يقدر حجم موازنة تونس للعام المقبل 57.2 مليار دينار (19.7 مليار دولار) بزيادة تصل إلى 3.2 في المئة مقارنة بالموازنة التعديلية المقدرة بـ55.5 مليار دينار (19.1 مليار دولار)، مع تسجيل عجز في الموازنة بـ9308 مليون دينار (3.2 مليار دولار) بنسبة 6.7 في المئة من الناتج الداخلي الخام.
وأعلنت وزيرة المالية سهام بوغديري اليوم الثلاثاء، خلال مؤتمر صحافي برفقة أربعة من أعضاء الحكومة عن أهم الأرقام الخاصة بالموازنة الجديدة، التي قالت إنه "تم إعدادها في ظرف اقتصادي صعب ووسط مؤشرات متردية".
وتم بناء فرضيات إعداد الموازنة وفق نسبة نمو 2.6 في المئة خلال عام 2022 مقابل نسبة ضعيفة منتظرة في 2021، إلى جانب اعتماد سعر برميل نفط بـ75 دولاراً واعتماد سعر صرف الدينار التونسي مقابل الدولار الذي يساوي 2.92 دينار.
ومن الفرضيات الجديدة التي تم إدخالها ضمن الموازنة الجديدة لتحقيق الأهداف المرجوة، وفق وزيرة المالية التونسية الوصول إلى إبرام اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي والانطلاق في تفعيل حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والضريبية بهدف تصحيح جملة من المؤشرات الاقتصادية والمالية وضخ موارد مالية في الموازنة.
وأوضحت وزيرة المالية أن "حجم الموارد الذاتية للموازنة ستبلغ 38.6 مليار دينار (13.3 مليار دولار) بتطور يصل إلى 12.1 في المئة مقارنة بأرقام 2021، وتتوزع الموارد الذاتية على ضريبية بقيمة أكثر من 35 مليار دينار (12 مليار دولار) ومداخيل غير ضريبية بأكثر من 3 مليارات دينار (مليار دولار) وهبات بقيمة 460 مليون دينار (158 مليون دولار)".
وأوضحت أنه "ينتظر تسجيل زيادة بنسبة 13.9 في المئة بالمداخيل الضريبية"، لافتة إلى أنه "تم اتخاذ إجراءات عدة ستسهم في مزيد من الترفيع بهذه المداخيل". وعلى مستوى النفقات في 2022، "ستكون في حدود 47 مليار (16.2 مليار دولار) بزيادة نسبتها 6.6 في المئة".
زيادة في كتلة الأجور
وستبلغ نفقات التأجير، وفق ما كشفته وزيرة المالية، "ما قيمته 21.5 مليار دينار (7.4 مليار دولار) مقابل 20.3 مليار دينار (7 مليار دولار) في 2021 بزيادة 6 في المئة".
يشار في هذا الصدد إلى أن صندوق النقد الدولي ما انفك يشترط على تونس ضرورة التحكم في كتلة الأجور من الناتج المحلي الإجمالي التي يعتبرها من أرفع الكتل في العالم، إذ تعادل حالياً 17 في المئة من الناتج الداخلي الخام للبلاد.
أما نفقات الدعم، فقد تم تخصيص مبلغ 7262 مليون دينار (2500 مليون دولار) في الموازنة الجديدة بزيادة 1235 مليون دينار (425.8 مليون دولار) مقارنة بعام 2021، منها 2891 مليون دينار (996 مليون دولار) مخصصة لدعم المحروقات.
وشددت وزيرة المالية أنه لن يقع المساس بالفئات الهشة، لا سيما عدم إقرار زيادة في قوارير الغاز التي حافظت على أسعارها. وبالنسبة إلى نفقات الاستثمار، فإنها ستكون في حدود 8364 مليون دينار (2884 مليون دولار)، علماً أن الاستثمار في تونس تعطل لسنوات عدة. وفي كل موازنة يتم رصد مبلغ معين، ولكن لا يقع بلوغ الأهداف المرصودة بسبب الأوضاع الاجتماعية وصعوبة القوانين المنظمة للصفقات الحكومية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الاقتراض الخارجي
وفي معرض حديثها عن التمويل والاقتراض، أفادت سهام نمصية بأنه "من المنتظر أن تبلغ حاجات التمويل 18.6 مليار دينار (6.4 مليار دولار)، كما أنه بحسب وزيرة المالية ستقع تعبئة حاجات اقتراض في حدود 20 مليار دينار (6.8 مليار دولار) تتوزع على 12.6 مليار دينار (4.3 مليار دولار) اقتراضاً خارجياً و7331 مليون دينار (2527 مليون دولار) اقتراضاً داخلياً".
وتوقع عدد من المتخصصين أن "خروج تونس إلى الأسواق المالية العالمية أضحى أمراً صعباً بسبب توقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، متسائلين عن الطريق التي ستتم بمقتضاها تعبئة حاجات الاقتراض الخارجي.
وسيبلغ حجم الدين العمومي 114.1 مليار دينار (39.3 مليار دولار) بنسبة 82.6 في المئة من الناتج الداخلي الخام مقابل 85 في المئة خلال 2021.
لا زيادة في أسعار المواد المدعمة
ومن جانب آخر، أعلنت بوغديري عدم زيادة أسعار المواد المدعمة الموجهة إلى المواطن خلال العام المقبل، على الرغم من ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الأولية.
وكثر الحديث في الشارع التونسي خلال هذه الأيام عن اعتزام الحكومة زيادة أسعار المواد المدعمة والتخلي التدريجي والمرحلي عن الدعم إلى حد فقدان عبوات الزيت النباتي المدعم، علاوة على خلو السوق حالياً من البيض وسط المطالبة بزيادة أسعاره على الرغم من أن وزارة التجارة قامت بتحديدها. وأكدت أنه "تم اتخاذ عدد من الإجراءات اعتبرتها مهمة، بخاصة للفئات الاجتماعية الهشة ومحدودة الدخل على الرغم من إكراهات الوضع الاقتصادي المتردي".
وأوضحت الوزيرة أنه "تمت زيادة المنحة الشهرية المسندة لفائدة العائلات الفقيرة من 180 إلى 200 دينار (62 إلى 66 دولاراً)، وتهمّ هذه المنحة 310 آلاف عائلة فقيرة، مشيرة إلى أن "المنحة ستتكلف على موازنة الدولة بقيمة 57 مليون دينار (19.6 مليون دولار)". وأضافت أنه "تم إقرار منحة شهرية لفائدة أبناء العائلات المعوزة دون عمر 6 سنوات بقيمة 30 ديناراً شهرياً".
تسريح طوعي للموظفين
ومن أبرز الإجراءات المعلن عنها اليوم خلال المؤتمر الصحافي، إحداث "برنامج للإحالة على التقاعد بالنسبة إلى الموظفين الذين يبلغون عمر 57 سنة خلال الفترة الممتدة من غرة يناير (كانون الثاني) 2022 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2024، الذين قضوا فترة عمل متواصلة لا تقل عن 15 عاماً".
وأكدت وزيرة المالية أن "الراغبين بالتمتع بهذا الإجراء سيتسنى لهم الحصول على جراية التقاعد بصفة فورية من دون انتظار بلوغ سن التقاعد القانوني (62 سنة).
كما نص قانون المالية المزمع نشره اليوم في الصحيفة الرسمية، على تشجيع الموظفين العموم على بعث المؤسسات بالتمديد في العطلة من عام قابلة للتجديد إلى ثلاثة أعوام قابلة للتجديد مرة واحدة مع الانتفاع بنصف راتب خلال السنة الأولى من العطلة. ويبلغ عدد الموظفين الحكوميين في تونس حالياً أكثر من 614 ألف موظف.
تعديل شهري لأسعار البنزين
ومن جانبها، أعلنت وزيرة الصناعة والطاقة نائلة الغنجي أنه "سيتم إقرار تعديل شهري لأسعار المحروقات في تونس ويهم ثلاثة أصناف، البنزين العادي والغازوال والبنزين الخالي من الرصاص". وفسرت أنه "سيتم تفعيل آلية التعديل الآلي لأسعار المحروقات في البلاد وأن هذه الآلية تعطلت خلال 2021 لأسباب عدة"، لم تفصح عنها. ولكن عدداً من المتخصصين أشاروا إلى أنها سياسية بحتة، على الرغم من أن أسعار النفط في الأسواق العالمية قاربت 80 دولاراً للبرميل.