Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الهجوم الإسرائيلي على مرفأ اللاذقية ضربة اقتصادية موجعة لدمشق

استياء شعبي حيال صمت الحليف الروسي ومطالبات بخروج كل القوات الأجنبية من سوريا

بعدما أحالت قاذفات إسرائيلية ساحة الحاويات في مرفأ اللاذقية، غرب سوريا، إلى كتلة من نار، تضاعفت هواجس الشارع السوري الذي أقلقه وصول الصواريخ والغارات إلى أكثر المناطق أمناً واستقراراً في البلاد، بل إلى نقطة باتت بمثابة الحصن الروسي المنيع، وتحديداً على مسافة تبعد عشرين كيلومتراً من قاعدة "حميميم" العسكرية، أكبر القواعد الروسية على البحر المتوسط.

ساحة حرب جديدة

ولا يزال السوريون تحت تأثير هول صدمة الغارة الإسرائيلية التي نُفذت فجر يوم الثلاثاء 28 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، حين تلقى مرفأ اللاذقية ضربة موجعة هي الثانية خلال شهر واحد وفي المكان ذاته. وحدثت الضربة الأولى في السابع من الشهر الحالي، وبررت تل أبيب شنّها بالادعاء بوجود شحنات أسلحة قادمة من إيران، بينما نفت دمشق تلك الرواية، مشيرة إلى أن الحاويات تضم أدوية ومواد غذائية كحليب الأطفال، وفق ما أفادت الوكالة الرسمية السورية للأنباء (سانا). وصرح مدير المرفأ، أمجد سليمان أن أضرار الهجوم الثاني "أكبر من سابقه نسبياً".
وبينما يخشى السوريون تكرار مثل تلك الغارة، لا سيما أن إسرائيل لا تتوانى عن ضرب أي وجود إيراني في المنطقة، يسود بينهم شعور من الاستياء إزاء موقف موسكو ولعبها دور المتفرج على ما يحدث من دون أي تفعيل لمنظومتي الدفاع الجوي "أس 400" و"أس 300" القادرتين على الردع.
إلا أن وزارة الدفاع الروسية سارعت إلى تبرير عدم تشغيل الدفاعات الجوية بالإعلان عن وجود طائرة نقل عسكرية تابعة للقوات الجوية الفضائية الروسية كانت بمرمى نيران تلك الدفاعات وفق العميد في البحرية الروسية، أوليغ جورافليف.

حرب المرافئ

وإثر هذه الضربة الموجعة التي اقتصرت أضرارها على الماديات، إلا أن مراقبين اقتصاديين رأوا أن آثارها ستكون أكثر إيلاماً لشعب منهك من الحصار، علاوة على أن الحاويات التي تأتي إلى ميناء اللاذقية تحاول جاهدة الوصول تحت جنح الليل تحاشياً لقانون قيصر الذي وضِع حيّز التنفيذ في يونيو (حزيران) الماضي، ويحتم معاقبة الأفراد والشركات والدول التي تتعامل مع السلطات السورية ما يرجح زيادة أسعار بعض المنتجات. واعتبر رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية، فراس الشهابي أن ما حدث هو "عدوان اقتصادي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، ذهب مراقبون إلى اعتبار أن ضربة مرفأ اللاذقية الأخيرة توازي إلى حد ما انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) 2020، الأمر الذي أثار جدلاً حول قوة وضخامة الانفجارات وتصاعد الدخان في عنان السماء أثناء الرشقات الصاروخية الإسرائيلية من دون الجزم بعد بما إذا كانت بالفعل تحوي مواد متفجرة.
وتعليقاً على الأحداث، توقع الباحث الأكاديمي في شؤون الاقتصاد السياسي، محمد حاج عثمان "ضربات جديدة، بالتوازي مع صمت روسي، إلى أن يصل مرفأ اللاذقية إلى الشلل التام. ولن يكون بمتسع هذا الشريان البحري العمل إلا إذا كان تحت وصاية دولة قوية كروسيا".
وأردف عثمان أنه "من المتوقع في حال استمرار الضربات وتكرارها تحت ذرائع متعددة أن يتوقف هذا المرفأ عن الخدمة ويصل إلى حالة متردية ريثما تتدخل موسكو وتدفع بشركاتها الاستثمارية للاستحواذ عليه، في سيناريو مشابه لما فعلته عبر استثمار ميناء طرطوس لأربعين عاماً". وأضاف "وإن حدث ذلك، سيشكل التدخل الروسي لإدارة شؤون المرفأ طوق نجاة للسوريين من الضربات المتلاحقة التي تشنها تل أبيب، لأن الأخيرة لن تتورط في ضرب موقع روسي. ومن جهة مقابلة يتقلص النفوذ الإيراني على المعابر والمنافذ البحرية".
وكان مسؤولون عسكريون إسرائيليون أعلنوا عن استهداف 75 في المئة من أسلحة إيران في سوريا.

القوات الأجنبية ومطالبات سورية

ضربة المرفأ الذي يتسع لـ620 ألف حاوية و23 رصيفاً، نكأت معها جراح السوريين المتعطشين للاستقرار على مدى عقد من الزمن. وألقى الناقمون على واقع الحال جلّ استيائهم من تحول بلادهم إلى ساحة مستباحة لحرب إسرائيلية - إيرانية. وغصت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات لاذعة تنتقد بخاصة الدور المحايد للحلفاء الروس. وكان لافتاً أن الانتقادات أتت من فريقٍ موالٍ للسلطة بعد شعوره بالخذلان من حليف لم يبخل بالوقوف مع دمشق منذ عام 2015، كما أنه شريك باستعادة أجزاء واسعة من الأراضي التي كانت قد سيطرت عليها المعارضة السورية.

ودعا مناصرون للنظام السوري طهران إلى الرد على الاعتداءات الإسرائيلية وأن تتحمل مسؤوليتها في الحرب خارج حدود البلاد، بينما نشر مشاهير في المجتمع السوري على صفحاتهم الشخصية، مطالبات بخروج كل القوات الأجنبية من دون استثناء من سوريا، بعدما تحولت بلادهم إلى "مرتع لتصفيات الحسابات الدولية"، على حد تعبيرهم.

المزيد من الشرق الأوسط