Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المعارضة التونسية تفشل في حشد الشارع والاعتصام ضد الرئيس

يرى قياديون أن السبب يرجع إلى المخاوف من الأمن ويرصد آخرون أن الأحزاب جزء من منظومة الفساد

حضور جماهيري دون المأمول في احتجاجات ضد قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد  (أ ف ب)

على الرغم من الدعوات والإعلانات التي صدرت من المعارضين للرئيس قيس سعيد والمناهضين لما يعتبرونه انقلاباً إثر قرارات 25 يوليو (تموز) الماضي، الذي جمّد بموجبه عمل مجلس النواب وأقال الحكومة وعطّل العمل بالدستور باستثناء أبواب الحقوق والحريات العامة، فشلت المعارضة في دفع أنصارها إلى المشاركة في مسيرة جماهيرية حاشدة كان قد وصفها جوهر بن مبارك، القيادي في مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، بأنها "ستكون بداية التحركات الجماهيرية الرامية إلى إسقاط الرئيس في 14 يناير (كانون الثاني) المقبل، ذكرى سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي".

غابت الجماهير وحضر القادة

حضور جماهيري دون المأمول لم يتجاوز بحسب عدد من المراقبين ألفي متظاهر تجمعوا في الجهة الشمالية لشارع الحبيب بورقيبة، حيث فصلت بينهم وبين مسيرة مؤيدة للرئيس قوات الأمن التي نجحت في منع وقوع صدامات بين الجانبين، ولم تسجّل خلال المسيرات والاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الجمعة 17 ديسمبر (كانون الأول) أعمال عنف وشغب أو صدامات مع قوات الأمن.

دعوات أحزاب المعارضة وعلى رأسها حركة النهضة وأحزاب الجمهوري والتكتل والتيار الديمقراطي، ومعهم مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" لم تجِد صدى لدى الشارع في تونس، الأمر الذي فسّره الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي لوسائل الإعلام بأنه "بسبب منع قوات الأمن قوى المعارضة من الوصول إلى وسط شارع الحبيب بورقيبة، على الرغم من أنهم أعلموا الجهات الأمنية في الآجال المحددة باعتزامهم إحياء ذكرى اندلاع الثورة".

في المقابل، وصف الناشط السياسي محمد ذويب فشل المعارضة في جمع أنصارها أو تحريك الشارع ضد الرئيس بـأنه "أمر طبيعي جراء كون هذه الأحزاب جزءًا من منظومة الفساد التي أوصلت تونس إلى الأزمة السياسية والاقتصادية الخانقة، وهذه الأحزاب التي تتحدث عن الانقلاب كانت شريكة في كل الجرائم التي ارتُكبت خلال الأعوام العشرة الماضية بحق الشعب". وأضاف، "أمام عجزها وفشلها، تريد تحميل أنصار الرئيس ومؤسسات الدولة المسؤولية واصطناع جديد لدور المظلومية والضحايا".

اعتصام حتى سقوط الانقلاب

قيادات التحرك ضد الرئيس كانوا قد دعوا أنصارهم إلى الاعتصام وسط العاصمة حتى إسقاط النظام، وحاول العشرات منهم نصب خيام لكن قوات الأمن منعتهم وجرت مناوشات بين المحتجين ورجال الأمن الذين فكّوها من دون وقوع صدامات كبيرة، لكن القيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري ذكر أن "عدداً كبيراً من الأمنيين اعتدوا على المعتصمين بالعنف المفرط والقوة، وباستخدام الغاز المسيل للدموع، كما منعوهم من نصب خيام الاعتصام، واعتقلوا عدداً منهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما ندد عضو مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" حبيب بوعجيلة بالتضييقات الأمنية وإطلاق الغاز المسيل للدموع على المعتصمين، داعياً إلى إطلاق سراح الموقوفين وإعادة المحجوزات، وعدم التضييق على الاعتصام السلمي.

وذكرت وزارة الداخلية في بيان رسمي أن "مجموعة من الأشخاص حاولت نصب خيام عنوة في شارع الحبيب بورقيبة، لاستغلالها من أجل الاعتصام في مخالفة للقانون، وبعد استشارة النيابة العمومية، أذنت بحجز المعدات المذكورة من خيام وكراسي وعصيّ تُستعمل لتركيز الخيام كما أذنت بإخلاء الطريق العام"، مشددة أنها "ستواصل حرصها على احترام الحقوق والحريات التي تُمارس في إطار القانون، كما تواصل قيامها بواجبها في إنفاذ القوانين والترتيبات المعمول بها، تكريساً لسيادة القانون على الجميع من دون استثناء".

تعليق الاعتصام

صباح أمس الأول، أعلن القيادي في مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" قرار تعليق الاعتصام بعد أن قضى عدد قليل من المحتجين ليلتهم في الشارع وسط تدني درجات الحرارة وبعد أن ذكر أنه "تلقّى معلومات تفيد باستعدادات قوات الأمن للتعدي على المحتجين".

ووصف بن مبارك تعليق الاعتصام بأنه يأتي بعد النجاح الكبير الذي حققه التحرك وأنه ليس إلغاءً له، بل إعادة ترتيب الأوضاع في انتظار يوم 14 يناير المقبل"، وسط احتجاج عدد من المعتصمين الذين طالبوا باستمراره لكنهم سرعان ما تفرّقوا.

فشل متوقع

بثينة بن كريديس، الباحثة في القانون الدولي العام، اعتبرت أن "فشل الاعتصام ليس مفاجئاً فهذه القوى التي تتحدث عن انقلاب تسعى لإعادة التاريخ إلى الوراء، حفاظاً على مصالحها التي جُرّدت منها بعد قرارات الرئيس الذي رفع الغطاء عن جماعات الفساد والأحزاب التي أسهمت في كل ما شهدته تونس من كوارث اقتصادية واجتماعية وسياسية".

وأضافت أن "أسباباً عدة حكمت على هذا التحرك بالفشل داخلية وخارجية، فهذه الأطراف ليست معارضة حقيقية للدفاع عن الديمقراطية. المنطلق الذي يحركهم هو محاولتهم التمسك بـالمشروعية، يضاف إلى ذلك إحساس هذه القوى بغياب أي مساندة دولية لمواقفهم، فكل القوى الدولية التي تتابع الأوضاع في تونس رحبت بإعلان الرئيس قيس سعيد وضع سقف زمني لتغيير الدستور والاستفتاء عليه ثم الدعوة إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها بعد أقل من عام، وهذا أسقط عنهم ورقة التوت التي كانت تغطّيهم دولياً بعدما سقطت عنهم في تونس".

وأوضحت أن "هذه المجموعات وجدت نفسها في عزلة محلية ودولية، بينما يقف رئيس الجمهورية في موقف متميز جراء المساندة الشعبية لقراراته، ليس فقط من مؤيديه بل من قطاع كبير من الشعب وهذا تظهره بوضوح استطلاعات الرأي التي تجرى شهرياً في تونس، وكل ذلك دعا إلى فك الاعتصام وإنهائه". 

ما بين 17 ديسمبر ذكرى اندلاع الثورة و14 يناير ذكرى سقوط نظام بن علي، أيام حاسمة إما بإعلان عجز المعارضة عن كسب ثقة الشارع وتحريكه، أو نجاحها في السعي كما أعلن جوهر بن مبارك، القيادي في جماعة "مواطنون ضد الانقلاب" بأنه سيكون موعداً لإسقاط النظام.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي