Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

باشاغا مدعوم بقوة محليا وبحذر دوليا... والدبيبة يواجه العزلة

أتقن وزير الداخلية الليبي السابق نسج تحالفاته في الداخل ليؤمن التفافاً عريضاً حوله

قوبلت عملية إقالة رئيس الحكومة الموحدة في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، وتكليف وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا رئاسة الوزراء، بردود فعل دولية اتسمت بالحذر والقلق في شأن الخطوة التي اتخذها البرلمان، وتخوف واضح من نتائجها المحتملة على العملية السياسية الليبية والوضع الأمني في البلاد.
ورفع الدبيبة منسوب القلق المحلي والدولي في شأن احتمال عودة البلاد إلى مرحلة الانقسام بين حكومتين متنافستين، بعد عام واحد فقط على توحيد الأجسام التنفيذية في البلاد، عندما جدد رفضه نقل السلطة إلى باشاغا وحكومته.
وتحاول أطراف محلية في مدينة مصراتة، مسقط رأس الرجلين المتنافسين على رئاسة الحكومة الليبية، إقناع الدبيبة بتسليم مهماته لباشاغا سلمياً، بعدما تلقى الأخير دعماً غير محدود من أطراف سياسية وعسكرية غير متوقعة، خصوصاً في الغرب الليبي، ما أثار تساؤلات كثيرة حول الأسباب التي جعلتها جميعها تتوحد ضد رئيس الحكومة الموحدة.

تخبط أممي

وكان التفاعل الدولي مع التطورات السياسية التي تشهدها ليبيا، بدأ بتصريح أثار جدلاً كبيراً في البلاد، أدلى به الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في اليوم الذي تم فيه التصويت على اختيار

باشاغا رئيساً للحكومة، إذ أعلن عن مواصلة المنظمة الدولية الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية كحكومة شرعية للبلاد.

وسُئل دوجاريك خلال مؤتمره الصحافي اليومي، الخميس الماضي، 10 فبراير (شباط) الحالي، عما إذا كانت الأمم المتحدة ما زالت تعترف بالدبيبة رئيساً للوزراء، فأجاب بـ"نعم".
وبعد صدور اعتراضات واسعة على الموقف الأممي في ليبيا، تراجع دوجاريك قليلاً، وقال الجمعة (11 فبراير)، إن "مسألة اختيار الحكومات الوطنية مسألة سيادية لا تتدخل فيها الأمم المتحدة".
وفسر دوجاريك تصريحه السابق، قائلاً، إن "رئيس الحكومة الليبية المؤقتة بالنسبة إلى الأمم المتحدة هو عبد الحميد الدبيبة، في حين تعتبر فتحي باشاغا رئيس الحكومة المنتخَب". وأضاف "نحن ننتظر اعتماد حكومة فتحي باشاغا، من جانب البرلمان الليبي قبل الاعتراف به".
وأشار إلى أن "قرار تكليف رئيس حكومة جديد في ليبيا جرى وفق الإجراءات القانونية، وهو قرار سيادي ليبي". وأكد المسؤول الأممي أن "الأمم المتحدة مستمرة في متابعة الأوضاع في ليبيا، وأن مجلس النواب إذا اختار رئيساً للحكومة، فهذا يعني أنه رئيس حكومة مكلف بقرار من جهة سيادية، وتم اتخاذه وفق الإجراءات القانونية".

غوتيريش يتابع التطورات

في السياق نفسه، أوضح دوجاريك، أن "الأمين العام أنطونيو غوتيريش أُحيط علماً بالتصويت الذي جرى الخميس، 10 فبراير، في مجلس النواب بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة لاعتماد التعديل الدستوري، الذي يرسم مساراً لعملية مراجعة مشروع الدستور لعام 2017، وللعملية الانتخابية، وبتصويت مجلس النواب لتعيين رئيس وزراء جديد".
ودعا غوتيريش، "كل الأطراف إلى الاستمرار في المحافظة على الاستقرار في ليبيا كأولوية أولى". وذكّر كل المؤسسات بـ "الهدف الأساسي المتمثل في إجراء الانتخابات الوطنية في أسرع وقت ممكن، من أجل ضمان احترام الإرادة السياسية لـ 2.8 مليون مواطن ليبي سجلوا للتصويت".
أما الولايات المتحدة فاكتفت بتأييد ما دعا إليه غوتيريش، حيث أعلنت السفارة الأميركية، الجمعة، عبر حسابها في "تويتر"، تأييدها "دعوة الأمم المتحدة بشأن توافق الآراء بخصوص الانتخابات في ليبيا".

قرار سيادي

من جانبها، اعتبرت المبعوثة الأممية إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، أن "تغيير الحكومة سيزيد من تأخير نهاية الفترة الانتقالية إذا لم يتم وفقاً للإجماع السياسي"، لكنها شددت على أن "القرار النهائي هو ملك للمؤسسات الليبية فقط". وقالت "بشأن ما إذا كان ينبغي لمجلس النواب أن يوافق على حكومة جديدة، فهذا قرار سيادي بالكامل ويقع ضمن اختصاص المؤسسات الليبية". وتابعت "لكننا نحث هذه المؤسسات على العمل بشفافية وتوافق مع كل أصحاب المصلحة والجهات الفاعلة ذات الصلة على أساس القواعد والإجراءات المعمول بها، بما في ذلك الاتفاقات الدولية، ونذكرها بمطالبة الشعب بالتركيز على مواجهة التحديات التي حالت دون إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها".

موقف إيجابي

من جهة أخرى، أشاد الباحث السياسي محمد الجارح ببيان الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثته إلى ليبيا، وقال "جيد أن نرى الأمم المتحدة والبعثة الأممية توضح موقفها من تطورات الأمس، وأرى هذا بمثابة بيان إيجابي يعترف بالملكية الليبية للعملية السياسية التي تتطور هذه الأيام".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما رئيس المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب عبد الحميد الصافي، فاعتبر "مباركة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتيريش التوافق بين مجلسي النواب والدولة على التعديل الدستوري واختيار رئيس الوزراء، دلالةً على أن الحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا جاءت بإرادة شعبية وبتوافق ليبي - ليبي لأول مرة".
هل يسلم الدبيبة السلطة؟

في ليبيا، لا سؤال يشغل بال الشارع والمهتمين في الشأن السياسي، سوى: هل يسلم الدبيبة السلطة سلمياً؟ لا سيما بعد إجماع غالبية القوى والتيارات السياسية على دعم الحكومة الجديدة برئاسة باشاغا، وهو إجماع ندر توفره على الساحة الليبية خلال السنوات الماضية.
وأثارت هذه الوقفة الجماعية ضد الدبيبة، تساؤلات عدة حول الأسباب التي أدت إلى تكاثر أعدائه، وجعلته يعيش حالياً شبه عزلة تامة أمام صف من المطالبين برحيله عن رئاسة الوزراء.
ورأى الصحافي الليبي هشام بن صريتي، أن "الدبيبة ارتكب أخطاء كثيرة وخسر كثيراً من الحلفاء الحقيقين أو المحتملين، الذين كان عليه التحالف معهم، لكنه اختار العكس". وأضاف "في الوقت الذي كان فيه الدبيبة يقطع آخر شعرة في العلاقة بينه وبين معسكر الشرق الليبي، ممثلاً بالبرلمان وقيادة الجيش، كان باشاغا السياسي الذي يعرف كيف ينتهز الفرص يصنع تحالفاً مع الطرفين، ويرسم مسار الصفقة التي أوصلته إلى كرسي رئاسة الوزراء، التي كانت حلماً وطموحاً له منذ سنوات".
وأشار إلى أن "الدبيبة راهن على كسب الدعم الشعبي عبر ضخ المنح وزيادة المرتبات للبقاء في منصبه الحالي، والوصول إلى كرسي الرئاسة لاحقاً، وكان في الوقت نفسه يبتعد عن كل الأطراف السياسية بما فيهم حلفاء الأمس، ومنهم خالد المشري ومجلس الدولة وتيار الإسلام السياسي ومراكز القوى السياسية والعسكرية في مصراتة، وكل هؤلاء اغتنموا الفرصة الآن، وأداروا ظهرهم له عندما احتاج لدعمهم".

الرهان الأخير

في سياق متصل، اعتبر رئيس "مجموعة العمل الوطني" خالد الترجمان، أن "الرهان الأخير حالياً بالنسبة للدبيبة يرتبط بموقف الأمم المتحدة والدول التي تدير الأزمة الليبية، الذي يبدو أنه بدأ يتجه في غير مصلحته، بعدما كشفت البعثة الأممية عن موقفها الأولي، الذي يعتبر أمر إقالة الحكومة أو تعيين أخرى شأناً داخلياً، ما دام هناك توافق حوله".
ورأى الترجمان، أن "سر النصر السياسي لباشاغا على رئيس الحكومة الموحدة يكمن في تحالفاته الداخلية المهمة والمؤثرة التي أدت إلى نيله ثقة البرلمان". ولفت إلى أن "زيارة باشاغا إلى بنغازي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، واجتماعه مع القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر ومرشحي الرئاسة، لعبت دوراً حاسماً في فوزه بمنصب رئاسة الوزراء".

المزيد من العالم العربي