Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حلول للأزمة الليبية... بعيون مصرية جزائرية تونسية

يعمل وزراء خارجية هذه البلدان لإقناع الأطراف المتنازعة بوقف فوري لإطلاق النار

عبّر وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر عن قلقهم إزاء الوضع الحالي في ليبيا، مؤكدين التزامهم بالعمل معاً لتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع، وإقناعها بالوقف الفوري لإطلاق النار من دون شرط. وأكد البيان الختامي لاجتماع الوزراء سامح شكري وخميس الجهيناوي وصبري بو قادوم في العاصمة التونسية، أنه لا حل عسكرياً للأزمة الليبية، مشددين على أهمية الحفاظ على المسار السياسي ودعمه كسبيل وحيد لحل الأزمة تحت رعاية الأمم المتحدة.

رفض تام لأي تدخل

جدد الوزراء رفضهم التام لأي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية الليبية، ودانوا تدفق السلاح من أطراف إقليمية وغيرها في مخالفة صريحة لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مطالبين المجلس بتحمل مسؤولياته تجاه الانتهاكات الموثقة لقرارات حظر تصدير السلاح إلى ليبيا.

بداية المبادرة الثلاثية

يأتي الإجتماع في إطار المبادرة التي أطلقتها الدول الثلاث قبل سنتين، بعد تعقد الملف الليبي واتساع رقعة الأزمة إلى محيطها الإقليمي وتأثيرها في جيرانها بشكل أوضح بسبب الروابط التاريخية والاجتماعية، وبشكل أكبر اقتصادياً وأمنياً لارتباطها بدول الجوار ومشاكلها في ما يتعلق بالجريمة العابرة للحدود وتهريب السلاح والعناصر الإرهابية، وعودة العمالة بسبب تدهور الوضع الأمني، وتراجع مستويات التبادل التجاري خصوصاً أن ليبيا الغنية بالنفط كانت تستورد كميات ضخمة من سلع هذه البلدان "قبل الأزمة"، ما شكل ثقلاً على اقتصاداتها المتردية أصلاً، نتيجة الهزات السياسية التي شهدتها خلال السنوات الماضية. وباستثناء مصر، فقد ظل دور دول الجوار محدوداً وحيادياً في الأزمة الليبية. نظراً إلى تداعيات الأزمة الليبية وانعكاساتها على دول جوارها منذ سنوات، أعلنت الخارجية التونسية في يناير(كانون الثاني) 2017 إطلاق مبادرة لحلحلة الأزمة وفك الاشتباك بين الفرقاء الليبيين على أن تقودها مع الجزائر ومصر، وتحدث الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ووزير خارجيته خميس الجيهناوي، في أكثر من مناسبة عن رغبة بلدهما في إيجاد توافق تونسي - جزائري- مصري حول سبل احتواء الانقسام السياسي والتحارب، بين جبهة طبرق وجبهة طرابلس على قاعدة اتفاق شامل يحفظ وحدة البلاد ويضمن استقرارها بشكل نهائي، وعُقدت قمم ثلاثية متوالية بين الدول الثلاث منذ ذلك الحين، حاولت الدفع بالوفاق السياسي وتعزيزه سعياً إلى حل الأزمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تونس تمسك الزمام

قال وزير تونس خميس الجهيناوي آنذاك "إن المبادرة تهدف الى مواصلة السعي الحثيث لتحقيق المصالحة الشاملة في ليبيا، بمساعدة من الدول الثلاث ورعاية الأمم المتحدة". وأولت تونس أهمية كبيرة للقضية الليبية والمبادرة التي قادتها، فقد تبنى الرئيس التونسي بنفسه الإشراف عليها، وتناول سبل تفعيل المشروع في اجتماعات متعاقبة ضمت وزراء خارجية البلدان الثلاثة، وكانت تصريحات الحضور دائماً متناغمة وإيجابية. وعلى الرغم من تقارب تونس مع حكومة الإنقاذ في طرابلس وتعاطي الجزائر الحذر مع الملف الليبي، فإن الدولتين نسَّقتا موقفاً واضحاً مع مصر تَمَثَّل في المبادرة الثلاثية التي تحاول على الرغم من العراقيل الجمَّة الداخلية والخارجية، تقديم مقاربة لحل الأزمة الليبية.

طموح وفشل

الصحافي الليبي مراد جمعة رأى أنه "بالنسبة إلى الجزائر وتونس، فإن ربط مصر بهذه المبادرة يوقف التهديد المتوقع بإشعال الحرب على حدودهما، ما يعني تهديداً مباشراً لأمنهما القومي وجعل المنطقة الغربية مرتعاً للجماعات الإرهابية التي تعادي البلدين، ومنع أزمة تتعلق بتدفقات هائلة من النازحين فراراً من المواجهات العسكرية". وأضاف "تقوم المقاربة التونسية - الجزائرية على فكرة جمع أصحاب المصلحة الكبرى في استقرار ليبيا من دول الجوار، وتجاوز الارتباك والتعثر الذي واجه اللجان الإقليمية السابقة التي هدفت إلى البحث عن مخرج للأزمة الليبية والتي ضمت أطرافاً عربية وأوروبية عدَّة، وكانت نتائجها مخيبة للآمال". وأوضح جمعة أن "المقاربة قامت على فكرة احتواء الصراع المسلح من خلال استغلال رغبة مصر في الاقتراب من المجتمع الدولي في ما يتعلق بدعم حكومة الوفاق التي يرفضها قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، وهو ما صرَّح به الساسة التونسيون بشكل مباشر، لكن للأسف كغيرها لم تنجح وأضيفت إلى قائمة المبادرات التي وُسمت بالفشل في ما يتعلق بالملف الليبي".

أسباب الفشل

لم تنجح المبادرة فعلياً في ما سبق في تحجيم الأزمة، ولم تنجح القاهرة في إقناع حفتر بالقبول بها ووقف التقدم باتجاه العاصمة طرابلس، حتى اندلعت المعارك العسكرية مع خصومه مطلع أبريل (نيسان) الماضي. ويرجع مراقبون السبب إلى أن المبادرة، وفق ما عرض في إعلان تونس، لم تتضمن آليات مبتكرة غير آلية الحوار بين مختلف الأطراف الليبيين، كما أنها لم تحدد إطاراً زمنياً محدداً يتم التوافق عليه للبدء بتنفيذ المبادرة وموعداً أقصى للانتهاء من تحقيق مضامينها، ما جعلها كغيرها من المبادرات التي سبقتها تتحول إلى لقاءات للتشاور وإصدار البيانات الدبلوماسية المنمقة والمعتادة التي تعبر عن القلق وتطلق دعوات التهدئة من دون أن تحقق جديداً يُذكر. ولم تكشف غالبية الأطراف الإقليمية والدولية، عن موقف واضح من المبادرة التي يتطلب نجاحها دعماً إقليمياً ودولياً صريحاً، وهو ما لم يحصل حتى الآن.

مواقف الدول الثلاث

من دون شك، لكل دولة من الدول الثلاث رؤية وموقف خاص تجاه الأزمة الليبية وأطراف الصراع وإذا كان الموقف التونسي والجزائري ظل ثابتاً وواضحاً في دعمه لحكومة الوفاق في طرابلس، إلا أن الموقف المصري المعلن في المبادرة الذي سار في الاتجاه ذاته، تناقض مع المواقف الفعلية الداعمة للجيش وحفتر، فكان هذا التناقض بمثابة الإطار الذي تسعى من خلاله مصر للحفاظ على مصالحها في ليبيا. وعزا الباحث والكاتب المصري الدكتور أسامة الغزالي السبب في هذا التناقض المصري إلى "أن استقرار ليبيا أمر حيوي لمصر وأمنها القومي، لأن حدود ليبيا مع مصر، تشكل حدودها الغربية بطول 1115 كيلومتراً، وعندما اضطربت الأوضاع عقب سقوط القذافي، تضاعفت المخاطر على أمنها وتحولت ليبيا بعد ذلك إلى مصدر لتهريب الآلاف من كل أنواع الأسلحة، من اليدوية إلى المدافع والعربات المدرعة إلى داخل مصر، فضلاً عن المخدرات والهجرة غير المشروعة، مع وجود مئات الآلاف من العمالة المصرية هناك". 

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي