Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جريمة تهز ليبيا إثر مقتل طفلة على يد والدها حرقا

مطالب بإصدار تشريعات لحماية الأسرة من العنف ومواءمة القوانين المحلية مع الاتفاقات الدولية

محتجون يطالبون الجهات الأمنية بمعاقبة والد الطفلة رابحة (الصورة تخضع لحقوق الملكية الفكرية - مواقع التواصل الاجتماعي)

اهتزت ليبيا من أقصاها لأقصاها لثاني جريمة بشعة تهز البلاد خلال شهر رمضان، بعد مقتل طفلة على يد والدها في مدينة أجدابيا شرق البلاد، لتضيف صدمة جديدة لتلك التي خلفتها جريمة مقتل رجل وعائلته على يد أشقائه في مدينة كاباو، جنوب العاصمة طرابلس، بسب خلاف عائلي على الميراث، قبل أيام قليلة.

وأثارت الجريمتان حالة من الاستياء والغضب الشعبي العارم من تفاصيلهما المؤلمة الغربية على المجتمع الليبي، الذي لم يكن يشهد مثل هذه الجرائم قبل سنوات قليلة، ومطالبات واسعة بمحاكمة الجناة تنفيذاً لحكم القانون والشرع والعرف العام في ليبيا.

قتل ابنته بالماء الساخن

وفي التفاصيل، أقدم رجل من مدينة أجدابيا على قتل طفلته البالغة من العمر ثلاث سنوات، بعد أن وضعها في المياه الساخنة بحوض الاستحمام لمدة 45 دقيقة، ما أدى إلى إصابتها بحروق في كامل جسدها بنسبة 90 في المئة، بحسب ما ذكره رئيس وحدة التحريات بقسم البحث الجنائي أجدابيا، محمد الفاخري.

وأضاف الفاخري، في تصريحات صحافية "ورد بلاغ للقسم من مستشفى أجدابيا، عن وصول طفلة صغيرة تبلغ من العمر ثلاث سنوات تعرضت لحروق جسيمة بجسدها، نتيجة وقوع مياه ساخنة عليها، وجرى استدعاء والد الطفلة وزوجته للتحقيق معهما ومعرفة التفاصيل الكاملة، وبحسب الرواية التي أدلى بها الوالد بدايةً في محضر التحقيق، فإنه كان خارج المنزل أثناء وقوع الماء الساخن على طفلته في المطبخ، مع وجود زوجة الأب التي قامت بإسعافها إلى المستشفى".

وتابع "تكشفت تفاصيل الجريمة توالياً بعد التحقيقات الكاملة مع زوجة والد الطفلة، التي اعترفت بالتفاصيل الحقيقية والتي جاءت مخالفة للأقوال التى أدلى بها والد الطفلة في بداية التحقيق".

وبينت زوجة والد الطفلة "رابحة" الأسباب التي دفعت الوالد لارتكاب جريمة قتل ابنته، قائلة "أصيبت الطفلة بالإسهال ومع عدم قدرتها على الذهاب إلى الحمام، قام والدها بضربها بواسطة سوط متسبباً في عدة إصابات بجسدها، وهو ما أكده تقرير الطبيب الشرعي بالمستشفى، ثم قام والدها بنقلها إلى دورة المياه ووضعها في حوض الاستحمام وفتح الماء الساخن عليها لمدة 45 دقيقة، ما أدى إلى إصابة الطفلة بحروق في كامل جسدها بنسبة 90 في المئة، وهو ما أدى إلى وفاتها".

وبينت الزوجة أن "الوالد قام بوضع طفلته في إحدى غرف المنزل من وقت الظهيرة إلى الساعة التاسعة ليلاً، واتفق معها بأن يخرج من المنزل وتتصل هي بأحد أقاربه لكي يتم إسعاف الطفلة إلى المستشفى، وبالفعل قام أحد أقاربه بنقل الطفلة إلى مستشفى أجدابيا، حيث وصلت متوفية نتيجة تعرضها للضرب المبرح وسكب المياه الساخنة على كامل جسدها".

الوالد يعترف بجريمته

وبعد مواجهة والد الطفلة باعترافات زوجته أثناء التحقيقات اعترف بارتكابه الجريمة، وبعد انتقال الجهات المعنية إلى بيته و تفتيشه عثرت أجهزة الأمن على أدوات تستخدم في تعاطي مخدر الحشيش.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتسبب كشف السلطات عن تفاصيل الجريمة الموجعة التي ارتكبها الأب في حق طفلته في غضب عارم في الشارع بأجدابيا وليبيا عموماً، حيث أغلق عدد من المواطنين المحتجين أحد الشوارع الرئيسة في المدينة، احتجاجاً على مقتل الطفلة "رابحة عبد الحميد".

وطالب المحتجون الجهات الأمنية في المدينة بإنزال أقصى أنواع العقوبات بحق والدها لارتكابه هذه الجريمة.

الأم تطالب بالقصاص لابنتها

وخلال التظاهرة الغاضبة، طالبت والدة الطفلة بالقصاص من والدها "الذي قتل ابنته بلا ذنب، ولم يرحم طفلته ولا يستحق الرحمة، ويجب إنزال أقصى العقوبات عليه".

ووجهت الأم نداءً لأهل أجدابيا وليبيا قائلة "أريد حق طفلتي التي قتلت بلا ذنب على يد أبيها وأريد تسليمي بقية أولادي".

إدانة حقوقية

من جانبها، دانت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا مقتل الطفلة على يد والدها مطالبة مجلس النواب بـ"إصدار قانون حماية الأسرة من العنف ومواءمة القوانين المحلية مع الاتفاقات الدولية، خصوصاً اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة".

واعتبرت اللجنة، في بيان لها الثلاثاء، أن "التلكؤ في إصدار القانون يسهم في استمرار العنف ضد الأطفال والنساء في المجتمع"، داعيةً إلى "إنزال أقصى وأشد العقوبات المنصوص بها على والد الطفلة".

وطالبت لجنة حقوق الإنسان الليبية مجلس النواب بإصدار قوانين مناهضة للعنف ضد الطفل والمرأة بعد تكرر الجرائم بحق هاتين الشريحتين أخيراً. 

كارثة ثانية في شهر واحد

وذكرت اللجنة الليبية لحقوق الإنسان الجهات المسؤولة بأن هذه الجريمة ليست حالة فردية، بل لها سابقة بشعة قبل أيام، مطالبةً بـ"تنفيذ العقاب الرادع أيضاً في حق من ارتكبوا جريمة قتل أفراد عائلة كاملة في مدينة كاباو، بينهم طفلان، في مشهد مروع لم يألفه المجتمع الليبي في السابق"، مشيرةً إلى أن "هذه الحوادث تأتي في ظل الانفلات الأمني وانتشار السلاح والإفلات من العقاب الذي تشهده وتعيشه ليبيا منذ سنوات".

وفي 29 أبريل (نيسان) الماضي، أقدم شقيقان على قتل شقيقهما الثالث وزوجته وطفليه في مدينة كاباو أثناء تناولهم وجبة الإفطار، على خلفية مشكلات مالية متعلقة بميراث عائلي.

وقال قسم البحث الجنائي في طرابلس إن "شخصين ملثمين دخلا بيت عائلة فاضل عاشور وقاما بقتل الأب والأم وطفليهما من دون شفقة أو رحمة". 

انتشار السلاح وغياب الرادع

ويرى الباحث الليبي في الشؤون الأمنية سمير المجبري أن "وقوع مثل هذه الجرائم التي لم تعرف البلاد لها مثيلاً من قبل راجع إلى عدة أسباب، أهمها انتشار السلاح وغياب الرادع القانوني في ظل تشتت الأجهزة الأمنية وانقسامها وعجزها عن تأدية وظائفها وواجباتها على الوجه المطلوب".

في المقابل، تشدد الإعلامية الليبية إهداء مكراز على أن "الأسباب الأمنية ليست وحدها المتسببة في وقوع مثل هذه الحوادث، بل هي دليل على أن منظومة الأخلاق والقيم في المجتمع الليبي أصيبت في مقتل ".

وأضافت "الأمر يحتاج إلى أكثر من الأبحاث الأمنية، بل يحتاج لدراسات نفسية واجتماعية معمقة، أعتقد أن الإقدام على ارتكاب جرائم بطريقة مروعة مثل ما شهدناه أخيراً دليل على أن الحروب التي مرت بها البلاد في العقد الأخير تركت بصمات مدمرة ليس على المستوى السياسي والأمني بل الاجتماعي أيضاً، ومخلفاتها النفسية هي الأشد خطراً وإيلاماً". 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير