نشب خلاف "شرس" بين الوزراء بشأن صفقة تجارية جديدة بين المملكة المتحدة وأستراليا، وسط تحذيرات بأن القطاع الزراعي البريطاني يمكن أن يعاني من "ضرر غير قابل للمعالجة كنتيجة للاتفاق النهائي".
وتفيد تقارير بأن الانقسام في الحكومة يتركز على ما إذا كان سيتم السماح لمزارعين أستراليين بالوصول الى السوق من دون أن يدفعوا رسوماً جمركية - وهو أمر تفضّله ليز تروس، وزيرة التجارة الدولية هي واللورد ديفيد فروست، وزير "بريكست".
لكن تردد أن جورج يوستيس وزير البيئة، ومايكل غوف وزير شؤون مجلس الوزراء حذّرا من التداعيات السياسية المحلية التي قد تترتب على الموافقة على شروط من هذا النوع ومن رد فعل عنيف من جانب القطاع الزراعي.
ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن مصدر له علاقة بالموضوع قوله إن "هناك خلافاً يدور في دوائر الحكومة في حي وايتهول بشأن صفقة أستراليا مع وجود ضغوط حقيقية بغرض التوصل إلى حلول لها مع نهاية هذا الأسبوع. وإن غوف ويوستيس يقفان في جانب، وتقف تروس و فروست في الجانب الآخر".
وكانت الحكومة أعلنت في وقت سابق من العام الحالي أن المملكة المتحدة وأستراليا توصلتا إلى "توافق حول الغالبية الساحقة من العناصر" المتعلقة باتفاق تجارة حرة، مع دخول كل من البلدين ما يشبه "السباق القصير السريع" لإقرار المسائل المعلّقة بحلول يونيو (حزيران) المقبل.
بيد أن مينيتس باترز، وهي رئيسة "الاتحاد الوطني للمزارعين"، قالت من ناحيتها إن صناعة الزراعة البريطانية ستواجه صعوبات في المنافسة إذا صارت كل من تجارة لحم الضأن والبقر معفاة من أي رسوم جمركية. وحذّرت من أن "هذه المقايضة يجب أن تكون متوازنة، ونحن نحتاج إلى ضمان أن التنازلات المتعلقة بسوقنا المحلية ذي القيمة الهائلة لا يتم منحها بسهولة".
وأضافت باترز: " هناك خطر حقيقي للغاية بأنه، إذا ارتكبنا خطاً (في هذه الصفقة) ستعاني الزراعة في بريطانيا من أضرار لا سبيل إلى معالجتها بدلاً من أن تزدهر بالطريقة التي نرغب بها جميعاً، وسيكون ذلك على حساب بيئتنا وأمننا الغذائي ومجتمعاتنا الريفية".
وتابعت رئيسة "الاتحاد الوطني للمزارعين" منبّهة إلى أنه "إذا سلكنا هذا الطريق، فإنني أخشى أنه سيكون خيانة كاملة". وأردفت: "كصفقة تعتبر سابقة من نوعها، من الضروري أن تحافظ الحكومة على موقفها ولا تتراجع عنه."
ومن جهتها، قالت إيميلي ثورنبري، وهي وزيرة التجارة الدولية في حكومة الظل، إن الوزيرة تروس "تتحمّل بصورة مباشرة مسؤولية الخطأ"، إذا أخفقت في التفاوض على صفقة تجارية مع أستراليا "بالشروط التي اقترحتها هي نفسها العام الماضي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت ثورنبري: "ولذا فبدلاً من إلقاء اللوم على زملائها في مجلس الوزراء أو على الاتحاد الوطني للمزارعين بسبب هذه المصاعب، فإنها يجب أن تواصل عملها، كي تنفّذ الصفقة التي تعهدت بتقديمها هي."
وزادت وزيرة التجارة الدولية في حكومة الظل العمالية أن "من الطبيعي تماماً أن تحاول الحكومة الأسترالية التوصل إلى أفضل صفقة ممكنة لشركاتها الزراعية العملاقة. لكن من حق الشركات الزراعية البريطانية المؤلفة من أبناء العائلة الواحدة أن تتوقع هي الأخرى من ليز تروس أن تفعل الشيء ذاته أيضاً بالنسبة إليهم، لا أن تتاجر بسبل عيشهم طلباً للفوز بصفقة تجارية سريعة، وبعنوان رخيص في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع".
وإذ لم تنفِ وزارة التجارة الدولية وقوع الخلاف على الصعيد الداخلي، فإن متحدثاً باسمها أشار لدى اتصال "اندبندنت" به إلى أن "الوزارة لن تعلق على تكهنات".
وعند سؤاله عن التقرير خلال إطلالة له عبر وسائل الإعلام باسم الحكومة، قال الوزير يوستيس إنه كان هناك على الدوام في أي اتفاق تجاري "توازن يجب تحقيقه بين مصالحك التجارية ورغبتك بفتح أسواق حرة ".
وأعرب عن اعتقاده أن "ثمة كميات هائلة من الأشياء التي ينتجها بلد مثل أستراليا والتي تخضع حالياً إلى رسوم جمركية لأن هذا هو ما كان لدينا في الاتحاد الأوروبي، ولكن هذا حصل بشأن مواد لم نكن في الواقع ننتجها نحن، ويمكننا أن ندعهم (الأستراليين) يصلون إلى أسواق هذه المواد ذاتها من دون أن يدفعوا ضرائب – وهي تضم كل شيء من النكتارين وحتى مكسرات اللوز، الذي يعتبرون منتجيه الكبار، وبالطبع النبيذ أيضاً".
غير أن وزير البيئة رفض الخوض في التفاصيل عن "المناقشات الجارية في الحكومة بشأن اتفاقات تجارية فردية".
وأشار يوستيس إلى أن "هناك حواراً، ومن ثم هناك إجماعاً في أي نقاش في أي جزء من سياسة الحكومة – والاتفاق التجاري ليس استثناءً. هناك في هذه اللحظة إجماع واضح في الحكومة على أننا نريد أن نبرم صفقات تجارية مع بلدان مثل أستراليا، لكن من الواضح أنه يجب أن يتم إبرامها بالشروط الصحيحة."
ولدى الإلحاح عليه بالسؤال عما إذا كان خاض أي نقاشات "قوية"، أجاب يوستيس: "لقد أجريت مناقشات جيدة جداً مع كل زملائي في مجلس الوزراء في مختلف القضايا الواردة على جدول الأعمال المشترك لدينا."
من ناحيته، أوضح متحدث باسم وزارة التجارة الدولية لـ"اندبندنت": "إننا لا نعلّق على تكهنات. كما ستشمل أي صفقة نوقعها مع أستراليا إجراءات، الغاية منها توفير حماية لقطاعنا الزراعي، وهي لن تُضعف مزارعي المملكة المتحدة أو تنطوي على تنازل عن معاييرنا الرفيعة."
وتابع أن عقد "صفقة مع أستراليا هو عبارة عن نقطة انطلاق مهمة في ما يتعلق بالشراكة عبر المحيط الهادي، وإن عضوية هذه المنطقة التجارية الحرة من شأنه أن يسمح لمزارعي المملكة المتحدة بالوصول على نحو أكبر إلى الأسواق الاستهلاكية المتنامية في قارة آسيا. وسنواصل العمل مع قطاع الزراعة، بما يبقي المزارعين منخرطين في العملية، كما سنتابع مساعدته كي يجني الفوائد الكاملة لهذه الحرفة".
© The Independent