Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وفاة "ياسين" تكدر صفو آخر جراحات "فصل التوائم" في السعودية

حكاية الفريق الطبي بقيادة الربيعة بعد أن أكمل 51 جراحة معقدة لأطفال ولدوا "ملتصقين" ينتمون إلى 23 دولة آخرها اليمن

بعد عملية معقدة استمرت 15 ساعة الفريق الطبي السعودي ينجح  في فصل توأمين يمنيين ملتصقين في الرأس

نجح فريق طبي جراحي سعودي في فصل توأمين يمنيين ملتصقين في الرأس (سياميين) بعد عملية معقدة استمرت 15 ساعة، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء السعودية (واس)، إلا أن الفرحة التي اعتاد السعوديون متابعتها منذ ثلاثة عقود لم تكتمل هذه المرة، فقد توفي أحد التوأمين في اليوم الثاني من الجراحة المضنية، "نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية وتوقف في القلب على الرغم من تقديم كامل الرعاية الطبية اللازمة له من الفريق".

وشارك في الجراحة 24 مختصاً من أطباء الأعصاب والتجميل والتخدير في عملية فصل الصبيين يوسف وياسين اللذين كانا ملتصقين في أعضاء عدة، وجاءت الجراحة إنفاذاً لتوجيهات الملك سلمان بن عبدالعزيز، إذ لفت رئيس الفريق الطبي والجراحي في عمليات فصل التوائم السيامية عبدالله الربيعة إلى أن الجراحة معقدة بسبب تشارك التوأم في الجيوب الوريدية الدماغية وأجزاء من الدماغ، مضيفاً أنه سبق أن أجريت للتوأم عمليتان سابقتان لفصل الأوردة الدماغية والتصاقات المخ، ووضع معدات الجلد للمساعدة لتغطية الفراغ بعد الفصل.

وأشار الربيعة أن الجراحة أجريت على أربع مراحل "وهي التخدير والتخطيط بالملاحة الجراحية وفصل الجمجمة والدماغ، وأخيراً الترميم وقفل الجمجمة".

النزف جراء الالتصاق عقد الجراحة أكثر

وأوضح الفريق أن الجراحة كانت معقدة، وواجه التوأم ياسين بعض الصعوبات بسبب زيادة النزف نتيجة الالتصاقات التي تم التعامل معها من قبل الفريق، وبعد الجراحة نقل التوأم إلى قسم العناية المركزة للأطفال، وما زالت حال التوأم تخضع للعناية والرقابة المشددة، خصوصاً الطفل ياسين الذي تعتبر حالته حرجة، قبل أن يتوفى وسط حزن من ذويه والفريق الذي كابد عناء مساعدته.

يذكر أن هذه الجراحة هي الـ 51 ضمن البرنامج السعودي لفصل التوائم السيامية والتي شملت أكثر من 122 توأماً من 23 دولة في ثلاث قارات.

قصة البدايات الباكرة

وأجريت أول جراحة فصل توائم ملتصقين في السعودية العام 1990 لتوأم سيامي سعودي ملتصق في منطقة البطن، وتمت في مستشفى الملك فيصل التخصصي  بالرياض على يد رئيس الفريق الطبي والجراحي الدكتور عبدالله الربيعة.

وبعد نجاح الجراحة الأولى توالت عمليات فصل التوائم في السعودية، فكانت الجراحة الثانية من نصيب التوأم السوداني سماح وهبة، وكانت معقدة جداً بسبب ولادتهما بالتصاق في البطن والحوض ومنطقة أسفل الصدر، وجسد هزيل لأحدهما أحدث فراغاً كبيراً  تصعب تغطيته، مما سبب حيرة للفريق الطبي واستدعى الربيعة للاتصال بمفتي السعودية حينذاك عبدالعزيز بن باز لاستفتائه في النظرة الشرعية تجاه فصل التوائم، فاعتبر أن الرأي الشرعي يتفق مع الرأي العلمي بضرورة المحافظة على حياة الإنسان وعدم التضحية بطفل على حساب الآخر، وقال الربيعة في كتابه "تجربتي"، "من هنا بدأ التحدي الحقيقي لمحاولة إجراء الجراحة والمحافظة على سلامة الأطفال، والوضع كان مختلفاً في الجراحة الثالثة عام 1995، إذ اكتشفت حال التوائم أثناء الحمل في الشهر الثامن عند أم سمر وسحر، وتمت الاستعانة بمتخصصين واتفق الجميع على ضرورة سرعة إجراء عملية قيصرية عاجلة حفاظاً على سلامة الأم وتوائمها، لا سيما وأنها كانت تمثل المخرج الوحيد للولادة".

وفي حديث للربيعة في كتابه أضاف "تمت الجراحة القيصرية بنجاح وكانت صعوبة التوائم تتمثل في انسداد الأمعاء بسبب عدم تخلق فتحة الشرج، إضافة إلى اشتراك في الكبد والأمعاء الدقيقة والأمعاء الغليظة وانسداد فتحة الشرج، مع اشتراك في المسالك البولية والجهاز التناسلي ووجود طرف سفلي واحد لكل توأم وثالث مشترك ومشوه وصغير، لايكفي لتغطية الفراغ في الجسد، وكانت نسبة النجاح 60 في المئة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتوالت جراحات الفصل الناجحة للتوأم السيامي حتى تطورت إلى مرحلة النقل التلفزيوني المباشر أمام الملأ، وهي التي كانت لتوأم مصري هما تاليا وتالين اللتين أتتا إلى مطار الملك خالد الدولي بالرياض عام 2003، وكان مقرراً إجراء الجراحة خلال 15 ساعة، لكنها انتهت خلال خمس ساعات وبنجاح كبير، بحسب الفريق الطبي آنذاك.

أكثر عمليات الفصل زخماً

أما أكثر عمليات الفصل التي حظيت باهتمام عالمي في العام 2005 فكانت للطفلتين البولنديتين أولغا وداريا اللتين وصلتا إلى السعودية وهما تبلغان من العمر 13 شهراً، واستغرقت 18 ساعة، انتهت بنجاح كبير وحصدت تغطية إعلامية عالمية واسعة، خصوصاً من وسائل الإعلام البولندية والأوروبية التي تحدثت عن صعوبة الجراحة لاشتراك التوأم بالعمود الفقري والحوض والقولون وفتحة الشرج والجهاز البولي.

وبعد 15 عاماً من جراحة فصل التوأم السيامي البولندي داريا وأولغا التقتا بالدكتور عبدالله الربيعة في العاصمة البولندية أثناء مشاركته في مؤتمر إنساني دولي، وهما في غاية الامتنان والسرور.

وأظهر مقطع فيديو التوأمتين وهما تهرولان ناحية الربيعة، إذ أعيد تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي ولاقى تفاعلاً كبيراً، وسط تقدير لجهود الربيعة الإنسانية وبلاده في هذا الميدان الصعب. وكان لافتاً جمع النشطاء بين الصورتين حين كان الطبيب يحمل التوأمين على يديه بعد إجرائه الجراحة، وصورة أخرى حديثه وهما تقفان إلى جواره بعد أن بلغتا 15 عاماً، وهما بصحة جيدة وفي عمر الزهور.

ولم تكن الصورة الوحيدة للتوأمتين مع الدكتور الربيعة، إذ يحرص آباء التوائم المفصولين على زيارة الربيعة مصحوبين بأبنائهم في مرحلة البلوغ للسلام عليه وشكره، وهو الذي أصبح السعوديون يلقبونه بـ "أبو التوائم".

وفيات محدودة

ولم تتكلل جميع جراحات التوأم السيامي بالنجاح، فقد كان الفريق السعودي يصاب تارة بإحباط جراء وفاة أحد التوأمين بسبب صعوبة ما، وكانت أول وفاة سجلها الفريق لتوأمين من المغرب العام 2008 (صفاء ومروة)، عندما توفيت مروة بسبب عيوب خلقية شديدة في القلب بعد محاولة فصلها من الصدر، وتكررت المأساة العام 2010 عندما توفيت التوأم العراقية رقية ونجاة توأمها زينب، وذلك بسبب تشوه خلقي في الرأس وتورم في الدماغ، وكان آخر الوفيات قبل ياسين هذا الأسبوع وفاة في العام  2018 قدرت للتوأم الطفيلي فرح من فلسطين، ولكن عاشت شقيقتها  حنين لتسجل السعودية أربع وفيات من أصل 122 توأماً يعيشون الآن حياة طبيعية وهانئة.

اقرأ المزيد

المزيد من صحة