صرح مسؤول بارز في وزارة الخارجية الإيرانية لوسائل إعلام محلية إن إحجام الولايات المتحدة عن رفع كافة العقوبات هو التحدي الرئيس أمام إحياء الاتفاق النووي، مضيفاً أنه يمكن التوصل إلى اتفاق إذا أبدت القوى الأوروبية إرادة سياسية ومرونة "بشكل جاد".
ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء عن المسؤول الذي لم تذكر اسمه قوله "نعتقد أن من الممكن التوصل إلى اتفاق إذا تخلت الحكومة الأميركية عن حملتها لممارسة أقصى الضغوط وأبدت الأطراف الأوروبية بشكل جاد مرونة وإرادة سياسية في المحادثات".
وكان مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، قال السبت الرابع من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إن إيران تراجعت عن كل الحلول الوسط التي قدمتها سابقاً في محادثات فيينا التي تستهدف إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، محذراً من أن واشنطن "لا يمكنها أن تقبل" بأن تواصل طهران عرقلة المفاوضات. وأضاف المسؤول أن طهران أخذت التنازلات التي قدمها الآخرون وطلبت المزيد في أحدث مقترحات طرحتها.
وقال المسؤول للصحافيين طالباً عدم نشر اسمه، إن إيران تواصل تسريع برنامجها النووي بطرق استفزازية، مشيراً إلى أن الصين وروسيا فوجئتا بمدى تراجعها في المقترحات التي طُرحت خلال محادثات الأسبوع الماضي في فيينا.
وتوقفت المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، الجمعة، إلى الأسبوع المقبل، وعبّر مسؤولون أوروبيون عن فزعهم من كم المطالب التي تقدمت بها الحكومة الإيرانية الجديدة المتشددة. والجولة السابعة من المحادثات في فيينا هي الأولى التي يمثل إيران فيها وفد من قبل حكومة الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي.
وضع "غير مقبول"
وتابع المسؤول الأميركي أن بلاده لا يمكنها أن تقبل وضعاً تواصل فيه إيران تسريع برنامجها النووي بينما تتلكأ في المفاوضات.
وأوضح أن واشنطن لم تقرر على الرغم من ذلك إغلاق الباب أمام المفاوضات التي استؤنفت، الإثنين، في فيينا، وتأمل في أن تعود طهران قريباً إلى هذه المحادثات "مع استعداد للتفاوض بجدية". وأضاف المسؤول العائد من العاصمة النمساوية، أن "إيران لم تظهر موقف بلد يفكر جدياً في عودة سريعة" إلى اتفاق 2015 الذي هدف إلى منع طهران من حيازة سلاح نووي.
واعتبر أنه في وقت أظهرت الولايات المتحدة "صبراً" خلال الأشهر الخمسة الأخيرة التي علقت فيها المفاوضات التي بدأت في أبريل (نيسان) بسبب انتخاب رئيس إيراني جديد، فإن طهران "واصلت تسريع وتيرة برنامجها النووي في شكل استفزازي".
موعد استئناف المحادثات مجهول
وقال المسؤول، "نجهل متى سيعمد منسق اتفاق 2015، أي ممثل الاتحاد الأوروبي، إلى الدعوة مجدداً للمحادثات، ولكن بصراحة، فإن موعد الاستئناف، يهمنا أقل بكثير من معرفة ما إذا كانت إيران ستعود بموقف جدي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعني ذلك أن واشنطن ستواصل انتهاج المسار الدبلوماسي، مع تكرارها أن ثمة "أدوات أخرى" في متناولها في حال فشله.
وإبان رئاسة دونالد ترمب، انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي وأعادت فرض عقوباتها على طهران التي ردت بتنصل تدريجي من القيود التي فرضها الاتفاق على برنامجها النووي. وأعرب الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن عن استعداده للعودة إلى الاتفاق إذا عاودت طهران تنفيذ التزاماتها.
خيبة أمل أوروبية
وأعرب الأوروبيون، الجمعة، عن "خيبة أملهم وقلقهم" إزاء المطالب الإيرانية. وقال دبلوماسيون كبار من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، إن "طهران تتراجع عن كل التسويات التي تم التوصل إليها بصعوبة" خلال الجولة الأولى من المفاوضات بين أبريل ويونيو (حزيران)، منددين بـ"خطوة إلى الوراء".
وأضاف الدبلوماسيون الأوروبيون، "ليس من الواضح كيف سيكون ممكناً سد هذه الفجوة في إطار زمني واقعي".
وعلى الرغم من هذه التصريحات القاسية، قال هؤلاء، إنهم "منخرطون بالكامل في البحث عن حل دبلوماسي"، مشددين على أن "الوقت ينفد".
وكان كبير المفاوضين الإيرانيين في فيينا علي باقري أعلن، الخميس، أن بلاده قدمت اقتراحين، "أحدهما حول رفع العقوبات" والآخر يتعلق "بالأنشطة النووية". وقال، "الآن يتعين على الجانب الآخر فحص هذه الوثائق والاستعداد للتفاوض مع إيران على أساس النصوص المقدمة".
إيران تؤكد جديتها
وقبل العودة إلى طهران، تطرق باقري إلى "الاعتراضات" التي عبّر عنها الأوروبيون. وقال لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، "قلت لهم إن ذلك أمر طبيعي لأننا لن نقدم وثائق ومقترحات تتطابق مع وجهات نظرهم". وأكد مجدداً "الرغبة الجدية" لدى بلاده "في التوصل إلى اتفاق".
في المقابل، قال دبلوماسي أوروبي، "هذه المقترحات لا يمكن أن تشكل قاعدةً للتفاوض. من غير الممكن التقدم" على هذا الأساس.
وأمام قصر كوبورغ حيث أبرم الاتفاق التاريخي، كان السفير الصيني وانغ كون أقل تشاؤماً، وتحدث عن "محادثات جوهرية". وقال للصحافيين، "كل الأطراف وافقوا على القيام بتوقف قصير لأخذ توجيهات. هذا أمر طبيعي وضروري، ونأمل في أن يعطي ذلك دفعاً جديداً للمفاوضات".
لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتبر خلال زيارة إلى دبي أنه يجب "عدم استبعاد" إمكانية ألا تبدأ هذه الجولة "مجدداً سريعاً". ودعا من جانب آخر إلى إطلاق "دينامية أوسع" مع دول المنطقة.