Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مواجهات بجنوب كردفان وتحذير من كارثة إنسانية في الدلنج وكادوقلي

رئيس الوزراء السوداني يخاطب مجلس الأمن الدولي حول تطورات الحرب

جنود سودانيون يسيرون بعد إتمام دورات تدريبية بهدف دعم الجيش في منطقة أمبادة غرب أم درمان، في 15 ديسمبر 2025 (أ ف ب)

ملخص

حذرت قيادات أهلية في جنوب كردفان من تدهور الأوضاع الإنسانية إلى مستوى كارثي بعدما بدأ المواطنون يلجأون إلى أكل الأعشاب، نتيجة الحصار الخانق على مدينتي كادوقلي والدلنج. وطالبت القيادات بضرورة التزام جميع الأطراف بفتح مسارات آمنة وعدم منع المواطنين من الخروج، مع ضرورة التهيؤ لاستقبال النازحين في مناطق آمنة حال وصولهم، مشيرة إلى تعقيدات كبيرة نتيجة غياب الممرات لإجلاء المواطنين.

هاجمت قوات "الدعم السريع" أمس الأحد منطقة الشوال بمحلية بارا في ولاية شمال كردفان ‏في وقت شهدت فيه منطقة برنو بجنوب كردفان اشتباكات عنيفة بين الجيش من جانب، و"الدعم السريع" وحليفتها الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو من جانب آخر. ومطلع الأسبوع الجاري أعلنت "الدعم السريع" سيطرتها على بلدة برنو شمال غربي العاصمة الولائية كادوقلي في وقت واصل فيه الحليفان تشديد حصارهما وحشد قواتهما في محيطها ومحيط مدينة الدلنج كبرى مدن ولاية جنوب كردفان. ومنذ أسابيع عدة تشهد الولاية معارك مستمرة بين الجيش وحلفائه من جهة و"الدعم السريع" وحليفتها الحركة الشعبية من جهة أخرى. وعدت مصادر عسكرية مهاجمة منطقة الشوال بشمال كردفان بأنها محاولة لإشغال قوات الجيش وحلفائه بعيداً عما ترتب له في جنوب الإقليم، إذ إن المنطقة لا توجد فيها أي قوات تابعة للجيش أو حلفائه تبرر مهاجمتها. وأوضحت المصادر أن الجيش يعمل الآن على التقدم لفتح الطريق بين مدينتي الأبيض عاصمة شمال كردفان ومدينة الدلنج لفك الحصار عن الأخيرة. وشن الطيران الحربي للجيش هجمات مكثفة ضد تجمعات "الدعم السريع" في جنوب كردفان، وأيضاً في منطقة المالحة بشمال دارفور.

موجة نزوح

أشارت مصادر محلية إلى أن الهجوم الأخير فجر موجة نزوح واسعة من منطقة الشوال ومحيطها، في وقت يعيش النازحون في محلية بارا أوضاعاً إنسانية بالغة السوء، وشهدت مدينة بارا خلال الأشهر الأخيرة مواجهات متكررة بين الجيش و"الدعم السريع" في ظل محاولات كل طرف تعزيز مواقعه في شمال كردفان، انتهت بتمكن الأخيرة من استعادة المدينة من قبضة الجيش في الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وحذرت قيادات أهلية في جنوب كردفان من تدهور الأوضاع الإنسانية إلى مستوى كارثي بعدما بدأ المواطنون يلجأون إلى أكل الأعشاب، نتيجة الحصار الخانق على مدينتي كادوقلي والدلنج. وطالبت القيادات بضرورة التزام جميع الأطراف بفتح مسارات آمنة وعدم منع المواطنين من الخروج، مع ضرورة التهيؤ لاستقبال النازحين في مناطق آمنة حال وصولهم، مشيرة إلى تعقيدات كبيرة نتيجة غياب الممرات لإجلاء المواطنين.

من جانبه توقع رئيس بعثة منظمة الهجرة العالمية بالسودان محمد رفعت نزوح ما بين 90 و100 ألف شخص، في حال استمرار القتال في كادوقلي، وأشار إلى تأثر نحو نصف مليون شخص من مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان بسبب تصاعد القتال، مشدداً على أن نقص التمويل يؤدي إلى تقليص العمل على الأرض بصورة كبيرة واضطرارية.

توترات هجليج

إلى ذلك استبعدت "الدعم السريع" وقوع اشتباكات مسلحة مع جيش جنوب السودان في منطقة هجليج النفطية بولاية جنوب كردفان. وذكرت صحيفة "جوبا بوست" أن توترات حادة حدثت السبت والأحد مع قوات جيش الجنوب الموكل لها حماية حقول النفط في منطقة هجليج، إثر خلافات بينمها حول السيطرة على المنطقة، وحذرت من احتمالات حدوث مواجهة عسكرية بين الطرفين. وفيما لم يصدر تصريح رسمي من حكومة جوبا حتى الآن، نفت "الدعم السريع" بصورة قاطعة حدوث اشتباكات مسلحة مع جيش جنوب السودان في هجليج، غير أن مصادر جنوبية أشارت إلى دفع جيش الجنوب بتعزيزات عسكرية إلى المنطقة.

نفي وتعزيزات

نفى مستشار قائد "الدعم السريع" الباشا طبيق ما تم تداوله على نطاق واسع عبر صحف ووسائط سودانية في شأن الاشتباكات في منطقة هجليج بين قواتهم وجيش جنوب السودان، وقال "لا أساس من الصحة على الإطلاق لوقوع اشتباكات، وما تم تداوله في هذا الصدد لا يعدو كونه أماني يروج لها أولئك المفطومون من ثدي النفط".

وكان قائد ثاني "الدعم السريع" عبدالرحيم دقلو، قد تفقد ميدانياً، الخميس الماضي، مناطق وحقول النفط في هجليج برفقة والي المنطقة وعدد من القادة الميدانيين، معلناً وضع يدهم على مواقع البترول وتأمينها بالكامل.

شح المساعدات

وكشفت مفوضية العون الإنساني بولاية النيل الأبيض عن ارتفاع ملحوظ في عدد النازحين الجدد الفارين من منطقة هجليج إلى مدينة كوستي، في ظل شح كميات الغذاء بالمعسكرات المخصصة لهم. وفي الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الجاري سيطرت "الدعم السريع" على حقول نفط هجليج الأكبر بالبلاد، وعلى نقطة بداية خط أنابيب نفط دولة جنوب السودان، الممتد أكثر من 1500 كيلومتر، لنقل الخام إلى ميناء بشاير على البحر الأحمر شرق السودان. وعقب اتفاق ثلاثي بين الرئيس سلفاكير ميارديت وكل من رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، وقائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو، انسحبت قوات اللواء 90 التابع للجيش من المنطقة، وانتشرت قوات جيش دولة جنوب السودان لتأمين الحقل.

إدريس في مجلس الأمن

إلى ذلك من المنتظر أن يخاطب رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، في نيويورك اليوم الإثنين، الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن الدولي المخصصة لمناقشة آخر تطورات الأزمة بالسودان. وسيقدم السودان وفق مصادر دبلوماسية، إحاطة رسمية في الجلسة التي سبقتها جلسات تشاورية غير رسمية ناقشت سبل وإمكان إيجاد تسوية شاملة للحرب بالتركيز على المسار الإنساني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تشديد مصري

في سياق آخر، وعطفاً على البيان الأخير الصادر عن الرئاسة المصرية في شأن الخطوط الحمراء في شأن تطورات السودان، قال وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، في تصريحات صحافية، إن تلك الخطوط تتعلق بوحدة الأراضي السودانية وحماية مؤسساتها الوطنية، مشدداً على أن أمن السودان جزء أساس من منظومة الأمن القومي المصري. وأضاف أن استناد مصر إلى اتفاقية الدفاع المشترك مع السودان يتم في إطار القانون الدولي الذي يسمح بتقديم الدعم لحماية وحدة الدول وسلامة مؤسساتها، موضحاً أن الرسالة المصرية موجهة إلى كل جهة قد تسعى إلى الإضرار بأمن السودان، مشدداً على وقوف مصر إلى جانب الدولة الوطنية ورفضها التعامل مع أي كيانات موازية لها.

وتابع عبدالعاطي، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية جنوب السودان مونداي سيمايا أمس أن مصر ليس لديها أي مشكلات مع دول حوض النيل، باستثناء دولة واحدة، في إشارة إلى إثيوبيا، مؤكداً ضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي والإخطار المسبق وعدم إلحاق أي ضرر بدول الحوض الأخرى، معتبراً أن أي تهديد وجودي للأمن المائي المصري يمثل خطاً أحمر بالنسبة إليها. ولفت إلى أنه ناقش مع نظيره في جنوب السودان أهمية التوصل إلى هدنة إنسانية وإطلاق عملية سياسية شاملة في السودان، داعياً إلى تهدئة الأوضاع على المناطق الحدودية بين السودان وجنوب السودان. وأكد عبدالعاطي أن دعم بلاده في شأن أزمة السودان، يقتصر على المسارين السياسي والدبلوماسي، وأنها تعمل حالياً مع دول الرباعية الدولية في الدفع نحو هدنة إنسانية تقود لوقف إطلاق النار وتمهد لعملية سياسية شاملة يحدد من خلالها السودانيون مستقبلهم من دون تدخل خارجي.

مبادرة أوروبية

دولياً أطلق الاتحاد الأوروبي مبادرة جديدة لدعم صمود المجتمعات المحلية في السودان عبر تنفيذ ثلاثة مشروعات تستهدف أكثر من 500 ألف سوداني متأثرين بالنزوح والصراع، بهدف تحسين سبل العيش وتعزيز الحماية من خلال دعم المشروعات الصغيرة، والتدريب المهني، وبرامج التغذية المدرسية، وخدمات الحماية الأساسية، بتركيز خاص على الأطفال والشباب والنساء والفتيات وذوي الإعاقة. وذكر بيان لبعثة الاتحاد الأوروبي بالسودان أن المشروعات ينفذها كل من برنامج الغذاء العالمي، والمجلس الدنماركي للاجئين، ومنظمة "كير" - هولندا، وتشمل 11 ولاية هي الخرطوم والقضارف والبحر الأحمر وكسلا ونهر النيل والشمالية وشمال وجنوب دارفور والنيل الأبيض وشمال وجنوب كردفان.

زيادة المحتاجين

وكشف برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عن ارتفاع عدد المحتاجين إلى مساعدات غذائية وإنسانية في السودان إلى نحو 33 مليون شخص، في ظل أزمة النزوح الأكبر عالمياً التي أفرزتها الحرب بالبلاد. وأشارت المتحدثة باسم البرنامج ليني كينزلي إلى أن الحاجات الإنسانية في السودان لا تزال واسعة ومتفاوتة بين المناطق، ويواجه النازحون والعائدون حاجة ملحة إلى الدعم، لا سيما بعد موجة العنف الأخيرة في الفاشر التي أجبرت مزيداً من السكان على الفرار وهم يعانون الجوع والإنهاك. أوضحت كينزلي أن توسيع عمليات البرنامج لتصل إلى أكثر من 4 ملايين شخص شهرياً، أسهم في وقف المجاعة في تسع مناطق، مما يتطلب تمويلاً عاجلاً بنحو 660 مليون دولار خلال الأشهر الستة المقبلة للحفاظ على هذا التقدم.

وتواجه مراكز استقبال اللاجئين السودانيين بشرق دولة تشاد أوضاعاً إنسانية معقدة، حيث يعاني آلاف القادمين من مدينة الفاشر ومحيطها نقصاً حاداً في الغذاء والدواء ومواد الإيواء ومياه الشرب، مع دخول فصل الشتاء، وذكرت وكالة السودان الرسمية للأنباء "سونا" أن الخدمات في مراكز الاستقبال محدودة للغاية ولا تتناسب مع الأعداد الكبيرة للاجئين، مما اضطر عديداً من الأسر، بما فيها النساء والأطفال، إلى الإقامة في العراء أو تحت الأشجار، وتفتقر المراكز إلى الخدمات الطبية الأساسية، مع انتشار أمراض الجهاز التنفسي والالتهابات وسط الأطفال، بينما لا يحصل غالبية اللاجئين على الحد الأدنى من الغذاء.

تسليم المنهوبات

وسط هذه الأجواء أعلنت لجنة أمن ولاية الخرطوم الشروع في ترتيبات تسليم ممتلكات المواطنين المنهوبة التي تم ضبطها بواسطة الشرطة خلال الفترة الماضية، عبر إجراءات النيابة العامة كجهة اختصاص قانوني، ضمن مساعي الدولة لإعادة الحقوق إلى أصحابها، ومعالجة آثار الحرب التي تعرض خلالها المواطنون لعمليات نهب واسعة. وأعلنت اللجنة، برئاسة والي الخرطوم المكلف أحمد عثمان حمزة، عن تدابير حاسمة لمواجهة التهديدات الأمنية وتعزيز الأمن الوقائي واستمرار جهود إقرار الأمن والاستقرار في الولاية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات