قررت المحكمة الاتحادية، يوم الأحد، إيقاف إجراءات انتخاب مرشح حزب "الديمقراطي الكردستاني" هوشيار زيباري لمنصب رئاسة الجمهورية في العراق. وجاء في قرار المحكمة أنها "قررت إيقاف إجراءات انتخاب (هوشیار محمود محمد زيباري) لمنصب رئيس الجمهورية مؤقتاً لحين حسم الدعوی".
وقالت المحكمة إن ترشح زيباري لا يمكن المضي قدماً فيه ما لم يتم الفصل باتهامات له بالفساد في قضية تعود لعام 2016 عندما كان يشغل منصب وزير المالية.
وجاء قرار المحكمة الاتحادية قبل يوم واحد من جلسة البرلمان المقرر أن يتم خلالها اختيار رئيس جمهورية من بين 25 مرشحاً قدموا أسماءهم للترشيح عبر لجنة مختصة في مجلس النواب العراقي، فيما تشتعل حدة المنافسة بين مرشيحن اثنين هما هوشيار زيباري مرشح الحزب "الديمقراطي الكردستاني" الذي يترأسه مسعود بارزاني، وبرهم صالح مرشح "الاتحاد الوطني الكردستاني" برئاسة بافل طالباني.
وكانت حظوظ زيباري في الوصول إلى "قصر السلام" (مقر الرئاسة في بغداد) أكبر من منافسه صالح، معتمداً على تحالف ثلاثي داعم لانتخابه يتكون من نحو 200 نائب استطاع اختيار رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي لولاية ثانية في التاسع من شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، إلا أنها باتت ضعيفة في ظل قرار المحكمة الاتحادية بإيقاف إجراءات انتخابه ودعوة مقتدى الصدر لأعضاء الكتلة الصدرية في البرلمان في 4 فبراير (شباط) الماضي بعدم التصويت لمرشح الحزب "الديمقراطي الكردستاني" إن لم يكن مستوفياً للشروط.
وقال عدد كبير من أعضاء مجلس النواب إنهم سيقاطعون التصويت الذي من المقرر أن يُجرى اليوم الاثنين لاختيار الرئيس الجديد للدولة، وهو ما يطيل أمد مواجهة سياسية، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".
وكانت كتلة التيار الصدري الأكبر في البرلمان والمكونة من 73 نائباً قد أعلنت السبت مقاطعة الجلسة.
"التشبث بالسلطة"
هوشيار زيياري من جانبه أعرب عن احترامه لقرار المحكمة الاتحادية، وقال، "نحترم قرار المحكمة الاتحادية بالإيقاف المؤقت لترشيحنا لحين حسم الدعوى المقامة من قبل بعض المتشبثين، ونثق بأن يؤكد القضاء ما أكدته مؤسسات الدولة سلفاً من استيفائنا لشروط الترشح".
واعتبر أن "ما يشاع لا يعدو أن يكون أنيناً من أجل مزيد من التشبث بالسلطة".
"السيادة" يقاطع
تحالف "السيادة" الذي يضم كلاً من زعيمي "تقدم" برئاسة محمد الحلبوسي، و"العزم" برئاسة خميس الخنجر، وهو أحد أقطاب "التحالف الثلاثي" أعلنوا عن مقاطعتهم لجلسة مجلس النواب.
وقال التحالف في بيان له، "دعماً لجهود الحوار السياسي التي تبذلها القوى السياسية من أجل الوصول إلى حلول مشتركة، وبالتوافق مع شركائنا من الأغلبية الوطنية، قررنا عدم مشاركتنا في جلسة مجلس النواب العراقي ليوم الاثنين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد التحالف، "سنبقى في تواصل مستمر مع كافة القوى الوطنية للوصول إلى حلول لتجنب البلاد المزيد من الأزمات".
وبمقاطعة كل من تحالفي "السيادة" والكتلة الصدرية لجلسة البرلمان بات أكثر من 140 نائباً مقاطعاً للجلسة من مجموع 329 نائباً عدد أعضاء مجلس النواب العراقي.
وحددت المحكمة الاتحادية طريقة انتخاب رئيس الجمهورية باقتراع الثلثين، وفي حال عدم الفوز يصار إلى اختيار المرشح الذي يحصل على أعلى الأصوات.
استهداف سياسي
وفيما قال القيادي في "الديمقراطي الكردستاني" علي الفيلي، إن القضية ضد هوشيار زيباري هي استهداف سياسي، اعتبر أن قرار القضاء ليس نهائياً.
وأضاف الفيلي، "القرار الولائي لا يعد قراراً نهائياً، وإنما روتيني اتخذته المحكمة في قضايا سابقة كقضية إيقاف عمل مجلس النواب لمدة شهر لحين البت في القضايا المقدمة، ومسألة تقديم الشكاوى على نتائج الانتخابات، بالتالي هذا لا يعني شيئاً لحين صدور القرار النهائي من المحكمة الاتحادية، ومن ثم لكل حادث حديث".
وأشار إلى أن القضية باتت محصورة بين مجلس النواب والمحكمة الاتحادية، وإن لم يكن البرلمان متأكداً من سلامة موقف زيباري لم يكن ليرشحه لمنصب رئاسة الجمهورية.
واستبعد الفيلي أن يكتمل النصاب القانوني لجلسة مجلس النواب ليوم الاثنين أو الاتفاق على مرشح تسوية قبل هذا التاريخ، فالأبواب أغلقت، إلا أن كل شيء يبدو ممكناً بعد جلسة الاثنين.
ومن المرجح ألا يكون بإمكان مجلس النواب عقد الجلسة اليوم بسبب عدد النواب الذين أعلنوا مقاطعة التصويت، الأمر الذي يطيل أمد صراع على الرئاسة وتشكيل الحكومة الجديدة يخوضه أساساً التيار الصدري مع التحالف الموالي لإيران.
ضغوط خارجية
ورجح الكاتب والصحافي علي بيدر وجود ضغوط خارجية تتعرض لها المنظومة السياسية، مشيراً إلى وجود أسماء بديلة عن زيباري في حال لم تتم معالجة وضعه القانوني.
وأضاف، "يبدو أن هناك ضغوطاً خارجية تتعرض لها المنظومة السياسية بشكل جمعي، ولا تستطيع الإفصاح عن ذلك أو رفضها أو التمرد عليها، ونجد مناورات تُؤزّم الموقف، ولم نجد أي طرف يقدم تنازلات للمصلحة العامة لاكتمال ما تبقى للرئاسات".
"فيتو" بارزاني سيبعد صالح
ولفت إلى وجود برهم صالح مجدداً في رئاسة الجمهورية يتوقف على مدى قناعة الحزب "الديمقراطي الكردستاني"، فلا يمكن أن يوجد برهم صالح مجدداً ما لم يحظَ بقبول الحزب، ويمكن لـ"فيتو" مسعود بارزاني أن يبعد صالح مجدداً ويتم ترشيح شخصية أخرى.
ورأى بيدر أنه حتى لو تم إقصاء زيباري مجدداً فهناك أكثر من شخصية مطروحة من ضمنها فؤاد حسين وزير الخارجية الحالي وفاضل ميراني سكرتير الحزب.
لا حظوظ لزيباري
بدوره، بيّن المتخصص القانوني أمير الدعمي أنه لا يمكن استبدال مرشح "الديمقراطي الكردستاني" هوشيار زيباري بشخصية أخرى، وذلك لغلق باب الترشيح لهذا المنصب. واعتبر أن حظوظ زيباري باتت معدومة.
وأضاف الدعمي أن "فتح باب الترشيح مجدداً لمنصب رئيس الجمهورية أصبح شيئاً من المستحيل، باعتبار أن الترشيح بدأ بعد الجلسة الأولى، ولمدة 30 يوماً، وهذه الفترة انقضت، وتمت المصادقة على الأسماء المرشحة، ولذلك لا يمكن استبداله إلا إذا ذهبنا إلى خرق دستوري آخر بالتوافق السياسي".
واعتبر الدعمي أن فرص زيباري قد تضاءلت لأن حسم هذه القضية يأخذ وقتاً بالقضاء، وإذا ما عقدت جلسة البرلمان قبل يوم 17 فبراير فإنه سيعد خارج السباق الانتخابي.