Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتمكن الصدر من كسر مبدأ التوافق وتشكيل حكومة أغلبية؟

عبرت جهات داخل "الإطار التنسيقي" عن استعدادها للتوجه إلى المعارضة في البرلمان

شكلت الزيارة الصدر إلى الحلبوسي رسالة واضحة على جديته في تشكيل حكومة أغلبية (قناة الحلبوسي على تلغرام)

يبدو أن الحل التوافقي لتشكيل الحكومة العراقية الذي يُطرح من قبل بعض القوى السياسية رُكن إلى الجانب من قبل بعض القوى الفائزة في الانتخابات البرلمانية، خصوصاً في ظل توجه شعبي كبير نحو تشكيل حكومة أغلبية من ممثلي المكونات، تتشكل بوجهها معارضة قوية كخطوة لإصلاح العملية السياسية.

تحركات الصدر

وبدت زيارة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى رئيس مجلس النواب، زعيم تحالف "تقدم" محمد الحلبوسي مساء الخميس الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، خطوة مهمة على طريق تنفيذ برنامجه لتشكيل حكومة أغلبية وطنية. وشكلت تلك الزيارة رسالة واضحة على جديته في تحقيق هذا الأمر والمضي قدماً في هذا الطريق، خصوصاً وأنها الزيارة الأولى للصدر إلى مقر زعيم سنّي عراقي منذ العام 2003.
ومن خلال متابعة الأحداث التي تجري حالياً فإن تواجد الصدر في بغداد فضلاً عن القيادي في "الحزب الديمقراطي الكردستاني" هوشيار زيباري وإجرائهما سلسلة لقاءات، تبين أن عجلة تشكيل الحكومة انطلقت.

اختلاف التوجهات

وتبتعد توجهات الصدر عن أطروحات كتل "الإطار التنسيقي" الذي يمثل الكتل الشيعية الخاسرة في الانتخابات، والتي تدعو إلى توافق شيعي لاختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة وإشراك الجميع فيها من ممثلي المكونات.

وعلى الرغم من حديث كتل "الإطار التنسيقي" عن امتلاكه 92 نائباً وتفوقه على التيار الصدري الذي حصل على 73 مقعداً في البرلمان العراقي، إلا أن هذا التحالف قد يتفكك في أي لحظة خصوصاً مع عدم وجود رؤية تجمع كتله المختلفة في ملفات عدة، منها العلاقة مع إيران والولايات المتحدة وحل الميليشيات والفصائل المسلحة وتعديل الدستور وغيرها من المسائل الحساسة في العراق.


حكومة أغلبية

وكان الصدر شدد على ضرورة أن تكون الحكومة المقبلة "حكومة أغلبية وطنية"، تقابلها معارضة.
وقال الصدر في تغريدة عبر حسابه على "تويتر" إن "أول ما ينبغي فعله مستقبلاً للوطن هو حكومة أغلبية وطنية، فيكون في البرلمان جهتان، جهة الموالاة وهي التي تشكل الحكومة وتأخذ على عاتقها الإصلاحات بكل مستوياتها السياسية والحكومية والخدمية والدبلوماسية وغيرها مطلقاً، وجهة معارضة سيكونون لنا إخوة في الوطن وسيكون توافقهم استشارة ملزمة لنا ولن نهمشهم".

الاستحقاق الوطني

وقال مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل إن "الحكومة المقبلة ستكون قائمة على أساس الاستحقاق الوطني ونجاح الصدر بتشكيل حكومة بالتعاون مع شركائه من العرب والكرد"، مستبعداً أن يقبل الصدر بمبدأ التوافق. وأضاف فيصل أن "هناك تصريحات كردية تشير إلى رغبتها بعراق موحد للجميع وتوازن الحقوق، وناقدة للفساد المالي وعسكرة المجتمع، وهي تصريحات إيجابية تنطلق من رؤية نقدية للماضي وترغب في إجراء إصلاحات جوهرية في بنية النظام، إضافة إلى تصريحات من تيارات عربية سنيّة ناقدة وترغب في التغير".
وتابع أن "الصدر على الرغم من مشاركته بالعملية السياسية منذ بدايتها إلا أنه كان معارضاً لكل الإجراءات والسياسات ويقود الاحتجاجات الكبرى ويطالب بإصلاح العديد من القوانين، ومنها قانون الانتخابات والمفوضية"، مبيناً أن "معارضته كانت بوجه الفساد المالي ولم تكن سلبية".
وأوضح فيصل أن "التيار الصدري يمتلك 73 مقعداً في البرلمان ويستطيع مع حلفائه من التيارات العربية والكرد تشكيل حكومة أغلبية سياسية"، موكداً أن "هناك معارضة قد تلجأ إلى العنف المسلح للتعبير عن المعارضة وتفكيك العملية السياسية، وأخرى داخل اللجنة التنسيقية وهي تيارات تؤمن بالفلسفة المدنية بعيداً من العنف المسلح، وبالمنهج السلمي للوصول إلى تحقيق أهدافها، وهناك اختلافات عميقة في المجلس التنسيقي بشأن طريقة المعارضة الممكن أن تتبع".

تراجع حدة التصريحات

وتراجعت حدة تصريحات بعض القوى المؤثرة داخل "الإطار التنسيقي" خلال الأيام القليلة الماضية، وبدت رافضة للتصعيد وتطالب باتباع الطرق القانونية في ما يتعلق بالاعتراض على نتائج الانتخابات.

وكانت أبرز تلك التصريحات لزعيم "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي الذي أعرب عن أمله بأن ينصف القانون المعترضين على النتائج، رافضاً كل محاولات التصعيد الساعية إلى الفوضى.
وأعلن زعيم "تيار الحكمة" عمار الحكيم أنه سيتجه إلى المعارضة في البرلمان، مما يشير إلى وجود معارضة لأسلوب التصعيد داخل "الإطار التنسيقي" الذي تكون من التيارات السياسية الرافضة لنتائج الانتخابات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


لا عودة للتوافق

واستبعد فيصل العودة للنموذج القديم في التوافق لتشكيل الحكومة، كون الصدر انتقد في تغريدته الأخيرة السلاح المنفلت والميليشيات والفساد المالي، وهذه التغريدة مضادة لكل ما انتهجته المحاصصة الطائفية، واحتكار المال السياسي والسلاح المنفلت وقصف البعثات بالصواريخ، لافتاً إلى أن الصدر ضد تركيبة المحاصصة والسلاح المنفلت، ومع السيادة والاستقلال وعدم التدخل من قبل الجوار، وهذا النهج هو الذي جعله يفوز بهذه الأغلبية.

الخاسرون سيفتعلون المشكلات

من جانب آخر، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة المستنصرية عصام الفيلي إن "الصدر لن يدخل بتحالفات تقوم على أساس طائفي أو حكومة توافقية"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "المعترضين سيفتعلون المشكلات لإفشال مثل هذه الحكومة".
وأضاف الفيلي أن "مقتدى الصدر يرى ضرورة الانفتاح على الجميع، وأن يكون رئيس الوزراء المقبل مسؤولاً من الناحية السياسية والقانونية عن تشكيلته الحكومية، وألا تكون حكومة توافقية بالشكل الذي تعودت عليه الكتل السياسية"، لافتاً إلى أن "بعض الكتل السياسية لن تصوت للحكومة ما لم تضمن مقاعدها في السلطة التنفيذية".
وصرح الفيلي أن "هذا المتغير أقلق كثيراً من الشركاء واعترضوا على نتائج الانتخابات بعدما كانوا يرون ألا وجود لأي حكومة ما لم يكونوا مشاركين فيها، ويؤمنون بأن الحكومة هي حكومة مكون والشيعة هم الأكثرية، وبالتالي رئيس الوزراء يجب أن يخرج من عباءة هذا المكون"، مرجحاً أن "يعمد بعض الشركاء إلى افتعال مشكلة كجزء من استراتيجية لمواجهة أية حكومة أغلبية".
وتابع أن "هناك قوى سياسية لديها مشروع وطني حقيقي أعلنت عدم مشاركتها في الحكومة وباركت تشكيلها، مثل عمار الحكيم وحيدر العبادي وحركة امتداد وكثير من المستقلين الذين عزموا الذهاب إلى المعارضة في البرلمان".

النتائج وخيمة

واعتبر الفيلي أن "خلق أزمات داخلية والتلويح بالسلاح يعد محاولة للانقضاض على العملية الديمقراطية والانقلاب عليها، وهذا يشكل تحد لكل القوى والمجتمع الدولي"، لافتاً إلى أن "أي محاولة للانقضاض على الممارسة التي جرت يتحمل مسؤوليتها كل من ذهب باتجاه التصعيد".

التوافق مطروح

من جهة أخرى، اعتبر رئيس "مركز كلوذا للدراسات وقياس الرأي" باسل حسين أن "حكومة الأغلبية تتطلب جرأة لتشكيلها من المكونات الثلاث"، مرجحاً أن "خيار الحكومة التوافقية يبقى مطروحاً في حال استنفدت الخيارات الأخرى". وأضاف حسين أن "حكومة الأغلبية الوطنية هي بداية منعطف إصلاحي مهم لنمط العملية السياسية في العراق، إلا أنها تتطلب جرأة ثلاثية مكونة من الكتلة الصدرية والسنّة والكرد للمضي قدماً من دون الالتفات إلى الدعوات التي تحذر من هذه الخطوة، ومن دون هذه الخطوة سيكون البديل الحكومة التوافقية".

ولفت إلى أن "ثمة إصراراً من مقتدى الصدر على تشكيل حكومة أغلبية سياسية، وذهابه شخصياً إلى لقاء محمد الحلبوسي رسالة إلى الداخل والخارج بأنه عازم على تشكيل حكومة الأغلبية السياسية ولن يتراجع عنها".
وبحسب حسين، فإن "خيار الحكومة التوافقية هو أحد الخيارات المطروحة، وإذا فشل الصدر في تحقيق حكومة الأغلبية السياسية فبالتأكيد سيكون الخيار الثاني أو البديل هو العودة لحكومة توافقية لعلاج حال الانسداد السياسي".
يُذكر أنه بعد عام 2003 كانت كل الحكومات في العراق مبينة على مبدأ التوافق والمحاصصة التي على أساسها تم توزيع المناصب السياسية في البلاد.

المزيد من العالم العربي