Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانتخابات في فرنسا ومالطا تظهر كيف ينتشر الركود السياسي

إصلاح الأجندات مؤجل في معظم أنحاء العالم ولا تغرد المملكة المتحدة خارج السرب

إيمانويل ماكرون وروبرت أبيلا خياران مفضلان لدى الناخبين، كي ينالا ولاية رئاسية ثانية في فرنسا ومالطا، على الرغم من عدم شعبيتهما (غيتي)

تصويت في مالطا وكذلك فرنسا. يبدو الأمر كأنه قراءة للنتائج في "مسابقة يوروفيجن للأغاني".

يتوجه مواطنو مالطا إلى صناديق الاقتراع في عطلة نهاية هذا الأسبوع، في انتخابات أولى داخل الاتحاد الأوروبي منذ غزو روسيا لأوكرانيا. وفي فرنسا، تتواصل الحملة الرئاسية، وستجرى الجولة الأولى من التصويت في 10 أبريل (نيسان) المقبل.

وفي كل من البلدين، هناك شعور طاغٍ بما يعنيه المصطلح الفرنسي ennui (الملل). إذ بات متوقعاً أن يفوز شاغلو المناصب الرئاسية [في انتخابات مالطا وفرنسا] لكنهم لا يزالون يفتقرون إلى حد بالغ العمق إلى الشعبية.

هزت مالطا مزاعم بالفساد في السنوات الأخيرة، إذ لا تزال تلك الجزيرة المتوسطية رهينة الروبل والأوليغارشيين. ويعد برنامج "التأشيرة الذهبية" لديها، المخصص لاستمالة الأجانب الأثرياء بعروض لنيل جنسية الاتحاد الأوروبي، ويحتل الروس مقدمه، الأكثر رسوخاً في الكتلة. وحتى الآن لم يجرِ التخلي تماماً عن العلاقات مع روسيا، ومن المقرر تسليم النفط الآتي من روسيا عبر ناقلات، في حين تخفض بلدان أخرى إمداداتها منه. ومع ذلك، من المرجح أن ينتصر حزب العمال الحاكم. وهذا أيضاً، على الرغم من القصة التي تؤكد أن فيلا رئيس الوزراء روبرت أبيلا استأجرها روس يسعون إلى الحصول على عنوان سكني لتلبية متطلبات الحصول على تأشيرة، وقد ذكر أبيلا أن ذلك الاتفاق وقع قبل أن يتولى منصب رئيس الوزراء، على الرغم من أنه لم يتمكن من تحديد الموعد الذي أبرم فيه. وفي مالطا، يمكن تلخيص حالة السبات السياسي على النحو التالي: شعار حزب العمال عام 2022 هو "مالطا معاً"؛ شعار الحزب الوطني المنافس "معاً من أجل مالطا".

وفي فرنسا، يسود المناخ نفسه، إذ يعتبر إيمانويل ماكرون على نطاق واسع أنه يحكم لمصلحة الأثرياء، وليس الناس العاديين، وأنه أعطى الأولوية للتبختر في بروكسل والساحة العالمية على حساب بلاده. لكن منافسيه يفشلون أيضاً في إثارة الناخبين. فعلى غرار أبيلا، من المفضل تماماً انتخاب الرئيس لولاية ثانية. وتشكل أوكرانيا جزءاً من السبب وراء ذلك. لقد غير الهجوم الروسي المزاج. فجأة، اندفع أولئك الذين هم في السلطة إلى التحرك، وكان لديهم ما ينبغي لهم أن يجتمعوا حوله؛ فيما مال الرأي العام إلى مقاومة الاضطراب والاختلال.

وفي فرنسا، أبرز موقف ماكرون في الـ"لو موند". ففي تقرير نشرته الصحيفة الاثنين الماضي، زارت المرشحة المحافظة فاليري بيكريس (حزب الجمهوريين) "صالون الزراعة"، وهو المعرض الزراعي الوطني الذي يعقد كل عام في جنوب باريس. ووفق الصحيفة، "كذلك جال المرشح الشيوعي فابيان روسيل بين الأبقار والأغنام والنبيذ والجبن ومنتجات شهية أخرى. وقد أمضى إيمانويل ماكرون صباحه في اجتماع لمجلس الأمن القومي في غرفة الحرب بقصر الإليزيه، وتحدث عبر الهاتف لمدة 90 دقيقة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين". وبدلاً من مالطا وفرنسا، اقرأوا المملكة المتحدة، حيث أنقذت رئاسة بوريس جونسون للوزراء، في الوقت الحالي في الأقل، بسبب عدوان بوتين. إذ يسجل جونسون نتائج سيئة في استطلاعات التصنيف الشخصي، لكن مع استمرار الحريق الأوكراني، من الصعب تصور إطاحته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحتى قبل أن تشن روسيا هجومها، كان العالم يواجه تضخماً متفاقماً. والآن، في كل مكان، تتجه تكاليف المعيشة، وتكاليف استهلاك الأغذية والوقود، إلى عنان السماء. ويدرك الناخبون هذا الواقع أيضاً. وكذلك يتلقون وعوداً بنيل بعض المحليات، لكنهم في الإجمال على استعداد لتقبل التحديات المالية، إذ يدركون أن ثمة ثمناً يتعين عليهم دفعه في هيئة اقتراض متزايد [ديون المالية العامة]، ومعدلات أعلى للفائدة، وضرائب أعلى. إن إصلاح الأجندات معلق. في أغلب الأماكن، وفق ما يبرزه الشعاران المالطيان، لا خيار يعتد به بين الأحزاب [المرشحة]. وإذا كان لحزب "العمال" أن ينجح في المملكة المتحدة اليوم، فما الذي قد يفعله، بأمانة، في شكل مختلف عما يفعله حزب المحافظين؟ قد يطلق كلاماً معسولاً، لكن على غرار ما كانته الحال لسنوات عدة، يعد حيز المناورة المتاح لهم مقيداً. وبفضل روسيا، أصبح أكثر إحكاماً الآن.

أين تقف الشركات من ذلك؟ إنها عالقة. عليها قبول حقيقة مفادها بأن الأمور لن تتغير كثيراً في أي وقت قريب، ما يعني تأخيرها الإنفاق وخطط الاستثمار.

لقد حلت أوكرانيا محل كورونا في أذهان الساسة، وقدمت لهم المبرر المثالي لعدم الدفع بالتغيير، وعدم إطلاق دعوات غير ملائمة، وعدم الإساءة إلى بعض أقسام المجتمع على غرار ما يحصل حتماً حينما يجري الدفع بأي إصلاح. وفي المملكة المتحدة يعني ذلك بالنسبة إلى التجارة أنه لن يحدث في وقت قريب، أي شيء يشبه الإجراءات الموعودة منذ زمن للتخلص من الروتين الإداري، وتبسيط قوانين التخطيط، وإصلاح ضريبة الأعمال. لقد خضنا حرباً، ضد "كوفيد-19"، وفق ذلك المنطق؛ والآن نخوض حرباً أخرى، قصف روسيا لأوكرانيا. لقد انخفض "مؤشر ثقة المستهلك البريطاني"، وهو مقياس لكيفية نظر الناس إلى أوضاعهم المالية الشخصية وتوقعاتهم الاقتصادية، بمقدار خمس نقاط إلى ناقص 31 في مارس (آذار)، وشكل ذلك الانخفاض الرابع على التوالي وأدنى قراءة في 17 شهراً، وفق شركة البحوث "جي أف كاي".

ويبلغ "مكتب الإحصاءات الوطنية" عن خفض المستهلكين الإنفاق على بنود غير أساسية. ويكشف استطلاع آخر أجرته شركة "ستاندرد أند بورز غلوبال" المالية لآراء مديري المشتريات في القطاع المالي، عن أن معنويات الشركات بلغت أدنى مستوى لها منذ 17 شهراً.

وفي ذلك الصدد، ذكر كريس ويليامسون، كبير خبراء الاقتصاد في مجال الأعمال لدى "ستاندرد أند بورز غلوبال"، أن ذلك البحث أشار إلى "نمو أبطأ على نحو حاد في الأشهر المقبلة، يكون مصحوباً بزيادة معدل التضخم وتفاقم أزمة تكاليف المعيشة. و[هذا] يرسم صورة غير مرغوب فيها عن (تضخم مصحوب بركود) سيصيب الاقتصاد في الأشهر المقبلة". ويعرف خبراء الاقتصاد التضخم المصحوب بركود بأنه فترة من التضخم المرتفع المصحوب بنمو بطيء الوتيرة وارتفاع في معدلات البطالة. ووفق ما تبرز انتخابات مالطا وفرنسا، ينضم إلى ذلك تضخم مصحوب بركود في المجال السياسي. ولا يحصل ذلك في [لا يقتصر ذلك على] هذين البلدين وحدهما، بل في غيرهما كذلك. إنه يحدث في المملكة المتحدة أيضاً.

 

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 26 مارس 2022

© The Independent

المزيد من تحلیل