Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أمواج البحر تلقي شحنة ضخمة من المخدرات على شواطئ شرق ليبيا

تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الكميات مخصصة للخارج أم وجهتها الداخل الليبي

كمية الحشيش التي ضبطها قسم مكافحة المخدرات في توكرة (اندبندنت عربية)

فوجئت مجموعات من الصيادين في شرق ليبيا، بأمواج البحر الهادرة بقوة التيارات الشتوية، وهي تقذف إليهم كميات ضخمة من مخدر الحشيش بدلاً من الأسماك. وكان لافتاً أن هذه الواقعة لم تتكرر مرة أو مرتين، بل أكثر من ثلاث مرات خلال أسبوع واحد، على شريط ساحلي طويل ممتد على نحو 200 كيلومتر من قرية الزويتينة، الواقعة غرب بنغازي، وحتى بلدة توكرة في السهول المُحاذية للجبل الأخضر. وتجاوزت الكمية التي تم ضبطها أو تسليمها إلى قوات الأمن، أكثر من 100 كيلوغرام من الحشيش، وأثارت تساؤلات كثيرة عن كيفية وصولها إلى الشاطئ الليبي بهذا الشكل، وهل كانت في طريقها من ليبيا إلى خارجها عبر البحر أم العكس؟
وتشعّب النقاش بعد هذه الحوادث إلى أسباب رواج تجارة المخدرات في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، فهل باتت البلاد معبراً للتجارة الدولية للحشيش، نظراً إلى أن الكميات التي يتم ضبطها بشكل دوري داخل البلاد تتجاوز متطلبات الاستهلاك المحلي للمدمنين فيها، ولا تتناسب مع عدد السكان الذي لا يتجاوز 7 ملايين نسمة.

مخدرات على الشواطئ

بدأت القصة الغريبة في بلدة توكرة، شرق بنغازي بنحو 60 كيلومتراً، وهي بلدة وادعة وصغيرة تتوسط البحر والجبل الأخضر، حين جمع أب وابنه معدات الصيد وتوجها كعادتهما لصيد الأسماك، ليجدا في انتظارهما المفاجأة الصادمة، كميات ضخمة من مخدر الحشيش تزن 11 كيلوغراماً، ألقت بها الرياح القوية في ذلك اليوم الماطر على الشاطئ.
وقبل أن تبدأ الجهات الأمنية المختصة في تتبع خيوط القضية الغامضة، توالت المفاجآت في الأيام التالية، بتتابع البلاغات عن كميات أخرى من المخدرات لفظتها الأمواج في أكثر من مدينة وقرية، بدايةً من بنغازي، حيث أبلغ مواطنون عن كميات أخرى من الحشيش رصدت على شط الصابري قرب وسط المدينة.
وأعلنت وزارة الداخلية، في بيان عبر مكتبها الإعلامي، أن "الكمية تقدر بنحو 35 كيلوغراماً، وعدد 350 قطعة".
وتوالت البلاغات في الأيام التالية، بشكل يومي عن كميات أخرى في أماكن متباعدة، حيث عثر أحد المواطنين بمنطقة طلميثة الأثرية (80 كيلومتراً شرق بنغازي) على 15 كيلوغراماً من مخدر الحشيش بعد أن قذفها البحر، وسلم الكمية إلى مديرية أمن المرج.
وبدأت شحنات المخدرات التائهة في عرض البحر، في الأيام التالية بالتوجه غرباً، ربما بسبب تغير اتجاه الريح، بعد تسليم مواطن آخر 24 كيلوغراماً من مخدر الحشيش إلى فرع مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في أجدابيا، بعد أن عثر عليها على شاطئ البحر في منطقة الزويتينة (135 كيلومتراً غرب بنغازي).
وأوضح المكتب الإعلامي التابع لفرع مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في أجدابيا، الخميس، أن "أحد المواطنين عثر على 237 قطعة (أي ما يزن نحو 24 كيلوغراماً) من مخدر الحشيش، على شاطئ البحر في منطقة الزويتينة"، مشيراً إلى أنه "جرى اتخاذ جميع الإجراءات القانونية حيال ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تمشيط الشواطئ

الكميات الهائلة من المخدرات التي قذفها البحر على شواطئ شرق ليبيا، دفعت أجهزة الأمن إلى التحرك وتمشيط شريط ساحلي بطول نحو 200 كيلومتر، من غرب بنغازي، وصولاً إلى الجبل الخضر شرقاً، ما أسفر عن ضبط كمية جديدة من الحشيش قرب توكرة، تقدر بنحو 40 كيلوغراماً. وقال جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، السبت 5 فبراير (شباط) الحالي، إن "ضبط المواد المخدرة جاء بعد صدور تعليمات بتمشيط الخط الساحلي ليتم العثور على المواد المضبوطة على شاطئ البحر".

صادرة أم واردة؟

السؤال الأهم في ليبيا حالياً، بعد رصد هذه الموجة غير المألوفة من المخدرات على الشواطئ الشرقية، هو، هل كانت هذه الشحنات الضخمة في طريقها إلى داخل البلاد أم إلى خارجها؟ وماذا حصل بالضبط حتى تبعثرت على شواطئ ممتدة لنحو 200 كيلومتر؟
على الرغم من أن التحقيقات لم تكشف بعد عن سر هذه المخدرات، رجح الناطق الرسمي باسم مديرية أمن توكرة، خليل البرغثي، فرضية أن هذه الكمية كانت متجهة إلى داخل ليبيا، وليس العكس، خصوصاً أن "قسم البحث الجنائي التابع لمديرية أمن توكرة، تمكن من ضبط نصف قنطار من مخدر الحشيش، أثناء محاولة التسليم والتسلم بين تجار المخدرات والمؤثرات العقلية على أحد الشواطئ ببلدية توكرة، قبل أيام من رصد الشحنات التي قذفتها أمواج البحر إلى السواحل".
وأوضح البرغثي، أن "الكمية المضبوطة كانت متجهة إلى مدينة بنغازي قبل إحباطها، وبعد أيام عدّة قام أحد المواطنين بتسليم 11 كيلوغراماً من مخدر الحشيش إلى قسم البحث الجنائي في توكرة، بعد أن رمتها أمواج البحر على أحد الشواطئ بالمدينة".


مركز عبور للتجارة الدولية

في المقابل، رأى المحامي الليبي عبد الحميد يوسف، أنه "حتى لو صدقت الفرضية الخاصة بأن هذه الشحنة، التي قادتها الصدفة إلى يد السلطات الليبية، كانت متجهة إلى داخل البلاد، فإن هذا لا ينفي الفرضية الثانية التي عززتها تقارير وحوادث كثيرة في السنوات الماضية، والتي تؤكد بأن ليبيا باتت نقطة عبور هامة لتجارة المخدرات الدولية، بسبب عاملين رئيسين هما، هشاشة القبضة الأمنية بسبب الظروف العامة، وطول السواحل الأكثر امتداداً في البحر المتوسط لنحو ألفي كيلومتر، والتي تصعب مراقبتها، خصوصاً في ظل الظروف السياسية والأمنية الحالية في ليبيا". وأضاف يوسف، "ساحل شاسع وسلطة أمنية هشة، مع موقع استراتيجي في طريق تجارة المخدرات الدولية يربط أوروبا بأفريقيا والمغرب العربي بالمشرق، لن تغفل عنه عيون أباطرة هذه التجارة في العالم، وهو ما يفسر تدفقها الجنوني باتجاه ليبيا، خلال العقد الماضي، وبكميات تفتح باب الأسئلة حول وجهتها".

شهادة من "الإنتربول"

حديث يوسف عن تحول ليبيا إلى معبر هام للمخدرات في طرق التجارة الدولية، يعززه تقرير صادر عن الشرطة الدولية (إنتربول) في شهر مايو (أيار) من عام الماضي، بعد مصادرة 17 طناً من راتنج القنب، بقيمة 31 مليون يورو، من مستودعات في نيامي بالنيجر، وهي أكبر كمية مخدرات صودرت في تاريخ هذا البلد. وقال الإنتربول إن "هذه المخدرات شحنت من لبنان إلى ميناء لومي في توغو، ثم نقلت بشاحنة قطعت أكثر من ألف كيلومتر كانت وجهتها ليبيا".
ونقل التقرير تصريحاً عن العميد عادل أبو القاسم الشروي بن طالب، رئيس مكتب الإنتربول المركزي الوطني في ليبيا، قال فيه، "نحن نشهد زيادة ملحوظة في عدد مهربي المخدرات الذين يستخدمون ليبيا كنقطة عبور للمخدرات، بما فيها المخدرات المتأتية من مناطق بعيدة مثل أميركا الجنوبية، وإذا كان قسم كبير من هذه المخدرات لا يتم إنتاجها أو استهلاكها هنا، فإن هذا لم يحمنا من جريمة العنف التي لا بد أن يستتبعها هذا النشاط، ونحن مصممون على مكافحتها إلى جانب الإنتربول".

المزيد من العالم العربي