Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اللاذقية في سوريا تنجو من سيناريو مماثل لانفجار بيروت

سرعة الرياح ووعورة الجبال والمرتفعات زادت من صعوبة إخماد الحرائق وسط مشاركة الطائرات

لا تتوقف ألسنة النيران من التهام "الأخضر واليابس" في غابات صنوبر الساحل السوري، ريفي (اللاذقية وطرطوس) مواصلةً تمددها، وسط نزوح عارم من قبل أهالي القرى المجاورة للأحراج، ومُبتلعة بواكير البرتقال والليمون وأشجار الزيتون المثمرة.

نار لا ترحم

ثلاثة أيام ثقيلة قضاها النازحون من بيوتهم وهم يتابعون بحرقة قلب ما آلت إليه بيوتهم وأحراجهم، محولةً ليلهم الداكن إلى اللون الأحمر، فيما لا تكف لظى النار تكوي روحاً تعلقت بأشجار تحولت صباحاً إلى حطب وسط جمر، ورماد يلف المكان.

80 حريقاً إلى الآن كوت أفئدة السوريين بأسرهم، والرقم من المرجح إلى ازدياد، بينما وصلت النيران إلى غابات ريف حمص وسط البلاد، وما ساعد على تقدمها دون هوادة، سرعة الرياح الجافة وشدتها.

وشكّلت عورة الجبال من جهة ثانية التحدي الأكبر أمام فرق الإنقاذ، وأفواج الإطفاء مع تقاطرها من كل المدن السورية للمشاركة في ثاني أكبر حريق تشهده سوريا، بعد إخماد سلسة حرائق مناطق سهل الغاب، ريف حماة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعبر أحد الضباط في فرق الإطفاء المشاركة ميدانياً لـ"اندبندنت عربية" عن عمل وصفه بـ"الأسطوري"، يقوم به رجال الإطفاء على مدار اليوم الثالث على التوالي بعد اشتعال ما لا يربو على 80 حريقاً بشكل متفرق، إلا أن المرتفعات الشاهقة مثلت صعوبة "وحتمت ضرورة الزج بطائرات، وليس بمقدور آلياتنا بإمكاناتها المتواضعة، الوصول إليها للسيطرة على هذا الكم الهائل من اتساع النيران وإخمادهها".

رفع الصلوات

في غضون ذلك، تشخص أبصار السوريين أمام مشهد يُدمي القلوب لغابات هي رئة سوريا ومتنفس لأهلها، مع تحقيقها التوازن المناخي المعتدل، لا سيما قربها من البحر المتوسط، حيث حجزت لنفسها مكانة بارزة في القطاع السياحي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بالتوازي مع ذلك، انبعثت دعوات لصلاة (الاستسقاء) طلباً لنزول المطر الذي تأخر عن موعده لهذا الموسم من السنة، و"كأن الألم أخذ يكتب فصوله على بلاد ابتليت بالكوارث والحروب"، هكذا يقول أحدهم وهو يراقب بيأس غابة قريته بجبال السيدة تحترق، بينما امتدت الحرائق إلى بلدان ريف القرداحة وريف بانياس ومشتى الحلو.

من جهة مقابلة، ساد الترقب لساعات طويلة حصار ألسنة اللهب مستودعات المصرف الزراعي في منطقة الحفة ريف اللاذقية، حيث توضع ما يقارب 150 طناً من نيترات الأمونيوم.

ولتبديد الذعر الذي ساد بين السكان، خرج رئيس بلدية مدينة الحفة رائد إبراهيم، في وقت متأخر من ليل أمس، ليؤكد زوال خطر وصول النيران إلى المستودع بعد السيطرة على الحريق، وقال مصدر في البلدية إن رجال الإطفاء تقوم بتبريد منطقة إخماد الحريق حول مستودع "الأمونيوم" حتى زوال الخطر.

وفي هذه الأثناء، يرى متابعون أن خطر وصول الحرائق كاد يتسبب بكارثة مماثلة لانفجار بيروت، مع الأخذ بعين الاعتبار أن كميات النيترات في الميناء مثلت عشرة أضعاف، إلا أن 150 طناً كادت تدمر القرية ومحيطها، وتلحق كارثة إنسانية. لذا "لا بد من الحرص مع تقدم الحرائق على المراكز الحساسة"، وخصوصاً بعد وصول النار إلى مستودعات التبغ المركزية، حيث التهمت جزءاً منها.

خسارة لا تعوض

حيال هذا، أعرب وزير الزراعة محمد حسان قطنا عن أسفه لخسارة سوريا أحراجاً لا مثيل لها، وأشجاراً نادرة، معلناً المنطقة منكوبة بعدما قضت على 600 هكتار وعلى غابات بكر وأشجار مثمرة، موعد بالتعويض على المزارعين.

تزامناً، عملت طائرتان طوال الوقت على إخماد ما تستطيع وكأنها تحارب طواحين الهواء، هي ذاتها (الرياح) التي تحولت فجر الجمعة في أماكن متفرقة وداخلية إلى رياح شرقية جافة، وجعلت من الرطوبة في الساحل تنخفض لتصل إلى ما دون 25 في المئة.

من جهته، ذكر مصدر طبي في وزارة الصحة عن وجود حالات اختناق جراء استنشاق الأدخنة المنبعثة من الحرائق أصابت العشرات.

ونالت الحرائق التي اقتربت من بيوت عدد من نجوم الفن السوري، مثل جورج وسوف في قريته كفرون، والمعروف بحبه الشديد لهذه القرية، إذ ظهر في مقطع مصور من أمام شُرفة منزله وأمام الغابات تحترق ليقول "الحرائق في ضيعتي كفرون وجبل السيدة وجبل السايح، تلطف يا الله".

 

حرائق مفتلعة؟

وتحدثت معلومات عن تحقيقات واسعة فتحت لمعرفة أسباب الحرائق، ورجحت أوساط حكومية أن تكون مفتعلة إما لأغراض إشغال الدولة السورية، أو من قبل تجار (الفحم) لزيادة أرباحهم، ما أخرج حرائقهم عن السيطرة.

في المقابل، يرد مدير الحراج في وزارة الزراعة حسان فارس السبب إلى إهمال من المزارعين، على الرغم من تحذيرات من أن الرياح شرقية وجافة، في وقت فيه تشير المعلومات الواردة إلى توقيف الجهات المعنية أشخاصاً يشتبه بتورطهم بافتعال الحرائق من دون الإعلان عن نتائج التحقيقات.

 

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات