Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصدر "يستنجد" بالمستقلين لعبور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية

بيان زعيم التيار الصدري يشير بشكل واضح إلى فشل الجولات التفاوضية مع زعماء الإطار التنسيقي

يسعى الإطار التنسيقي إلى كسر نصاب جلسة البرلمان العراقي المقبلة (رويترز)

تتسارع المتغيرات في المشهد السياسي العراقي، مع اقتراب الجلسة الخاصة بحسم منصب رئيس الجمهورية في 26 مارس (آذار) الحالي، إذ كشف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن آخر أوراقه من خلال لجوئه إلى النواب المستقلين في البرلمان العراقي. 

ودعا الصدر في بيان مطول في 21 مارس، نواب وكتل المستقلين إلى مساندة التحالف الثلاثي لتحقيق النصاب في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.

وتضمن بيان الصدر تعهدات بمنح المستقلين "فرصة لإدارة البلاد" في حال "وحّدوا صفوفهم وابتعدوا عن المغريات"، مضيفاً أنها "الفرصة الأخيرة أمام محاولات جر البلاد إلى الحرب والصراعات".

مخاوف من "الثلث المعطل"

يسعى الإطار التنسيقي للقوى الشيعية، الممثل الأكبر للميليشيات الموالية لإيران، إلى كسر نصاب جلسة البرلمان العراقي المقبلة، خصوصاً مع انهيار المفاوضات بينه والتيار الصدري، فيما يحاول الأخير استقطاب كتل المستقلين داخل البرلمان لتحقيق غالبية الثلثين التي تُعدّ شرطاً لفتح التصويت على انتخاب رئيس الجمهورية.

وتبيّن رسالة الصدر تلك المخاوف الكبيرة من احتمالية تحقيق الثلث المعطل لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، الأمر الذي تراهن عليه قوى الإطار التنسيقي للقوى الشيعية.

ويطرح التحالف الثلاثي الذي يضم "الكتلة الصدرية" والحزب الديمقراطي الكردستاني والقوى السنية اسم ريبير أحمد عن الحزب الديمقراطي الكردستاني لمنصب رئيس الجمهورية.

في السياق ذاته، ردّ القيادي في حركة "عصائب أهل الحق" سعد السعدي، على دعوة الصدر للنواب المستقلين، مشيراً إلى أن "مزيداً من النواب سيلتحقون بالثلث المعطل بقيادة الإطار التنسيقي".

وقال السعدي في بيان، يوم الثلاثاء، إن "الثلث الوطني الضامن مضمون ولا شك فيه وسيلتحق المزيد"، مردفاً "إن موعدنا السبت أليس السبت بقريب".

ووفقاً للمادة 70 من الدستور العراقي، فإن البدء بإجراءات التصويت على انتخاب رئيس جديد للجمهورية يشترط وجود غالبية ثلثي مجموع العدد الكلي للبرلمان بنحو 220 نائباً، وفي حال لم يحصل أي من المرشحين على غالبية الثلثين، يتم اللجوء إلى جولة ثانية ينحصر فيها التنافس بين أعلى الفائزين الأول والثاني، ومن يحصل على أكثرية الأصوات يصبح رئيساً للجمهورية.

وبحسب "المجموعة المستقلة للأبحاث"، يبدو أن الفريقين - الإطار التنسيقي والتيار الصدري - بحاجة إلى نحو 30 نائباً للوصول إلى العتبة التي تؤهل أيّاً منهما إما إلى كسر النصاب أو تحقيقه.

انهيار مفاوضات الإطار والتيار 

وتواترت خلال الفترة الماضية أحاديث عدة عن اجتماع جديد بين الإطار التنسيقي مع الصدر، إلا أن بيان الأخير يشير بشكل واضح إلى فشل الجولات التفاوضية مع زعماء الإطار.

وعلى الرغم من كل تلك التطورات، لا يزال الإطار التنسيقي متمسكاً بموقفه الداعي إلى تشكيل كتلة أكبر تتوافق على شخص رئيس الحكومة باعتباره استحقاق البيت الشيعي.

ويدعم "الإطار التنسيقي" ترشّح جعفر الصدر لرئاسة الحكومة شريطة أن يتم ذلك من خلال الإجماع الشيعي، إلا أن التيار الصدري بدأ يتحرك باتجاه مغاير، تحديداً بعد القصف الإيراني الذي تعرّضت له مدينة أربيل. 

ويبدو أن المعرقل الرئيس للتوصل إلى اتفاقات بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري يتمثل في شروط وضعها الصدر أمام قادة الكتل الشيعية، بحسب مصادر أشارت إلى أن "الصدر اشترط على قادة الكتل الشيعية هيكلة الحشد الشعبي ومحاسبة أسماء كبيرة متهمة بتهم فساد وإخضاع الفصائل المسلحة للسلطات". 

حل البرلمان 

وخلال الأيام الماضية، زاد الحديث عن احتمالية حل البرلمان والتحضير لانتخابات جديدة في حال فشل القوى السياسية في التوصل إلى حلول بشأن انتخاب رئيس للجمهورية. 

ويرى الخبير القانوني علي التميمي أنه "بعد تحديد يوم 26 مارس لعقد الجلسة، فإنه في حال عدم اختيار رئيس جديد  للجمهورية يمكن لرئاسة البرلمان تأجيلها لغاية 6 أبريل (نيسان) فقط"، مبيّناً أن تجاوز تلك المدة "يُعدّ مخالفة صريحة لقرار المحكمة الاتحادية العليا".

ويضيف في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن العواقب المحتملة لمخالفة قرار المحكمة الاتحادية تتمثل في "احتمالية حل البرلمان بقرار من المحكمة الاتحادية العليا إذا تم استفتاؤها، أو بطلب من ثلث الأعضاء وموافقة الغالبية المطلقة لعدد الأعضاء وفق المادة 64 من الدستور". 

ويرى مراقبون أن قوى الإطار التنسيقي تحاول تعطيل جلسة البرلمان المقبلة للذهاب نحو انتخابات جديدة.

في المقابل، نفى رئيس "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي أن يكون الإطار التنسيقي قد طرح أمر "حل البرلمان"، مشيراً إلى أن إثارته في هذا التوقيت تهدف إلى "إشاعة المخاوف لدى النواب، خصوصاً المستقلين منهم لدفعهم إلى المشاركة في الجلسة". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المستقلون حجر الزاوية... 13 مطلباً أمام الصدر 

ويستمر بحث النواب المستقلين في البرلمان العراقي دعوة الصدر لهم للمشاركة في الجلسة المقبلة، الأمر الذي جعلهم بيضة القبّان في ترجيح كفة التيارات المختلفة. 

ويعوّل الصدر على الإشكالات الكبيرة بين النواب المستقلين والقوى الموالية لإيران في دفعهم إلى جانبه، إلا أن هذا الأمر لم يُحسم حتى الآن. 

وفي أول ردّ فعل من الكتل القريبة من الانتفاضة العراقية، أكد رئيس "حركة امتداد" علاء الركابي أن تحالف "من أجل الشعب" ماضٍ في قرار حضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.

وقال في مقابلة تلفزيونية إن "التحالف لن يلجأ إلى كسر نصاب جلسة السبت التزاماً بالتوقيتات الدستورية، وسيصوّت لمرشحه إلى رئاسة الجمهورية ريبوار عبد الرحمن".

وعلّق على دعوة الصدر للنواب المستقلين بالقول إن "التحالف أعلن مطالبه محددة بـ13 شرطاً وفتح الباب للأطراف السياسية المستعدة للقبول بها مقابل الاصطفاف إلى جانبها في البرلمان".

وتابع أن زعيم التيار الصدري وقادة الإطار التنسيقي "لم يبادروا بفتح حوار للتفاهم حول هذه المطالب، ومن يبدي استعداده، فسنكون جادين في المفاوضات وسنعلن ذلك بصورة واضحة"، مشيراً إلى أن أبرز الشروط تتمثل في "محاسبة المتورطين بعمليات القتل من أي جهة كانوا وفتح ملفات فساد كبرى وتحقيق العدالة في توزيع الثروات".

في السياق، أعلن النائب المستقل والمقرب من الحراك الاحتجاجي سجاد سالم، عزمه حضور جلسة البرلمان المقبلة، قائلاً في بيان "سنحضر الجلسة لأن عمل عضو مجلس النواب الحقيقي يكون داخل قبّة البرلمان وليس تلبية لنداء أو تغريدة". وأضاف "سنحضر لأن حياة الناس ومصالحهم أحق في أن تُراعى، بعيداً من شكل الحكومة المقبلة وأطرافها".

وعلى الرغم من تأكيده حضور الجلسة المقبلة، حمّل سالم الكتلة الصدرية المسؤولية "عن كل أسباب الفساد والفقر والبطالة والأزمات في العراق منذ عام 2003 ولغاية الآن". 

وختم أن "لمواقفنا تفضيلات سياسية تُراعي مصالح المجتمع والمهمشين الذين أضر بهم صراع التيار والإطار كما أضرّ بهم اتفاقهم". 

المستقلون يمسكون بأوراق اللعب 

لا تبدو الخيارات كثيرة أمام النواب المستقلين في البرلمان العراقي، خصوصاً أن خياراتهم ستصبّ في صالح أحد الفريقين اللذين تُعدّ القوى الاحتجاجية مناوئة لهما. 

ويبلغ عدد النواب المستقلين في البرلمان العراقي 45 نائباً، حصلوا على مقاعدهم على حساب كتل شيعية رئيسة، خصوصاً كتل "الإطار التنسيقي". ويرجّح رئيس "المركز العراقي الأسترالي" للأبحاث أحمد الياسري، مساندة النواب المستقلين للتحالف الثلاثي خلال الجلسة المقبلة، مبيّناً أن ما سيدفع تلك القوى إلى الاصطفاف مع التحالف الثلاثي هو "الاشتراك في العداء للقوى الموالية لإيران". 

ويضيف أن "النواب المستقلين هم من يمتلك الثلث المعطل وليس الإطار التنسيقي"، مردفاً، "ما سيدفع هؤلاء النواب إلى مساندة التحالف الثلاثي هو أن عدم الذهاب للجلسة وتعطيل النصاب سيصبّ في صالح الإطار التنسيقي وربما يعيد احتمالية التوافق بينه والتيار الصدري". 

ويبدو أن المستقلين في البرلمان العراقي باتوا يمثلون "بيضة القبّان في حسم التفاهمات السياسية"، كما يعبّر الياسري، الذي يشير إلى أن هذا الأمر يعني أن القوى التقليدية "لم تعُد تمسك بأوراق اللعب، ما يمثل بادرة لتشكّل قوى جديدة داخل الأجواء الشيعية". 

ويرى أن "تحقيق النصاب في الجلسة المقبلة سيكون بمثابة رسالة إلى إيران بأن أتباعها غير مرحب بهم في العراق، تحديداً بعد قصفها لمدينة أربيل".

وبشأن احتمالية إثارة حلفاء طهران لتوترات أمنية في حال تحقق نصاب الجلسة المقبلة، يعتقد الياسري أن "الصواريخ الإيرانية أشارت بشكل واضح إلى عجز حلفائها عن الردّ"، مبيّناً أن "ورقة إثارة التوتر التي استخدمتها التيارات الموالية لطهران خلال الفترة الماضية لم تعُد مؤثرة في التحالف الثلاثي". 

ويختم الياسري أن النواب المستقلين في البرلمان العراقي باتوا أمام خيارين فقط، "إما مساندة الإطار التنسيقي من خلال مقاطعة الجلسة المقبلة وكسر النصاب، أو الاشتراك فيها، ما سيُعتبر "مناصرة لمشروع الصدر"، لافتاً إلى أن الخيار المرجح هو "دخولهم الجلسة المقبلة وإتمام النصاب من دون التصويت على مرشح التحالف الثلاثي". 

موقف عصيب أمام المستقلين 

ويبدو جمهور الحراك الاحتجاجي منقسماً، ففيما يدعو فريق من المحتجين إلى عدم تمكين طرف على الآخر، خصوصاً أن عداء المحتجين لا يقتصر على قوى الإطار التنسيقي، بل يشمل التيار الصدري أيضاً، يرى الفريق الآخر أن على المستقلين حضور الجلسة المقبلة من دون التصويت لمرشح التحالف الثلاثي.

في المقابل، يقول الناشط مهتدى أبو الجود إن "الجماهير التي انتخبت المستقلين والقوى الجديدة تحاول من خلالهم معاقبة القوى التقليدية المتمثلة في التيار الصدري والإطار التنسيقي، وجماهير تلك القوى لن تسمح بالتحرك وفق السياسة التكتيكية، كالاتفاق مع جهة سياسية تُعتبر من القوى القديمة".

ويشير إلى أن ما يجري يُعدّ "بادرة للعودة إلى معادلة التوافق، إذ إن عدم اكتمال النصاب في الجلسة المقبلة سيعطي مبررات للتيار الصدري بالعودة إلى التوافق مرة أخرى"، متوقعاً "ميل المستقلين والكتل الجديدة بنسبة معينة إلى ترجيح كفة التيار الصدري لردم هذا الحدث".

المزيد من تقارير