Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محمد مرسي... وفاة مشهودة والحكم بعد المداولة

تعرّف الرئيس المصري الأسبق إلى جماعة الإخوان المسلمين خلال سفره لأميركا... وبدأ مشواره كقيادي بها عام 1992

المرشح الرئاسي لجماعة الإخوان المسلمين المصرية محمد مرسي يغادر مسجد عمرو بن العاص التاريخي بعد حضوره صلاة الجمعة في القاهرة، 22 يونيو 2012 (أ.ف.ب.)

كانت الأجواء ملتهبة، والأعين مترقبة للحظة الحسم وسط تضارب التقارير والتصريحات بشأن فوز أحد الخصمين، حتى دقّت الساعة الرابعة عصراً يوم الأحد الموافق 24 يونيو (حزيران) 2012، لتحسم اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات الرئاسية فوز المرشح القادم من جماعة الإخوان المسلمين، محمد مرسي، بمنصب رئيس مصر، ضد منافسه أحمد شفيق، آخر رئيس حكومة في عهد الرئيس المتنحي حسني مبارك، لتدخل معه مصر مرحلة مفصلية في تاريخها، انقسمت فيها الآراء وتبدّلت فيها المواقف، حتى جاء تاريخ الثالث من يوليو (تموز) 2013، حين أقدمت القوات المسلحة على تنحية مرسي إثر مظاهرات شعبية حاشدة غمرت الشوارع المصرية، بعد فترة تجاوزت العام بأيام قليلة.

وعلى مدار السنوات الأخيرة، ظلّ مرسي، القادم من قرية العدوة بمحافظة الشرقية (شرق القاهرة)، والمولود في العشرين من أغسطس (آب) عام 1951، رقما في المعادلة المصرية، مقسّما الآراء بشأن عام حكمه، وحتى خلال محاكمته في عدد من القضايا، جاء على رأسها قضايا "أحداث الاتحادية" (حكم عليه بالسجن 20 عاما)، و"التخابر مع قطر" (حكم عليه بالسجن 25 عاما)، و"إهانة القضاء" (حكم عليه بالسجن 3 سنوات)، حتى وافته المنية عن عمر يناهز 68 عاما إثر إصابته بنوبة قلبية حادّة خلال جلسة محاكمته.

بدايات حياته

خلال سنوات عمره الأولى، تلقى مرسي، المولود لأسرة مصرية متوسطة الحال، تعليمه الأوليّ بقريته العدوة في محافظة الشرقية، حتى حصل على شهادة الثانوية العامة منها، ثم انتقل إلى العاصمة القاهرة لتلقي تعليمه الجامعي بكلية الهندسة خلال الفترة من (1970-1975)، وبعدها عُيّن معيداً بها. ثم التحق الدكتور محمد مرسي، بالقوات المسلحة، في العام 1975، لمدة عامين، كجندي بسلاح الحرب الكيماوية، بالفرقة الثانية مشاة.

وبعد تخرجه بنحو 3 أعوام، تزوّج مرسي من السيدة نجلاء علي، حيث أنجب منها 5 أولاد، وحصل اثنان من أولاده (أحمد والشيماء) على الجنسية الأميركية بالميلاد، حين سافر والدهما إلى الولايات المتحدة في العام 1978، للعمل وإكمال الدراسة، حيث حصل على الماجستير في الطاقة الشمسية، وهناك وفي العام 1979، تعرّف إلى جماعة الإخوان المسلمين، وانتمى إليها، وفق حديث سابق له عن حياته في أحد البرامج التلفزيونية لدى ترشحه لانتخابات الرئاسة.

وفي العام 1982، حصل محمد مرسي على درجة الدكتوراه من جامعة جنوب كاليفورنيا، ثم عمل كأستاذ مساعد في جامعة كاليفورنيا خلال الفترة من (1982-1985). بعدها قرر العودة إلى مصر، في العام 1985، ليعمل أستاذاً ورئيساً لقسم هندسة المواد، بكلية الهندسة، جامعة الزقازيق حتى العام 2010.

وكان مرسي يسكن في حي التجمع الخامس (شرق القاهرة). وكانت زوجته، التي لم تكمل الدراسة الجامعية، تنشط في العمل الدعوي والاجتماعي من خلال قسم التربية بجماعة الإخوان المسلمين.

مشواره السياسي

بحسب تصريحات سابقة لمرسي نفسه، بدأ الرئيس المصري الأسبق مشواره كقيادي في جماعة الإخوان المسلمين، في العام 1992، حيث عمل كعضو بالقسم السياسي في الجماعة منذ نشأته. وفي عام 2000، ترشح مرسي في الانتخابات البرلمانية التي جرت في العام نفسه، ونجح فيها، ليصبح المتحدث الرسمي باسم الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان في مجلس الشعب، حتى العام 2005.

وفي العام 2004، شارك مرسي في تأسيس الجبهة الوطنية للتغيير، مع الدكتور عزيز صدقي، رئيس وزراء مصر الأسبق. ثم عاود التجربة البرلمانية مجدداً، حيث ترشح في الانتخابات التي جرت في العام 2005، إلا أنه لم يتمكن في النهاية من الحصول على مقعد دائرته.

مرسي في السجن

في 18 مايو (أيار) 2006، ووفق ما ذكره مرسي سابقاً، جرى اعتقاله من أمام محكمة شمال القاهرة، ومجمع محاكم الجلاء بوسط القاهرة، أثناء مشاركته في مظاهرات شعبية تندِّد بتحويل اثنين من القضاة، هما المستشاران محمود مكي، وهشام البسطويسي، إلى لجنة الصلاحية، بسبب موقفهما المعارض للحكومة من تزوير انتخابات مجلس الشعب التي جرت في عام 2005، وذلك قبل أن يفرج عنه لاحقا في الـ10 ديسمبر (كانون الأول) 2006.

وفي خضم ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) 2011، اعتقل مرسي للمرة الثانية بعد أيام من اندلاع الثورة في سجن وادي النطرون، مع قيادات إخوانية أخرى، قبل أن يخرج إثر الانفلات الأمني الذى عمّ البلاد، وهي القضية التي ظلّ يحاكم فيها وعُرفت إعلامياً بـ"اقتحام السجون".

وفي الـ30 من أبريل (نيسان) 2011، وبعد نحو 3 أشهر من تنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك من الحكم، في الحادي عشر من فبراير (شباط) 2011، انتخب مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي رئيساً لحزب "الحرية والعدالة"، الذي أنشأته الجماعة، بعد الثورة.

وفي 7 أبريل (نيسان) 2012، أعلن حزب "الحرية والعدالة" عن ترشيحه محمد مرسي (احتياطياً) في الانتخابات الرئاسية، لمرشح الجماعة والحزب المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للجماعة، الذي استبعدته لجنة الانتخابات الرئاسية لاحقاً لأسباب قانونية، ليصبح مرسي المرشح الرسمي للجماعة والحزب في انتخابات الرئاسة.

مرسي في الاتحادية

وبينما كانت الأجواء مستقطبة ومنقسمة بين التيارات المدنية والإسلامية في مصر، حول دفع جماعة الإخوان بمرشح لها في انتخابات الرئاسة، بعد استحواذها على مقاعد البرلمان، خاض مرسي غمار الانتخابات الرئاسية، ليفوز في جولة الإعادة على المرشح أحمد شفيق، ويكون خامس رئيس لجمهورية مصر العربية، بعد، الأول: محمد نجيب (1953- 1954)، والثاني: جمال عبد الناصر (1954- 1970)، والثالث: محمد أنور السادات (1971 - 1981)، والرابع: محمد حسني مبارك (1981- 2011).

وبُعيد انتخابه رئيساً لمصر، اعتلى محمد مرسي منبر ميدان التحرير ليتعهد أمام آلاف من أنصاره بأنه سيكون "رئيس جميع المصريين". لكن بعد عام، أقرّ أول رئيس مدني وأول إسلامي يتولى رئاسة مصر بأن الانقسام في البلاد بلغ درجة تهدّد "الوطن كله بحالة من الشلل والفوضى".

تصاعد حدة الاستقطاب

وبينما كان معارضو مرسي قد دعوا إلى تظاهرات حاشدة للمطالبة بـ"رحيله" في الذكرى الأولى لتوليه السلطة، بعد تعبئة غير مسبوقة ضده، قررت الأحزاب الإسلامية الردّ بتظاهرات "مليونية"، ما أثار مخاوف من مواجهات كانت المؤسسة العسكرية المصرية قد حذرت من أنها قد تدفعها إلى التدخل "لمنع اقتتال داخلي"، ووجهت إنذارات متتالية بضرورة تنحية الخلافات والانقسامات بين الأحزاب المصرية وتحقيق مطالب الشعب، أتبعته ببيان أخير باسم "خارطة طريق" أعلن في نهاية يوم الثالث من يوليو (تموز) 2013، وقرّر إزاحة مرسي من الحكم.

ووفق مراقبين، تميّز مرسي خلال الأشهر الأولى من ولايته الرئاسية بإطلالته وبساطة تصرفاته. لكن جدران القاهرة غطتها في الأيام الأخيرة من حكمه رسوم كاريكاتيرية تصوّر مرسي على شكل "خروف أو فرعون أو مصّاص دماء".

وبينما شدّد أنصار مرسي على أنه "يستمد شرعيته من فوزه بأول انتخابات رئاسية حرة في تاريخ البلاد وأن المشاكل المستفحلة في مصر من فساد إداري وتعثر اقتصادي وتوترات مذهبية كلها موروثة من سنوات طويلة من الحكم قبل توليه منصب الرئاسة". غير أن خصومه اتهموه بـ"السعي لفرض الشريعة الإسلامية والعودة إلى نظام مستبدّ عوضاً عن قيادة البلاد في اتجاه الديمقراطية والتقدم الاقتصادي". كما أن البعض اعتبره "فرعوناً جديداً"، في حين اتهمه آخرون بأنه مجرد ظلّ لمكتب الإرشاد، أقوى هيئة قيادية للإخوان المسلمين، ينفذّ أوامر مرشد الجماعة محمد بديع.

واندلعت الاحتجاجات ضد حكم مرسي عندما منح نفسه صلاحيات واسعة في أواخر شهر نوفمبر( تشرين الثاني) 2012 بموجب مرسوم رئاسي، وزادت حدة الاحتجاجات عندما أقرّت الجمعية التأسيسية التي كان يسيطر عليها الإسلاميون على وجه السرعة دستوراً وسط مقاطعة الليبراليين والعلمانيين والكنيسة القبطية.

في شهر يناير (كانون الثاني) 2013، حذر وزير الدفاع حينها، المشير عبد الفتاح السيسي، من أن الأزمة السياسية التي تمرّ بها مصر قد تؤدي إلى انهيار الدولة. وبحلول الذكرى الأولى لوصول مرسي إلى الحكم في 30 يونيو (حزيران) نظمت حركة "تمرد" مظاهرات احتجاج ضخمة شارك فيها ملايين المصريين وبعدها بيوم أمهل الجيش مرسي 48 ساعة لتلبية مطالب المحتجين. وعند انتهاء المهلة أُعلن عن تعليق العمل بالدستور وتشكيل حكومة تكنوقراط مؤقتة لإعداد دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية جديدة.

ومن بين أكثر الخطب والكلمات التي أثارت حفيظة المواطنين تجاه مرسي، الخطابان الأخيران اللذان ألقاهما في الأيام الأخيرة قبل إطاحته، ليظهر بصورة "المستفز لإرادة الشعب والمنحاز إلى جماعته وحزبه"، حتى وإن كرر باستمرار أنه يدافع عن "الشرعية" الدستورية والانتخابية التي يجسدها، بحسب محللين اعتبروا أنه لم ينتبه إلى شرعية الشارع واتساع الاحتجاجات ضد سياساته وإثارته حفيظة الأزهر والجيش والكنيسة، فضلاً عن المعارضة والشباب والقوى المدنية.

وعقب تنحيته من الحكم، ألقي القبض على مرسي وقبع في السجن منذ ذلك الحين حتى وفاته اليوم، حيث صدرت بحقه 3 أحكام نهائية بالسجن، في قضايا "أحداث الاتحادية" (2016- سجن 20 عاما)، و"التخابر مع قطر" (2017- سجن 25 عاما)، و"إهانة القضاء" (2018- حبس 3 سنوات)، بخلاف حكم نهائي بإدراجه على "قوائم الإرهاب" لمدة 3 سنوات.

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة