Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متقاعدو تونس: نريد تكريس ثقافة الحياة

"هذه الفئة خزان من المعرفة والخبرة وهؤلاء قدموا أكثر من 35 سنة في خدمة الوطن"

مجموعة من المتقاعدين التونسيين ينشطون في المجتمع المدني (اندبندنت عربية)

"التقاعد هو الانتهاء من الحياة المهنية، وليس من الحياة العامة"، كلمات استهلت بها آسيا هذلي متقاعدة من وزارة العدل التونسية كلامها قائلة بأسف شديد إن "المتقاعد في تونس يأكل القوت وينتظر الموت"، وهو مثل شعبي يردده التونسيون لتوصيف حال مرضية ميؤوس منها، مضيفة، "نحن نرفض هذه العقلية السائدة في مجتمعنا ونريد تكريس ثقافة الحياة"، معتبرة أن "ثقافة المتقاعد غير راسخة في الثقافة العربية عموماً والتونسية خصوصاً".

ودعت هذلي، التي تنشط في جمعية من أجل ضمان حقوقهم المادية والمعنوية، إلى "ضرورة قبول المتقاعدين من أجل المشاركة في الحياة العامة"، معتبرة أن "هذه الفئة هي صوت الحكمة والخبرة ضرورة من ضروريات البناء في أي مجتمع"، ورأت أن "الحياة بالنسبة لهم انطلقت بعد إنهاء رسالتهم في الحياة سواء في الشق المهني أو الشخصي".

خزان من المعرفة

وطالبت الجمعية العامة للمتقاعدين في تونس السلطات والمجتمع بتشريكهم في الشأن العام، وقال كاتب عام الجمعية العبيدي الشيحي إن الهدف من جمعيتهم التي تأسست قبل سنة، العناية بالمتقاعد التونسي وترسيخ ثقافة التقاعد في بلدهم. ورأى الشيحي أن "المتقاعد في تونس مهمش في كل المجالات وكأن دوره انتهى في المجتمع على الرغم من أننا نحن من بنى هذا البلد ونحن حكماؤه"، مضيفاً، "المتقاعد التونسي لا يقل كرامة عن المتقاعد الأوروبي، المتقاعد لدينا يتقاعد من الحياة ولا يفكر في نفسه من الجانب الترفيهي كالسفر، وغير ذلك من الأنشطة الأخرى كالرياضة والفن وصقل المواهب"، وشدد على ضرورة الاستفادة من حوالى مليون و250 الف متقاعد في الشأن العام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأى فاضل بن تركية، متقاعد، ورئيس الجمعية العامة للمتقاعدين، أن "هذه الفئة خزان من المعرفة والخبرة وهؤلاء قدموا أكثر من 35 سنة في خدمة الوطن والآن يريدون عيش حياتهم بهدوء، وأن يندمجوا في الحياة العامة والمشاركة في أخذ القرارات". وتابع، "في كل محطة أو مناسبة وطنية مهمة يقع استدعاء النساء والشباب، ويتم تجاهل فئة المتقاعدين، وكأن دورهم انتهى ولم يعد لهم ما يقدمونه لتونس".

ويعتبر القانون التونسي المسن الشخص الذي تجاوز 60 سنة من العمر، وأضاف الفصل الثاني من القانون واجب أن "تتحمل الأسرة مسؤولية حماية أفرادها المسنّين وتلبية احتياجاتهم. وتقوم الدولة عند الاقتضاء بمساعدة الأسرة على القيام بدورها في هذا المجال كما تعمل على تطوير الخدمات الموجهة للمسنين وتسهيل اندماجهم في وسطهم العائلي والاجتماعي"، ويقضي هذا القانون بتحقيق اندماج المسنين بواسطة تحسيس الرأي العام حول الصعوبات الخاصة بهم وتشجيع البحوث والدراسات حول المظاهر الفرديّة والجماعيّة للشيخوخة، والوسائل الكفيلة بتحقيق حماية المسنين ورفاهتهم، وأيضاً مساعدتهم على المشاركة بصفة فعليّة في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية والرياضية والترفيهية.

عدم الاستقرار

وبدأت أوضاع المتقاعدين في تونس تسوء بتفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية، وجراء التغيرات الديموغرافية التي شهدتها البلاد، فأصبحت جراياتهم الضعيفة عبئاً على الصناديق الاجتماعية التي لا يفوّت مسؤولوها  فرصة إلا ويعلنون  صراحة أن هذه الجرايات أثقلت كاهل الصناديق، ولم يخف محمد، أستاذ تعليم ثانوي متقاعد مخاوفه، "للأسف بعد أكثر من 30 سنة عمل، أشعر اليوم بعدم الاستقرار المادي، بعد أن اقتطعت الدولة من رواتبنا من أجل المساعدة في خروج البلاد من الأزمة المالية، تزايدت مخاوفنا من قطع هذه الجراية التي لا تلبي حاجياتنا الأساسية بخاصة مصاريف العلاج".

الا أن المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية كمال المدوري قال إنهم ملتزمون بصرف جرايات منظوريهم المتقاعدين على الرغم من الصعوبات المالية التي تعيشها مؤسسات الضمان الاجتماعي، مؤكداً السعي لتجويد الخدمات في إطار تعزيز منظومة الدعم لهذه الفئة مع الانطلاق في إرساء منظومة الحسابات الفردية من خلال رقمنة الخدمات لضمان الحقوق وتسهيل الإجراءات لهم.

وتشهد تونس تحولات ديموغرافية عرفت فيها ظاهرة الشيخوخة السكانية بروزاً واضحاً، وتعود أساساً إلى عوامل عدة من بينها ارتفاع أمل الحياة عند الولادة، وانخفاض الخصوبة، ما تسبب في ضغط مالي على نظام الصناديق الاجتماعية للمتقاعدين، وأدى ارتفاع أمل الحياة عند الولادة إلى طول مدة الانتفاع بالجراية، من 13 سنة في التسعينات إلى 20 سنة حالياً، فتقلصت موارد الصناديق الاجتماعية، ما جعلها تعيش صعوبات مالية كبرى.

المزيد من تقارير