Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الملاعب المغربية تشهد تناميا للعنف

قامت السلطات باعتماد إجراءات عدة أهمها إصدار قانون مكافحة الشغب

شهدت نهاية المباراة التي جمعت فريق الجيش الملكي بضيفه المغرب الفاسي في الرباط أعمال شغب واسعة (مواقع التواصل الاجتماعي)

أصبحت كرة القدم في المغرب تعاني تنامي حدة العنف في "شغب الملاعب"، وبعد أن كانت تقتصر على الشجار بين مشجعي الفريقين وتكسير كراسي المدرجات، أصبحت أعمال الشغب تصل إلى الشوارع وتشهد تخريب الممتلكات العامة والخاصة والاعتداء على المواطنين وارتكاب سرقات ومحاولات الاغتصاب، مما دفع بعضهم إلى الدعوة لإيقاف مباريات كرة القدم بشكل نهائي.

الأحد الأسود

شهدت نهاية المباراة التي جمعت فريق الجيش الملكي بضيفه المغرب الفاسي في الرباط أعمال شغب واسعة إثر هزيمة فريق الجيش وإقصائه من مسابقة كأس العرش، وقامت السلطات الأمنية بإلقاء القبض على المشتبه في ضلوعهم بأعمال العنف ومتابعتهم قضائياً، وأعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط خلال الاسبوع الماضي، أنه "على إثر أحداث الشغب التي أعقبت انتهاء مباراة في كرة القدم احتضنها المركب الرياضي الأمير مولاي عبدالله، الأحد 13 مارس (آذار) 2022، والتي خلفت إصابات عدة في صفوف 103 من أفراد القوات العمومية، و23 من المواطنين، إضافة إلى خسائر مادية في سيارات مملوكة للدولة وأخرى خاصة، مع إحراق مركبة وتخريب وتعييب مرافق ومنشآت تابعة للمركب الرياضي المذكور، وارتكاب سرقات وعرقلة السير بالطريق العام، مما أحدث هلعاً وخوفاً لدى المواطنين وتسبب في اضطراب الأمن والنظام العام"،  مشيراً إلى توقيف 70 شخصاً مشتبهاً فيهم من ضمنهم 18 قاصراً، وتشمل لائحة التهم "تكوين عصابة إجرامية وتخريب تجهيزات باستعمال القوة، والسرقة الموصوفة ومحاولة الاغتصاب وعرقلة سير الناقلات في الطريق العام، وإلقاء أحجار داخل الملعب من شأنها إلحاق أضرار بالغير، والدخول إلى الملعب حاملين سلاحاً وحيازة واستهلاك المخدرات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبه، قال الباحث في السياسات الرياضية منصف اليازغي إن العنف كان دائماً موجوداً في "شغب الملاعب"، إلا أن التركيز على ما حصل في "الأحد الأسود" في وسائل التواصل الاجتماعي زاد هول الظاهرة، موضحاً أن العنف كان حاضراً قبل سنوات وقبل اعتماد الحجر الصحي، وسبق أن شهدت مدن عدة أعمال عنف مرتبطة بكرة القدم، وليس فقط على مستوى القسم الممتاز، بل حتى في بطولة الهواة، مضيفاً أن "اعتماد الجمهور الشغب مسألة ربما تجتمع فيها عوامل عدة، منها ما هو تربوي ونفسي واجتماعي واقتصادي وسياسي، وربما ساعد في ذلك عامل أزمة النتائج التي يعانيها فريق الجيش الملكي، وربما هناك وجود لفئة لديها قابلية للجوء إلى الشغب في أي وقت وفي أي مكان.

قرار مثير للجدل

وقررت الحكومة المغربية في نهاية شهر فبراير (شباط) الماضي، السماح بعودة الجمهور للملاعب "استناداً إلى المقتضيات القانونية المتعلقة بتدابير حال الطوارئ الصحية والتطورات الإيجابية في شأن الوضعية الوبائية بالبلاد، وذلك بعد حوالى عامين من قرار منع الجماهير من حضور المباريات، وشهد قرار السماح بعودة الجماهير للملاعب جدلاً زادت من حدته أحداث "الأحد الأسود"، إلا أن اليازغي رأى أن  قرار فتح الملاعب كان أمراً صائباً، باعتبار أن مبررات إغلاقها أمام الجمهور انتفت، بما أن المغرب تمكن من تجاوز جائحة كورونا، وأصبحت تسجل أرقام متدنية بخصوص الإصابات، مشيراً إلى أن السلطات المغربية كانت أكثر راديكالية في اعتماد الإجراءات الاحترازية خلال الجائحة مقارنة مع باقي الدول، على اعتبار أنها كانت من الدول القليلة الأولى التي بادرت إلى إغلاق الحدود والملاعب والمطارات حرصاً منها على سلامة مواطنيها، في الوقت الذي قررت فيه بعض الدول فتح الملاعب للجمهور، وهي لا تزال تسجل عدداً مهماً من حالات الإصابة بفيروس كورونا.

تشديد القوانين

ورغبة منها في تضييق الخناق على ظاهرة الشغب في الملاعب، قامت السلطات المغربية باعتماد إجراءات عدة يبقى أهمها إصدار قانون مكافحة الشغب المعروف بـ "قانون 09-09" في صيف العام 2011، والذي قام بتجريم أعمال العنف في المجال الرياضي، بتجريمه التحريض على التمييز العنصري والكراهية أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية، كما يجرم أعمال العنف التي ينتج منها ضرب وجرح أو أي نوع آخر من أنوع العنف أو الإيذاء، وكذلك أعمال العنف التي ينتج منها إلحاق أضرار مادية بأملاك عقارية أو منقولة مملوكة للغير، مع مضاعفة العقوبة بالنسبة إلى المحرضين والمدبرين لتلك الأعمال، كما يجرم القانون كل من أسهم في أعمال عنف في الطرق أو الساحات العمومية أو غيرها من الأماكن العمومية، سواء ارتكبت هده الأفعال قبل أو أثناء أو بعد التظاهرة.

وأوضح الباحث في السياسات الرياضية أن القانون على الرغم من وجوده منذ حوالى 11 عاماً، إلا أنه لا يتم تطبيقه بالصرامة الكافية، مشيراً إلى سياق حراك 20 فبراير (شباط) 2011، والذي أرغم السلطات العمومية لاعتماد نوع من الليونة بهدف تفادي الاحتكاك مع الجماهير في ظرف حساس من تاريخ البلاد، وأكد أن "الأمر لم يعد مبرراً حالياً بأن تكون السلطات متكاسلة في تطبيق القانون، لأن ما شهدناه هو نتاج لذلك التساهل في تطبيق القانون".

وأشار اليازغي إلى أنه "على الرغم من أن القانون نص على ضرورة تأسيس وزارة الشبيبة والرياضة للجنة محلية لمكافحة الشغب، مهمتها التنسيق بين الأندية وبين السلطات المحلية، وبين باقي المتدخلين من أجل إنجاح المباريات في جو سليم، إلا أنه لم يتم إنشاؤها حتى الآن".

سياسة شاملة

وأقر اليازغي بأن المقاربة الأمنية التي تعتمدها السلطات بالملاعب فشلت في الحد من ظاهرة الشغب، موضحاً أنه لا يمكن وضع رجل أمن لكل متفرج، ومضيفاً أنه تم خلال مباراة الأحد تحديد قدر معين من المتفرجين الذي يتوجب حضورهم، وعلى الرغم من أن السلطات الأمنية تتحسب في كل مباراة لاحتمال وقوع أعمال شغب، إلا أن ما حصل في "الأحد الأسود" تجاوز كل التوقعات والاحتمالات في مجال التدابير الأمنية. واقترح الباحث اعتماد مراقبة مواقع التواصل بهدف معرفة تفاصيل الاستعداد التي تعتمدها الجماهير الرياضية قبل المباراة والتنسيق الذي يتم بين أفراد جماعات "الألتراس" من أجل الحد من خطورة تلك الظاهرة.

وأشار الباحث في السياسات الرياضية إلى أن محاربة الشغب في الملاعب تتطلب سياسة حكومية واضحة، وليس فقط إجراءات شكلية من قبيل تنظيم ندوات في الموضوع، موضحاً أن مكافحة تلك الظاهرة ليست بيد وزارة الداخلية والأندية وغيرها، بل يتطلب الأمر اعتماد سياسة شمولية تجمع بين مختلف المتدخلين، لا سيما جمعيات المشجعين، من أجل التوافق على ميثاق واضح يضمن الحد من هذه الظاهرة.

المزيد من تقارير