Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"متى يمكننا أن نترقب زوال كورونا؟

مع ظهور متحورة "أوميكرون" التي تجتاح شتى أنحاء إنجلترا مسجلة مستويات قياسية من الإصابات اليومية، يتساءل كثر متى ينقضي فيروس كورونا فعلاً. أوليفيا بيتر بحثت عن إجابات لدى عدد من الخبراء

هل يلوح إغلاق عام جديد في الأفق أم يستعاض عنه بإجراءات فردية غير جماعية تترك للأفراد حرية ارتداء الكمامة أم لا؟ (غيتي)

في 31 يناير (كانون الثاني) عام 2020، رصدت المملكة المتحدة الحالة الأولى من فيروس كورونا بعدما وصلت إليها من الخارج، ومذاك سجلت مختلف أرجاء البلاد ما يربو على 140 ألف حالة وفاة.

في مارس (آذار) 2020 فرض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إغلاقاً [حجراً] في المملكة المتحدة، في خطوة كتب نهايتها لاحقاً برفع القيود في ذلك الصيف وتشجيع السكان على العودة للمكاتب لمزاولة أعمالهم "وتناول الطعام خارج المنزل بغية مد يد المساعدة"Eat Out To Help Out  [عنوان خطة وضعتها الحكومة البريطانية] للمطاعم والحانات [كي تتعافى من الضرر الاقتصادي الذي لحق بها].

ولكن بحلول الشتاء أخذت إصابات "كوفيد-19" ترتفع مجدداً مما أدى إلى فرض إغلاقات إضافية في المملكة المتحدة، وفي مارس من العام الحالي بدأ رفع القيود في إنجلترا وبقيت على هذه الحال حتى الآن.

ولكن الأمور على وشك أن تتغير، ففي وقت سابق من الأسبوع الحالي دعا عدد من العلماء إلى إغلاق عام لمدة 10 أيام لقطع دابر تيار العدوى بغية إخماد التفشي السريع الذي تسجله "أوميكرون"، المتحورة الجديدة من "كورونا" التي ما انفكت تنتشر بوتيرة سريعة في أنحاء المملكة المتحدة منذ الأسابيع القليلة الماضية.

الجمعة الماضي في 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، سجلت المملكة المتحدة عدداً قياسياً من إصابات كورونا اليومية لليوم الثالث على التوالي، مع رصد 93045 ألف حالة مؤكدة جديدة.

الارتفاع في عدد إصابات المتحورة الجديدة دفع الدكتورة جيني هاريز الرئيس التنفيذية لـ "وكالة الأمن الصحي" UK Health Security Agency في المملكة المتحدة، إلى وصف "أوميكرون" بأنها "أكبر تهديد تطرحه جائحة كوفيد حتى الآن"، فيما لم يستكشف العلماء كثيراً عن هذه السلالة من "كوفيد-19" بعد، لا سيما في ما يتعلق بمدى قدرتها على العدوى وحجم خطورة مضاعفاتها، وتذكر "منظمة الصحة العالمية" (WHO) أن أدلة أولية تشير إلى وجود خطر مرتفع محتمل للإصابة المتكررة بمتحورة "أوميكرون"، بما معناه أن الأشخاص الذين كانوا أصيبوا سابقاً بـ"كوفيد-19" معرضون أيضاً لالتقاط عدوى "أوميكرون" بسهولة كبيرة.

من جهته، قال البروفيسور كريس ويتي، كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا، إن إصابات متحورة "أوميكرون" يمكن أن ترتفع "بسرعة مذهلة، ولكن ذروتها يجب أن تهدأ عاجلاً نتيجة برنامج توزيع الجرعات التحصينية المعززة الذي وضعته الحكومة البريطانية.

وأكدت دراسة إسرائيلية جديدة أن الجرعة المعززة من لقاحات "كورونا" التي طرحت في وقت سابق من العام الحالي بغرض رفع مستوى الحماية لدى الأشخاص الذين حصلوا على الجرعتين المطلوبتين من اللقاحات المضادة، توفر "حصانة كبيرة" ضد "أوميكرون".

وإضافة إلى ذلك، ذكر مصابون كثر أن أعراض "أوميكرون" تشبه أعراض الزكام العادي، ولكن مع ذلك حرصت "منظمة الصحة العالمية" على التأكيد أنه لا ينبغي الاستهانة بالأخطار التي تنطوي عليها المتحورة الجديدة.

وفي هذا الصدد، قالت ماريا فان كيرخوف المدير الفني لدى المنظمة بشأن "كوفيد-19"، حري "بنا أن نتوخى الحذر الشديد، إذ لا يشير أي خبر إلى أن [أوميكرون تتسبب] بشكل خفيف الوطأة من المرض".

وهكذا فبعد مضي 21 شهراً على وصول "كوفيد-19" للمرة الأولى إلى المملكة المتحدة متبوعاً بمتحورات متعددة لاحقاً، بدأنا نتساءل ما إذا كانت هذه الجائحة لن تصل إلى خواتيمها أبداً، ولكن لا ريب أن ثمة تاريخ انتهاء؟

لمعرفة مزيد في هذا الشأن سألنا عدداً من الخبراء إلى متى من المتوقع حقاً أن يبقى "كورونا" متفشياً في المملكة المتحدة، وما هي الاستراتيجيات المقترحة للخروج من الجائحة من أجل عودة الحياة لسابق عهدها؟

متى يندحر فيروس كورونا؟

قال الدكتور مايكل هيد، باحث أول في الصحة العالمية في "جامعة ساوثهامبتون" University of Southampton، إنه لا معايير محددة للإعلان عن نهاية جائحة، وأوضح الدكتور هيد كلامه قائلاً إنه وزملاءه يؤثرون "التطلع إلى البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، وقد حددت نهاية الجوائح السابقة بانخفاض يعتد به في انتقال العدوى عبر البلاد".

"بالنسبة إلى إنفلونزا الخنازير في 2009، مع وجود مواسم خالية من الفيروس وتطوره إلى سلالات من الإنفلونزا الموسمية في العام اللاحق، كانت [نهاية الجائحة] أكثر وضوحاً، وبالنسبة إلى "كورونا" المستجد، لن نصل إلى نهاية واضحة"، وفق كلمات الدكتور هيد.

في ضوء ذلك، يقترح هيد عدم الإشارة إلى "نهاية" في حد ذاتها إنما إلى تحول إلى مرحلة عالمية ووطنية جديدة يكون فيها "كوفيد-19" تحت السيطرة بشكل واضح، ولكن يبقى ذلك "بعيد المنال إلى حد ما حتى الآن"، بحسب ما أضاف الدكتور.

"على سبيل المثل، في مقدور المملكة المتحدة أن تعلن نظرياً أنها استراحت [من الجائحة] مصرحة أحادياً أنها قد وصلت إلى وضع معين، ولكنها ستبقى عرضة للعدوى الوافدة من الخارج ولانتشار المتحورات الجديدة المثيرة للقلق على المستوى الدولي"، كما شرح الدكتور هيد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن في الواقع يرى الدكتور هيد أنه "للقضاء على الجائحة ينبغي علينا التفكير على نطاق عالمي وليس على مستوى البلد وحسب، وعدم المساواة في توزيع اللقاحات إحدى المسائل الرئيسة التي لا بد من إيجاد حل لها".

هل سيتعين علينا أن نستمر في أخذ الجرعات المعززة؟

من وجهة نظر الدكتور هيد "علينا أن نتوقع الحصول على مزيد من الجرعات التحصينية المعززة في المستقبل. تولد الجرعة الثالثة استجابة مناعية ممتازة ووقائية جداً لدى معظم الناس، لكن المدة الزمنية لهذه الحماية ليست معروفة حالياً."

علاوة على التطعيم، كما أضاف هيد، ستؤدي التدخلات غير الدوائية (اختصاراً NPIs) دوراً بالغ الأهمية على المدى القصير في ما يتصل بالمعركة ضد "كوفيد-19".

وأشار هيد إلى أن "تلك [التدخلات غير الدوائية] تشمل الكمامات وشروط التثبت من أخذ اللقاح أثناء السفر، ويمكنني أيضاً أن أتوقع دوراً مفيداً طويل المدى للاستخدام المستمر لأقنعة الوجه، كأن نرتدي كمامة عندما نقصد المتاجر في حال الإصابة بعدوى تنفسية طفيفة، إذ تساعد هذه الخطوة في حماية الآخرين من حولنا".

أما روبرت دينغوال، وهو بروفيسور في العلوم الاجتماعية في "جامعة نوتنغهام ترينت" Nottingham Trent University البريطانية، فرأى أن أخذ الجرعات التحصينية المعززة على نحو منتظم ربما لا يكون السبيل الأفضل للمضي قدماً. وأوضح كلامه قائلاً "لقد سمعت علماء مناعة مرموقين يقولون وراء الأبواب المغلقة إنه ربما يكون من الأفضل على المدى الطويل التعرض للعدوى كطفل رضيع، وتطوير استجابة مناعية دائمة تعلو نسبتها مع الإصابة مجدداً بعدوى خفيفة بصورة دورية".

"ينطبق ذلك على معظم الفيروسات الأخرى [غير كورونا] التي تصيب الجهاز التنفسي. ربما يكون علينا أن نعطي جرعات تحصينية لتعزيز المناعة لدى كبار السن الذين يعانون ضعفاً في الجهاز المناعي بشكل عام، كما الحال بالنسبة إلى الإنفلونزا الموسمية، ولكن علينا أن نفكر ملياً قبل الشروع في أي حملات تطعيم جماعية أخرى"، قال البروفيسور دينغوال.

هل سنضطر إلى فرض مزيد من الإغلاقات؟

"من الصعب أن أرى أن حالات إغلاق أخرى ستكون مقبولة في الأوساط السياسية، حتى لو أن تغييراً طرأ على الحكومة" البريطانية، قال البروفيسور دينغوال.

في الحقيقة، كما يشرح البروفيسور دينغوال، "يلزمنا تغيير تدريجي في توظيف الاستثمارات في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية كي تصبح "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" ("أن أتش أس"NHS ) في بريطانيا أكثر قدرة على الصمود [أمام الارتفاع في حالات الدخول إلى المستشفى] خلال موسم الشتاء، ولكننا نعجز عن توفير التمويل اللازم من دون وجود اقتصاد فاعل لا يشهد تمزقاً كل بضعة أشهر."

البروفيسور هيد من جانبه، وافق زميله الرأي في ما يتعلق باستبعاد فرض مزيد من الإغلاقات، مضيفاً أنه "من الواضح أن [الإغلاقات] غير مرغوبة، لكنها ستبقى "الملاذ الأخير" البالغ الأهمية عند استنفاد سائر الوسائل.

هل في متناولنا حلول أخرى؟

رأى الدكتور هيد أن [أسلوب] "العمل الهجين الذي يجمع بين العمل في المكتب والمنزل في آن سيستمر إلى أن تتوضح أكثر الكُلف المتصلة بالابتكار والتعلم غير النظامي والتعاون".

"ربما يجني الأشخاص ممن يفضلون تفادي الأخطار  بعض الفوائد النفسية على المستوى الفردي من خلال الكمامات وغيرها من أشكال التباعد الاجتماعي"، قال الدكتور هيد، ولكنه يعتقد "أن الأشهر القليلة الماضية قد برهنت أن القلق الواسع النطاق [من كورونا] ينحسر تدريجياً، وأن ثمة رغبة ضئيلة في اللجوء إلى تغييرات دائمة في ما يتصل بتنظيم حياتنا".

© The Independent

المزيد من صحة