Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف ساعد المعجبون بريتني سبيرز على استرداد حريتها؟

تتمتع نجمة البوب بالأسابيع الأولى من الحرية بعد أن أمضت 13 عاماً تحت الوصاية وتمتد محطات قضيتها من الحركة التي نادت بتحريرها وخاضت معركتها القانونية إلى المعجبين الذين تاهوا بين روايات مختلفة

تجمع لأنصار بريتني سبيرز أمام محكمة لوس أنجلس أثناء إحدى جلسات النظر في قرار وضعها تحت الوصاية خلال نوفمبر 2021 (غيتي)

في أغسطس (آب) 2018، وصلت بريتني سبيرز إلى لندن في أول جولة غنائية لها في العاصمة بعد غياب سبع سنوات. لقد أمضت معظم الفترة الفاصلة في "لاس فيغاس"، حيث حققت جولتها المحلية التي حملت عنوان "بيس أوف مي" [= قطعة مني] أرباحاً بالملايين، وكانت قد انطلقت للتو في جولة عالمية. ومع حلول وقت تقديم سبيرز العرض في لندن، بدت شبيهة بسراب يسيطر على صحراء نيفادا، كأنها طيف يرتجف وبلا صوت تقريباً ومحير لدرجة أن أجواءً خانقة رانت على مسرح "أو 2". هل ستغني إحدى أغنيات المطربة بوني رايت بشكل مباشر مثلما فعلت ذات أمسية في فيغاس؟ أم ستخرج عن النص وتلمح إلى استيائها من شخص ما، على غرار ما حدث في مرات قليلة خلال جولة "بيس أوف مي"؟ في نهاية المطاف لم تفعل هذا ولا ذاك، إذ قدمت وفق ما هو متوقع منها بالشكل الصحيح، وانسحبت من المنصة بكل ثقة من دون أن تدلي بأشياء كثيرة.
وفي يونيو (حزيران) 2021، وسط صراع من أجل التحرر من الوصاية التي خضعت لها طيلة 13 عاماً، أخبرت سبيرز محكمة في لوس أنجليس أنها لم تكن راغبة على الإطلاق في أداء تلك الجولة العالمية. وادعت أن مديري أعمالها أجبروها على ذلك، وهددوا بمقاضاتها إذا رفضت. وتذكرت أنها أعطيت عقداً لتوقيعه ذات ليلة في "فيغاس"، وشعرت بالخوف. وأضافت: "مضيت قدماً، وأتممت الجولة مدفوعة بالخوف".
حينما سمعت كلمات سبيرز في البث المباشر لجلسة المحاكمة، استرجعت فوراً ما حدث في مسرح "أو 2". وآنذاك، احتشد آلاف في القاعة وغنوا أعمالها الشهيرة ولوحوا بأيديهم بالأضواء. وأثارت قلة منا أسئلة ربما توجب أن نطرحها في ذلك الحين.
تودع سبيرز 2021 وهي امرأة مختلفة، بعد أن منحها القاضي في نوفمبر (تشرين الثاني) السلطة الكاملة على حياتها وشؤونها. وبدرجة أقل، اختلفت مواقف معجبي بريتني مع نهاية السنة، بالمقارنة مع ما كانت عليه في بدايتها. لقد أجبرنا على إعادة النظر في وضع امرأة باعتنا أطراف ثالثة صوتها وأعمالها ومصالحها طيلة ما يزيد على عقد من الزمن، وكان صوتها مكتوماً وخاضعاً للرقابة.
أعتقد أن الوصاية على سبيرز ستكون إجراءً مؤقتاً فرضته الضرورة. في 2008، بعد أزمة شخصية كبيرة انفضحت أمام عدسات المصورين في العالم، خضعت سبيرز لهذا الترتيب القانوني المثير للجدل بقرار من قاضٍ في كاليفورنيا. وعلى الرغم من القطيعة في السابق بين المغنية ووالدها جيمي، منح الأخير حق الإشراف الكامل على الحياة الشخصية لابنته وشؤونها المالية. ونظراً لما بدا أنه نجاح للوصاية، إذ انتعشت أعمال سبيرز الفنية وأوضاعها المالية في أعقاب الوصاية، تواصل تمديدها، لتصبح أشهراً بدلاً من أسابيع في البداية، ثم باتت دائمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في ذلك الوقت، ازدهرت سبيرز على الصعيد المهني، بينما شرعت في الاختقاء عن الأنظار. وخضعت المقابلات القليلة التي أجرتها لإدارة دقيقة. وأشار الصحافيون إلى الدرجة غير المنطقية للبيروقراطية التي توجب عليهم مواجهتها كي يتمكنوا من الحديث مع المغنية. بدت بريتني متوترة وعصبية أمام العامة، ولم تعد منافع الوصاية واضحة. وبدا أن جدول عملها المزدحم، تسجيل ألبومات، وحفلات موسيقية، ولقاءات تلفزيونية مباشرة، وعقد صفقات، يتعارض مع مشكلة صحية شديدة الوضوح لدرجة عدم السماح لها بالتصرف وفقاً لشروطها الخاصة. إذا صممت الوصاية القانونية بهدف خلق طريق يؤدي إلى حرية الفرد، فيبدو أن طريق سبيرز صُنع من الرمال المتحركة.
بعدها، شعرت مجموعة من مشجعي بريتني بوجود ما يثير الشكوك. في بدايات 2019، عمدت مدونة صوتية تستكشف الفوضى الغامضة التي تسود حساب الفنانة على "إنستغرام"، إلى إذاعة رسالة صوتية مسجلة زعم أنها لعضو سابق في الفريق القانوني لسبيرز. ادعى الشخص في التسجيل أن المغنية محتجزة من دون موافقتها في منشأة للصحة العقلية، بعد أن توقفت عن تناول أدويتها ورفضت المشاركة في جولة محلية جديدة في "فيغاس". ثم أطلق المعجبون حركة سموها #FreeBritney (#حرروا بريتني)، ولجأوا إلى الاحتجاج الشخصي والمنشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بغية زيادة الوعي بالمحنة المزعومة لسبيرز.
أما بريتني نفسها، فظلت صامتة، بينما تحول قسم التعليقات في حسابها على "إنستغرام" إلى بؤرة لنشر التعاطف ونظريات المؤامرة. وأحياناً، لم يكن واضحاً إذا كانت سبيرز ترصد ذلك القلق حول سلامتها، وتنشر مقاطع فيديو تجيب فيها عن أسئلة عادية، يزعم أنها مرسلة من المعجبين، من نوع "ما هي وجبتك المفضلة؟". أصبح المعجبون يركزون على ملابس سبيرز، وفسروا الألوان التي ترتديها على أنها رسائل مشفرة. وتبدّى الغضب واضحاً في تعليقات آخرين ممن اقتنعوا بأن سبيرز لم تكن تدير ذلك الحساب، وتوترها في مقاطع الفيديو لم يكن مجرد قلق، الأمر الذي تحدثت عنه بصراحة، بل نجم عن وضع النجمة في سجن. باختصار، صار الوضع مريباً.
في تلك المرحلة، ضمن سياق مختلف مرعب أكثر، أصبح كل ما يتعلق بسبيرز يحمل ثقلاً غير متوقع. بالتزامن مع تقدم بريتني في السن وتراجع وكالتها الفنية في الوقت نفسه، أخذت كلمات أغنياتها منحى آخر. وباتت تغني بتوتر في إحدى الحفلات، وهي في سن الخامسة والثلاثين، وتخضع لوصاية والدها القانونية، "جميعكم تنظرون إليّ وكأنني فتاة صغيرة/ في كل مرة أحاول الطيران يخذلني جناحاي". أصبحت أغنياتها الناجحة على غرار "حماية زائدة عن الحد" Overprotected و"محظوظة" Lucky (التي يجيء في كلماتها، إنها محظوظة جداً/ إنها نجمة/ لكن قلبها الوحيد لا يتوقف عن البكاء) معبرة جداً عن حالها لدرجة أنها لم تعد تؤدي في العروض المباشرة. في أبرز أغنية من ألبومها الثامن، تورد سبيرز مراراً وتكراراً كأنها تنطق بدلاً من شخص رأسمالي مهيمن، "من الأفضل أن تعملي أيتها اللعينة. باشري العمل الآن أيتها اللعينة!"
تناقضت كلمات أغنيات سبيرز مع التعتيم المتزايد على وجودها، ولم تعد تفسر كثيراً كغضب عام لنجمة بوب، بل كصرخات امرأة تعاني ألماً حقيقياً. لو كنتم في الفترة بين عامي 2008 و2020 من محبي بريتني، ربما اعتدتم على تلك الحيرة اللامتناهية التي تحمل فيها كل الأمور الغامضة تفسيراً غير درامي، وآخر تآمرياً في آنٍ معاً. هل ألغي الفيديو كليب الأصلي لأغنية "اصنعن"Make Me  المنفردة الصادرة في 2016، الذي تظهر فيه سبيرز تتلوى في قفص مثل حيوان محاصر، لأنه كان إشارة إلى شعورها تجاه الوصاية، أو لأنه جاء بلا طعم وكرهته بريتني شخصياً؟ هل اقتصر حضورها على الأداء الصوتي في ألبوم "بريتني جان" الصادر في 2013، وقد أصر فريق عملها بشكل وسواسي على وصفه بأنه الألبوم "الأكثر شخصية" على الرغم من غيابها شبه التام عن عمليات إنتاجه، لأنه أنتج على عجل بهدف الترويج لجولة فيغاس، أو لأنه مثل تجربة خبيثة لمعرفة مقدار الحضور الفعلي المطلوب لنجم البوب كي يصنع ألبوماً ويبيعه؟

 

ما زلنا نفتقر إلى الإجابات عن تلك الأسئلة، وليس من الواضح إذا كنا سنحصل عليها أبداً. ويتلخص كل ما نعرفه في أن سبيرز أرغمت على العمل خلال شطر يسير من السنوات الثلاث عشرة الماضية. في يوليو (تموز)، أثناء جلسة استماع توسلت فيها لعتقها من الوصاية، كسرت سبيرز أخيراً صمتها، وأكدت عدداً من أسوأ المخاوف التي أثارتها حركة "حرروا بريتني "#FreeBritney.
في بيان مدته 23 دقيقة، أخبرت سبيرز القاضي أنها بموجب الوصاية أعطيت أدوية، وأجبرت على العمل ضد إرادتها، ومنعت من إزالة لولب منع الحمل. وأضافت أنها أجبرت على زيارة طبيب وصف لها عقار الـ"ليثيوم" بعد رفضها أداء حركة رقص معينة من أجل الجولة المحلية الثانية في "فيغاس"، التي ألغيت في نهاية المطاف، وكذلك رغبت في مقاضاة عائلتها. واستطراداً، أفادت سبيرز بأنها التزمت الصمت خوفاً من عدم تصديقها، وادعت أن محاميها السابقين لم يخبروها أبداً أن بإمكانها تقديم التماس لإنهاء الوصاية في أي وقت. وبحسب كلماتها، "لقد كذبت وأخبرت العالم كله أنني بخير، وأنني سعيدة. كنت في حالة إنكار. كنت في حالة ذهول. أنا أعاني صدمة، لكنني الآن أقول لكم الحقيقة، حسناً؟ أنا لست سعيدة. لا أستطيع النوم. أنا غاضبة جداً لدرجة الجنون، ومكتئبة. إنني أبكي كل يوم".
في نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد نحو 14 عاماً من صياغة الوصاية المفروضة على سبيرز، جرى إنهاء تلك الوصاية. منذ ذلك الحين، صار حسابها على "إنستغرام" نافذة صادقة وغير مراقبة، عن تفكير بريتني، إذ تتذمر بواسطته من عائلتها التي يبدو أنها أقصيت عنها، وتنشر عليه صوراً تظهر فيها معانقة حبيبها ومسافرة على متن طائرات خاصة. وكذلك نبهت الرأي العام إلى ضحايا آخرين لإساءة المعاملة بموجب الوصاية، ونشرت أقوالاً ملهمة. كانت بريتني نفسها، بكل عشوائيتها الحلوة والمشتتة والمتعثرة.
يبدو أن أدوات الشهرة التي دعمت سبيرز، وغالباً ما جاءت على حساب رفاهيتها، انقضت أيضاً [طواها الزمن]. جرى تشجيع نجمات البوب الأصغر سناً، من ليدي غاغا وبيلي إيليش إلى ليزو وأريانا غراندي، على التحدث صراحة عن الصعوبات التي يواجهنها تحت الأضواء ومعاناتهن مع الصحة العقلية. يبدو كذلك أنهن محاطات بمديري أعمال ومديرين تنفيذيين يدركون أهمية الاعتناء بالنفس وأخذ استراحة. يمكنكم الاكتفاء بمجرد تخيل كم كانت السنوات الثلاث عشرة الماضية من حياة سبيرز أسهل، لو سمح لها العمل وفقاً لوتيرتها الخاصة أو عدم العمل أساساً.
بالنسبة إلى معجبي بريتني، سيستقبلون خطوتها التالية بشكل مختلف. قد لا يبدو ما ستقدمه شبيهاً بأعمالها السابقة، لكنه على الأقل سيكون خالياً من ذلك الشعور المزعج بعدم اليقين الذي بدا كأنه طغى عليها في ذروة خضوعها للوصاية، الأمر الذي اختار كثيرون منا تجاهله. مهما كان قرارها، سيكون في نهاية المطاف من صنعها. لقد توجب إعطاؤها الخيار دائماً.

© The Independent

المزيد من منوعات