Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رهان بريطاني على إنفاق الأسر ما ادخرته خلال الجائحة لتجاوز أزمة الغلاء

حصري: مصادر في الإدارة العامة تقول إن الحكومة تحجب الدعم المالي المخصص للأسر التي تعاني من ضغوط فالحكومة تعتقد أن الأسر تستطيع أن تعتمد على المدخرات

بلغ معدل التضخم في الأشهر الأخيرة مستويات مرتفعة جديدة هي الأعلى في 30 سنة (غيتي)

قال مطلعون في الإدارة العامة لـ"اندبندنت"، إن وزارة المالية تحجب الدعم المالي أثناء أزمة تكاليف المعيشة اعتقاداً منها أن الأسر ستتمكن من استخدام مدخراتها للتغلب على العاصفة.

وأضافت المصادر، أن وزير المالية ريشي سوناك وفريقه أشارا إلى الأموال التي لم ينفقها الناس حين فرض عليهم الإغلاق أثناء الجائحة البقاء في منازلهم باعتبارها سبباً رئيساً للحد من التمويل الحكومي الإضافي.

لكن مسؤولين كباراً شاركوا في المحادثات أدانوا الخطوة لتجاهلها الأسر الأكثر فقراً التي لا تملك مدخرات وتلك التي أنفقت ما قد ادخرته كله.

وقال مصدر في الإدارة العامة: "يفتقر فريق [الوزير] إلى فهم لمدى شدة الموقف الذي يجد أصحاب المداخيل المنخفضة هؤلاء أنفسهم فيه. فهم لا يمتلكون شيئاً في المصارف".

وقال مطلع آخر، إن هذا النهج قلل من شأن نطاق أزمة تكاليف المعيشة، التي أنتجت أسوأ أزمة على صعيد الدخل الحقيقي منذ عام 1945، وفشل في معالجة التفاوتات الحادة بين الأسر الثرية ونظيرتها الأكثر فقراً والمعتمدة على الدخل، وقال، إن هذا "واضح في شكل خاص في ما يخص الأسر التي توقفت عن العمل وتعيش على المزايا"، مضيفاً، "أن الأثر الحقيقي في هذه الأسر مدمر تماماً، وسيثبت أنه كذلك".

أضاف المصدر أن الحكومة كانت تأمل أن يشعر المستهلكون بالجرأة من احتمال التخلي عن القيود المتصلة بالجائحة، حتى في حين يواجهون ضغوطاً في مجال التكاليف، وقال، "كان [سوناك] يستند إلى هذه الفكرة القائلة إن ثقة المستهلكين ستنتعش وإن الناس سيباشرون الإنفاق من جديد، هذا هو المنطق نفسه الذي يستند إليه مبدأ تناولوا الطعام خارج المنزل في مد ليد المساعدة".

وتأتي أنباء تردد وزارة المالية في شأن المالية العامة بعدما تعرض السيد سوناك إلى انتقادات واسعة النطاق بسبب تجنبه احتياجات الفئات الأكثر فقراً في ميزانيته المصغرة الصادرة في مارس (آذار).

وعارض مصدر مقرب من الوزير المزاعم القائلة إنه هو وفريقه اتكلا على إنفاق الناس مدخراتهم، واقترح أن مزيداً من المساعدة قد يأتي في وقت لاحق من هذا العام لصالح الأسر المعرضة إلى ضغوط شديدة.

"تخضع فواتير الطاقة إلى سقف حتى الخريف. لا نعرف بعد حجم الارتفاع الذي سيحدث، نظراً إلى تقلبات الأسعار التي نشهدها الآن، ومن الصواب أن ننتظر إلى أن نعرف حجم الارتفاع قبل أن نقرر ماذا ينبغي أن يكون الحل"، وفق المصدر.

وبلغ معدل التضخم في الأشهر الأخيرة مستويات مرتفعة جديدة هي الأعلى في 30 سنة، ومن المتوقع أن يزيد أكثر مع رفع سقف أسعار الطاقة هذا الخريف. ودفع مزيج ارتفاع الأسعار مؤشر ثقة المستهلكين الخاضع لمتابعة وثيقة والذي تعده شركة "جي أف كاي" لأبحاث السوق هبوطاً إلى، 38 في أبريل (نيسان)، وهو أدنى مستوى منذ عام 2008، أثناء الأزمة المالية الضخمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت مصادر، إن عادات الادخار غير العادية أثناء الإغلاقات المطبقة خلال الجائحة شكلت تفكير وزارة المالية. فأصحاب المداخيل المرتفعة تمكنوا من مراكمة مدخرات إذ تراجع إنفاقهم على الأنشطة الاجتماعية والتنقل والملابس.

وعام 2020، دفع هذا الأثر مدخرات الأسر إلى مستويات غير مسبوقة منذ بدأت السجلات ذات الصلة عام 1963.

فقد ادخرت الأسر 72 مليار جنيه إسترليني (90.5 مليار دولار) عام 2019، مقارنة بنحو 211 مليار جنيه و163.7 مليار جنيه في عامي 2020 و2021 على التوالي قبل احتساب التضخم، وذلك وفق الحسابات الفصلية الخاصة بمكتب الإحصاءات الوطنية، والتي تمثل أحدث البيانات في هذا الصدد. وبحلول نهاية العام الماضي، كانت مدخرات الأسر تعادل ما يقرب من 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفق تقديرات المصرف السويسري "يو بي أس".

لكن على الرغم من أن الأسر ذات الدخل المرتفع والمتوسط تمكنت من تشكيل حماية، لم يتمكن من القيام بالأمر نفسه أولئك الذين عاشوا على مداخيل أقل، أو نادراً ما تمكنوا في الأوقات العادية من أن يضعوا جانباً أي أموال، أو تلقوا دخلاً مخفضاً حين وضعوا في إجازات مدفوعة، أو استمروا في الانتقال إلى العمل.

كذلك تغيرت الميزانيات العمومية للأسر في شكل سريع في الأشهر الأخيرة، فالمدخرات إما حولت من نقود إلى أصول أقل سيولة، مثل المساكن أو الاستثمارات، أو أنفقت ببساطة من أجل التغلب على تكاليف المعيشة المتزايدة بسرعة.

"ليست هذه المدخرات كلها متاحة للاستخدام الفوري. وهذا يعني أن الحماية أقل مما قد توحي به الأرقام الرئيسة المباشرة"، وفق آنا تيتاريفا، كبيرة خبراء الاقتصاد في "يو بي أس"، التي أشارت إلى أبحاث أجراها المصرف المركزي الأوروبي عن سلوكيات المدخرين في منطقة اليورو. ولا توجد أبحاث مماثلة لدى بنك إنجلترا.

وأضافت، "ستكون الأسر ذات الدخل المنخفض أقل أماناً"، مشيرة إلى أهمية ذلك، لأن "الميل إلى الإنفاق من الدخل أعلى من الميل إلى الإنفاق من الثروة".

وتحول خبراء الاقتصاد من الأمل في تعاف حاد مستدام، بعد تراجع المخاوف من المتحورة "أوميكرون"، إلى القلق من توقعات مضطربة.

وقال أندرو غودوين، كبير الخبراء في الاقتصاد البريطاني "لدى "أوكسفورد إيكونوميكس"، "لقد انتقلنا من كوننا متفائلين نسبياً بقصة الادخار إلى متشائمين بها". ولا يتوقع السيد غودوين حدوث ركود تقني، أي فصلين متتاليين من الانكماش الاقتصادي، في السنة المقبلة، لكنه يعتقد أن خطر حدوث انكماش اقتصادي يزداد.

وقال، "نحن نتوقع انخفاضاً بنسبة اثنين في المئة في المداخيل الحقيقية هذا العام. وهذا يكفي لوضع قطاع الاستهلاك في حالة من الركود هذا العام، حتى ولو لم ينعكس ذلك على الاقتصاد بالكامل".

وانضم معلقون محافظون إلى خبراء الاقتصاد في انتقاد قرار وزارة المالية بعدم زيادة المزايا بما يتفق مع معدل التضخم، ويعني فارقاً في كيفية احتساب التضخم حدوث انخفاض حاد في القيمة الحقيقية في دعم الأسر التي تعتمد على الرفاه، وهو الانخفاض الأكبر منذ 50 سنة، وفق مؤسسة جوزيف راونتري.

وقال ناطق باسم الخزانة البريطانية، "ندرك أن الأسر الفردية كانت لديها تجارب مختلفة للغاية في ما يتصل بالجائحة، وسيكون العديد منها قد ادخر مالاً أقل من المعتاد، ونحن نراقب هذا الوضع عن كثب.

"إنها أوقات عصيبة، كنا صادقين مع الرأي العام البريطاني حول عجزنا عن حماية الناس بالكامل من التحديات العالمية التي نواجهها، لكن حزمة الـ22 مليار جنيه التي نقدمها لتخفيف الضغوط موجهة نحو هؤلاء الذين هم في أشد الحاجة إليها".

© The Independent