Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إلزامية الجواز الصحي في تونس... بين الرفض والخوف من تكرار المأساة

شهدت البلاد الصيف الماضي موجة إصابات كبيرة بفيروس كورونا أودت بحياة كثيرين

موظف في قطاع النقل العام التونسي يعاين جواز التلقيح الخاص بأحد المواطنين على مدخل محطة القطار في العاصمة (أ ف ب)

منذ أن دخل الأمر الرئاسي المتعلق بجواز التلقيح حيز النفاذ، منذ يومين في تونس، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي حملات رفض، أهم شعاراتها "لا للجواز الصحي" و"لا للفاشية الصحية". وإن لم يتعدَ هذا الرفض عالم مواقع التواصل الاجتماعي، فإن رافضي هذا الأمر الرئاسي يعتبرون "إجبار المواطن على التلقيح ومنعه من بعض حقوقه كالعمل والدراسة والتنقل، ضد مبادئ حقوق الإنسان".
في هذا السياق، قال رئيس "حركة قرطاج الجديدة" نزار الشعري "لسنا ضد التلقيح وقد دافعنا سابقاً عن حق المواطنين في تلقيه، لكننا ضد إجباريته، من خلال الجواز الصحي الذي يمنع الناس من أبسط حقوقهم في العمل والتنقل وطلب العلم وغيرها، وهذا فيه خروقات لكل مبادئ حقوق الإنسان".
وتابع الشعري "هذه النوعية من التعامل سُجلت في بعض الحالات القصوى من الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية"، مفسراً أنه "حتى أغلب الدول التي تعمل بجواز التلقيح وبخاصة الأوروبية منها، لا تمنع مواطنيها من العمل أو التنقل بل تمنعهم  فقط من بعض الأماكن الترفيهية، حتى لا يُمس حقهم في العمل والدراسة والتنقل، بل يُمنعون من مزاولة بعض النشاطات الثانوية، مثل دخول الفضاءات الترفيهية".
وقال الشعري "نحن ضد إجبار الناس على استعمال دواء غير راغبين في تناوله، وذلك احتراماً لكل القوانين الطبية، وأهمها  مبادئ نورمبورغ المعروفة، والتي تمنع على الطب استعمال أدوية أو تلاقيح لا تزال في طور التجارب. اليوم نعيش المرحلة الثالثة من تجارب تلاقيح كورونا، والدليل أن شركات الدواء طلبت من كل الدول أن تتحمل المسؤولية الجزائية أو التعويضات إذا حصلت أعراض جانبية غير محبذة للتلاقيح". وأضاف "نحن مع مبدأ حرية الناس في اختيار التلقيح من عدمه وضد حرمان المواطن من أبسط حقوقه بهذا الجواز الصحي الجائر المخالف لكل مبادئ حقوق الإنسان، مع وضع استراتيجيات لحماية الناس من خلال البروتوكول الصحي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في السياق، قال حمدي بن خليفة، أحد المنخرطين في حملة ضد الجواز الصحي على مواقع التواصل، إن "دولة مثل تونس تشهد ركوداً اقتصادياً وعجزاً تجارياً وتهميشاً اجتماعياً مهولاً، ومع كل هذا، تقوم بسلب حريتنا الشخصية وقطع أرزاقنا ومنعنا من ممارسة حياتنا المدنية لأجل فرض إجبارية التلقيح، هذا القانون التعسفي الظالم"، متسائلاً "هل تريدون أن تقنعوني بأن الدولة التونسية تخاف على صحة المواطن البسيط الذي يعاني الفقر والتهميش والبطالة؟".

المرونة في التطبيق

في سياق متصل، أفاد المدير العام للتشريع والنزاعات بوزارة الصحة فوزي اليوسفي، أن "تطبيق المرسوم الرئاسي المتعلق بجواز التلقيح الذي دخل حيز النفاذ قبل يومين في تونس، سيرتكز على المرونة وسيأخذ بعين الاعتبار الحالات الخاصة والامكانيات المتوفرة لهياكل الرقابة بالمؤسسات". وأضاف في تصريح إعلامي أنه "من غير الممكن ضمان تطبيق ضرورة منح الجواز بنسبة 100 في المئة بداية من الأربعاء"، 22 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لافتاً إلى أن "وزارة الصحة لن تكون جهة المراقبة الوحيدة بل إن كل المؤسسات والوزارات معنية بمتابعة تنفيذ أحكام المرسوم".
وذكر اليوسفي أن "موظفي المراقبة الصحية وطواقم حفظ الصحة سيتولون رفع المخالفات في المقاهي والمطاعم وسيراقبون مدى الالتزام بإبراز جواز التلقيح أثناء الدخول إلى الفضاءات العامة، وسيرفعون المخالفات المسجلة إلى الولاة الذين يمنحهم المرسوم آلية الضبط الإداري ويمكنهم من إصدار قرارات بالغلق لمدة 15 يوماً".
ولا يحتوي المرسوم بحسب المسؤول في وزارة الصحة، على عقوبة جزائية بل يقتصر على عقوبة إدارية تنص على الغلق، لافتاً إلى أن "المؤسسات العامة ستكون ملزَمة بموجب المرسوم، باعتماد عقوبات تأديبية بحق موظفيها غير الممتثلين لأحكام ذلك المرسوم، عبر إحالتهم على مجالس التأديب".

مصلحة الجميع

من جهة أخرى، اعتبرت هالة بلحاج، وهي أستاذة تعليم ثانوي، أن "إلزامية جواز التلقيح من خلال قانون أو أمر رئاسي، خطوة ضرورية ومهمة من أجل مصلحة الجميع". وأضافت "لا يمكن أن ننسى ما حدث في تونس خلال الصيف الماضي، كلنا لدينا في عائلتنا ضحية أو أكثر من ضحايا كورونا". في ذات السياق، عبرت عن اعتقادها بأن بعض المواطنين أظهروا لا مبالاة كبيرة تجاه مخاطر هذا الوباء، وبالتالي من واجب الدولة عبر القوانين فرض إجراءات صحية حتى لا نعيش الكابوس الذي عشناه سابقاً".
أما بخصوص منع مَن لا يحمل جوازاً صحياً من ارتياد الأماكن العامة أو مقر عملهم، رأت هالة أن "هذا المنع في صالحهم قبل أن يكون في صالح الجميع". وأضافت أن الجواز الصحي أصبح ضرورة الآن حتى وإن كان منبوذاً شعبياً، فمن دونه لا نستطيع التحرك والعمل ولا حتى قضاء شؤوننا اليومية".

المزيد من صحة