Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

15 عاما سجنا لزوجين مغربيين أدينا بقتل طفلة بسبب التبول اللا إرادي

العنف الجسدي بحق الذين تتراوح أعمارهم في البلاد بين 11 و15 عاماً شمل 44 في المئة من الذكور و32 في المئة من الإناث

أشارت منظمة "يونيسف" إلى أن 90 في المئة من الاطفال المغاربة بين سنتين وأربع سنوات سبق أن تعرّضوا للعنف من طرف آبائهم وأمهاتهم (رويترز)

قررت محكمة الاستئناف بمراكش تأييد الحكم بـ15 سنة سجناً على زوجين توبعا بجناية الضرب والجرح في حق قاصر نتج عنهما الموت، بعد أن ضجرا من تبولها اللا إرادي.

قضية رأي عام

يأتي الحكم بعد عامين من الواقعة التي هزت الرأي العام المغربي، وأعادت الحديث عن واقع وضعية الأطفال بالمغرب، وتنامي ظاهرة العنف ضدهم، وكانت الأبحاث الجنائية قد أثبتت أن عمليات التعذيب التي كان يقوم بها الزوجان بشكل اعتيادي على الطفلة (خمس سنوات)، وهي بنت أخت الزوجة، كانا يقومان خلالها بضربها بوحشية وكيها في مناطق حساسة من جسمها، كانت السبب المباشر في مصرع الطفلة التي عاشت برفقتهما مدة تقارب العام.

وشهد التحقيق اعتراف المتهمة بقيامها بكيّ الطفلة ثلاث مرات على مستوى المناطق المحيطة بجهازها التناسلي لثنيها عن التبول اللا إرادي في الفراش، وكشف تقرير الطب الشرعي عن أن الضحية كانت مصابة بنزيف داخلي على مستوى المخ، وكانت تعاني كذلك كسراً في العمود الفقري، وكشف التقرير أيضاً عن تعرض كليتيها للتلف، بالإضافة إلى آثار للرفس في أعضائها الداخلية.

يذكر أن الضحية فاطمة الزهراء، وُلدت من علاقة غير شرعية، تركتها أمها في بادئ الأمر مع جدتها، التي بدورها كانت قد أنجبت أمّ الضحية وثلاثة أبناء آخرين من علاقات غير شرعية، إلا أن أم الضحية بعد اكتشافها حملاً جديداً من علاقة غير شرعية، غادرت للعيش مع أب فاطمة الزهراء، وعرضت على  أختها غير الشقيقة أن تتكفل بإيواء طفلتها، ومكثت في بيتها نحو عام قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، وتكشف روايات الشهود من جيران بيت الخالة، أن الطفلة الضحية كانت تظل حبيسة المنزل، ولم يكن يسمح لها مستضيفاها أن تلعب مع أطفال الحي، وأن أي دعوة للسماح لفاطمة الزهراء باللعب كانت تواجه بالرفض بدعوى أن الطفلة سيئة السلوك.

تزايد العنف ضد الأطفال

ويشهد المغرب تنامياً لظاهرة الاعتداء على الأطفال، وأشارت منظمة "يونيسف" إلى أن 90 في المئة من الأطفال المغاربة بين سنتين وأربع سنوات سبق أن تعرّضوا للعنف من طرف آبائهم وأمهاتهم، وصنفت المنظمة المغرب في المرتبة العاشرة عالمياً بخصوص نسبة تعنيف الأطفال داخل وخارج المحيط الأسري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان التقرير العالمي عن "وضع الوقاية من العنف ضد الأطفال 2020" الصادر عن مجموعة من المنظمات الدولية، قد أظهر أن العنف الجسدي بالمغرب في حق الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و15 عاماً شمل 44 في المئة من الذكور و32 في المئة من الإناث، وأوضح التقرير أن عدد الأطفال الذين قتلوا خلال عام 2017 وصل إلى 40150 طفلاً، وسجل بالمغرب في العام نفسه 17 جريمة قتل في حق قصر لا تتجاوز أعمارهم 17 سنة، مقابل 276 عملية قتل لأشخاص من مختلف الأعمار.

من جانبها، قالت مريم الراوي رئيسة "جمعية أنير لمساعدة الأطفال في وضعية صعبة"، أن المجتمع المغربي لا يزال يشهد تمدداً في استعمال العنف بمختلف أشكاله، وأنه ما زال يتقبله، رافضة الاعتقاد الشعبي بثقافة "العصا لمن عصى".

ضعف السياسات العامة

وبخصوص التعاطي الرسمي المغربي مع قضايا الطفولة، قال الباحث في القانون العام رضوان بورشوق إنه نظراً إلى الوضعية المقلقة لأطفال المغرب على مستوى العديد من الواجهات، فقد أولت الحكومات المتعاقبة اهتماماً بالغاً لتجاوز المشاكل المرتبطة بضمان حق الطفل في الحياة والتعليم والحماية، عبر اعتماد برامج واستراتيجيات قطاعية وأخرى حكومية، وتتضافر جهود الهيئات الحكومية مع جهود مجموعة من المؤسسات الرسمية التي تتدخل لتقديم الرعاية والتأهيل والإدماج الاجتماعي بخاصة للأطفال الذين يعانون ظروفاً صعبة، ويساعد المجتمع المدني هذه الآليات، وأثبت قدرته على ملء الفراغ الذي تركته الهيئات الرسمية، وأصبح يشكل دعامة أساسية في عملية النهوض بحقوق الطفل بالمغرب، وأوضح بورشوق أنه على الرغم من كل هذه الاستراتيجيات والسياسات التي تعتمدها الهيئات المهتمة بالطفولة، وعلى الرغم من نشاط الفعاليات المدنية في سبيل توفير الحد الأدنى من الحماية والرعاية، فإن الواقع ينضح بالعديد من التحديات التي تؤزم وضعية الأطفال، والمرتبطة أساساً بمحدودية الحق في البقاء والنمو والحماية.

العنف يولد العنف    

وأوضح الباحث في علم الاجتماع محمد المرجان أن من الصعب جداً التحديد الإحصائي لحالات التعنيف القاسي التي يتعرض لها الأطفال من طرف أولياء أمورهم بالمغرب، نظراً إلى كون هذه الممارسة تجري في الأجواء الأسرية المغلقة، ولا تسمح للآخرين بالاطلاع عليها، إلا إذا أصبحت مثار الحديث بين الناس، أو تناقلها الأفراد القريبون منها، إلى أن تصل إلى وسائل الإعلام فتتحول إلى حادثة تمس وتزعزع الرأي العام، مشيراً إلى أنه لا يمكن عزل هذا السلوك العنيف عن أسبابه المتعددة الأبعاد، ولكنها تتمحور بالأساس حول بنية الأسرة بعلاقاتها ومكوناتها وظروف نشأتها، وفي هذا الإطار، أكد المرجان أن "العنف الوالدي تجاه الأطفال هو إعادة إنتاج للعنف الممارس على الأبوين أو أحدهما من طرف آبائهم في مرحلة من مراحل طفولتهم، وبالتالي، فإن تعنيف الأبناء هو محاولة للانتقام والثأر ممن مارسوا كل أشكال التعنيف ضدهم في مرحلة من مراحل نشأتهم، لكن التمادي في العنف والقسوة المفرطة إلى حدود القتل، يعبر عن إحساس الآباء بتدمير الذات وفقدانهم كل الروابط الكفيلة بشدهم نحو الآخرين أو نحو المجتمع، بخاصة إذا علمنا الظروف الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتربوية المحيطة بالأسر التي يصدر عنها مثل هذا السلوك".

وتابع الباحث في علم الاجتماع أن الشدة في التربية مضرة جداً، وإذا وصلت إلى أقصاها، فقد تلحق الضرر بالدولة والأسرة والمجتمع، مشيراً إلى أنه "إلى حدود الفترة الحالية، يمكن اعتبار سلوك العنف الوالدي محدوداً، على الرغم من آثاره الخطيرة جداً، لكن التفكك الأسري واستمرار الأزمات الاقتصادية وغياب الوعي التربوي، كل هذه العوامل ستكون مسؤولة عن تكاثر الحالات وامتدادها بكيفية تتجاوز الضبط والمراقبة".

المزيد من متابعات