Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسؤول خارجية الاتحاد الأوروبي: هجوم روسيا على أوكرانيا يستهدفنا جميعا

بوريل لـ"اندبندنت عربية": مستمرون في دعم كييف وعلى العالم مواجهة خطط موسكو وبكين وهذه حيثيات رفض اتهام "الازدواجية" مع المهاجرين

حذر مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل من محاولات إعادة بكين وموسكو إمبراطورياتهما القديمة (الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي)

منذ الرابع والعشرين من فبراير (شباط) الماضي، حينما اندلعت الحرب في أوكرانيا مع إعلان موسكو تنفيذ "عملية عسكرية خاصة" في الجمهورية السوفياتية السابقة، تعيش أوروبا أخطر أزماتها الجيوسياسية والاقتصادية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إذ تضاعفت التحديات أمام القارة العجوز، وأحيت مجدداً مشاهد الصراع بين الشرق والغرب، التي خفتت من العالم منذ نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفياتي في تسعينيات القرن الماضي.

وبين مطرقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي بات يواجه نظام حكمه "أعنف عقوبات اقتصادية" تفرض على دولة في التاريخ الحديث، بحسب تعبير مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في حواره الحصري مع "اندبندنت عربية"، وسندان التداعيات السياسية والاقتصادية للحرب، التي طالت كافة دول العالم دون استثناء، يطول الاختبار الصعب أمام قدرة الاتحاد الأوروبي على تجاوز تلك الأزمة التي باتت تعصف بقدرات الجميع الاقتصادية، وفق تقديرات البنك وصندوق النقد الدوليين.

وأياً كان مستقبل تداعيات الأزمة، التي تداخلت في بعض من مراحلها مع أخرى مستعصية على الحل في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما الملف النووي الإيراني، حيث تنخرط روسيا والاتحاد الأوروبي ودول غربية أخرى، في رحلة إعادة صياغة اتفاق نووي شامل، لا تزال شاقة إلى الآن على الرغم من وصولها لمحطاتها الأخيرة، يعيد وفق نظرهم، "الهدوء والاستقرار للمنطقة"، تحدث بوريل إلينا، عن تقييمه لمسار الأزمة الأوكرانية وتحركات التكتل الأوروبي لمواجهة أبرز التداعيات الإنسانية والاقتصادية والجيوسياسية التي خلفتها إلى الآن نحو 74 يوماً من المعارك الميدانية والسياسية والاقتصادية على حد سواء، فضلاً عن احتمالات الوصول لاتفاق نووي مع طهران في القريب العاجل.

متحدون رغم خطر الأزمة

وفق تقييم جوزيب بوريل، لرد الفعل الأوروبي تجاه الحرب في أوكرانيا، المستمرة منذ أكثر من شهرين، وسبق أن وصفتها بأنها "الأخطر على القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية"، فإن "استجابة الأوروبيين للأزمة منذ يومها الأول كانت سريعة وحاسمة وقوية"، قائلاً، "من ناحية، دعمنا أوكرانيا سياسياً ودبلوماسياً ومالياً ومن خلال المساعدات الإنسانية والعسكرية للسماح لها بالدفاع عن نفسها ضد الهجوم الروسي غير المشروع وغير المبرر. من ناحية أخرى، اعتمدنا الحزمة الأشد والأكثر شمولاً من العقوبات ضد موسكو لنُظهر للرئيس الروسي بوتين أننا جادون ومتحدون ومصممون على شل قدرته على تمويل إراقة الدماء والتدمير الذي يلحقه بأوكرانيا".

يوضح بوريل، في حوارنا معه عبر البريد الإلكتروني، أن "هجوم روسيا على أوكرانيا ليس مجرد حرب على هذا البلد، إنه هجوم علينا جميعاً، على النظام متعدد الأطراف القائم على قواعد مستقرة منذ عقود. وله تداعيات عالمية"، متهماً القوات الروسية بـ"قصف مخزونات الغذاء، ومنع بذر الذرة والقمح السنوي في حقول أوكرانيا، واحتجاز السفن ومنعها من مغادرة الموانئ". مستشهداً في ذلك، بما تم إبلاغه به من مسؤولي بنما خلال زيارته إلى الدولة الأميركية اللاتينية الأسبوع الماضي، التي انتهت الخميس 5 مايو (أيار)، قائلاً، "كنت في بنما لتوي، وأبلغت أن عشرات السفن البنمية محظورة منذ أسابيع في بحر آزوف (متفرع من البحر الأسود في جزئه الشمالي ويتصل به من طريق مضيق كيرتش) ولا يمكنها نقل حمولتها إلى وجهتها".

 

وتابع بوريل، "طوال مسار الحرب كان موقف الاتحاد الأوروبي رد فعل على انتهاك الروس الجسيم للقانون الدولي، إذ لم تشكل أوكرانيا أي تهديداً على الإطلاق لموسكو. وعلينا، كمجتمع دولي، أن نقف للدفاع عن الإطار القانوني الدولي الذي بنيناه معاً. فلا يمكننا أن نسمح للسقوط نحو قانون الغابة، حيث القوة تصبح مسيطرة"، وأضاف، "ترتكب روسيا جرائم حرب وانتهاكات صارخة للقوانين الإنسانية والدولية، مما تسبب في معاناة هائلة. ويجب أن يتوقف هذا على الفور وعلى موسكو أن تتحمل المسؤولية عن هذه الأعمال".

ودائماً ما تنفي روسيا منذ بداية العمليات العسكرية خلال شهرين ونصف الشهر، في عملية تصفها بـ"الخاصة" بهدف "نزع سلاح أوكرانيا وحمايتها من النازيين الجدد"، ارتكاب قواتها أي انتهاكات، بينما تشدد الأخيرة وداعموها الغربيون أن هذا التحرك "انتهاك صارخ للقوانين الدولية"، وأخيراً قالت السلطات الأوكرانية "إنها تحقق في أكثر من 9 آلاف جريمة حرب محتملة ارتكبتها القوات الروسية".

العقوبات أداة وليست سياسة

ورداً على الحرب منذ يومها الأول، كثف الأوروبيون وحلفاؤهم عقوباتهم الاقتصادية على روسيا، بهدف إجبار الكرملين على التراجع عن المضي قدماً في حربه ضد أوكرانيا. وفي الوقت الذي لم تسفر فيه العقوبات إلى الآن عن إيقاف آلة الحرب، يرجع بوريل الأمر قائلاً، "العقوبات ليست سياسة في حد ذاتها. لكنها أداة يجب أن تسمح لنا بالإسهام في تحقيق هدفنا وهو وقف الحرب. حيث تستهدف العقوبات بالأساس القدرة المالية للكرملين على مواصلة الحرب في أوكرانيا، مع زيادة التكلفة على السلطات الروسية ونخبها المرتبطين بها في تمويل أو دعم هذه الحرب"، مضيفاً، "بصرف النظر عن العقوبات، عملنا على زيادة العزلة الدولية لبوتين والضغط العالمي عليه لجعله يتفهم أنه لا يدمر أوكرانيا فحسب، بل يدمر مستقبل بلاده أيضاً"، ويتابع، "هذه حرب الرئيس بوتين وعليه إنهاؤها والبدء في احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وسيادة الدول المجاورة".

مستمرون في دعم كييف بالأسلحة

وعلى وقع تعثر المسار التفاوضي بين موسكو وكييف، وعدم التوصل إلى حل إلى الآن، على الرغم من تعدد جولات التفاوض المباشرة وغير المباشرة بين مسؤولي البلدين، يقول بوريل، بشأن ما يراه مناسباً لحل الأزمة أو حلحلتها والمضي نحو وقف إطلاق النار والتمهيد لإنهاء الصراع بين الطرفين، "يحاول بوتين القضاء على الأمة الأوكرانية وكيف كدولة. وعليه يتم تسليم الأسلحة إليها من أجل الدفاع عن نفسها ضد حرب غير عادلة وغير مبررة"، مضيفاً، "لا نريد أن نكون عدوانيين، ولكن علينا مسؤولية مساعدة الشعب الأوكراني الشجاع لمنع روسيا من قتلهم وتدمير مدنهم وأمتهم".

 

وعلى الرغم من استمرار تدفع الأسلحة والمعدات العسكرية الغربية باتجاه روسيا، يوضح بوريل، "تبقى الأولوية لدينا بالطبع التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وأن تنهي روسيا على الفور حربها غير المبررة وغير القانونية ضد أوكرانيا وشعبها، وأن تسحب قواتها إلى داخل حدودها"، مضيفاً، "ندعم كافة الجهود الهادفة التي تؤدي إلى نتائج ملموسة، لوقف الأعمال العدائية، وإنهاء الحرب، وانسحاب القوات الروسية من أوكرانيا، وبالطبع أي حل يجب أن يحافظ على مصالح أوكرانيا التي عبرت عنها قيادتها المنتخبة ديمقراطياً". مناشداً في الوقت ذاته السلطات الروسية، بالتحلي بالرغبة في "الدخول في مفاوضات بحسن نية"، على حد تعبيره.

وبحسب بوريل، يواصل الروس تمسكهم بالحرب والمضي قدماً فيها لتحقيق أهدافهم، كاشفاً أن "كل من تواصل مع الرئيس الروسي بوتين، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار النمساوي كارل نيهامر وحتى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تلقوا الجواب نفسه، إنه سيواصل الحرب، على الرغم من النداءات المتعددة من المجتمع الدولي والتنديد من قبل أكثر من 140 دولة حول العالم".

"استخدام النووي يعني نهايتنا جميعاً"

ورداً على التلويح المباشر وغير المباشر من قبل الرئيس الروسي بوتين، في أكثر من مناسبة طوال مسار الحرب في أوكرانيا باستخدام السلاح النووي والأسلحة الاستراتيجية الروسية، ما عده عديد من الزعماء الغربيين بـ"التصرف غير المسؤول"، قال بوريل، المسؤول الأول للسياسات الأمنية والخارجية للاتحاد الأوروبي، "يبقى التهديد الروسي باستخدام الأسلحة النووية غير مسؤول على الإطلاق. الحرب النووية ستعني نهاية روسيا كدولة. في الواقع كذلك، سيعني ذلك نهاية كل منا. هذا سيناريو يجب علينا جميعاً، المجتمع الدولي بأسره، العمل على تجنبه"، مضيفاً، "يتعلق الأمر بأمن العالم ومستقبلنا الجماعي. علينا جميعاً أن نجعل روسيا تفهم أن عليها أن توقف سلوكها العسكري".

 

وحول احتمالات توسع دائرة الصراع والحرب وتجاوزها للجغرافيا الأوكرانية نحو الأراضي الأوروبية، ومدى انخراط الأوروبيين في تلك الحرب المباشرة مع الروس، واحتمال انضمام الصين للجبهة الروسية، أوضح بوريل، "لا يتعلق الأمر بمواجهة روسيا. بل بإظهار أننا نقف مع حقوق الدول في تقرير مصيرها والدفاع عن القواعد الدولية ضد أولئك الذين يخالفونها"، وأضاف، "بشكل عام، سرع الهجوم الروسي على أوكرانيا من التطور إلى الاتحاد الأوروبي الجغرافي السياسي، وهو الاتحاد الذي كنا نتحدث عنه منذ سنوات. إذ تبنى رؤساء الدول والحكومات الأوروبية ما نطلق عليه (البوصلة الاستراتيجية)، التي تعزز القدرات الدفاعية للاتحاد وستكون عنصراً جوهرياً لكي تصبح مزوداً أمنياً أكثر قدرة لمواطنيها، وشريكاً عالمياً أقوى، مع العمل مع شركائنا في جميع أنحاء العالم، وكذلك مع الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي وآخرين من أجل السلام والأمن الدوليين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأواخر مارس (آذار) الماضي، اعتمد رؤساء الدول والحكومات الأوروبيون الوثيقة التوجيهية "البوصلة الاستراتيجية"، التي تعد أول كتاب أبيض للاتحاد في مجال الأمن والدفاع، إذ يسعى الاتحاد الأوروبي نحو مرحلة جديدة في سياسته الدفاعية والأمنية تتمثل في توفير الوسائل التي ستتيح له مواجهة التهديدات والتحديات في المرحلة الراهنة وفي المستقبل، وذلك في سياق تدهور "البيئة الاستراتيجية" بفعل عودة الحرب في أوروبا، واشتداد التنافس بين الدول النافذة واستمرار الأزمات في جوارنا وفي العالم.

وتتكون الخطة الأمنية الجديدة للاتحاد الأوروبي من 40 صفحة تلقي نظرة شاملة على الكرة الأرضية بأكملها، وستشمل خططاً لتأسيس قوة دفاعية، ولكنها لن تكون قوة تنافس "الناتو".

ووفق الرؤية الأمنية الأوروبية الجديدة، تعتبر روسيا، وبشكل خاص، بحربها المستمرة ضد أوكرانيا، والصراعات في جورجيا ومولدوفا، والدور الذي تلعبه دول مستبدة مثل بيلاروس، هي التهديدات الرئيسة لأوروبا، يلي ذلك الصين، والوضع غير المستقر في غرب البلقان، والإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، والصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط، إلى جانب الاهتمام المتزايد بالهند ومنطقة المحيط الهادئ، وأميركا اللاتينية. إضافة إلى ذلك، هناك تهديدات سيبرانية وحتى من الفضاء الخارجي. وفي معرض إطلاقها قال بوريل حينها، "إن على أوروبا أن تتعلم التحدث بلغة القوة".

الخوف قائم من "التنين الصيني"

وبشأن موقف الصين من الأزمة الأوكرانية والتخوفات الغربية المستمرة من احتمالات تحايل بكين على العقوبات الغربية المفروضة على موسكو بهدف مساعدتها في مواجهة الغرب، أو أن يقود الضغط المستمر على بوتين لتقارب أوثق بين بكين وموسكو، قال بوريل، "ناقشنا باستفاضة الحرب على أوكرانيا خلال قمتنا الأوروبية مع الصين التي عقدت أوائل أبريل (نيسان) الماضي، وخلال نقاشاتي مع عضو مجلس الدولة، وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، طلبت من بكين ممارسة نفوذها الكبير على روسيا لوقف الحرب، وهي الرسالة ذاتها التي شدد عليها رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، ورئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في محادثاتهم مع الرئيس الصيني تشي جينبينغ"، مضيفاً، "الصين بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن، تتحمل مسؤولية رئيسة لدعم ميثاق الأمم المتحدة والنظام الدولي القائم على القواعد وآمل أن تستخدم نفوذها لوقف الحرب".

 

وعن احتمالات تعاظم التقارب بين بكين وموسكو على وقع الحرب في أوكرانيا، أوضح بوريل، أن "الصين وروسيا زوجان غير متكافئين: الصين عملاق اقتصادي، بينما تمول روسيا جيشها الضخم بصادراتها من الغاز والنفط، لكنها قزم اقتصادي مقارنة مع الصين، والاعتماد على بكين لن يكون من مصلحة موسكو"، وتابع، "رأينا بشكل متزايد خلال الأسابيع الأخيرة، أن روسيا والصين أصبحتا أكثر حزماً واستعداداً نحو إحياء إمبراطورياتهما القديمة، وإعادة رسم قيم وقواعد النظام الدولي القائم. وعندما ألقي نظرة على البيان المشترك بين الصين وروسيا في فبراير، أرى فيه بالأساس بياناً لمراجعة النظام العالمي".

وعلى الرغم من مرور أكثر من شهرين على الحرب الأوكرانية، بقي الموقف الصيني موضع استقطاب بين طرفي الأزمة ومحل جدل وتساؤلات كثيرة بين المراقبين. من جانبها لم تعلن بكين دعمها للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لكنها امتنعت من التصويت على قرارات الأمم المتحدة لإدانة "الحرب"، في وقت طالبتها أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون بموقف واضح، بعدما حاولت واشنطن الاعتماد عليها لتجنب الحرب، وخلال قمة عبر "فيديو كونفرانس" جمعت بين الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره الصيني تشي جينبينغ قال الأخير، إن "الأزمة الأوكرانية أمر لا نريد رؤيته"، لكنه لم يوجه لوماً إلى روسيا، داعياً الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "ناتو" إلى إجراء حوار معها.

واندلعت الحرب في أوكرانيا بعد أيام قليلة، من إصدار كل من بكين وموسكو بياناً مشتركاً في 4 من فبراير عقب زيارة فلاديمير بوتين إلى الصين، أعلن فيه "شراكة استراتيجية وصداقة بلا حدود" ورفض توسع حلف الأطلسي، ليمثل أول اختبار لحقيقة "التحالف الغامض" بين القوتين المنافستين للانفراد الأميركي بقيادة النظام الدولي.

أخطاؤنا ونتعلم من الدروس

وبشأن مدى "اهتزاز وضعف" التحالف الغربي خلال الأشهر القليلة الماضية، في مواجهة التحديات العالمية الكبرى، بخاصة في ظل الانسحاب الغربي الفوضوي من أفغانستان أغسطس (آب) 2021، وتداعيات أزمة جائحة كورونا، والآن الحرب في أوكرانيا، رد بوريل قائلاً، "لقد ارتكبنا أخطاء في الماضي، بما في ذلك في أفغانستان ونستخلص الدروس من هذه الأخطاء ونتعلم منها. ولكن عندما يتعلق الأمر بحرب روسيا ضد أوكرانيا، كان رد فعل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي موحداً وقوياً للغاية، دفعت الحرب لتقارب أوثق بيننا، كما جمعت غالبية المجتمع الدولي معاً ضدها"، مشدداً، "هذه الحرب ليست بين الشرق والغرب. يجب أن يقف العالم المتحضر ضد الانتهاك غير المبرر لدولة ذات سيادة والتجاهل الصريح للقواعد الدولية وميثاق الأمم المتحدة".

"لا معايير مزدوجة في التعامل مع اللاجئين"

وحول الانتقادات الموجهة لدول الاتحاد الأوروبي في تعاملها مع قضية اللاجئين الأوكرانيين مقارنة مع من فروا من صراعات الشرق الأوسط، وكذلك ما بدا وفق تقديرات البعض أنه "عنصرية مفرطة" في التغطية الإعلامية الغربية للأزمة للتداعيات الإنسانية للأزمة مقارنة مع نماذج مماثلة في الشرق الأوسط، رد بوريل قائلاً، "أرفض بشدة الادعاءات المتعلقة بالمعايير المزدوجة المزعومة"، موضحاً، "قبل الاتحاد الأوروبي أكثر من 1.5 مليون لاجئ من سوريا، ويدعم دولاً مجاورة لها بمليارات اليورو مثل تركيا ولبنان والأردن التي تستضيف أيضاً عدداً كبيراً من السوريين".

 

وتابع، "نحن أحد المانحين الرئيسين للشعب السوري. وسنعيد تأكيد التزامنا تجاه الشعب السوري في مؤتمر بروكسل السادس حول مستقبل سوريا وجيرانها (بدأ اليوم الاثنين 9 مايو). ما زلنا أحد المانحين الرئيسين في اليمن وأفغانستان، لذا إذا كان هناك من يتهمنا بمعايير مزدوجة، فيقولون من فعل أكثر من الاتحاد الأوروبي، بينما لم نتسبب في أي من هذه الصراعات. بالطبع، هذه الأزمة وحالة اللاجئين بخاصة بالنسبة لنا كجيران مباشرين لأوكرانيا. بالضبط مثل الحرب السورية هي وضع خاص للبنان أو الأردن على سبيل المثال. يتحمل الجيران المباشرون دائماً مسؤولية خاصة". ومضى قائلاً، "نحن نوفر وسنوفر الحماية لأولئك الذين يبحثون عن مأوى وسنساعد أولئك الذين يبحثون عن طريق آمن الجميع، بغض النظر عن جنسيتهم أو عرقهم أو لون بشرتهم".

الأزمة الإنسانية "متفاقمة ومدمرة"

وحول التحديات الإنسانية الآخذة في التفاقم، من مشكلة لاجئين، وتضاعف تعرض الأمن الغذائي العالمي للخطر، وكذلك سلاسل الغذاء والطاقة، ومدى تعاطي الاتحاد الأوروبي مع تلك التحديات، قال بوريل، "تعد أوكرانيا وروسيا من الموردين المهمين للأسواق العالمية، بخاصة للحبوب والزيوت النباتية، لذلك فإن الحرب لها بالفعل تأثير مدمر في جميع أنحاء العالم في أسعار المواد الغذائية والأمن الغذائي، الذي تفاقم بشكل كبير بسبب الآثار المزعزعة للاستقرار جراء الحرب الروسية وسياسات الكرملين".

 

واعتبر بوريل، وفق تعبيره، أن "تصرفات الرئيس بوتين، باستهداف منشآت التخزين ونهب الصوامع الأوكرانية ومنع الصادرات الأوكرانية عن طريق البحر، تثبت أنه يستخدم الغذاء (على غرار الطاقة) كأداة وسلاح جيوسياسي". مضيفاً، "يعد الاتحاد الأوروبي جهة فاعلة إنسانية وتنموية رئيسة في مجال الأمن الغذائي والتغذية، حيث يقدم دعماً مالياً وسياسياً كبيراً. ونريد أن نتأكد من أننا، بصفتنا مصدراً رئيساً للأغذية وأكبر منتج للأغذية الزراعية، نسهم في الأمن الغذائي العالمي، بما في ذلك في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، اللذين يعتمدان إلى حد كبير على واردات الحبوب".

وتابع، "يسلط الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية العالمية، الذي تسارع بفعل الحرب، الضوء على الحاجة إلى أن تصبح سلاسل الإمداد الغذائي والزراعة العالمية أكثر مرونة واستدامة. هذا عمل نحتاج إلى القيام به جميعاً معاً، على مستوى عالمي".

"الاتفاق النووي" جاهز

وفيما كانت الأزمة النووية الإيرانية، حاضرة في تطورات الحرب الأوكرانية، بعدما طالبت موسكو الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين، بـ"ضمان خطي" ألا تؤثر العقوبات التي فرضت على بلاده في تعاونها مع طهران، ما أعاد الجدل بشأن احتمالات فشل الجهود الدبلوماسية المستمرة منذ أكثر من عام في فيينا، بين إيران والدول الكبرى. قال بوريل، "إن المفاوضات التي يشارك فيها الاتحاد الأوروبي، وصلت لمرحلة نهائية حاسمة"، موضحاً، "النص النهائي بات جاهزاً بشكل أساس، وهو مطروح على الطاولة. ويجب أن ننهيه الآن في أقرب وقت ممكن".

وبحسب حديث بوريل، بشأن ما إذا كانت إعادة إحياء الاتفاق الذي تم إبرامه بالأساس في عام 2015 قبل أن تنسحب منه الإدارة الأميركية في مايو عام 2018 في عهد إدارة الرئيس الجمهوري السابق، دونالد ترمب، سيقلل من الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، فإن "العودة إلى الاتفاق وتطبيق خطة العمل المشتركة هي في صالح الجميع وللأمن في المنطقة".

وقال بوريل، "بصفتي منسق خطة العمل الشاملة المشتركة، كنت دائماً واضحاً، يجب أن نعود إلى التنفيذ الكامل للاتفاق"، مضيفاً، "التنفيذ الكامل للاتفاق يعني امتثال إيران الكامل لالتزاماتها النووية. ويعني كذلك خضوع برنامجها النووي لرقابة صارمة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما يعني بالطبع عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية مع رفع العقوبات الأميركية ذات الصلة".

وأوضح بوريل، "إن إعادة خطة العمل المشتركة إلى مسارها الصحيح هو في صالحنا جميعاً وللأمن في المنطقة، ويظل الاتفاق النووي إنجازاً أمنياً رئيساً، من دونه، كان بإمكان طهران تطوير أسلحة نووية الآن، مما يضيف مصدراً آخر لعدم الاستقرار في المنطقة".

وبحسب بوريل، فإن المفاوضات التي تجريها الدول الغربية مع طهران، المتوقفة منذ مارس الماضي، "وصلت إلى مراحل نهائية حاسمة، واقترب الجميع من التوصل لاتفاق"، مضيفاً "النص النهائي جاهز بشكل أساس وهو مطروح على الطاولة، ويجب أن ننهيه الآن في أقرب وقت ممكن"، معرباً عن اعتقاده بأن إحياء الاتفاق "يمكننا من العودة إلى ديناميكية أكثر إيجابية".

ومنذ مارس الماضي، توقفت المحادثات بين الدول الغربية وإيران لأسباب أهمها إصرار الأخيرة على أن ترفع واشنطن الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

وخلال الأسابيع الأخيرة، سعى منسق الاتحاد الأوروبي بشأن المحادثات النووية، إنريكي مورا، لحلحلة "القضايا القليلة المهمة الباقية" نحو الوصول النهائي لاتفاق بين الدول الغربية وطهران، عبر زيارات مكوكية لطهران وموسكو وواشنطن، ومن المقرر أن يعاود زيارة طهران غداً الثلاثاء 10 مايو، "في خطوة جديدة من المشاورات مع السلطات الإيرانية بشأن الاتفاق النووي ومحاولة لإنهاء حالة الجمود التي تخيم على المسار التفاوضي". وكانت إيران قد وافقت بموجب الاتفاق النووي المبرم في 2015 مع قوى عالمية على تقليص برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

المزيد من حوارات