Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صفقات ما بعد "بريكست" تتهدد معايير رعاية الحيوانات في بريطانيا

نشطاء يرون ضرورة سن قوانين جديدة تعزز الجهود المبذولة في وقف استخدام المضادات الحيوية في مزارع التدجين

يحظر الاتحاد الأوروبي في قوانين أصدرها الجمعة الماضي استيراد أي منتجات مصدرها حيوانات استخدمت في تربيتها مضادات حيوية محفزة للنمو (غيتي)

حذر نشطاء من أن الصفقات التجارية في مرحلة ما بعد "بريكست" [خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي] تمثل "خطراً حقيقياً" على المعايير المتبعة في تربية المواشي وزراعة المحاصيل في المملكة المتحدة، في وقت يفرض الاتحاد الأوروبي قيوداً جديدة صارمة على إعطاء المضادات الحيوية للحيوانات، إذ لم تحذُ لندن حذو الاتحاد الأوروبي في قانون أصدره الجمعة الماضي، يحدّ من الاستخدام الروتيني للمضادات الحيوية في تربية حيوانات المزارع. بناء عليه، نبّهت مجموعات معنية بالدفاع عن حقوق الحيوانات وإذكاء الوعي بالمسائل الصحية والطبية المهمة، إلى أن المملكة المتحدة قد تُركت "مكشوفة" في ظل "قوانين أضعف"، ما سيفضي إلى مزيد من أنواع العدوى المميتة المقاومة للمضادات الحيوية.

وفي المقابل، ذكر رؤساء في قطاع الماشية أن المملكة المتحدة لا تحتاج إلى تنظيم شامل بشأن استخدام الأدوية [المضادات الحيوية]، موضحين أن المنتجين سيحافظون على معاييرهم العالية المستوى المعمول بها راهناً.

وكذلك أوضح نشطاء في حماية البيئة أنه إذا انتهجت الحكومة البريطانية سياسة تجارية تخفض الرسوم الجمركية على وارداتها من اللحوم ومنتجات الحليب المصنوعة من حيوانات استُخدمت في تربيتها كميات مرتفعة من المضادات الحيوية، ربما يجد مربو الماشية البريطانيون أنفسهم مجبرين على خفض معاييرهم الخاصة بصحة الحيوانات، واللجوء إلى زيادة استخدام المضادات الحيوية.

من بين هؤلا النشطاء روب بيرسيفال، من "سويل أسوسييشن" (جمعية التربة) في المملكة المتحدة، الذي أخبر "اندبندنت" أن الصفقات التجارية [ما بعد "بريكست"] تمثل "خطراً حقيقياً بدخولنا في سباق نحو القاع إذا شرعنا في استيراد كميات كبيرة من لحوم رخيصة مصدرها حيوانات خضعت لتدجين مكثف". وأضاف أن هذه الخطوة "ستقوّض [قدرة] المنتجين في المملكة المتحدة [على المنافسة]، ومن شأنها أن تؤدي إلى تعزيز عملية موجودة مستمرة فعلياً من التدجين المكثف في البلد. وهكذا، سنصل إلى فعل ما يتناقض مع رفع المعايير وخفض استخدام المضادات الحيوية".

في الحقيقة، تتقدم المملكة المتحدة معظم دول الاتحاد الأوروبي بأشواط في ما يتصل بالحد من استعمال المضادات الحيوية في مزارع تربية المواشي، وسجلت تراجعاً في الاستخدام الكلّي لتلك العقاقير في مختلف حيوانات المزارع بـ52 في المئة بين 2014 و2020.

في ذلك الصدد، ذكر ريتشارد غريفيث من "جمعية الدواجن البريطانية"British Poultry Association ، أن "التنظيم الشامل" بشأن المضادات الحيوية ليس مطلوباً في المملكة المتحدة لأننا "لسنا في بداية" التصدي لهذه المشكلة. في المقابل، وافق غريفيث على أن قطاع الماشية ينبغي أن يكون قلقاً حيال السماح بدخول واردات غذائية تخضع لمعايير منخفضة إلى المملكة المتحدة، إذا أدّى ذلك إلى "نشوء بيئة يتوجّب عليك أن تنافس فيها بشكل مباشر [مع ذلك النوع من الواردات] أو تخفق".

وأضاف، "في ما يتعلق بالمضادات الحيوية تحديداً، نحن في مكان لن نتراجع فيه عن أي تقدم أحرزناه حتى الآن".

في تصريح إلى مجلة "فارمرز ويكلي" Farmers Weekly، ذكر كريس لويد، الأمين العام لـ"اتحاد الاستخدام المسؤول للأدوية في تربية الحيوانات وزراعة المحاصيل"، أن قطاع الزراعة "لن ينزلق إلى استخدام المضادات الحيوية المحفزة للنمو". وأضاف، "علينا أن نحتفي بالخطوات الكبيرة التي أحرزها قطاع تربية المواشي والزراعة في بريطانيا من أجل خفض استخدام المضادات الحيوية".

في مسار موازٍ، يعتري القلق آخرين حيال سبل حماية التقدم الذي أحرزه مربو الماشية والمزارعون البريطانيون، حينما تبرم البلاد صفقات تجارية جديدة مع بلاد معينة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وضربت ليندسي دنكن، من "الجمعية العالمية لحماية الحيوان" المعنية بالرفق بالحيوانات، مثلاً على ذلك بالصفقة التجارية الأخيرة بين الحكومة البريطانية وأستراليا. وأشارت دنكن إلى أنها "لا تنص على أن تلبي المنتجات الأسترالية المستوردة إلى بريطانيا المعايير المعمول بها في اتباع أساليب أفضل في تربية الحيوانات أو الحد من استخدام المضادات الحيوية".

وفق دنكان، "نتيجة التجارة والسفر، لن تقف حدود البلاد سداً أمام الكائنات الدقيقة المُمرضة الخارقة المقاومة للمضادات الحيوية، إذ تشكل الأخيرة مشكلة عالمية. ترمي تشريعات الاتحاد الأوروبي إلى الحرص على ممارسة الضغوط على البلاد التي تستورد منها المنتجات الحيوانية، من أجل تعزيز الرعاية الحسنة للحيوانات وخفض استخدام المضادات الحيوية. ولكن للأسف، لا تراعي اتفاقيتنا التجارية هذه الشروط".

تذكيراً، تحظر قوانين أصدرها الاتحاد الأوروبي الجمعة الماضي، استيراد منتجات حيوانية مصدرها حيوانات مزارع استُعملت في تربيتها مضادات حيوية محفزة للنمو.

في ذلك الصدد، أشار أحد المستشارين العلميين لدى "آلاينس تو سايف أور أنتيبيوتكس" (تحالف عدم استخدام مضاداتنا الحيوية)، كولن نونان، إلى أنه "بينما يحظر الاتحاد الأوروبي استيراد هذا النوع من الطعام، ربما تتحرك المملكة المتحدة في الاتجاه المعاكس، ما لم تبدأ بنفسها وضع قواعد جديدة".

وأضاف نونان أن "ما يربو على 40 بلداً حول العالم تستخدم المضادات الحيوية في تحفيز نمو حيوانات المزارع. وفي حال رفعت الرسوم الجمركية عن هذه المنتجات، فقد تصبح أكثر قدرة على المنافسة في ما يتصل بتصديرها إلى المملكة المتحدة. هكذا، ربما يرى مربو الماشية في المملكة المتحدة، الذين اتخذوا طواعية إجراءات بشأن استخدامهم للمضادات الحيوية، أن عليهم زيادة استعمال المضادات الحيوية للبقاء في المنافسة". ووفق نونان، "بالتالي، نحتاج إلى سياسة حكومية شبيهة بتلك التي وضعها الاتحاد الأوروبي، من أجل دعم الإجراءات التي سبق أن اتخذها مربو الماشية والمزارعون البريطانيون".

كذلك يشير نشطاء إلى أنه يتوجب على المملكة المتحدة أن تقلص أيضاً الجرعات المنخفضة أصلاً من المضادات الحيوية التي تعطيها للحيوانات، لا سيما بالنسبة إلى التدجين المكثف للخنازير التي يُستفاد من لحومها.

وعلّقت على تلك المعطيات ماريا ليتيني، المديرة التنفيذية في"فير"FAIRR ، وهي شبكة مستثمرين تصب تركيزها على البيئة، مشيرة إلى أن "مقاومة المضادات الحيوية للميكروبات تشكل أزمة صحية عالمية متسارعة الخطى. وقد رحب المستثمرون في السوق كلها بالحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على الاستخدام الروتيني للمضادات الحيوية في تربية حيوانات المزارع، ولكن حالياً ليس واضحاً ما إذا كانت المملكة المتحدة ستتبنى في نهاية المطاف اللائحة التنظيمية الجديدة".

وأضافت ليتيني، "تسجل المملكة المتحدة أدنى استخدام للمضادات الحيوية بين ’مجموعة الدول السبع الكبرى‘". ولكن تبرز مخاوف حقيقية من أن غياب اللوائح التنظيمية التي تعزز هذا التقدم ربما يتهدد تلك المعايير الزراعية الرفيعة المستوى، خصوصاً أن بريطانيا تبحث في عقد صفقات تجارية مع دول كالولايات المتحدة والبرازيل".

في تطور متصل، أوضح متحدث باسم "دائرة الأدوية البيطرية" في المملكة المتحدة أنهم منكبون "حالياً على مراجعة اللوائح التنظيمية. وسنضع التغييرات المقترحة كجزء من مشاورة عامة تُعقد خلال 2022. إننا ملتزمون الحد من الاستخدام غير الضروري للمضادات الحيوية في تربية الحيوانات، وما زلنا عاقدين العزم على تعزيز قانوننا الوطني في هذا المجال".

© The Independent