Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نزيف اليورو يضاعف صدمة التضخم في وجه أوروبا

أسعار الغذاء تتحول إلى مخاطر كارثية وأزمات الطاقة تدفع الحكومات إلى طرح موازنات إضافية

معارك أوروبا مع معدلات التضخم مستمرة في ظل تقلبات اليورو ( رويترز)

فيما يواصل معدل التضخم ارتفاعه في دول الاتحاد الأوروبي، لكن أزمة جديدة ربما تدفع أوروبا إلى خسارة معركتها في الحرب على التضخم وموجة ارتفاعات الأسعار التي تتسارع وتيرتها. حيث قال عضو المركزي الأوروبي ورئيس البنك المركزي الفرنسي فرانسوا فيلروي دي غالاو، إن الضعف الحالي لليورو في أسواق الصرف الأجنبي قد يؤدي إلى تعقيد جهود البنك المركزي الأوروبي لتحقيق هدفه فى السيطرة على التضخم. وتراجعت العملة الأوروبية الموحدة مؤخرًا إلى أدنى مستوى لها مقابل الدولار منذ بداية عام 2017 استجابة للتشديد النقدي الأكثر صرامة في الولايات المتحدة منه في الاتحاد الأوروبي. وأضاف: "سنراقب بعناية التطورات في سعر الصرف الفعلي ، كعامل مهم للتضخم الوارد" منوهًا إلى أن ضعف اليورو سوف يتعارض مع هدفنا المتمثل في استقرار الأسعار". ومع وصول التضخم في منطقة اليورو إلى مستويات قياسية، أشار البنك المركزي الأوروبي إلى أنه من المرجح أن يرفع أسعار الفائدة الرئيسية في يوليو القادم. ويتوقع "عالاو"، اجتماعًا "حاسمًا" في يونيو (حزيران) المقبل بشأن رفع أسعار الفائدة، وصيفًا نشطًا فيما يتعلق بالسياسة النقدية. ووفق بيانات مكتب الإحصاءات "يوروستات" التابع للمفوضية الأوروبية، فقد قفز معدل التضخم في منطقة اليورو إلى أعلى مستوياته على الإطلاق عند 7.5 في المئة خلال شهر مارس (آذار) الماضي، حيث تسببت الحرب في أوكرانيا في ارتفاع أسعار السلع الغذائية والطاقة بشكل خاص. وكان التضخم في دول منطقة اليورو قد سجل 5.9 في المئة خلال شهر فبراير (شباط) 2022، حيث كان هذا المعدل يشكل النسبة الأعلى منذ بدء "يوروستات" العمل على هذا المؤشر في العام 1997.

الدولار قرب أعلى مستوى في 20 عام

في المقابل، فقد ارتفع الدولار الأميركي في بداية الأسبوع إلى مستوى يقل قليلا عن أعلى مستوى له منذ 20 عاما مقابل العملات الرئيسية الأخرى، مع سعي المستثمرين إلى ملاذ آمن بسبب مخاوف بشأن النمو العالمي، بينما بدا أن أسواق العملات المشفرة وجدت بعض الاستقرار بعد الاضطرابات التي حدثت الأسبوع الماضي. وسجل مؤشر الدولار مستوى 104.54 بعد أن تجاوز لفترة وجيزة 105 يوم الجمعة الماضية، وهو أعلى مستوى له منذ ديسمبر (كانون الأول) 2002 بعد ستة أسابيع متتالية من المكاسب. وأقبل المستثمرون على عملة الملاذ الآمن بسبب مخاوف بشأن قدرة الاحتياطي الاتحادي الأميركي على كبح التضخم دون التسبب في ركود، بالإضافة إلى مخاوف بشأن تباطؤ النمو الناجم عن الأزمة الأوكرانية والتبعات الاقتصادية لسياسة الصين الخاصة بعدم انتشار فيروس كورونا. وقال محللو بنك "باركليز"، إن "تزايد القلق بشأن النمو العالمي يدعم القوة الكبيرة للدولار الأميركي".

تفاقم حالة عدم اليقين الاقتصادي

فيما دفع ارتفاع الدولار الأميركي، الاقتصاد العالمي إلى تباطؤ متزامن من خلال زيادة تكاليف الاقتراض، وتأجيج تقلبات الأسواق المالية، بينما يكاد يلوح القليل من الراحة في الأفق. وارتفع مقياس الدولار الذي يحظى بمتابعة وثيقة بنسبة 7 في المئة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى أعلى مستوى له في عامين، مع بدء مجلس الاحتياطي الفيدرالي لسلسلة صارمة من الزيادات في أسعار الفائدة للحد من التضخم، وشراء المستثمرين للدولار كملاذ آمن، وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي. ويجب أن تساعد العملة المرتفعة بنك الاحتياطي الفيدرالي على خفض الأسعار، ودعم الطلب الأميركي على السلع من الخارج، لكنها تهدد أيضاً برفع أسعار الواردات إلى الاقتصادات الأجنبية، ما يؤدي إلى زيادة معدلات التضخم فيها، واستنزاف رأس المال. ويعد ذلك الأمر مثير للقلق بشكل خاص بالنسبة للاقتصادات الناشئة، التي تضطر إما إلى السماح لعملاتها بالضعف، أو التدخل لتهدئة انحدارها، أو رفع أسعار الفائدة الخاصة بها في محاولة لدعم مستويات صرف العملات الأجنبية لديها. وبالفعل، رفعت كل من الهند وماليزيا أسعار الفائدة بشكل مفاجئ هذا الشهر، كما دخلت الهند السوق أيضاً لدعم سعر الصرف.ولم تنج الاقتصادات المتقدمة أيضاً من هذه الأزمة، وخلال الأسبوع الماضي، سجل اليورو أدنى مستوى جديد له في خمس سنوات، وضعف الفرنك السويسري ليتساوى مع الدولار لأول مرة منذ عام 2019، واضطرت سلطة النقد في هونغ كونغ للتدخل للدفاع عن ربط العملة. كما وصل الين مؤخراً إلى أدنى مستوى له في عقدين من الزمن. وقال تولي ماكولي، رئيس اقتصاديات آسيا والمحيط الهادئ في "سكوتيا بنك": "تسبب الوتيرة السريعة لرفع أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي مشكلات للعديد من الاقتصادات الأخرى في العالم، ما أدى إلى تدفقات خارجة من المحافظ وضعف العملة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من تفاقم أزمة ارتفاع الأسعار في جميع دول الاتحاد الأوروبي، لكن تبدو الأزمة أكثر حدة في بريطانيا، حيث كشف أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا المركزي، أن المملكة المتحدة وجميه دول العالم يواجهون خطراً كارثياً يتمثل في ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية التي أشعلتها الحرب ضد أوكرانيا. وأضاف: "أعتذر لكوني مأساويا الآن، لكن هذه قضية يصاحبها قلق كبير"، في إشارة إلى أن أسعار القمح وحدها ارتفعت بنسبة تقل قليلاً عن 25 في المئة في الأسابيع الستة الماضية". وقال إن مخاوفه تستند إلى مناقشات مع المسؤولين الأوكرانيين حول قدرة منتجي الحبوب وزيت الطعام الرئيسيين على تصدير السلع، مشيرا إلى أنهم بحاجة إلى الدعم "للعمل على كيفية إخراجها من البلاد. وأضاف: "هذا ليس مصدر قلق كبير لهذا البلد فقط، بل هناك قلق كبير بالنسبة للعالم النامي أيضا"، ونوه بيلي بأن التحذير يأتي في الوقت الذي تعيش فيه المملكة المتحدة بالفعل "وضعًا سيئًا" مع التضخم. وتابع: "لا أشعر بالسعادة على الإطلاق حيال ما يحدث، فهذا وضع سيئ"، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يصل التضخم إلى أعلى 10 في المئة في بريطانيا في وقت لاحق من هذا العام.

اليابان تطرح ميزانية إضافية بسبب أزمات الطاقة

وفيما أضافت الارتفاعات المستمرة في أسعار الطاقة، المزيد من الضغوط على موازنات الدول، فقد أعلنت الحكومة اليابانية عزمها طرح أول ميزانية إضافية للسنة المالية الحالية التي تستمر حتى مارس (آذار) من العام المقبل بقيمة 2.7 تريليون ين (20.9 مليار دولار). وتتضمن مسودة الميزانية الإضافية، خطوات للتعامل مع ارتفاع أسعار النفط، حيث سيتم تمويلها من خلال إصدارات السندات التي تغطي العجز. ومن المتوقع أن تُعرض الميزانية الإضافية على مجلس الوزراء الياباني للحصول على الموافقة عليها اليوم الثلاثاء. وأظهرت المسودة أن الحكومة تخطط لإنفاق 1.17 تريليون ين (9.05 مليار دولار)، وذلك لتنفيذ إجراءات تستهدف مواجهة ارتفاع أسعار النفط، مثل دعم تجار البنزين، بجانب تخصيص 1.52 تريليون ين (11.76 مليار دولار) لاحتياطيات الميزانية.