسه من أعلى برج القاهرة ليسقط جثة هامدة، ونقلت الصحف المحلية أقوال العاملين في البرج بأن الشاب صعد إلى الطابق الأخير ثم فاجأ الجميع بالقفز منه. وأمرت النيابة العامة بتشريح الجثة فيما تكثف الأجهزة الأمنية جهودها لكشف غموض الواقعة.

وذكرت تحريات الشرطة أن الشاب صعد إلى الطابق الأخير رفقة صديقه، ثم فاجأ الجميع وألقى بنفسه ليسقط غارقاً في دمائه، وأدت حادثة الانتحار إلى ردود فعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بخاصة أنها تزامنت مع حادثة ذبح فتاة المنصورة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقائع متكررة

وعلى مدى الأشهر الماضية هزت أكثر من حادثة ذبح المجتمع المصري، لدرجة دفعت مؤسسة الأزهر للتعليق على بعضها معتبرة أنها "إفساد في الأرض".

وأواخر مايو (أيار) الماضي أقدمت أم بقرية ميت تمامة التابعة لمركز ومدينة منية النصر بمحافظة الدقهلية على ذبح أبنائها الثلاثة، وحاولت بعد ذلك التخلص من حياتها بعد مرورها بحال نفسية سيئة.

وقبلها بأيام كانت "مذبحة الريف الأوروبي" التي أقدم فيها شخص على قتل خمسة أفراد من أسرة واحدة، وهم الوالد ونجلتاه وحفيداه في مزرعة بالريف الأوروبي بمدينة الشيخ زايد غرب القاهرة، إثر خلافات اجتماعية وأسرية، فيما نجت الزوجة (40 سنة) من الموت، بحسب ما أعلنت الشرطة ومصادر أمنية.

وفي أبريل (نيسان) الماضي شهدت منطقة شبرا الخيمة بالقاهرة الكبرى ذبح شاب لآخر وسط الشارع، وأظهرت التحريات الأولية أن الحادثة جاءت بسبب لهو الأطفال ومشاجرة حدثت بينهما.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي شهدت محافظة الإسماعيلية جريمة أثارت الجدل لأيام، بعد أن أقدم شاب على ذبح آخر وسط الشارع، ثم فصل رأسه عن جسده وسار حاملاً إياه بين المارة.

وفي يناير (كانون الثاني) قتلت سيدة في العقد الرابع من العمر ذبحاً بالسكين على يد ثلاثة من أشقائها أمام طفلتها البالغ عمرها 15 عاماً بمنطقة الهرم في محافظة الجيزة.

معدلات مرتفعة للجريمة

وزادت معدلات الجريمة بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، إذ باتت مصر تحتل المركز الرابع عربياً والـ 16 من القارة الأفريقية والـ 24 عالمياً في جرائم القتل، بحسب تصنيف "ناميبو" لقياس معدلات الجرائم بين الدول.

وفي إحصاء سابق لوزارة الداخلية المصرية عام 2019، فإن عدد جرائم القتل العمد عام 2010 سجل 774 جريمة، لكنها تضاعفت ثلاث مرات عام 2012 لتسجل 2144 حالة، وارتفعت عام 2014 لتصل إلى 2890، ثم بدأت بالانخفاض خلال الأعوام الثلاثة المتتالية لتقل عن حاجز الـ 2000 جريمة، إذ بلغت عام 2015 نحو 1711 وفي العام 2016 1532، أما في العام 2017 فكان عددها 1360.

وأرجعت "الداخلية المصرية" أسباب ارتفاع نسب الجريمة إلى انتشار الأسلحة النارية والإفراج عن عدد كبير من العناصر الإجرامية، وشيوع ظاهرة العنف الاجتماعي والتأثيرات الناتجة من الأعمال الفنية وانعكاسها على المواطنين بتقليدهم لها، إضافة إلى الظروف الاقتصادية والمتغيرات المحيطة بالدولة، موضحة أن "وراء زيادة معدل الجرائم ظهور أنماط جديدة لها، وتكوين تشكيلات عصابية من الشباب العاطلين، وسهولة تنفيذ بعضهم جرائم السرقات بسبب قصور المواطنين في تأمين ممتلكاتهم وغياب الوعي الاجتماعي والثقافي".

وتقول دراسات جامعية إن "جرائم القتل العائلي وحدها باتت تشكل نسبة الربع إلى الثلث من إجمالي جرائم القتل"، في وقت يرجح المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية (حكومي) أن "92 في المئة من هذه الجرائم ترتكب بدافع العرض والشرف، فضلاً عن العوامل الاقتصادية التي أصبحت من بين أبرز أسباب تضاعف معدلات القتل العائلي".

المزيد من متابعات